صديقي الحاقد... حين تصبح الطعنات لغة الصداقة
بقلم/ سيف الحاضري
نشر منذ: 6 ساعات و 38 دقيقة
الثلاثاء 18 فبراير-شباط 2025 07:55 م
 

تتوالى الأخبار المؤلمة، حاملةً معها طعنات الغدر التي يواصل توجيهها من ظنناه يومًا صديقًا، بل أخًا تعززت بيننا وبينه أواصر العشرة وسنوات طويلة من المعرفة. ست سنوات مضت، والغدر أصبح لديه هوايةً أو سلوكًا مَرَضيًا تُحرّكه عقد نفسية لا شأن لنا بها.

 

•• طعنات قديمة وجرح لا يلتئم:

 

بدأت حكاية الطعنات حين صوّب سهامه نحو أخي الشهيد، الدكتور عبدالله الحاضري، رحمه الله، فآذانا وأساء إلينا بفعله. ومع ذلك، اخترنا أنا وأخي الشهيد منهجًا واحدًا:

الصمت والتجاهل، لأننا كنا نؤمن أن الرد على صغار النفوس مضيعة للوقت في قضايا أقل ما توصف به أنها "معارك الصغار."

 

راهنّا على الزمن... أبقينا قنوات التواصل مفتوحة، وكأن شيئًا لم يكن.

لم نصده... لم نعاديه... بل انتظرنا أن يستيقظ ضميره، أن يخجل من غدره، أن يعود إلى رشده.

 

•• عقدة الوهم... واحتراق الذات:

 

لكننا اكتشفنا أن صبرنا كان نارًا تحرق صدره، وأن تجاهلنا كان لعنة تؤرقه أكثر من المواجهة.

 

وذات يوم... وصلتني منه رسالة مختصرة:

 

 "شكرًا، رسالتك أنت وأخوك وصلت."

 

أصابني الذهول... سارعت بالرد:

 

 "أي رسالة؟ عن ماذا تتحدث؟"

 

فجاء رده متشنجًا:

 

 "الحملة التي تستهدفني."

 

ضحكت من مرارة المشهد... وأجبته بهدوء:

 

 "هل هناك حملة ضدك؟ أنا لم أرَ شيئًا، ولم أسمع شيئًا."

 

دار بيننا حوار امتد لقرابة الساعة، خرجت منه بخلاصة واحدة:

هذا الصديق يعيش في معتقل الوهم... صنع لنفسه قصة اضطهاد، وصدّقها حتى أصبح أسيرًا لها.

 

•• الوفاء الذي لم يراه الحاقد:

 

قلت له يومها:

 

 "أيها الصديق الحاقد، لو كنا نريد استهدافك، لماذا عملنا على إعادتك إلى عملك عندما كنت تقيم في أوروبا؟

أنت تعلم، والله يعلم، أن الشهيد عبدالله الحاضري رحمه الله كان يعتبرك أخًا، ومن منطلق تلك الأخوة، قاتل من أجلك، ودافع عنك عندما كانت هناك معارضة شديدة لإعادتك .

لقد وقف وحيدًا ليبقيك في موقعك، ورتب عودتك رغم الضغوط التي كانت تصر على تعيين بديل لك."

 

لم ننتظر منك يومًا شكرًا ولا عرفانًا، لأننا لم نفعل ذلك لأجلك، بل فعلناه من منطلق إيماننا بأنك تحمل قضية، وأنك وطني مثلنا، حتى وإن اختلفنا في الرؤى والقناعات السياسية... فذلك من سنن الحياة.

 

•• سؤالي الذي لن أسمع إجابته:

 

لكني هنا اليوم، لست لأذكّرك بما قدمه الشهيد من أجلك، ولا بما فعلته أنا...

أنا هنا فقط لأسألك:

 

أين كنت تخفي كل هذا الحقد وهذه الكراهية؟

وحتى هذا السؤال... لن أبحث له عن إجابة منك.

لأنني أعلم أنك أضعت بوصلتك، وأنك تحتاج إلى لحظة صدق مع نفسك... أن تضع نفسك أمام مرآة الحياة وتسألها:

 

 من أنا؟ وما الذي بقي مني؟

 

•• شهيد العزة... وصغير الحقد:

 

رحل الشهيد عبدالله الحاضري إلى ربه... رحل عزيزًا مكرمًا، يحيطه حب الناس، وتحتضنه ساحات العزة والشرف.

ترك وراءه تاريخًا ناصعًا من النضال والتضحية.

 

أما أنت...

بقيتَ في مستنقع الحقد، أسيرًا لأوهامك.

لم تكلف نفسك حتى عناء اتصال للعزاء باستشهاده... تلك كانت لحظة الحقيقة التي عرت قلبك من كل ذرة وفاء.

 

•• مقاييس الرجولة... في زمن السقوط:

 

الشهيد رحل غنيًا بحب الناس،

غنيًا بتاريخه...

غنيًا بمبادئه...

 

وأنت؟

بقيت فارغًا... بلا تاريخ... بلا تضحية... بلا ذكرى تشرف اسمك.

 

•• أما اليوم، في غدرك المتجدد:

 

وأنت تواصل طعنات الغدر مستغلًا نفوذك وصلاحياتك...

فلا تظن أنك تؤذينا،

أنت فقط تزيد من صغرك... تسقط أكثر وأكثر، في هاوية لا قرار لها...

تغرق في مستنقع السقوط القيمي والأخلاقي...

السقوط الذي لا يمحوه منصب ولا مال...

 

رسالتي الأخيرة إليك:

 

أيها الصديق الحاقد...

سؤالي لك ليس عني... ولا عن الشهيد... بل عنك:

 

 من أنت؟

أين أنت من مخافة ربك ؟

وأين قلبك من إنسانيتك؟

 

نصيحتي... إن بقي لديك قلب يسمعها:

 

اسأل نفسك هذا السؤال:

 

 ماذا صنعت لتاريخك؟

وماذا أعددت لآخرتك؟

 

تذكر...

من الدنيا لن تأخذ شيئًا... لا مالًا ولا منصبًا... حتى لو تضاعفت عقاراتك وأرصدتك آلاف المرات.

 

أما نحن... فقد منحنا الزمن شرف الحب، وسام العيش بكرامة، وشهادة الوفاء حتى مع من لم يكن يستحقه .. 

 

وفي الختام:

 

لن يقرأ ما بين سطور هذه الرسالة سواك...

لأن كل حرف هنا... ينطق باسمك.

  
عودة إلى وحي القلم
الأكثر قراءة منذ أسبوع
وحي القلم
حسناء محمدالبشرى القريبة
حسناء محمد
الشيخ ناجي صالح الحنيشيالحقبة السلمانية
الشيخ ناجي صالح الحنيشي
مشاهدة المزيد