المناضل علي عنتر يطلق وصاياه من قبره
بقلم/ الغد
نشر منذ: 16 سنة و 11 شهراً و 10 أيام
الأربعاء 05 ديسمبر-كانون الأول 2007 07:24 م

الراحل علي عنتر يقرأ المشهد الراهن في اليمن قبل نحو ربع قرن، ويطلق وصاياه من قبره.

أوصى "الاشتراكي" بالحفاظ على الوحدة وحذر الأجيال من الشعارات الزائفة.. وأكد على واحدية الثورة والمصير.

نشرت الزميلة صحيفة "الثورة" في عددها الصادر في 29 نوفمبر الماضي مقتطفات من محاضرة ألقاها المناضل الراحل علي عنتر قبل نحو ربع قرن أمام طلاب كلية التربية والتكنولوجيا بجامعة عدن، وتحديداً عام 1983، أي قبل 3 سنوات على استشهاده في أحداث يناير 1986م..

المحاضرة (الوثيقة) تناولت لعديد قضايا وطنية، فكأن صاحبها الذي ألقاها في زمن التشطير وغيبه الموت قبل سنوات على تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990 يتحدث عن واقع المشهد السياسي اليمني اليوم، وبعد مضي 17 عاماً على الوحدة، وحيث أكد علي عنتر الثائر والوحدوي بأن الوحدة قادمة لا محالة أوصى الحزب "الاشتراكي" الحفاظ عليها مهما كان الثمن، واستشهد بتجربته السياسية والنضالية ليؤكد على واحدية الثورة اليمنية ولحمة المصير والهدف بعد نحو قرن على رحيله.

نموت دفاعاً عن مبادئ الثورة

آنذاك توقع الراحل علي أحمد ناصر عنتر، أبرز مؤسسي الحزب "الاشتراكي اليمني"، وأحد رموز النضال الوطني وحرب التحرير أن يأتي في المستقبل من يتساءل عما فعله الرموز الأوائل من أجل وطنهم، ولذلك فقد طالب من سيطرحون هذا التساؤل أو يشككون في واحدية الثورة اليمنية "سبتمبر وأكتوبر" بأن يحسنوا قراءة التاريخ جيداً لكي يعرفوا أن من صنع ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر وحقق الاستقلال في الـ 30 من نوفمبر عام 1967 هم مناضلون من كل مناطق اليمن شمالاً وجنوباً.

"لقد قمنا بالثورة ونتمنى أن نموت ونحن نناضل من أجل تحقيق أهدافها السامية، مؤكداً أن الفضل الأول يعود لأولئك الرواد الذين فجروا ثورة 26 سبتمبر التي مهدت الطريق أمام قيام ثورة الـ 14 من أكتوبر، بحيث كان حتمياً أننا وبعد أن قضينا على الإمامة أن يناضل أبناء اليمن شمالاً وجنوباً لتحرير الجزء المحتل من وطنهم من قبضة الاستعمار".

من صنعاء انطلق المارد

ويضيف علي عنتر في محاضرته تلك "لقد انطلق المارد الجبار من صنعاء الثورة محققاً أهم انتصار للحركة الوطنية اليمنية.

ولأن الذين يخاطبهم هم من فئة الشباب فقد وجد نفسه ملزماً بأن يكشف لهم جزءاً من صور المعاناة التي واجهها أبناء اليمن قبل قيام ثورتي "سبتمبر وأكتوبر ويوصيهم خيراً بوطنهم".

قال مخاطباً أولئك الشباب "لقد عانى آباؤكم من المآسي والويلات ما لم تعانوه، ولحق بنا في الشمال والجنوب ظلم الإمامة والاستعمار، فقد فرض علينا التشطير والجهل والتخلف، فلا تعليم إلا لأبناء الميسورين فيما كنا نخزن حب القمح والذرة لمدة سبع سنوات ليس لوفرته، إنما خوفاً من أن يأتي اليوم الذي لا نجد فيه ما نسد به الرمق".

وأضاف "لا بد أن تعي الأجيال التي ستأتي بعدنا أن آباءهم وأجدادهم قد جسدوا الوحدة الوطنية بأسمى معانيها، ولم يزدهم ظلم الإمامة واستعباد الاستعمار إلا إصراراً وتمسكاً بتلاحمهم.. فكنا حينما تنتهي علينا حبوب الطعام أو نجوع في الضالع نذهب لنأتي بالذرة والقمح من إب وليس من استراليا، لإيماننا وقناعتنا بأن اليمن واحد ومعاناته واحدة وتاريخه واحد".

واستطرد مؤكداً "كنا نعطف على بعضنا البعض في الأزمات والشدائد، خاصة وأن إمكانيات البلاد قبل الثورة كانت تحتكرها الإمامة والاستعمار لنفسها، حيث كان الطبيب الذي نلجأ إليه سواء في الشمال أو الجنوب هو ذلك الأخصائي الذي يجيد عملية الكي".

أرادوا تشطيرنا إلى قرى متناثرة

وتساءل علي عنتر في محاضرته قائلاً: من أنقذ هذا الوطن؟.. أليست الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر؟!.. ومن حرر هذا الشعب من الاستبداد والاستعباد الإمامي والاستعماري.. أليست أيضاً الثورة؟!، ومن سيخرج هذا الشعب من دائرة التشطير والتجزئة وموروثاتها؟!.. إنها الثورة أيضاً، خاصة أن من أحكموا علينا تلك القبضة لم يكتفوا بتشطير اليمن إلى جزأين، بل أنهم شطرونا أيضاً داخل كل جزء، فكان صاحب المسيمير غريباً في بلاد الحواشب، وصاحب العوالق عندما يذهب إلى منطقة أخرى يشعر وكأنه في غير وطنه، بل أنهم أرادوا تمزيقنا قرية قرية، ولو لم نتحرك باتجاه تغيير تلك الوضعية لأصبحت حياتنا هدراً.

واحدية الثورة أحبطت المؤامرات ضد الوطن

ويضيف المناضل الراحل: وعلى إثر توافر الشروط فقد تم تشكيل الجبهة القومية التي كان نواة لها تنظيم حركة القوميين العرب، حيث جاء هذا التشكيل للعمل السياسي مستوعباً كل أبناء اليمن في الشمال والجنوب، سواء أكانوا من أبناء صنعاء أو عدن أو شبوة أو الحديدة أو تعز أو غيرها، ومع ذلك فقد ظلت الثورة اليمنية عرضة للكثير من المؤامرات والمخططات، إلا أن ذلك لم يثنها عن مواجهة تلك المحاولات والتي كان يقودها عادة مجموعات من (المتمصلحين والمرتزقة والمندسين)، وقد دخلنا في صراعات مع تلك الجماعات كأمثال الأصنج وغيره، واستطعنا أن نسلح أبناء شعبنا في الشمال والجنوب بالوعي ليصبحوا هم صمام الأمان للثورة.

الوحدة الحقيقة الثابتة

وأردف الراحل علي ناصر عنتر: لقد ناضلنا في حرض وفي صرواح وفي المحابشة وفي كل جبل من جبال المحافظات الشمالية في مواجهة فلول الإمامة وتثبيت ثورة 26 سبتمبر، وناضل إخواننا ورفاقنا من أبناء المحافظات الشمالية نضالاً مستميتاً في شوارع عدن وفي جبال الضالع وردفان، بل وفي كل جبل من جبال الشطر الجنوبي، الأمر الذي يؤكد على أن الثورة اليمنية قد شكلت الإطار القوي لوحدتنا الحقيقية..

على الاشتراكي الحفاظ على الوحدة

"وأقول لكن أن الوحدة آتية، فهي الحقيقة التي ناضل من أجلها أبناء الشعب اليمني، ومن تغضبه هذه الحقيقة فعليه أن يضرب رأسه عرض الحائط.. لقد سالت الكثير من دماء اليمنيين فداء لهذا الهدف الذي يمثل أغلى شيء في حياتهم، ولذلك فقد أكدنا على الحزب الاشتراكي "اليمني" وليس "العدني" أن يضع تحقيق الوحدة اليمنية نصب عينيه وهو الحال الذي ينطبق على إخواننا في شمال الوطن".

راقبوا الممارسات ولا تنخدعوا بالشعارات

وأضاف: لا بد أن يتحلى الجميع بنفس الرجولة والشجاعة التي كانت لدى أولئك الذين صنعوا الثورة والذين قدموا رؤوسهم قرباناً للحرية على طول وعرض اليمن، كما أن علينا أن نحافظ على إنجازات الثورة وأن نصونها وأن لا نساوم حولها بدافع خلل ما أو مجاملة أو محاباة لبعض من تضررت مصالحهم، وليس من حق أحد أن يمن على اليمن بنضاله، فقد ناضلنا كلنا وكل واحد منا كان مكملاً للثاني، ولكي نضمن استمرارية هذه الانتصارات في المستقبل فلا بد أن نجعل مصلحة الوطن فوق مصالحنا الذاتية.. وأقول للشباب ومن خلالكم إلى الأجيال القادمة، راقبوا الممارسات وليس الشعارات، ولا تدعوا أحداً يغالطكم أو يسعى إلى استغفالكم من خلال بعض المفاهيم الخاطئة، فاليمن قد انتصرت ورسمت ملامح طريق المستقبل، وعليكم أن تحافظوا على هذه النجاحات، ولا تكونوا كمن يزرع الثوم ويتطلع لجني البصل..