من أجل يمن أفضل
بقلم/ سامي عبدالله علي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 23 يوماً
الخميس 27 مارس - آذار 2008 07:28 ص

نشعر بالقلق باننا بلغنا في يمننا الحبيب وضع أقرب مايكون مأساويا ويدعو الى الكثير من القلق بشأن ما ستؤل اليه الاوضاع التي لانكاد نلمس لها تحسنا وانما هي أشبه بخطوة الى الامام وعشر الى الوراء، أو أن الايجابيات التي بالكاد تجد لنفسها مكانا في الحياة السياسية اوالاقتصادية اوالاجتماعية أصبحت ذات صيت أشد وهنا ومامن أحد يتفاعل معها.

بالامس كنت اتحدث الى أحد الاصدقاء، عن تعنت أحد الأكاديميين في جامعة صنعاء، حين ابدى صديقي استغرابه من حالة السكوت على مثل هذه النماذج اللاتربوية والخالية من مبادىء واخلاق العلم فقلت له أن ماعرفته قبل سنوات هو ان ثمة من يدعم بقاءه في منصبه وهو احد الشخصيات السياسية التي عرفت او عرفناها منذ ان وعينا على الدنيا على الرغم من كون هذا المعلم السيء قد اثبت لكل من خانه الحظ ليكون من ضمن الدارسين في مجموعته انه مثال للمشكلة العويصة المستعصية التي غالبا ماتسببت في تشتيت اذهان الدارسين واحباط مشاريعهم وحماسهم التي يعتزمون بها خدمة وطنهم الغالي،.

وقبل ان يتعرفوا على اساليب الوساطة والتأثير السلبي واستغلال السلطة في الحياة العملية شيئا فشيئا فانهم يواجهون حالة جاهزة ونموذج واضح عن شكل الحياة العملية في خارج الساحة الاكاديمية التي يفترض ان يعيش كلا منهم فيها فترة دراسية صافية خالية من الشوائب بقدر الامكان بما يحفز احلامهم النقية وتطلعاتهم الى المستقبل التي قد تتصادم مع واقع الحياة العملية عقب التخرج، ولكنها حتما لن تكون ضعيفة وسهلة التحطيم كما لو اعترضتها السلوكيات والممارسات السيئة داخل محطة البناء الاولى للطالب الجامعي على الاقل في سنته الاولى وحتى يصبح حلمه واقعا في تحقيق الحصول على الشهادة الاكاديمية ان لم يكن خياره الوحيد هو الابقاء على مشروع الحصول على الشهادة الاكاديمية مفتوحا لسنوات عدة يقرر خلالها البحث عن حياته العملية والاجتماعية بدون الاكتراث للهدف الاول الذي طالما كان يحلم به،.

وبالنتيجة فان ماسترفد به هذه الجامعة الوطن بدلا عن الهدف الذي انشئت اساسا لاجله هو كوادر محطمة تعاني من ألم وحرقة تحقيق الاهداف المشروعة بالوسائل النظامية والقانونية، حالات تشهد بكون المحسن المجتهد لا ولن يلقى نصيبه الذي يستحقه، وان المتنفذ المستغل هو من سيفرض قانونه حتى وان تعارض مع الامة باكملها علاوة على ألوف الكوادر من اشباه المتعلمين.

الحديث عن مثل هذه الحالة التي تصف شكلا من اشكال الواقع نشعر بمأساويته ونعيشه، لفت انتباهي الى أن منشأ الفساد وظهوره في بلادنا اليمن ليس بالوقت الحالي او في الماضي القريب الذي يتزامن مع سماعنا ومعرفتنا بوقائع واحداث مختلفة تعبر عن حجم الفساد الذي ينهش في جسد الوطن الغالي، ولكنه قديم وله جذوره البعيدة التي قد يعتقد العامة ان ذلك الزمن القديم كان خال منها، ولكن الحقيقة ان منشأ الفساد يعتبر قديما وهو لامحالة يتنامى مع مرور الزمن، ولكن الذي نحرص على ان يستوعبه العامة، هو ان الذي استجد وظهر فجأة هو معرفتنا بهكذا ظواهر تنتشر في الوطن، .

نتيجة تطور وسائل المعلومات والتي هي حق لا جدال فيه للشعب اليمني، وكذا نتيجة الانتقال من وضع سياسي الى آخر واعتماد الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير منهاجا وطريقا لا حياد عنه وهو حق ثابت ايضا لايمن فيه على الشعب اليمني احد، وقد يشار الى ذوي الفضل في تحقيق هذه النقلة النوعية حفاظا على خلق الامانة والعدل في الحكم على الغير ولكن بدون ان تستغل هكذا انجازات لتسويغ سلبيات ومساوىء مختلفة. لذلك فان قضية التعاطي مع هكذا واقع لم يكن معروفا لنا من قبل بشكله وتفاصيله الحالية التي ساعدت حالة التطور المعلوماتي والسياسي على اظهاره للعامة بشكل مفجع، يجب ان يتسم بقدر اكبر من العقلانية والصبر فلا يجب تصوير الوضع على انه أسود حالك السواد ميؤس منه ولا التماديء في تأؤيل المشكلة وتعليقها على أسباب بعينها وهي في واقع الامر تخدم اغراضا سياسية بدون النظر الى حقيقة تلك المشاكل وأسبابها المختلفة، بل يجب التحلي بالصبر والتعقل في مناقشة وتقييم ما يكون عليه الوضع الراهن لوطننا الغالي، فهذه المشاكل والمنغصات التي اطلعنا نحن العامة عليها ليست وليدة اليوم ولا الامس ولكنها مشاكل اقترنت بواقع اجتماعي وثقافي واقتصادي قديم جدا، كذا وتتصل بمتغيرات عالمية لايجب انكارها،.

وليس من الحكمة تحميل كل القضية او وضع المشكلة في عدد محدد من الاسباب فقط دون غيرها بدون الاخذ والنظر في الاسباب الاخرى. والا فان النتيجة المخيبة للامال والصدمة القاسية ستواجه كل من يساند معارضه النظام الحالي بطريقة مبالغة جدا اذا ما تم له تحقيق اهدافه بتغيير مجموعة اشخاص واختيار مجموعة اخرى من زمرته التي يزكيها ويعتقد فيها بالقدرات الخارقة او حتى بوصوله هو نفسه الى موقع المسؤولية الحقيقي الذي لايعلم عن حيثياته وعوامله المختلفة التي تؤثر على كل من يشغره، فيجد نفسه في قمة الحرج والصغر ومضطرا للتبرير والبحث عن مساندة الناس وقد اصبح في موضع خائن الثقة، كمثل الذي يستجدي تعاطف الناس وتأييدهم له بالحديث عن مشكلة ارتفاع سعر البيضة الى خمسة ريالات محاولا اقناع الناس بان سعرها لم يبلغ ذلك الحد الا لان ثمة من يتعمد رفع سعرها لمصلحته الخاصة، وصور للعامة من الناس متلاعبا بعواطفهم انه سيعيد سعرها الى سابق عهده بريال واحد، ولما تم له اختيار الجموع الغفيرة ذات الاحلام البسيطة التي صدقت ان سعر البيضة سيعود الى حاله باختيارها لهذا المرشح، فوجئت تلك الطموح البسيطة بان سعر البيضة اصبح عشرة ريالات عوضا عن خمسة قبل صعود ذلك المنتخب، فصعد اليهم بكل خجل وخشية وقال " ان ارتفاع الاسعار عالميا "،.

فأين كان وعيه والمامه وادراكه لما هو عالمي ولما يمكنه ان يؤثر على حالة الشعب الاقتصادية عندما صور لمن وثقوا فيه أنه يملك مفاتيح أسعار البيض. وكذلك هو حال المعارضة والمتربصين بكراسي السلطة لايعيشون أغلب ايامهم ولايجدون مكانا لقبول الشعب واختياره لهم الا من خلال تأؤيل الواقع وتصويره بالفاسد الميؤس منه والذي لاسبيل للخروج منه الا باختيار الشعب لهم خلفا للقائمين على السلطة فيذهب الناس الى اعتبار المشكلة كامنة في شخص او مجموعة معينة من الاشخاص عوضا عن التفكير بمنطقية ووعي كاف عن حجم المشكلة وابعادها ومتطلبات حلها.

لذلك فأن الاهم فيما يجب ان يفكر به عامة الشعب وبما يجب ان يطرحه المعارضون للوضع السياسي والاقتصادي الحالي، هو رؤىء بديلة أكثر وضوحا وأكثر جدوى مما يعتمد عليه الان، كذا وحلولا مدروسة بدقة اكبر مما يمكن ان يقوم به النظام حاليا، فليست المسألة والقضية برمتها معلقة على شخص واحد، ولابمجموعة تمتلك كراسي السلطة العليا على الرغم من اهمية ذلك، ولكن المشكلة تكمن في شعب باكمله، شعب يحتاج الى ان ينهض من القاع لينفض عن كاهله أثقال عظيمة من مفاهيم الجهل والتخلف ليستبدلها بالعلوم النافعة والثقافة الاجتماعية والاخلاقية المتحضرة التي تؤمن التعايش السلمي بين افراد المجتمع وتدحض مفاهيم العرقية والمناطقية والتعصب الاعمي للاشخاص والجماعات ايا كان شكلها او نوعها التي تختلف مع اهداف خدمة الوطن والمصلحة العامة للمجتمع، اننا بحاجة الى التفكير بمستقبل الاجيال القادمة ومستقبل الوطن باكمله عوضا عن المصالح الفردية والاحلام الباهتة التي لاتكاد ينال كل من يسعى نحوها اي خير وماهي الا سرابا، نحتاج الى أن نبذل انفسنا بدون ان نشترط العائد السريع والخيالي، .

فقد فات الوقت على ذلك، ويجب ان نعمل من اجل تحقيق مستقبل اكثر اشراقا واستقرارا لاجيالنا القادمة فنحن مسؤولون وايما مسؤولية عن كل ما نصبه اليوم في تاريخ مستقبلهم فاذا لم نكن سنقدم لانفسنا اولا ولهم خيرا فما من فائدة ترتجى او خير يرتقب من كل ما نقوله او نفعله. فلماذا لا تكن لنا أهدافنا الوطنية والانسانية السامية التي يجب ان تحقق الخير والمنفعة العامة لعموم المجتمع والبشر، ولما لا تكن وعودنا وعهودنا صارمة مخلصة للخالق وحده بان نبني وطنا وشعبا عزيزا شريفا مخلصا للذي خلقه واستخلفه على هذه الارض، فلعل الخالق يرحمنا وينجينا من عذابه بسبب ما أقترفته ايدينا وظلمنا به انفسنا، فهو الرحيم والغفور وهو الذي يملك بيده ملكوت كل شيء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.