الدبعي: الإصلاح مع خيار بناء سلطة الدولة المتحررة من هيمنة قوى النفوذ
بقلم/ الصحوة
نشر منذ: 11 سنة و 3 أشهر و 10 أيام
السبت 14 سبتمبر-أيلول 2013 11:15 ص


يحتفل الإصلاحيون في 13سبتمبر بالذكرى الثالثة والعشرين لتأسيس التجمع اليمني للإصلاح، الذي كان تأسيسه علامة فارقة في الحياة السياسية اليمنية، وفي هذه المناسبة كان لا بد من الوقوف على تجربة الإصلاح طوال هذه السنوات.

في هذا الحوار يتحدث الأمين العام المساعد للإصلاح الأستاذ شيخان عبد الرحمن الدبعي، عن الإصلاح وتجربته في ذكرى تأسيسه.

حوار/ عبدالله المنيفي

* 23عاماً على تأسيس التجمع اليمني للإصلاح.. ماذا قدم خلال أكثر من عقدين؟

- بداية أهنئ الإصلاحيين على امتداد الوطن اليمني بهذه المناسبة العزيزة التي نتذكر فيها البدايات الأولى ونستعرض شريط الذكريات وأسماء المؤسسين، فمنهم من قضى نحبه فندعو له بالرحمة، ومنهم من لا يزال يواصل وندعو له بالتوفيق، وأما ما قدمه الإصلاح خلال عمره منذ تأسيسه، فإن الإصلاح قدم في كل مرحلة ما يناسبها من المواقف والرؤى، ويمكنني القول أنه عمل مع كل القوى الحية في المجتمع اليمني، في مواجهة الظلم والاستبداد، ورفض كل الممارسات والسلوكيات التي أساءت للمشروع الوطني، ووقف في وجه الفساد والطغيان، وعمل مع شركائه على تهيئة الأرضية الجماهيرية النضالية للثورة السلمية، وقدم في سبيل ذلك تضحيات كبيرة، كما عمل أيضاً مع شركائه على تفويت الفرصة على النظام السابق في جر البلاد إلى أتون العنف، وعموماً فإن مواقف الإصلاح منذ تأسيسه في الـ 13 من سبتمبر 1990م كانت نابعة من حرصه على مصلحة الوطن والحفاظ على وحدته وأمنه واستقراره.

* وأين يقف الإصلاح اليوم بعد المتغيرات التي انتجتها الثورة السلمية، والتي رسمته المبادرة الخليجية؟

- الاصلاح اليوم يتفهم متطلبات المرحلة الجديدة التي نعتبرها مرحلة دقيقة حيث أنها مرحلة لبناء اليمن الجديد واستعادة المكانة التي أهدرها النظام السابق، لذلك نرى أن المرحلة تتطلب استنفار كل الطاقات في المجتمع، لتحقيق التغيير المنشود بما هو مطلوب من تغيير للسياسات والآليات والأدوات إلى سياسات وآليات وأدوات جديدة تضع مصلحة البلد أمامها، والإصلاح يقف مع خيار بناء سلطة الدولة المتحررة من هيمنة قوى النفوذ المختلفة، وهو خيار يحتاج إلى مغالبة تلك القوى التي أفشلت أحلام اليمنيين.

* وفي مجال البناء المؤسسي للإصلاح.. إلى أين وصل في هذا الجانب؟

- في الحقيقة الإصلاح منذ تأسيسه أولى مسألة البناء المؤسسي اولوية كبيرة، حتى أكمل بناء مؤسساته القيادية والتنظيمية، ويمكن اعتبار انعقاد المؤتمرات العامة للإصلاح في المواعيد المحددة في النظام الأساسي واللائحة العامة، تجسيداً عملياً للممارسة الشوروية الديمقراطية ومدى تجذرها في أوضاعه الداخلية، ومختلف المستويات المؤسساتيه في البنيان القيادي والتنظيمي.

* إذا متى سينعقد المؤتمر العام الخامس للإصلاح؟

- نحن نتحين عقد المؤتمر الخامس للإصلاح في أقرب فرصة ممكنة.

* بدأ الإصلاح من المعارضة ثم انتقل إلى السلطة، ثم عاد إلى المعارضة، كيف ترى هذه التحولات؟ وماذا أكسبت الإصلاح؟

- لا بد من الإشارة هنا أن الإصلاح دخل السلطة عبر صندوق الاقتراع وخرج منها عبر الصندوق رغم ما شابه، ومع ذلك فإن الإصلاح مارس دوره الذي تمليه عليه مسئوليته الوطنية سواء في السلطة أو في المعارضة، وهذا باعتقادي اكسبه خبرة ستنضجها التجارب المتعاقبة، وسوف يسجل التاريخ بأن التجمع اليمني للإصلاح هو الحزب الوحيد الذي وصل إلى السلطة عبر الانتخابات وغادرها بعد الانتخابات.

* أين يقع الشباب في أولويات الإصلاح؟

- في تصوري أن الحديث عن الشباب هو حديث عن معظم الحاضر وكل المستقبل، والشباب في الإصلاح هم عموده الفقري، وسر حيويته، والإصلاح يعطيهم كل اهتمامه تدريباً وتأهيلاً، ولا يمكن للمتابع المنصف إلا أن يرى مكانة الشباب في الإصلاح وما يحتلونه من أهمية وأولوية، وأما عن تواجدهم في المناصب القيادية فهم متواجدون في الأطر القيادية المختلفة، كما إن الإصلاح يولي شريحة الطلاب اهتماما كبيراً، باعتبارهم أمل التغير والنهوض بواقع الأمة، ومن ويعول عليهم قيادة المجتمع نحو حياة أفضل يسودها الأمن والاستقرار الاجتماعي وتسمو فيها قيم العدل والحرية، ولا ننسى دور الشباب والطلاب في الثورة السلمية، وما قدموه من تضحيات جسيمة، تجعل كل القوى السياسية توليهم الاهتمام الأكبر.

* وماذا عن مكانة المرأة في الإصلاح، وتمكينها من حقها؟

- الإصلاح لا ينظر للمرأة على أنها شريك في العمل السياسي أو الاجتماعي فحسب، ولكنه ينظر إليها على أنها شريك أساسي في التنمية الشاملة، ولهذا لا بد من تمكينها أولاً من حقوقها في التعليم والصحة لتتمكن من ممارسة دورها على أكمل وجه، وأما مكانة المرأة في الإصلاح فلا يحتاج إلى تدليل، وهنا لا يفوتني أن أحيي نساء الإصلاح ونساء اليمن عموماً اللاتي كن بالفعل المشهد الأنصع في الثورة السلمية، وقدمن تضحيات جسيمة، فكان منهن الشهيدات والمصابات، وقيادات الفعل الثوري، ورسمن بنضالهن مشهد رائع شهد له العالم.

* لكن كيف هي مشاركة المرأة في المستوى القيادي للإصلاح؟

- الحقيقة أن المرأة في الإصلاح احتلت مشاركة أعلى في الهيئات القيادية المختلفة، من الهيئات التشريعية في مجلس الشورى حيث تتواجد فيه المرأة بنسبة 15% كما أن حضورها في الهيئات التنفيذية في الأمانة العامة حضور يتناسب مع تشكيلات دائرة المرأة، وكذلك في الهيئات الإدارية في المحافظات والمديريات، وأود أن أقول أن الإصلاح لا يستخدم المرأة للمزايدة السياسية كما يفعل البعض، ولكنه يؤمن بدورها وبوجودها وحقها في ممارسة حقوقها كاملة دون انتقاص، لأننا نؤمن أن المرأة شريكة الرجل وليست خصما له، وأنه لا بد من تصحيح النظرة إلى المرأة وإلى دورها، وفقا لمبادئ الإسلام وأحكامه بعيداً عن الموروث المبتدع والوافد الفاسد.

* ألا ترى أن الإصلاح انخرط في العملية السياسية بقضاياها الكبرى فيما بقيت القضايا الأخرى كالأوضاع المعيشية والأمنية هامشية؟

- الإصلاح يتجه لبناء الدولة التي يتسبب غيابها في تدهور الأمن وغلاء المعيشة، وعليه فالاهتمام بقضايا بناء الدولة شكلاً ونظاماً هو اهتمام ضمني بتلك القضايا، ومع ذلك فالإصلاح يضع هموم الشعب ومعاناته في مقدمة اهتماماته، وقيادات الإصلاح وكوادره ليسوا بعيداً عن هذه الهموم، فهم جزء أصيل من المجتمع، وقريبون من همومه ومعاناته، لذلك لم يكن الإصلاح يوماً بعيدا عن هموم الشعب وقضايا الوطن، بل إنها تمثل الأولويات، وفي مقدمتها الأوضاع المعيشية، وقد وقف الإصلاح مواقفه المعهودة من تحميل أبناء الشعب المزيد من الأعباء، ونهب الأموال العامة، وظل محذراً من انتهاج أي سياسات تؤدي الى مزيد من الأعباء، والجبايات التي يذهب بها الفاسدون، فالإصلاح كان وما يزال وسيبقى قريباً من الهم الوطني، ومتبنياً لتطلعات الشعب.

* وماذا عن الشراكة الوطنية في أدبيات الإصلاح وفكره السياسي.

- استطيع القول أن إيمان الإصلاح بالشراكة الوطنية راسخ منذ تأسيسه، وتجربته ثرية في العمل المشترك مع مختلف القوى السياسية على الساحة الوطنية، ونحن نسعى للوصول إلى أرضية مشتركة تؤدي إلى المزيد من الشراكة، وقد كانت تجربة اللقاء المشترك الرافعة السياسية لمشروع الوطني الجامع في اليمن، القائم على قاعدة الشراكة والعيش المشترك والقبول بالآخر على أساس من التعايش والتسامح، ولا شك أن ذلك مثل إثراء للتجربة السياسية اليمنية عموماً أو للأحزاب المنضوية في المشترك، ونتطلع في الإصلاح لاستمرار هذه التجربة الفريدة وتطويرها وتقييمها، لتسهم في توسيع مساحة الشراكة في بناء اليمن الجديد.

* إذا كان هذا ما تعتقدونه، فما سر الحملات التشكيكية بجدية الإصلاح في الشراكة مع الآخرين؟

- السبب يعود إلى التغيير الهائل الذي احدثه انحياز الإصلاح لخيار المشترك ودعمه له فكرة وتجربة، وهو ما افقد السلطة سيطرتها على ساحة المعارضة، ولأنها تدرك دور الإصلاح الكبير في هذا التحول فإنها تصب عليه جام غضبها، ولا شك أن من يطلق هذه الأقاويل متحامل على الإصلاح، ولا يرى الحقيقة، والحقيقة هي العكس مما يتقوله هؤلاء، فالإصلاح يعي مسئوليته الوطنية في بناء مجتمع متسامح ومتعايش، على أساس من الحرية والديمقراطية والعدالة وتكافؤ الفرص، ويمكن القول أن انفتاح الإصلاح على مختلف الأحزاب والتيارات السياسية ينفي كل هذه الادعاءات وينسفها.

* وماذا عن دور الإصلاح في إطار اللقاء المشترك، وهل أنتم راضون عن أداء المشترك؟

- لم يكن بمقدور قوى المعارضة مواجهة مشروع التوريث للسلطة والهيمنة الأسرية عليها إلا بمشروع وطني جامع ومتجاوز لإرث الصراع بين قواها، وقد كان المشترك طريقنا لهذه الغاية التي لم تتحقق بعد مما يجعل استمراره ضرورة وطنية أكثر منها مصلحة خاصة بالقوى المنضوية فيه، اعتقد أنه صار من نافلة القول أن اللقاء المشترك تجربة سياسية رائده ومتميزة كما ذكرت سابقاً، إذ أنه قام على قاعدة المصلحة الوطنية وتضييق مساحة الخلافات في سبيل الاتفاق على المشروع الوطني الجامع، وقد رأى الجميع ما حققه المشترك منذ تأسيسه من مكاسب سياسية ووطنية، كان أهم مراحلها التقدم بمرشح للانتخابات الرئاسية في 2006 وهو المرحوم فيصل بن شملان، والتي مثلت منعطفاً مهماً في الحياة السياسية اليمنية، ثم تقديم مشروع الإصلاح السياسي ومن ثم أدواره النضالية في مشروع النضال السلمي الذي هيأ الأرضية للثورة السلمية التي انخرط فيها أبناء الشعب لإسقاط مشروع التوريث.

* كيف تنظرون في الإصلاح إلى مؤتمر الحوار الوطني؟

- الحوار الوطني طريق اجباري ليس له منافس إلا العنف، ومع ذلك فإن هذا لا ينبغي أن يجعلنا نتعامل مع قضاياه وكأنها أمور مسلمة وغير قابلة للنقاش تحت ضغط الخوف من الفوضى، بالعكس.. سوف يكون الحوار حقيقياً يتناسب مع حجم الإشكالات القائمة، والإصلاح وقياداته أكدوا في أكثر من مناسبة الحرص الكبير على انجاح مؤتمر الحوار الوطني من اجل الوصول إلى حل كل القضايا الوطنية، ومن أجل بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على المؤسسات والمرتكزة على النظام والقانون والمواطنة المتساوية.

* ما طبيعة الرؤى التي قدمها الإصلاح إلى مؤتمر الحوار الوطني؟

- الإصلاح قدم رؤاه إلى الحوار الوطني والتي تمثل في مجملها مشروع للتغيير السلمي، وقد نشرت الرؤى التي تقدم بها الإصلاح وممثليه إلى فرق الحوار التسعة، فتقدم برؤاه في مواضيع بناء الدولة السبعة، كما قدم رؤاه حول أسباب ومحتوى ومعالجات القضية الجنوبية وقضية صعدة، وفي مختلف قضايا ومواضيع الحوار الوطني، وكانت الرؤى التي تقدمنا بها تقدم الحرص على مصلحة الوطن ووحدته وأمنه واستقراره، ومعالجة أسباب المشاكل برؤى وطنية وضمان عدم تكرارها، ورد المظالم ومنح الحقوق، كما حرصنا فيها على بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية بعيداً عن الولاءات الضيقة التي كانت نتائجها كارثية.

* تعرض الإصلاح وما يزال يتعرض لحملات إعلامية ظالمة، لماذا تستهدف هذه الحملات الإصلاح، وأين رد الإصلاح أمام كلما يطلق من اتهامات واشاعات؟

- ما يتعرض له الإصلاح من حملة أكاذيب وافتراءات عبر وسائل إعلامية ليست جديدة ولا مستغربة، لأن هناك أطرافاً تلجأ للكذب والافتراء والتضليل لتشويه صورة الإصلاح لكننا ندرك أن هذه الممارسات لن تقود إلى نتيجة لأنها تقوم على أباطيل وأحقاد، لكن الإصلاح ولله الحمد يزداد توسعا وانتشارا وتماسكاً، ويحظى بالمزيد من الاحترام داخلياً وخارجياً، كما أننا على ثقة أن اليمنيون الذين عهدوا صدق الإصلاح وإخلاصه ووطنيته وانفتاحه على كل القوى الوطنية، سيلتفون حوله للوصول إلى المستقبل المنشود، وهي فرصة أن ندعوا هؤلاء للعودة إلى الصواب وتجنب لغة الكراهية وبث الأحقاد فالوطن لا يحتمل المزيد، ونذكرهم أن الشعب اليمني يعي جيداً من يعمل لمصلحته ومن يقدم التنازلات، ويستطيع أن يكشف زيف هذه الادعاءات والأكاذيب التي ستنتهي وينكشف أصحابها.

* وماذا عن المستقبل؟

- مثلما كان الاصلاح رائدا في الثورة وداعما اساسيا لها سيظل رائدا وفي المقدمة للعمل على تحقيق اهدافها ويسعى لتلبية الرغبة في التضحية ونكران الذات الضيقة، وسنسعى لترجمة الشعارات ومبادئ الاسلام الكلية الى واقع ملموس، فالإصلاح الذي عاش لليمن سيبقى مع اليمنيين.

* كلمة أخيرة في هذه المناسبة، ذكرى تأسيس الإصلاح.

- أحيي أعضاء وأنصار الإصلاح على الجهود التي يبذلونها في سبيل خدمة البلد، والحفاظ على الوحدة الوطنية وتمتين عراها، وتعزيز المسار الديمقراطي، وحماية حريات الإنسان اليمني والدفاع عن حقوقه، عبر النضال السلمي والعمل المشترك، وصولاً إلى بناء وطن ينعم فيه الجميع بالأمن والرخاء والاستقرار، وادعوهم إلى مضاعفة الجهود، وحشد الطاقات والقدرات، لتعزيز مسيرة النضال السلمي والدفاع عن الحقوق، وتكريس قيم الحرية والعدالة والمساواة، وإيقاف عجلة الفساد التي سحقت الشعب وأدخلت البلاد في أتون أزمات متلاحقة.