قطر تقتحم السينماالعالمية لتنتج محمد الفاتح مع الأتراك
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 26 يوماً
السبت 30 أكتوبر-تشرين الأول 2010 04:52 م


بعد الإعلان عن بدء التحضيرات لفيلم حول حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والذي سيكلف قطر نحو 450 مليون دولار، أعلن في الدوحة يوم أمس عن فيلم ضخم بمقاييس هوليوودية حول محمد الفاتح، باللغة الإنجليزية، تبلغ كلفته 50 مليون دولار وتنتجه «شركة النور القابضة» القطرية بالتعاون مع «مجموعة كالينوس التركية لوسائل الإعلام»، هذا إضافة إلى مسلسل حول هذه الشخصية المحورية في التاريخ الإسلامي، من ثلاثين حلقة، في نسختين إحداهما بالعربية وأخرى بالتركية، تصل كلفته إلى 25 مليون دولار.

وجاء هذا الإعلان خلال مؤتمر صحافي جمع رئيس شركة «النور» أحمد الهاشمي، ورئيس «مجموعة كالينوس» التركية، بحضور السفير التركي، ليلقي الضوء على طموح قطر لتتصدر دول المنطقة في مجال الإنتاج السينمائي والتلفزيوني في السنوات القليلة المقبلة. وهو ما يؤكده أحمد الهاشمي الذي يتحدث عن العمل الدؤوب الذي تقوم به شركته (تأسست سنة 2009) لتصبح واحدة من بين أهم عشر شركات إنتاج في العالم خلال السنوات الخمس القادمة، وهي الفترة التي سيتم العمل أثناءها على إنتاج عشرين فيلما، بمقاييس عالمية. ويضيف الهاشمي: «طموحنا أن نصبح مثل (ديزني هاوس) أو (وورنر). فقد استقطبنا أفضل الخبرات، وفريقنا مكون من نحو 200 شخص متفرغ، و100 متعاون، كلهم لهم خبرات طويلة في مجال الإعلام».

وتدخل قطر المجال السينمائي، بقوة وسخاء واضح، وبأعمال مثيرة للجدل. فقد أسال مجرد الإعلان عن فيلم حول حياة الرسول الكريم الكثير من الحبر وما يزال وأقيم مؤتمر لعلماء مسلمين كبار في فبراير (شباط) الماضي، للاتفاق على الجوانب الشرعية للفيلم لما يثيره من حساسيات. وها هو المشروع يتقدم بخطى واثقة كما يشرح الهاشمي لـ«الشرق الأوسط»: «عملنا آلاف الساعات لغاية الآن، وأقمنا ورش عمل عديدة، منها الذي تناول الجانب الشرعي أو الفني، وقمنا بالأبحاث اللازمة وجمعنا كل المعلومات التاريخية والتوثيقية التي سيبنى على أساسها الفيلم، وصار التصور حول طريقة سرد القصة واضحا بالنسبة لنا». وعن الجانب الشرعي، والشخصيات التي يمكن تجسيدها، أو يتوجب عدم إظهارها، يجيب الهاشمي: «أخذنا الفتاوى اللازمة من العلماء، وبتنا نعرف ما هي الشخصيات التي نستطيع تجسيدها. واكتفي بأن أقول بأن تجسيد الرسول الكريم هو خط أحمر لكننا سنسمع الصوت، وما تبقى نتحدث عنه في الوقت المناسب». علما بأن الصحابة وزوجات الرسول والعشرة المبشرين بالجنة، كان تجسيدهم موضع جدل من قبل العلماء الذي اجتمعوا لإعطاء الفتاوى لشركة الإنتاج. ويتحدث الهاشمي عن مسلسل تنتجه «إم بي سي 1» يعرض قريبا، عن حياة الخليفة عمر بن الخطاب، سيظهر فيه مجسدا، ربما في تلميح إلى طبيعة الفتوى التي أعطيت لشركته.

أما بالنسبة للتحضير للفيلم فيقول الهاشمي: «نحن في المرحلة النهائية. ونبحث عن الكاتب المناسب، وبات لدينا قائمة قصيرة للكتاب الذين سنختار من بينهم وكلهم هوليوديون. وتفاديا لأي شطط فإن الكاتب الذي سنختاره، سيعمل وفقا للمعلومات والأبحاث التي وفرناها له، وشكلنا فرق عمل تدعم الكاتب وتواكب النص، نظرا لحساسية الموضوع المطروح وخصوصيته».

 

الفيلم من ثلاثة أجزاء، باللغة الإنجليزية، كل جزء مدته نحو ساعتين وربع، وكلفة كل جزء 150 مليون دولار، أما التصوير فسيتم في إحدى الدول العربية التي لها البنية المناسبة والبيئة الصالحة، وتصبح التحضيرات ناجزة تماما بانتهاء الربع أو الثلث الأول من عام 2011 على أن يبدأ تصوير الأجزاء الثلاثة دفعة واحدة، ثم تصدر تباعا في الصالات، بفارق نحو ستة أشهر. ولا شيء يمنع أن يبدأ عرض الجزء الأول قبل انتهاء تصوير الأجزاء الأخرى.

يعمل على الجانب التحضيري الذي يتم حاليا منتج فيلمي «سيد الخواتم» و«ماتريكس» باري أوزبورن، لكنه لن يكون بالضرورة مشاركا أثناء التصوير، وقد يتم العمل مع أكثر من شخص، كما لم يتم بعد اختيار اسم مخرج الفيلم الذي سيستغرق تصوير أجزائه الثلاثة نحو سنة ونصف السنة.

«ككل المنتجين - يقول الهاشمي - هدفنا أن يكون فيلمنا هو الأول يوم صدوره، وهذا ما نعمل لأجله، ودراساتنا تقول إنه مجد من الناحية الاستثمارية، فهو موجه للعالم أجمع، وسيعرض في كل مكان».

هذا ليس المشروع الوحيد الذي تنتجه قطر ويتوقع أن يثير جدلا واسعا، فشركة «النور» تعمل حاليا على إنتاج مسلسل عن الحسن والحسن بلغت تكلفته 8 ملايين دولار، يبث خلال الأشهر القليلة المقبلة، يصور الأحداث التاريخية منذ مقتل الخليفة عثمان بن عفان وحتى مقتل الحسين. فترة نارية وشديدة الحساسية، ما يزال المسلمون يختلفون حولها. وبالتالي فإن هذا المسلسل عند عرضه، سيثير نقطتين حساستين على الأقل. فمن ناحية سيجسد الحسن والحسين للمرة الأولى على الشاشة، ومن ناحية ثانية سيقدم رواية لهذه الفترة التاريخية التي ما تزال تتفاعل أحداثها إلى اليوم، بصيغة قد تغضب البعض. وهو أمر لا يستبعده أحمد الهاشمي الذي يبدو ممتلئا حماسة لمشاريعه، ويشرح، أن المحاولة جادة لتقديم رواية موضوعية قدر الممكن، يرضى عنها الناس. ويضيف: «أعتقد أننا نقدم عملا لم يسبقنا إليه أحد، سواء من جهة التصوير أو الغرافيكس، ونتوقع نجاحا كبيرا».

ينفي أحمد الهاشمي، أن يكون توجه شركته محصورا في المواضيع الإسلامية ويقول: «هذه مجرد بدايات، وما سترونه بعد ذلك متنوع جدا. شركة النور هدفها أن تكون الأولى وبمقاييس عالمية، من خلال رؤية إعلامية قيمية. هذا الجانب هو الذي يجب أن يكون القاسم المشترك بين كل أعمالنا».

تتوزع مكاتب شركة «النور» بين قطر ودبي ودمشق والكويت في الوقت الحالي. وهي مجموعة قطرية تهدف إلى الاستثمار في المجال السمعي البصري، تأسست من مجموعة من رجال الأعمال، وأسست محفظة النور الاستثمارية، لمن يريد أن يساهم فيها، بحسب ما يشرح لنا رئيس الشركة التي تعمل على أربعة خطوط رئيسية. هناك خط الأطفال، الذي يعمل حاليا على إنتاج مسلسل كرتوني تربوي من ثلاثين حلقة عن النبي الكريم. وثمة خط آخر يعنى بالإنتاج العربي من مسلسلات وأفلام، ومن هنا يتم العمل على مسلسل الحسن والحسين. وثمة خط ثالث يعنى بالأعمال الدولية التي يفترض أن تنتج كلها بمقاييس عالمية، وتحقق انتشارا واسعا، وضمن هذا الخط يأتي فيلم «محمد الفاتح» بالشراكة مع تركيا. أما الخط الرابع «النور تكنولوجي»، وهو عبارة عن شركة متخصصة في الاستثمار في قطاع التقنيات والإنتاج والتوزيع.

كانت «شركة النور» قد أعلنت عن مشروعها حول فيلم النبي محمد (ص) أثناء «مهرجان الدوحة السينمائي» العام الماضي، وها هو الإعلان عن المشروع التركي - العربي يتم خلال «مهرجان الدوحة السينمائي» في دورته الثانية. وكانت قطر قد أطلقت «مؤسسة الدوحة للأفلام» التي بدأت عملها التعليمي على المواهب اليانعة في التمثيل والإخراج، وتعمل على تمويل الأفلام. وهو ما يعطي فكرة واضحة عن التوجهات القطرية الطموحة في مجال السينما، التي لن تكتفي بأن تتصدر المنطقة وإنما تريد العالمية.

 

أحمد الهاشمي، يحدثنا عن محاولات لجذب أهم الأفلام العالمية، لتقدم عرضها الافتتاحي في قطر، وهو ما حدث مع فيلم «2012» بالفعل. كما أن حدثا سنويا كبيرا ستستقبله الدوحة كل سنة يجمع كبار صانعي الأفلام في العالم، جمع في دورته الأولى، هذه السنة نحو 200 شخصية من كل أنحاء العالم.

هذا نقوم به - يقول الهاشمي - بفضل الأجواء التي تتوفر لنا، وبتشجيع الدولة والأمير حمد بن خليفة آل ثاني الذي يدعم المشاريع الطموحة والمبادرات، وله نظرة مستقبلية ثاقبة، هذا فضلا عن الرعاية الخاصة التي توليها للفن السينمائي ابنته الشيخة مياسة بنت حمد.

* الشرق ألأوسط