ماذا بعد النفط
بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 8 أيام
السبت 07 مارس - آذار 2009 10:24 ص

مأرب برس – خاص

دقّت كثير من التقارير الدولية ناقوس الخطر في أذن كل عربي عن نهاية قريبة وشيكة لعصر النفط، لدرجة أنّ بعض الدول الإقليمية بدأت في تشكيل لجانها لدراسة وضعها المالي والاقتصادي والسياسي، لدراسة الوضع الجديد لعصر ما بعد النفط.

وفي تقديري في قراءة عابرة متواضعة لمرحلة ما قبل وبعد النفط، نجد أن لا فرق - عربياً- بين العصرين، حيث أنّ هذه المادة لم تحقق منها الشعوب العربية والإسلامية أي مكسب ذي بال، إلا اللهم شيئا من الكماليات والبذخ والترف القاتل، في أحسن الأحوال، وفي بعض الأحيان الأخر، الأرصدة والاستثمارات لعلية القوم وساستهم، من ذوي الفخامة والسيادة والعظمة..الخ, وذوي الدم الأزرق القاني الذين لا يُسألون عما يفعلون.

وفي أحيان أخر كثيرة كانت هذه المادة إنما تشكل نكبة وكارثة على الأمة ، لم تستفد منها الشعوب الجائعة سوى الحروب والقلاقل وأنهار الدماء، أو الخراب العام الشامل!!.

كان العرب ينتظرون أن تعود عليهم هذه الثروة – الذهب الأسود- بمئات أو آلاف المصانع والشركات والاختراعات، على الأقل، وأن تشهد الحياة العربية تطورا شاملا وكاملا في كل أرجاء الحياة العصرية العربية، وعلى كل الصعد الثقافية والعلمية والسياسية والإقتصادية.

كان العرب ينتظرون من عصر النفط، أن يلجوا منه إلى العصر الصناعي والتكنولوجي والإلكتروني والذري، فخابت الآمال ولم يتحقق حتى أدنى الأحلام العربية، وهو العصر الزراعي، حيث قضت السياسة -غير الحكيمة- حتى على الزراعة والرعي، وكانت قريتي، قبل النفط تعج بمئات الإبل وآلاف الأبقار والأغنام، والآن -بعد النفط- لا تجد فيها ناقة ولا جملاً ولا حتى مدرسة أو وحدة صحية أو محو أمية، ولا يزال أبناء قريتي يدرسون تحت ظل المسجد الصغير، الذي تبرع به بعض المحسنين، فيما أمية النساء ربما تجاوزت 100%، ورحم الله عبداً قال آمين.

يا سادة: لم تبخل الطبيعة على أمة العُرب بكل مقومات العزة والسيادة والقيادة والاستقلال، بل حبى الله أمة العرب كثيراً من الخيرات والثروات، مما يجعلها في مقام القيادة للعالمين، بما لديها من أسباب للحياة المادية والمعنوية، فهي قِبلة الدنيا روحياً وسياسيا واقتصادياً، ولا يقول خلاف هذه الحقيقة إلا جاهل أو جاحد، أو مستغرب فكراً وثقافة.

إنها أمة الوسطية والاعتدال وهي مهوى أفئدة العالمين، بما لديها من ثروة روحية وإيمانية وإقتصادية، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً}البقرة143.

إلا أن هذه الأمة العالمية لم يسعفها القرار السياسي لتأخذ زمام راية الزعامة والقيادة العالمية، وإن تضافر معها كل شيء في الوجود، حتى السهل والجبل والوادي والصحراء، ولم تستطع أمتنا حتى الحفاظ على مجرد استقلالها وصارت نهباً لكل طامع .

لقد كان القرار السياسي العربي للأسف هو العصى الاستعمارية الغليظة التي تُجلد بها شعوبنا العربية الأبية صباح مساء، إلا ما رحم ربي.

إن النفط والمال والثروة لن تكون أبداً هي الحل، لوضعنا المتردي، فكثير من شعوب العالم المتحضر تفتقر إلى كل شيء حتى الأرض الخصبة، كما اليابان، لكن اليابانيين بما يمتلكون من أصالة وحرية وإرادة، هاهم ينافسون أعداءهم وينتصرون عليهم في كثير من الميادين العلمية والصناعية، فيما اليابانيون لا يمتلكون شيئاً من مقومات التحدي الطبيعي أو الروحي، إلا اللهم عقولهم الحرة، وقرارهم السياسي المستقل.

إن علينا كعرب حكومات وشعوبا أن نعد العدة لعصر الإنسان، لا عصر الثروة والمال، لعصر سيادة العقل والروح، لعصر بناء الإنسان، كإنسان له روح وعقل وجسد، وليس فقط بطن ومعدة وأعضاء تناسلية.

علينا أن نعد العدة لعصر الحرية والكرامة والإرادة والاستقلال، وحينها تكون أمتنا قد وضعت قدمها على أولى الخطوات الصحيحة والسديدة.

لا يفوتني هنا في هذا السياق الإشارة إلى بعض الشعوب العربية والإسلامية التي بدأت تدرك هذا الطريق أعني طريق بناء الإنسان، كالشعب السوداني والماليزي والتركي، هذه الشعوب بحق خطت خطوات واثقة بإرادة صلبة وقوية، نحو هذا العصر الجديد، عصر بناء الإنسان واستغلال الثروة، استغلالاً سليماً وصحيحاً وفق نواميس الكون والشريعة، وما نراه من مؤامرات عليها، آخرها مذكرة توقيف الرئيس السوداني البشير، إلا محاولة بائسة للحيلولة دون السير في هذا الطريق، لكن هذه المؤامرات هي أكبر حافز للسير والمضي بقوة وإرادة صلبة.

وفق الله أمتنا حكاماً ومحكومين لما فيه الخير والسؤدد والرشاد والهدى.

أقلام افتقدناها

غاب عن صحافتنا الإلكترونية اليمنية ثلّة من الكتّاب، ذوو أقلام صادقة، ولهجة مخلصة، من أمثال الأستاذ القدير/ مهدي الهجر، والأستاذ/ طارق عثمان، والأستاذ/ الحاج معروف الوصابي، والشيخ/ محمد يحي الكبسي، أستاذ الاقتصاد الإسلامي، والأستاذ/ محمد الشبيري، بغيابهم غاب مذاق الصحافة المميز، نسأل الله لهم العون والتوفيق والسداد والعودة الحميدة إلى قرائهم،،