السلاح هو الفتنة
بقلم/ أحمد البابلي
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 20 يوماً
الإثنين 07 مايو 2007 04:18 م

مأرب برس - خاص

أزعم أنه لولا تواجد السلاح في متناول أيدي المواطنين اليمنيين بهذا الشكل العبثي لكان الحوثي وجماعته مواطنين عاديين يعبرون عن آرائهم في اطار حزب سياسي أو عبر منظمة من منظمات المجتمع المدني أو بمظاهرات سلمية أو باعتصامات وإضرابات كل ذلك بأساليب حضارية خالية من العنف ، كما هو حال كل الدول الديمقراطية في العالم الخالية من السلاح .

فإذا تساءلنا ما الذي يدفع الحوثي لاختلاق هذا التمرد في شمال الوطن الحبيب رغم هامش الحرية الواسع المتاح في اليمن شأنه شأن الكثير من الاحزاب التي فاقت في يوم من الايام ما يملكه الحوثي من معتقدات وعداوات وتنظيمات ؟؟ الجواب ببساطه شديدة وبدون الدخول في خلفيات إيديولوجية معمقه ، الجواب هو السلاح .,!!!

إن امتلاك أي جماعة مهما كانت مطالبها لهذا العدد من الاسلحة الثقيلة والمتوسطه والخفيفة وبهذا الشكل غير المعقول ( وهو ما جعل تسليم هذا السلاح احد اهم شروط العفو عن الحوثيين ) اضافة الى تغذية فكرية من نوع معين تجعل هذه الجماعة تشعر بنوع من التميز والاقتدار الامر الذي يدفعها الى مغامرات غير محسوبه التنائج وهذا كفيل بزعزعة استقرار أي دولة مهما كانت امكانياتها الامنية او العسكرية او التقنية ، فإذا نظرنا إلى المقاومة العراقية ( مع اختلاف التشبيه بين الحوثي والمقاومة العراقية ) نجد أن ما جعلها رقما صعبا في المعادلة العراقية وتكبيدها للقوات الامريكية أفدح الخسائر على مدى سنوات الاحتلال الاربع رغم كل المقومات التسليحية والتكنولوجية والمالية الامريكية المتطورة في العراق هو -إلى جانب عدة معطيات -امتلاكها للسلاح المتوسط والثقيل الذي حصلت عليه من معسكرات الجيش العراقي الذي تم حله بقرار أرعن من الحاكم الامريكي السابق للعراق بول بريمر ، وإذا رأينا تجربة حزب الله في لبنان ( مع اختلاف الفارق في التشبيه ايضا مع الحوثي ) نرى ان ما ميز حزب الله عن الفرقاء اللبنانيين في مواجهة العدو الاسرائيلي بهذا الاقتدار هو امتلاك السلاح الثقيل خصوصا ، ومع تباين هذه الامثلة إلا اننا نجد ان السلاح هو السلاح والذي يختلف هو عقيدة من يمسك زناده وأسباب ومكان استخدامه بالإضافة إلى مشروعية هذا الاستخدام .

إذا نظرنا إلى معظم الدول العربية نجد انها عانت في فترة من الفترات نوعا من خروج بعض الجماعات عن سيطرة الدولة عند امتلاك هذة الجماعات للسلاح الخفيف فقط ، لكن تلك الدول استطاعت التغلب على تلك الجماعات بتجفيف مصادر السلاح بالاضافة الى معالجات سياسية وامنية وفكرية اخرى ، فالسعودية والكويت عانتا من الجماعات المرتبطة بالقاعدة ومصر عانت من تنظيمات الجهاد والتكفير وكذلك الجزائر والمغرب ، سوريا شهدت احتجاجات مسلحة للاخوان المسلمين والاكراد احيانا ، كل تلك الدول استطاعت منع تكرار مثل هذه الحوادث لانها سيطرت على الدافع الفعلي الذي يحرك في تلك الجماعات نوازع التمرد والمواجهه وهو السلاح ، ولكن لو تصورنا للحظة ان تلك الجماعات امتلكت سلاحا ثقيلا كيف ستكون النتيجة ؟! .

أن السلاح هو ما يدفع الإرهابي للتمرد ويدفع القاتل للقتل ويدفع المظلوم للثأر ويدفع السارق للسطو والاختطاف ويدفع الشخص العادي لارتكاب جريمة القتل لأتفه الاسباب .

  قرأت إحصائية أوردها العقيد أحمد هائل أحد كتاب الملحق الامني لصحيفة الثورة مؤخرا عن تقارير الاجهزة الامنية في بلادنا خلال الفترة من 10-17 ابريل 2007 م وهي فترة قصيرة لا تتعدى اسبوعا واحدا فوجد ان السلاح الخفيف الذي يعتبره معظم اليمنيين زينه كان السبب في قتل 25 شخصا في 17 جريمة قتل عمد وكان السبب في وقوع 79 جريمة شروع في القتل الحقت الاذى ب 97 شخصا وسببا في حدوث 72 حالة اطلاق نار أصابت 30 شخصا باصابات مختلفة ، مع التذكير أن هذه الإحصائية في اسبوع فقط ما يعني ان حصيلة الشهور والسنين هي كارثة بكل المقاييس ، واذا كان السلاح الخفيف يعتبر كارثة على الافراد فإن السلاح الثقيل يعتبر كارثة على الاوطان .

و قرأت أيضا قبل عدة اسابيع مقالة للكاتب السعودي مشعل السديري في صحيفة الشرق الاوسط بعنوان (( رصاصة واحدة في الرأس تكفي )) استنتج في المقال بحسبه احصائية تقول ان في اليمن 60 مليون قطعة سلاح ؟؟ واعتبر ان لكل قطعة سلاح 1000 طلقة فأذا حسبنا مجموع الطلقات فهو 6 مليار طلقة موجودة في اليمن وهو نفس عدد سكان الكرة الارضية ما يعني أن عدد الطلقات الموجودة في اليمن كافية لقتل سكان الارض جميعا ؟؟ ورغم تحفظي على بعض المبالغات الوارده في المقال إلا انها جديرة بالتأمل .

تحية وألف تحية لوزارة الداخلية التي اصدرت توجيهات بإغلاق اسواق السلاح في بلادنا وجمع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة من المواطنين وتسليمها للجيش حيث مكانها الطبيعي وصولا الى منع شراء السلاح الشخصي إلا بتصريح في ظل منع صارم للتجول بالسلاح بالتوازي مع تنظيم اصطحاب المرافقين المدججين بأنواع الاسلحة الذين يرافقون الشخصيات الرسمية والقبلية ، والمهم هو صرامة التوجية وسرعة تنفيذه ، ولن انسى نظرة الرعب التي شاهدتها في يوم من الايام في عيون سياح أجانب كانوا يتناولون احدى الوجبات في احد المطاعم عندما دخل الى المطعم فتى يحمل بندقية اطول منه و كانت على ما اعتقد ومن خلال ردة فعلهم انها المرة الاولى التي يرى فيها السياح تلك البندقية رأي العين .

تأتي خطوة وزارة الداخلية في ظل صمت قاتل لمجلس النواب الذي تحتفظ ادراجه بقانون تنظيم حمل وحيازة السلاح لسنوات طويلة في وقت يجب أن يكون المجلس الموقر هو الاحرص على ارواح المواطنين وسلامة وجودهم .

في الختام أرجو من الاخوة القراء الاعزاء أن يتخيلوا لو اختفى السلاح من حياتنا في اليمن واختفت مشاكله واثاره وما يترتب عليه سواء كان هذا السلاح ثقيلا او خفيفا ، كيف ستكون حياتنا وكم ستكون نسبة الجرائم المتبقية والغير مرتبطه بالسلاح في المجتمع ؟؟؟

أعتقد أن الاجابة مشجعة جدا وأن اليمن يستحق منا ما هو أكثر بكثير .

إلى اللقاء