بقلم /
شكلت المبادرة التي أطلقتها مجموعة شركات هائل سعيد أنعم، بالتبرع بمبلغ 300 ألف دولار، دعماً لليمنيين العالقين في مطار القاهرة منذ بدء عاصفة الحزم وحتى اليوم، بُعداً حضارياً وقيمياً يعكس اهتمام هذه المجموعة بالإنسان، ليس لكونه يمني بالضرورة، ولكن لأنه "إنسان" بالمقام الأول، والذين يقدر عددهم بنحو 4 آلاف يمني بحسب تصريح لمدير النقل الجوي اليمني، وذلك من أجل تأمين تكاليف إقامتهم من سكن وعلاج وغذاء، إذ أن معظمهم ممن سافر للعلاج ويعاني أوضاعاً مادية صعبة، وهي بذلك الشعور الرائع والنبيل تكون قد رسمت للجميع لوحة فانتازيا كبيرة، غاية في الروعة والجمال، عنوانها الحب والتلاحم والإيثار، الذي ينبغي أن يسلكه اليمنيون فيما بينهم في مثل هذه الظروف العصيبة.
ولا يقل أهمية عن ذاك الفعل، تلك المبادرة المتميزة، التي انطلقت تحت عنوان "لليمن يد تمتد"، والتي أطلقها طلاب يمنيون في القاهرة، وبمقدمتهم الدكتورة سمر أمين الخرباش، الطبيبة والطالبة التي تُحضِّر للدراسات العليا، والتي تهدف إلى توفير حياة كريمة للعالقين، إلى حين عودتهم إلى ديارهم، فقد قاموا باستئجار مبنى لإيواء جزء منهم وتزويدهم بالدواء والغذاء، كما أقاموا ورشة عمل على صفحات التواصل الاجتماعي لجمع التبرعات لصالحهم، وكل ذلك استشعاراً منهم بمسئولياتهم الأخوية والإنسانية تجاه إخوانهم اليمنيين، الذين أوصدت أمامهم كل طرق السفر، وضاقت بهم الأرض ذرعاً، فمعظمهم انتهت كل مصاريفهم ولم يكن في حسبانهم هذا الحضر المفاجئ للسفر بسبب الأوضاع التي تعيشها اليمن جراء عاصفة الحزم.
نتضامن مع إخواننا العالقين بأرواحنا ودعائنا، أكان في مطار القاهرة أوفي كل مطارات العالم، والذين يقدر عددهم بـ 10 آلاف مواطن يمني، بحسب مدير النقل الجوي اليمني أيضاً، كما نعيش همهم ونتبنى قضيتهم، ونحاول جهدنا إيصال صوتهم واستغاثتهم لذوي العلاقة، كما بتشكيل رأي عام داخل اليمن وخارجه حتى تُحل قضيتهم، ونحن على ثقة كبيرة بأنهم على مستوى عال من الوعي والإدراك، بأن السبب في ذلك كله ليس عاصفة الحزم بذاتها، وإنما في تلك الأطراف الرعناء التي سدت كل المنافذ وأوصدت كل الأبواب أمام اليمنيين، حتى وصلنا إلى هذه الحال التي نحن عليها.
لعل مثل هذه المواقف الإنسانية النبيلة، تعكس تلك الروح الإيجابية لليمني "الإنسان"، كما تعكس نبل أخلاقه وصفاء سريرته، أضف لذلك قيم التراحم والتعايش الغائرة في وجدانه، وليس صحيحاً أنها تلك الصورة البائسة، المتسمة بالسلبية والجمود مثلما يصورها البعض، كما ليست تلك التي رسمتها -ولا تزال- جماعات الكهنوت والإرهاب، التي لم تكتف بالإساءة لليمن أرضاً وإنساناً، طوال عقود مضت، ولكنها تصر- وإلى اليوم- على قتله واغتياله، بل ومحو كل قيمة جمالية فيه، وها هي مماراستها اليوم على أرض الواقع، المليئة بأنواع الحقد العنصري والطائفي، .. تشهد بذلك.