حكومة الوحدة الوطنية آفاق وتحديات
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 16 يوماً
الجمعة 02 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:13 م

ما تزال مساحة التفاؤل في إمكانية قيام حكومة وحدة وطنية تعبر تعبيرا حقيقيا عن وجود وحدة وطنية فاعلة محدودةً ، بعد أن أمعن النظام في تمزيق كل وشائج هذه الوحدة وتفتيت كل عراها.

منطلقات ودوافع هذا التشاؤم تقوم على حقيقة أن الرئيس (الفخري) ما غادر السلطة (إن صح أنه قد غادرها) إلا كرها ولذلك كان من الواضح أنه يضمر مجموعة من المكائد ليس فقط لحكومة الوحدة الوطنية التي يفترض أن يترأسها مرشح المعارضة بل ولنائبه الذي يرى أنه خذله وقبل أن يرثه بعد أن كان يعد وريثا آخر لمنصب رئيس الجمهورية بعد عمر طويل ولحزبه الذي يرى أنه تخلى عنه ولشعبه الذي يرى أن أنه قد خانه فخرج بالملايين يطالب بتنحيه ومحاكمته.

إن نجاح حكومة الوحدة الوطنية أمر ممكن، لكنه يتوقف على عدة اعتبارات أهمها أولا النية الصادقة لدى طرفي العملية السياسية، وهو ما يعني الإخلاص لبرنامج حكومي جاد يتضمن إعادة إعمار ما خلفه النظام المنتهي من خرائب، والحرص على برنامج تنموي يعيد الثقة للمواطن بالسلطة ومن يتولاها، ومحاربة الفساد الذي نما وترعرع واستفحل واستأسد خلال ثالث قرن حتى صار الصراع معه يتطلب حربا ضروسا، لا تقل عن الحرب على الإرهاب والاستبداد.

والأهم من هذا هو من هي العناصر التي ينبغي أن تدخل في هذه الحكومة، ويرى كثير من المراقبين أنه على الطرفين أن يقدما قائمتين تضمان أكثر العناصر نزاهة وأقلها تورطا في الفساد وارتكاب جرائم انتهاك حقوق الإنسان، وأن تكون ممن يسمون من الحمائم فلكل من الطرفين صقوره وحمائمه والكل يقر بأن الصقور لا يكمن أن تتعايش ناهيك عن إنها لا يمكن أن تعمل على برنامج واحد أما الحمائم فهي أكثر قدرة على التكيف والتعايش بل والعمل في سرب واحد يستهدف إنقاذ الوطن من المخاطر المحدقة به، ومن أهم شروط نجاح حكومة الوحدة الوطنية هو ترك العناصر المنتقاة لشغل مناصب الوزراء لتعمل بواجبها وضمائرها لا بما يمليه عليها انتماؤها الحزبي.

وهكذا يلاحظ أن توفر جميع هذه الشروط يغدو أمرا أقرب إلى المستحيل، وهو ما جعلنا نتحدث عن ضيق مساحة التفاؤل في إمكانية نجاح الحكومة في مهماتها.

أما التحديات التي تنتصب أمام هذه الحكومة فهي جسيمة إلى درجة لا يمكن تصورها ويكفي أن نتذكر أن حجم الخراب الذي ألحقه على عبد الله صالح بالبلد يتطلب نصف قرن من أعادة الترميم ونحن قد نستطيع ترميم المباني والمنشآت وإعادة الأراضي والأموال المنهوبة أو تعويض أصحابها، لكن كيف يمكن للحكومة ترميم النفوس المشروخة والأرواح الممزقة والأخلاق المدمرة والوشائج المعطلة والروابط الوطنية المفككة واللحمة الوطنية المتهتكة والوطن المشطر؟ . . . إنها بلا شك مهمات تتطلب أناس من مستوى محمد سالم باسندوة وخبراته وإخلاصه ونزاهته فهل يتوافق الطرفان في السلطة والمعارضة على الأتيان بقائمة وزراء من هذا النوع من البشر؟ . . .أجل إنهم يستطيعون إذا ما أخلصوا النوايا وعقدوا العزم على مغادرة حلبة مصارعة الثيران إلى رحاب البناء والإعمار،. . . . وكان الله في عون ستتشكل منهم حكومة كهذه، وكان الله في عون رئيسها.

برقيات:

* إصرار الرئيس الفخري على الظهور بمظهر الراعي والمشرف على الأشياء النبيلة يجعل هذه الأشياء تبدو ملطخة، كما يعكس حالة مرضية لدى الرجل لا يرغب في التعافي منها، . . . سيكون من الأفضل له التواري ولو مؤقتا، حتى يدع الناس يمارسون أعمالهم.

* العفو الذي أصدره علي عبد الله صالح عن الجناة والمجرمين صدر لغرض العفو عن القتلة الذين تورطوا في إراقة دماء اليمنيين، لذلك ففضلا عن إنه يفتقد للمشروعية باعتبابره جاء من شخص غير ذي صلاحية فهو محل رفض لأن العفو لا يصدر إلا من جهة مختصة وبعد ظهور دلائل على تحسن سلوك المدانين.

* يقول أبو الطيب المتنبي:

وما قــــــــــــــتل الأحرار كالعفو عنهم ومن لك بالحر الذي يحـــــــــــفظ اليدا

إذا أنت أكرمت الـــــــــــــــــكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئـــــــــــــــيم تمردا

ووضع الـندى في موضع السيف بالعلا مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى