الشهيد علي عبد المغني
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 14 يوماً
الإثنين 24 سبتمبر-أيلول 2012 04:16 م
هو علي محمد حسين عبد المغني في ولد في قرية بيت الرداعي بمديرية السدة محافظة إب العام 1937، وتوفي والده وهو في الرابعة من عمرة ، تلقى تعليمه الأولي في منطقة "كُتَّاب نيعان"، وهناك ختم القرآن في مكتب «تبعان» وهو في السابعة واقيمت له زفة طلابية من تبعان إلى بيت الرداعي وهو راكب على الحصان واقيمت الولائم والافراح بهذه المناسبة التي حضرها السيد حسين محمد الكبسي وزيرالخارجية حينئذ والذي صادف وجوده في قريته تبعان لزيارة اسرته.
وفي عام 1946 م انتقل إلى صنعاء لمواصلة دراسته.. وفي صنعاء ذهب إلى منزل حسين الكبسي في «بستان السلطان» لمساعدته بدخوله مكتب الايتام الذي رحب به وضمه في بيته واعتبره كأحد أولاده وبعد أيام الحقه بمكتب الايتام وقررت لجنة الاختبارات في مكتب الايتام ان يدخل علي عبد المغني الصف الرابع حسب مستواه وواصل دراسته بتفوق، وفي ثورة 48 م وولي العهد احمد قد وصل حجة ومعظم القبائل تجتمع معه وقد بدأت بالزحف على صنعاء، ذهب علي عبد المغني إلى منزل السيد حسين الكبسي أحد رموز هذه الثورة، فوجد عنده في المنزل الرئيس جمال جميل العراقي قائد الثورة الذي كان دائماً معجباً بذكاء علي عبد المغني، فما ان وصل وسلم عليهما حتى دعاه الرئيس جمال جميل واجلسه بجانبه وسأله فيما تكون السعادة؟ اجابه.. علي عبد المغني بسرعة وبدون تردد :السعادة تكون في الحرية فضمه جمال جميل إلى صدره وقال وهو ينظر إليه بتأمل كبير :«لو فشلت ثورتنا لا سمح الله فهذا الشبل هو الذي سيسحقهم ويكمل ما بدأناه».. هكذا كان تفاؤل الرئيس جمال جميل بعلي عبد المغني رغم صغر سنه - فهو حينذاك كان لا يتجاوز الحادية عشرة من عمره.
الرئيس جمال جميل اعطى علي عبد المغني «الف ريال فرانصي» ماري تيريزا - عمله فضيه - وقال له هذا المبلغ لك جائزة وعليك ان تهتم بالعلم ولا يشغلك عن التعليم شيء وفشلت ثورة (48) واعتلى الامام أحمد عرش الامامة واباح صنعاء للقبائل لنهب وسلب ممتلكات اهاليها وقبض على الثوار وانزلهم السجون في صنعاء وحجة وامر باعدامهم، الرئيس جمال جميل كان في سجن القلعة بصنعاء وأمر باعدامه في ميدان شراره (ميدان التحرير) حالياً وقبل اعدامه قال للامام والحاضرين قد «حبلانها وستلد» وفعلاً كان امل جمال جميل في محله فعلى يد علي عبد المغني تم سحق عرش الإمامة وانبلج نور الحرية والجمهورية بالثورة السبتمبرية الخالدة وتحقق النصر الذي كان يريده الشهيدان جمال جميل وحسين الكبسي. استلم علي عبد المغني «الألف ريال الفضي» وأودعه عند شخص امين هو عبده قاسم من قرية هجاره مديرية السدة محافظة إب كان عنده بيت وفرن للخبز في باب «السباح» بصنعاء وكان يأخذ منه ريالين في كل شهر مصاريف جيب ويأخذ ما يحتاجه من ملابس وغيره وكان يساعد زملاءه الطلبة الايتام المحتاجين. وظل هذا المبلغ معه يصرف منه طوال سنوات الدراسة، كان يلبس اغلى الثياب محافظاً على مظهره دائماً وكان يقضي وقته في التعليم وطلب العلم، يطالع اي كتاب يقع بيده، محافظاً على الصلوات في اوقاتها وتلاوة القرآن الكريم كل يوم. اكمل دراسته في مكتب الايتام وانتقل إلى المدرسة المتوسطة، درس فيها ثلاث سنوات بتفوق وانتقل بعدها إلى الثانوية وكان نظام الدراسة في المدرسة الثانوية اربع سنوات - درس اربع سنوات فيها.
في سنة ثالث ثانوي توفى مدير المدرسة واجمع المدرسون والطلبة ان يقوم علي عبد المغني بأعمال مدير المدرسة لأنه كان رئيس المدرسة الثانوية والمتصرف بشؤون الطلبة ووافقت وزارة المعارف (التربية والتعليم) على ذلك وفي السنة الرابعة دمجت المدرسة التحضيرية مع المدرسة الثانوية وتعين علي عبد الكريم الفضيل مدير التحضيرية سابقاً مديراً للمدرسة الثانوية بعد الدمج وتخرج علي عبد المغني من المدرسة الثانوية في ذلك العام وطلع الأول بامتياز كما هو شأنه في مراحل دراسته من مكتب الايتام والمتوسطة والثانوية وهو الأول بامتياز كل سنة.. واقامت وزارة المعارف حفل تخرج والقى علي عبد المغني كلمة الخريجين واعجب الحاضرين ببلاغة كلامه وفصاحة لسانه وعند توزيع الجوائز تسلم جائزته وشهادته واعطاه ولي العهد البدر قلمه الذهبي واعطاه وزير المعارف الحسن بن علي ساعة يد «نوع اميغا - ذهب» وعينه سكرتيره الخاص بالوزارة.

في 57 م فتحت الكلية الحربية باب القبول لأول دفعة باليمن تنتخب من بين طلاب المدارس العلمية والثانوية والمتوسطة وتقدم لها مجموعة من بينهم محمد مطهر زيد وهذه الدفعة هي المعروفة باسم دفعة محمد مطهر ولم يتقدم علي عبد المغني، فقد كان يأمل ان يحصل على منحة دراسية إلى الخارج. وفي العام الثاني 1958 م فتحت الكلية الحربية باب القبول لدفعة ثانية وتقدم علي عبد المغني للالتحاق بالكلية الحربية ضمن الدفعة الثانية المعروفة الآن باسم دفعة علي عبد المغني وتخرج وطلع الأول بامتياز واقامت الكلية الحربية حفل التخرج والقى كلمة الخريجين وعند تسليم الجوائز والشهادات لأوائل الخريجين... قام ولي العهد البدر بتسليم علي عبد المغني جائزته وشهادته واعطاه قلمه الخاص وهو قلم من الذهب وهذا القلم هو الذي صاغ به علي عبد المغني اهداف الثورة اليمنية.
وبعد التخرج من الكلية الحربية التحق بمدرسة الأسلحة والتحق معه بهذه المدرسة خيرة الضباط من خريجي الحربية والطيران والشرطة منهم زميله ورفيق دربه محمد مطهر زيد، ناجي الأشول، حمود بيدر، عبد الله عبد السلام صبره، احمد الرحومي وصالح الأشول وسعد الاشول وعلي علي الحيمي وعبده قائد الكهالي واحمد مطهر زيد واحمد الكبسي وغيرهم وعند التخرج من مدرسة الأسلحة كان علي عبد المغني الأول بامتياز والثاني محمد مطهر. وكان علي عبد المغني بعد تخرجه قد قام بزيارة للبلاد لأول مرة منذ غادرها وعمره 9 سنوات وبهذه الزيارة كان عمره 22 سنة وصحبه في هذه الزيارة زميله وابن عمه الملازم عبد الوارث عبد المغني والملازم عبده محمد قائد الكهالي خريجي الكلية الحربية واقام عند ابن عمه وزوج اخته الشيخ صالح صالح عبد المغني في قرية المسقاه لمدة عشرين يوماً وعاد مع زملائه إلى صنعاء..الزيارة الثانية مع نفس الزملاء في عام 60 م واقام في نفس البيت الأول عند الشيخ صالح صالح لمدة عشرين يوماً..الزيارة الثالثة في عام 61 م ونزل عند الشيخ صالح صالح عبد المغني ولمدة خمسة عشر يوماً وكان برنامج إجازته في البلاد في الثلاث الزيارات واحد. في الصباح يقوم بزيارة القرى المجاورة مثل قرية تبعان وقرية بيت الرداعي وقرية ذريد والعرش بين الاشجار والمياه وقرية حفزان وكلها قرى متقاربة ولمركز ناحية السدة مرة في الاسبوع، يرافقه دائماً زميله عبد الوارث عبد المغني ،وكاتب هذه السطور - ومجموعة من شباب الأسرة وبعد العصر يجتمع مع جميع افراد الاسرة واهالي قرية المسقاة للمقيل والسمرة فقد كانت يطول الحديث حتى المساء. وعندما تتاح له اية فرصة تجده مع الكتاب أوغارق في التفكير وكان يردد دائماً: «اللهم اسمعني اعلان الجمهورية واموت» وقد تحقق له ذلك وسمع اعلان الجمهورية لمدة سبعة ايام ومات شهيداً رحمةً واسعة.
عاش علي عبد المغني مهموماً بهم الوطن يبحث عن حريته واستقلاله وهو طالب في المدرسة الثانوية وكان يسكن في غرفة صغيرة اسماها الكوخ كان يلتقي مع المثقفين والمشائخ والعلماء والطلبة وكان يحدثهم عن عظماء الرجال في العالم وما صنعوا من معجزات وكيف حرروا شعوبهم. وينوه دائماً إلى ظلم الإمامة في بلادنا وكان يقول:«لولا الإمامة ما بقي المستعمرالبريطاني في جنوب الوطن»في عام 1956 م عندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي نظم علي عبد المغني مظاهرة طلابية مهيبة هزت عرش الإمامة وكانت أول مظاهرة وسجن في «الرادع» مع مجموعة من زملائه الطلبة. وبعد تخرجه من الكلية الحربية ومدرسة الأسلحة بدأ مشواره للاعداد للثورة ونظم تنظيم الضباط الأحراروتواصل مع العلماء والمثقفين والمشائخ وكل الأحرار داخل اليمن وخارجها. وفي شهر يوليو 62 م التقى بالزعيم جمال عبدالناصر على متن باخرة مصرية في البحر الأحمر بشرم الشيخ حيث تم سفره إلى هناك على ظهر الباخرة اليمنية مأرب التي كان قبطانها الرائد محمد علي عبد المغني وكان ركوبه عليها من المخا، وقد رتب له لهذه الزيارة محمد عبد الواحد القائم بأعمال السفارة المصرية بصنعاء، حينذاك.
وحصل على وعود من الزعيم جمال عبدالناصر للدعم ونصر الثورة اليمنية. بعد عودته من مصر نظم مظاهرة الطلبة في كل من صنعاء وتعز والحديدة في شهرأغسطس 62 م لأنه أدرك أن هذه المظاهرة هي الجرس الذي سيجعل جميع اليمنيين يصحون من نومهم واذا صحا الشعب من نومه فهو القادر والمتكفل بحماية الثورة خاصة وان هؤلاء الطلبة ينتمون إلى كل المناطق اليمنية.
ليلة الثورة السبتمبرية اجتمع مع مشائخ اليمن الذين وصلوا صنعاء لمبايعة الإمام واشركهم مع الضباط في تفجيرالثورة. قاد الثورة ليلة السادس والعشرين من سبتمبر 62 م بحكمة ووضع خطة الثورة بدقة وصاغ اهداف الثورة وبيانات الثورة وقد كتب اهداف الثورة باسم الجمهورية اليمنية كما هو موضح بالوثيقة المرفقة.
الاستشهاد
بعد أيام من قيام الثورة والجمهورية كلف بقيادة حملة عسكرية إلى منطقة "حريب" في مأرب لمواجهة الحشود الملكية، التي بدأت تستعد لإعلان الحسن بن يحيى حميد الدين إمامًا بمساعدة خارجية، وقد أستشهد علي عبد المغني في هذه المعركة وكان ذلك في أكتوبر 62 وبرحيله خسر اليمن واحدا من المناضلين والأحرار العظام الذين وهبوا أنفسهم منذ اليوم الأول لمجابهة الظلم والطغيان والانتصار للحرية.
نقلا عن ويكيبيديا، الموسوعة الحرة