صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع
واضح أن الوضع يفتح الاحتمالات إلى الحرب وبوادر تحركات سياسية وعسكرية لإعادة الدولة إلى صعدة ومناطق شمال اليمن من أيدي المسلحين الذين يتوسعون بقوة السلاح ويرفضون الامتثال للقانون، والحرب خيار قد يصبح لا مفر منه، إن لم يجنح الحوثي إلى السلم ويعيد جميع المناطق للدولة، ويدخل في السياسة ويعرض بضاعته بموضوعية وواقعية..
بغض النظر.. هل هذا شيعي أو سلفي أو صوفي أو قبيلي أو من كان، فإن الدولة، أي دولة، بحاجة إلى السيطرة على كافة أراضيها لنزع فتيل الأزمات والحروب وتهيئة الواقع لوطن يحكمه الشعب ويتبادل السلطة سلمياً.. أما قبول الدولة بجماعة مسلحة فلا يعني إلا تأجيل الحرب لبعض الوقت، سواء تمت هذه الحرب بينها وبين السلطة أو مع القوى والقبائل الأخرى..
في كل الأحوال لا يمكن الجمع بين بناء الدولة والحفاظ على الوحدة وبين التواطؤ مع جماعة مسلحة تسيطر على أجزاء سيادية من الوطن مهما كان انتماؤها أو هدفها.. وهذا ليس تنظيراً ولا تقديراً.. ولكنه الحقيقة التي تجمع عليها الدساتير والقوانين الدولية والتي تضع من شروط أي دولة ناجحة أن تكون مسيطرة على كل شبر في أراضيها، وتكون مسؤولة أمام الشعب وأمام العالم عن البقعة الجغرافية من الأرض التي تقع في نفوذها.
وإنه لا يوجد في اليمن من يسأل الآخر عن انتمائه العرقي والسلالي، إلا بقدر ما خلف إرث الماضي وما أذكت التحركات السياسية المعتمدة على دعوات وأجندات طائفية.. فلا فرق بين مواطن وآخر سواءً كان من أصل قحطاني أو عدناني أو فارسي أو تركي أو صيني أو صومالي.. فالجميع إخوة متساوون في جميع الحقوق والواجبات، ما دام يجمعهم الهم الوطني الواحد، وليس في الدستور اليمني ولا في الهوية العامة لليمنيين ما يدعو إلى عصبية، أو يميز أحداً على آخر.. وهنا نوجه الخطاب لأصحاب المزايدات الذين يتهمون الناس بالعنصرية فور الحديث عن الحوثيين.. ونؤكد ألا وجود للعنصرية سوى بقلوب من يدعون إليها، ولا نفرق بين يمني وآخر لنسبه أو لمعتقداته التي لا تضر بالآخرين.. ونحن عندما ننتقد الإمامة والحوثيين فإننا نتحدث عن مشروع عنصري وحركة مسلحة بوجه الدولة فقط لا غير.
ولسنا بصدد الكتابة الرسمية والمجاملة، إذ لابد من مصارحة الهاشميين الذين يخرج المشروع العنصري وتياره المسلح تحت دعوى أحقيتهم بالحكم وأن الله ميزهم عن العالمين ويحشد من أبنائهم، نذكرهم أنهم الآن أمام مسؤولية تاريخية عما يدور..
ومن الطبيعي أن ما حققته جماعة الحوثي كجناح مسلح من توسع عسكري وسيطرة خلال السنوات الماضية، معتاشة على أخطاء النظام السابق وأحلامه بمصادرة الجمهورية، ثم ما لحق ذلك من الأوضاع المنفلتة والثورة التي مر بها اليمن بما صحبها من انهيار واهتزاز في أجهزة الدولة.. من الطبيعي أن كل ذلك قد أحيا شهوة السلطة لدى الكثير من الهاشميين وأحلام الجاهلية بالتسيد، فيما البعض يدافع عن الحوثيين على أمل شرعنة وجودهم وسيطرتهم بتحويل صعدة وما جاورها إلى إقليم إمامي يطبق قوانينه ويحرس فكرته السياسية بالمذهب الذي يعطي ميزات خاصة لأسرهم ويتسع ويضيق حسب البيئة.. أما الصنف الثالث فهو لا يؤمن كثيراً بالإمامة ولكنه يتعاطف معهم بدافع النسب وتحت تأثير التضليل ومزاعم المظلومية والتحريض ضد الآخر واعتباره عدواً... الخ..
هؤلاء المصنفون هم كبراء الحوثيين والمتعاطفون معهم من الهاشميين، ولا نلقي عليهم اللوم ولا نحاسبهم على الماضي، بقدر ما ندعوهم إلى إعادة قراءة الصورة من جديد واعتبار الظروف التي أحيت المشروع الحوثي وجعلت محافظة صعدة وما جاورها بيده، قد انتهت.. أو تضيق كل يوم..
النظام الذي اعتاش الحوثيون على أخطائه وأمدهم بالعون لمواجهة أطراف عسكرية وسياسية معينة قد سقط، والظروف التي وسعت أحلامهم بالسيطرة أثناء الثورة كانقسام الشعب وحرب الجيش بالجيش والقبائل بالقبائل ونهاية الدولة بالثورة، كلها انتهت أو تضيق كل يوم، وبدأت المؤسسة العسكرية تستعيد لُحمتها والجمهورية الثانية تقوي سلطتها كل يوم ويدعمها الداخل والخارج.. ولا طريق إلا التقدم لبناء اليمن الذي يحلم به جميع أبنائه.
إن الركب اليمني في الجمهورية الجديدة بما لديه من شبه الدولة والسند الشعبي والقوى السياسية والقبلية والاجتماعية لا يمكن أن يقبل بأن يكون اليمن نسخة من لبنان مثلاً، ولا مبرر لوجود طرف مسلح على مناطق حدودية تحت أي ظرف، لا زال منطلقاً ولا شيء يجبره على السقوط في الماضي.. أي محتوم عليه أن يسيطر على كافة أراضي الدولة ويفرض فيها القانون والدستور الذي يتنافس في ظله الجميع على تقديم الأفضل، وأن تكون الحرب خياره الأخير إذا رفض المسلحون ذلك.
وهنا تنطلق مسؤولية المثقفين والناشطين الهاشميين المتعاطفين مع الحوثي أو الوجاهات المذهبية في صنعاء، بأن يدركوا أن خدمة الحوثيين ليست في الدفاع عنهم وجلد القوى السياسية الأخرى، بل في منع الحرب من خلال دفع الحوثيين إلى العمل السياسي وتسليم جميع المناطق والمدن التي يسيطرون عليها إلى الدولة.. وبدون ذلك فإنهم مسؤولون عن الحرب وما ستخلفه من مآس لا تنحصر بطرف.
لا ندعي الحرص على الحوثيين وليس بيننا وبينهم غير ما يقومون به من أعمال تضر بالمصلحة العليا للوطن الذي نعيش على ترابه ونحلم في ظلاله.. غير أن الحرب سيكون ثمنها فادحاً من أبناء الشعب اليمني سواء من الجنود والمواطنين أو من المضللين تحت رايات الحوثي الزائفة.. وكما أوضحنا أن العوامل والظروف التي تمكن للحوثي من خلالها الانتصار في الحروب السابقة تضيق كل يوم، والرهان على ما يحصل عليه من دعم من بقايا النظام السابق وتحالفه مع الحركات الانفصالية في الجنوب قد لا يكون إلا سبباً إضافياً في السقوط إلى القمار في الحرب.. كما لا مجال لمحاولة المساومة بالسلاح من أجل فرض خيارات على المستقبل، لأن الصراع سيكون مؤجلاً فقط. والأفضل للجميع أن يدخل اليمن الجديد من بابه السياسي المدني والنضال المشروع..
المرحلة الأولى تكون في أن يؤمن الجميع بمن فيهم الهاشميون المتعاطفون مع الحوثي، أن الماضي انتهى وألا مجال في المستقبل لطغيان فرد أو فئة على أخرى مهما كان اسمها أو لونها، كما أن فرص الخرافات ودعوى التميز العرقي والحق الإلهي التي أطالت عمر الماضي لا مكان لها في المستقبل. وأن يؤمنوا أن هذا وطننا قدر حتمي يجب أن نحافظ عليه بعيداً عن العصبية والأنظمة الإقليمية التي تلعب عن طريق البعض.. وأنه آن الأوان ليدخل الجميع تحت راية العدل والسلام والبناء والتنافس على تقديم الأفضل وخدمة البشرية..
عندئذ سترتفع أصوات الحريصين على الحوثي وعلى اليمن، ويسعون لدفعه إلى ترك السلاح ودخول الملعب السياسي، وما زال الأمل متاحاً رغم كل المخاوف والمؤشرات الواقعية، وعادة ما يردد القادة العسكريون قبل كل حرب أنه “إذا أردت السلام فاستعد للحرب”. إذ قد تؤدي التحركات والتصريحات إلى جعل الآخر يعيد حساباته.. وتبقى المسؤولية التاريخية الحساسة على المتعاطفين مع الحوثي في اتخاذ موقف واختيار طريق واضح لا يتصادم مع مصالح الشعب سوف يرتسم على إثره موقعهم في اليمن الجديد، مع الأخذ بالحسبان الغربلة التي تجري في زحمة التحديات وعدم فعالية أساليب الماضي.. فإما دعم بناء الدولة ووحدة الوطن والدخول إلى اليمن الجديد من بابه المدني السياسي أو مواجهته وتحمل النتائج.