مواقف وطرائف مع الشيخ عمر أحمد سيف
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 3 سنوات و 6 أشهر و 13 يوماً
الخميس 06 مايو 2021 12:09 ص

 رحم الله الشيخ عمر أحمد سيف كان نموذجا للعالم المجاهد الشجاع الذي لا يخشى في الله لومة لائم ، عرفته المنابر صادعا بكلمة الحق في كل موطن .

* موقف في السعودية حدثني عنه أحد الأخوة يقول

كنا في السعودية ورأيت الشيخ عمر في طريقه إلى أحد المساجد فرأى مجموعة من الشباب فسألهم إلى أين أنتم ذاهبون ؟ قالوا : لمشاهدة مباراة بين النصر والهلال ؟ فصاح الشيخ : تتركون الصلوات وتذهبون لمشاهدة من يلعبون الطبة تعالوا الصلاة فاستمع له الشباب وذهبوا للصلاة ؟ فقال الشيخ بصوت جهوري : هؤلاء الشباب بحاجة إلى ميدان حقيقي وتوجيه صحيح .

فقلنا : يا شيخ أنت في السعودية ولست في اليمن .. فنظر إلينا بدهشة وقال : ماذا سيفعلون بي ؟ سيقطعون رأسي أو سيحبسوني ؟

مازح الشيخ الزنداني

ومن الطرائف التي لا أنساها أننا كنا في منزل الشيخ عبد المجيد الزنداني وكان الشيخ عمر حاضرا وكان مريضا ووجهه أصفر من المرض والهزال قد بدا عليه وكان هذا قبل وفاته بأشهر عليه رحمة الله فقال الشيخ عمر مازحا : - يا شباب اشهدوا على الشيخ عبد المجيد يشتي يزوجني بابنته وانا مش حق زواجه .! فأحرج الشيخ الزنداني ولكنه أجاب: - يا شيخ عمر أنت راضي بشهادتهم ؟

وتوجه إلينا الشيخ الزنداني وقال : " قولوا بصراحة هل زواجه الآن يضره ؟ فقلنا : بصراحة يضره لأن الشيخ عمر مريض . قال : تعصبتم مع شيخكم كنا نشتي نحرجه يزوجنا ولكنه فلت منها وضحك وضحكنا جميعا .رحمه الله . وللشيخ عمر قصص ومواقف كثيرة تدل على صدقه واخلاصه وطيبة قلبه وبعضها سمعتها منه مباشرة في لقاءات ومحاضرات وهي كثيرة وإن شاء الله أكتبها في مقال قادم . وهذه لمحات من سيرته وجهوده العلمية والدعوية. رحمه الله.

. يعد الشيخ عمر أحمد سيف رحمه الله ( 1927 - 2005م) من أبرز أعلام اليمن في القرن العشرين ومن أبرز الوجوه العلمية والدعوية التي افتقدها أبناء اليمن في السنوات الماضية . عرف عن الشيخ نشاطه الدعوي والعلمي منذ الستينات حيث تنقل الشيخ بين صنعاء وعدن ثم تعز ثم استقر به المقام في الحديدة داعية وخطيبا ومشرفا على معهد النور العلمي في الحديدة .

انتخب عضوا في مجلس الشورى ثم في مجلس النواب وكان شهيرا في قول الحق ومقارعة الفساد وقد اختلف مع الرئيس القاضي عبد الرحمن الارياني رحمه الله لأنه كان يراه متساهلا وغير حازم ومظلة للفاسدين فأدخل السجن بتهمة التحريض على النظام وخرج من السجن في عهد الحمدي .

أختلف مع كل الرؤساء لأنه كان لا يسكت عن مخالفة ويقول الحق ويجهر به في المنابر ويحرض على المخالف ويكره التزلف ومدح الحكام ولذا ترك الخطابة في الجامع الكبير بصنعاء في منتصف الستينات بعد ان عينه وزير الأوقاف حينها القاضي عبدالكريم العنسي عندما طلب منه الدعاء للرئيس عبدالله السلال في خطبة الجمعة، .

شارك الشيخ عمر بفعالية في كثير من المواقف والأحداث وكان مناصرا للقضايا الإسلامية ذهب للجهاد في أفغانستان وعاد منها عندما أختلف المجاهدون وجمع التبرعات لمسلمي البوسنة عندما هاجمها الصرب مطلع التسعينات وتبرع بمنزله في صنعاء دعما لفلسطين .

عندما كان الشيخ يحاضر عن الجنة ونعيمها كان ينطلق في محاضرته ويسهب ويتدفق كنهر لا يتوقف وبعض خطبه كانت تصل لساعات وكان الشيخ بسيطا متواضعا يورد في أحاديثه القصص والنكت والطرائف ويمزح لكنه في قول الحق اسدا هادرا لا يخشى أحد ولا يخاف في قول الحق لومة لائم .

يقول عنه الشيخ يوسف القرضاوي بعد وفاته : (كان رجلا حرا مخلصا شجاعا في الحق، لا يخشى في الله لومة لائم ولا نقمة ناقم، هذا العالِم هو الشيخ عمر أحمد سيف، عرفت الشيخ عمر أحمد سيف كلما زرت اليمن وجدته ديدبانا يقظا كأنما هو سيف سله الله على الباطل، سله الله للدفاع عن حوزة هذا الدين وعن حرماته، يقول الحق وينطق بالصدق، لا يتلكأ ولا يتعثر ولا يتردد، كان من المنتمين إلى الحزب الحاكم في اليمن ومع هذا ما كان يألوا جهدا ولا يدخر وسعا ولا يتردد يوما في أن يقول كلمة الحق لأعضاء الحكومة، بل للرئيس اليمني نفسه، يجابهه بما يرى أنه الحق وهذا نوع نادر من الناس، فإن مشكلتنا في كثير من علمائنا أنهم ما بين ناطق بباطل أو ساكت عن حق وإنما تضيع الأمة إذا ولد فيها مَن ينطقون بالباطل ومَن يسكتون عن الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، إذا كان الناطق بالحق متكلما فالساكت عن الحق شيطان أخرس، كان الشيخ عمر أحمد سيف لا يسكت أبدا عن الباطل ولابد أن ينطق بالحق، كان من الذين ينطبق عليه قول الله تعالى {الَذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ ويَخْشَوْنَهُ ولا يَخْشَوْنَ أَحَداً إلاَّ اللَّهَ وكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} ).

رحم الله الشيخ عمر وأسكنه فسيح جناته وتقبله في الصالحين ونفعنا بعلمه .