مستقبل الجماعات في الوطن العربي من خلال تصريحات الحسيني و نتنياهو
بقلم/ أحمد النهام
نشر منذ: ساعتين و 4 دقائق
الأحد 06 أكتوبر-تشرين الأول 2024 07:17 م
  

المعمم محمد علي الحسيني، بدأت في الفترة الأخيرة تحليلاته تنتشر كالنار في الهشيم بعد تنبؤه بمقتل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قبل فتره وجيزة من اغتياله، في مقابلة له على قناة العربية، عندما قال: "وأقول للسيد حسن نصر الله إن من اشترك في الأمس باعك اليوم، ولو تعلم الثمن الذي دفع مقابل رأسك، وإن الدولة العميقة في إيران قد سلمت للجهة المعنية إحداثيات مكانك، فاستعد للموت".

وقد كان يبدو على المذيعة علامات الدهشة والاستغراب واضحة من شدة الثقة التي كان يتحدث بها. وبالفعل، وبعد أقل من أسبوع ، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه تم القضاء على حسن نصر الله إثر غارة جوية في الضاحية الجنوبية في لبنان، مما سبب حالة من الإحباط في صفوف محور المقاومة، التي كانت لبنان تمثل أحد أقوى فروعه بعد إيران طبعاً، مما جعل المحلل محمد علي الحسيني يعود إلى الواجهة بقوة وتم تداول مقطع فيديو له على نطاق واسع وهو يحذر حسن نصر الله. وهذا ما شجع قناة العربية أن تستضيفه أكثر من مرة لمناقشة تطورات الأحداث في الوطن العربي. 

ففي لقاء آخر له بعد اغتيال حسن نصر الله، وجهت له المذيعة السؤال التالي:

هل تتوقع أن يقوم الجيش الإسرائيلي بعملية برية في لبنان؟

فكانت إجابته سريعة وبديهية، فقال: "لقد بدأت العملية البرية الآن وأنا معكِ"، وهو بالفعل ما كان يحدث. وقد تطرق في تصريحات له في أكثر من مقابلة إلى الوضع في العراق وسوريا واليمن. ولا يستطيع أحد أن ينكر أنه قارئ ومحلل جيد للأحداث، لكن من المستحيل أن تكون كل تحليلاته بهذه الدقة. وقد بدأ هذا واضحاً من خلال حديثه عندما كانت المذيعة تسأله بعض الأسئلة فيقول: "أنا أتحدث فقط في معلومات".

فالرجل كان معترفاً بأن هناك معلومات تصل إليه، وأنه يحلل الوضع بناءً على هذه المعلومات، وليس تكهناً. 

وهذا يعكس أنه ليس محللاً فقط، بل ناطق باسم جهات مخابراتية كبرى.وفي آخر لقاء له وفي آخر دقائق من المقابلة، قال إن هناك معلومات يريد أن يتوجه بها إلى اليمن، فقال محذراً السيد عبد الملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله في اليمن: "يقول: الحوثي، وأخبرته وهو ظن أنَّنا نحن نتكلم بشكل. اسمع يا سيد عبد الملك الحوثي، منذ وقت قصير اجتمعت جهات تمثل بعض الدول، ومنها أمريكا، ومنها بريطانيا، ولن أكمل. اسمع يا سيد عبد الملك الحوثي، اتُّخذ قرار بالتالي: اعتباراً من الليلة سيتم استهداف شخصيات وقيادات ومخازن مرتبطة بك."

تقاطعه المذيعة: "بدا بدا بدا"، ثم يعود الحسيني: "نعم، لكن الأهم والأخطر يا سيد بالنسبة لي والمعلومة المؤكدة بأن القرار اتخذ باستهداف أهم الشخصيات معكم ولدينا، وأنت يا سيد عبد الملك الحوثي على رأس هذه القائمة، لذلك لا يوجد بعد فرار، فاشدد حيازيمك للموت، فإن الموت لاقيك".

تقاطع المذيعة: "منذ قليل كنت تتحدث، مسؤول أمريكي لوكالة أسوشيتد برس يقول استهدفنا مخازن سلاح وقواعد تابعة للحوثيين في نفس الوقت".

يعود الحسيني: "سيكون هناك استهداف واغتيالات يمنية لليمنيين، ونفس القائمة التي سلمت لهذه الجهات من قبل الدولة العميقة في إيران سلمت لنفس الجهة. أيها الحوثي، فانتظر، فانتظر، وإننا من المنتظرين لتسمع وترى وتشهد".

تختم المذيعة: "طيب، انتهت هذه الساعة، غداً المفروض".

الحسيني: "نلتقي يوم الأحد، إن شاء الله، بإذن الله نلتقي لنتحدث". 

وهذا الكلام الخطير الذي قاله خطير جداً إن تحقق على أرض الواقع، لأن كما هو واضح من كلامه بأن اللقاء تم بين أمريكا وبريطانيا، وتحفظ على الطرف الثالث الذي سبق وتحفظ عنه عندما تحدث عن تسليم الدولة العميقة في إيران للمعلومات بشأن حسن نصر الله. 

وهذا ما يجعل إجابة السؤال الثاني تتضح الذي يقول: ما مستقبل الجماعات في الوطن العربي؟فمن خلال الأطراف الثلاثة التي تحدث عنها الحسيني، لو رجعنا للتاريخ قليلاً، سنجد أنها هي الجهات التي كانت تحكم الوطن العربي إبان فترة الاستعمار الأوروبي للمنطقة، وهي لا تزال تتقاسم النفوذ في الوطن العربي، ولكن بطريقة غير مباشرة بعد أن انتهى الاستعمار المباشر. وهذا يعني أنها قد قررت بالفعل إنهاء وجود الحركات المتمردة أو ما يطلق عليها بالإرهابية من وجهة نظر الغرب، وهي تمثل المتطرفين من السنة أو الشيعة أو من الحركات الخارجة عن النظام مثل التدخل السريع الذي حاول الانقلاب في الفترة الأخيرة في السودان.

 

ومن الملاحظ أن التطهير لهذه الحركات قد بدأ في بداية 8 أكتوبر عندما أعلن الجيش الإسرائيلي الحرب على قطاع غزة وجعل أحد أهدافه هو القضاء على حماس وضمان عدم وجود أي تهديد منها. ثم ما لبثنا أكثر من عام وتحول القصف باتجاه لبنان، وبدأت العملية بشكل غير مباشر بتفجير آلاف أجهزة البيجر في حامليها ولم تتبنَّ إسرائيل هذه العملية. ثم اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله. وقد قال نتنياهو عقب هذه العملية إنهم يسعون إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط من جديد. وهذا ما يؤكد كلام الحسيني بشأن الاتفاق السري بين أمريكا وإسرائيل والطرف الثالث (المجهول). 

 

ثم انتقالاً إلى السودان، فقد أعلن الجيش السوداني أنه شن هجوماً واسعاً على الخرطوم في 26 سبتمبر وأحرز تقدماً كبيراً على قوات التدخل السريع المدعومة من الإمارات. واليوم بدأت التهديدات تتجه إلى جماعة أنصار الله في اليمن. فإن حدث شيء مما بشر به الحسيني، والذي يعد الناطق باسم المخابرات حالياً، فإننا سنشهد نهاية لكل الحركات أو على الأقل إضعافها، ومن ثم دخولها في الائتلافات الحكومية التي سيتم تشكيلها في دول الوطن العربي.وقد يأتي هذا محاولة من الغرب لاحتواء دول الوطن العربي كما حدث في السبعينات عندما تم تطبيق سياسة الاحتواء وإنشاء حلف بغداد لاحتواء النفوذ السوفيتي في المنطقة. ولكن سياسة الاحتواء اليوم التي سيتم تطبيقها هي لاحتواء النفوذ الصيني في المنطقة، الذي يبدو أنه بدأ يظهر للمخابرات الأمريكية والأوروبية. وهذه الائتلافات لن تنشئ دولاً قوية بل شبيهة للأنظمة التي ظهرت في السبعينات.

ومن خلال ما سبق، 

 

هل نحن فعلاً في صدد إعادة تشكيل المنطقة من جديد؟