نامت نواطير مصر عن ثعالبها
بقلم/ منال القدسي
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 25 يوماً
السبت 24 أغسطس-آب 2013 01:50 م

نامَت نواطيرُ مِصرَ عن ثعالِبها *** فقد بَشِمنَ وما تُفنى العناقيدُ

هذا البيت قاله المتنبي قبل حوالي ألف عام في ذم كافور الاخشيدي حين حكم أهل مِصر، نحن لانقصد ذم كافور الأخشيدي فذلك الذم اتاهُ من المتنبي لأمر بينهما، ولكن نقصد ثعالب زمننا هذا والذين أعمت قلوبهم المصالح الآنية فسخرت أموالها للفتك بأبناء مِصر وما يحدث اليوم في مِصر ذكرنا بذلك البيت.. فهل نامت نواطير مِصر عن ثعالبها؟ هل غفل حُراس مِصر عن عساكرها ولصوصها؟ أين أحرار وشرفاء الجيش المِصري من المجازر البشعة التي ترتكب بحق أبناءهم وأخوانهم؟ أين حكماء مِصر وعقلاءها مما يحدث؟ هل يسمح الشعب المِصري للغرب وإسرائيل ودويلات كالإمارات والسعودية والكويت والبحرين ان يعيثوا فساداً بأرض الكنانة ويغرقوها بالدماء؟

هاهي ثعالب مِصر قد تحالفت مع عساكرها بتآمر صليبي يهودي وللأسف عربي والهدف إسقاط نظام الحكم الاسلامي في مِصر خاصة وفي كل الدول العربية عامة.. إن مايحدث في مِصر هي حرب صليبية بإمتياز، والمؤشرات كثيره فهل يعي إخواننا المِصريين ما الذي يُراد لمِصر العروبة، مِصر الاسلام، مِصر التي جاء ذكرها في القرآن الكريم "ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ".

مايحدث في مِصر مخطط إرهابي إجرامي تم الاعداد والتخطيط له منذُ إسقاط نظام مبارك في 11 فبراير 2011م، الحليف الاستراتيجي للغرب وإسرائيل وربيب أمريكا.. وما التراهات التي نسمعها عن أخونة الدولة المِصرية، وعن السقوط المدوي للأخوان وفشلهم في إدارة الدولة إلا مبرراً لإقحام العسكر في العملية السياسية وإعادة مِصر الى الحضيرة.

لستُ إخوانية، ولستُ ضد الأخوان وان كنتُ اختلف معهم ببعض الأفكار، فأنا عربية مُسلمة، والقضية في مِصر قد تجاوزت الإخوان، القضية قضية كرامة الانسان وحريته، فما يحدث في مِصر بات واضحاً للعيان ولا يشوبه أي لبس، مايحدث في مِصر قد أزال الغشاوة التي كانت على أعين البعض ممن كانوا يختلفون مع الاخوان عقائدياً وأيديولوجياً.. خروج العسكر الى المشهد السياسي مجدداً، ماهو إلا إجهاضاً حقيقياً لثورة 25 يناير وللربيع العربي الذي أنتفضت شعوبه من أجل بناء دولة مدنية، الامر الذي قد تدفع مِصر ودول الربيع العربي ثمنه باهظاً ربما لعشرات السنين، ان لم يحسنوا تقدير الموقف.

عاد نظام مبارك الى المشهد السياسي المِصري بكل قوته وعنفوانه، وللأسف من شارك في إعادته هم بعض ممن ثاروا عليه بالأمس وأسقطوه في ثورة شبابية شعبية أبهرت العالم وشهد لهم الجميع بروعتها.. ولكن غياب الوعي عن بعض الشباب المِصري، جعلهم ينزلقون ويرتمون مجدداً الى أحضان النظام السابق وينضوون تحت قيادات لطالما نددوا بإسقاطها ولطالما خونوها، قيادات كانت شريكة أساسية في الحقبة السوداء التي عاشتها مِصر في عهد نظام مبارك الساقط وزبانيته.. وهاهو مبارك يُبرأ ويُطلق سراحهُ والنيابةَ العامةَ تعلن عدم إعتراضها على الحكم.. ويختطف رئيس مصر المنتخب وتوجه له تُهم التخابر مع حماس تهمة كان يفترض ان توجه اليه من الكيان الصهيوني وليس من مِصر؟؟؟؟.

لقد أثبت الإعلام المِصري الرسمي وحليفه بانه أسفل وأحقر إعلام في المنطقة العربية، إعلام غانيات من خلال ما تبثهُ القنوات الإعلامية المصرية من سموم لتعتيم الصورة الحقيقية عما يحدث في مِصر، وإظهار الجلاد وكأنه المنقذ للدولة المِصرية التي خطفها الاخوان وأقصوا الجميع عنها.. وهنا أستغرب عن أي إقصاء يتحدثون وقد كشف لنا الانقلاب ان نظام الاخوان لم يكن له سيطرة على أي وزارة. فالدفاع والداخلية والاستخبارات والشرطة والحرس الجمهوري بل والاعلام والقضاء كلها كانت بأيدي الانقلابيين!!! فعن أي إقصاء يتحدثون؟ ومن هم الإقصائيون الحقيقيون؟؟

 إن حكومة العسكر تعتقد انها تسطيع إدارة البلد بالأزمات ولكنها لا تعرف انها تحفر قبرها بيدها وتدمر الاقتصاد والاستقرار في مِصر لعشرات من السنين القادمة، لا يمكن ان يحكم البلد نظام خائن ومُتآمر ومُسير من دول لا يهمها مصلحة واستقرار مِصر.. فهل يعلم هؤلاء العسكر ان المدارس التي تعلموا فيها والكليات العسكرية التي تخرجوا منها والملابس التي يرتدونها هم وزوجاتهم وأولادهم والسيارات التي يمتطونها هي من اموال الشعب حتى الاسلحة التي يحملونها هي من اموال الشعب..!! لقد أنفق الشعب عليهم وعلى أُسرهم وأعدهم ليدافعوا عن أرض مِصر وسيادة مِصر لا ليقوموا بتوجيه السلاح لصدر الشعب إرضاءً لأسيادهم.. هاهو المواطن المِصري يموت بطلقات دفع هو قيمتها من كده وعرق جبينه.

إن الذنب الذي أقترفه الاخوان منذ فوزهم بالانتخابات وصعودهم للسلطة هو انهم أرادوا إعادة الدور الاستراتيجي القومي لمِصر وإسقاط المؤامرة الصليبية والخليجية.. واعادة دور مِصر كدولة ذات سيادة لا تُدار من قبل الغرب او بأموال أصحاب الدشاديش.. ماذا ننتظر عندما يتحالف العسكر مع السجان مع الجلاد هل ننتظر استقرارا لمِصر!!! ان من يغتصبون السلطة ليلاً وبقوة السلاح لتحقيق مآربهم الشخصية تنتظرهم نهايات لا يُحمد عقباها.

إن تجربة الاخوان لم تكن فاشلة بل كان مكتوبا لها النجاح وهذا ما أصاب دول الخليج وأمريكا بالذعر ولم تنم لهم عيناً في التخطيط لإفشال التجربة الاسلامية في دول الربيع العربي.. ولكن الله سيخيب مؤامراتهم فالتآمر على مِصر والخيانة من قبل بعض أبناءها أدهى وآمر مما نعتقد ولكن وعي الشعب المِصري وجلادته وصبره كفيلاً بإسقاط المؤامرة الحقيرة ومعاقبة الخونة فمِصر دولة اسلامية عربية وستظل كذلك وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.