في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع تفاصيل لقاء وزير الداخلية بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في اليمن
لم يكن هناك ما يمنع حوثيي صعدة وأنصار علي عبدالله صالح من إبقاء الصراع سياسياً في اليمن، والبحث عن حلول داخلية غير عسكرية. كانت لديهم فرصة كاملة وتعمّدوا تفويتها، لأن الاستيلاء على السلطة في كل اليمن كان ولا يزال على الأجندة الإيرانية التي تعهّدوها، ولأنهم خططوا لبناء وإقامة نظام استبدادي آخر بناء على السيطرة والترهيب، كان عليهم فقط أن يعترفوا بأن انتفاضة 2011 غيّرت مفهوم السلطة في اليمن، وأن الحوار الوطني الذي دام نحو عام ونيّف كان نقلة نوعية في علاقات الأحزاب والفئات في ما بينها، وأن ورشة الدستور الجديد أدخلت روحاً مختلفة إلى علاقة اليمنيين مع مستقبل بلدهم، وأن مسألة الأقاليم كانت تحدياً يتطلّب من الجميع عملاً جاداً لاستنهاض طاقات المجتمع كونه البديل الممكن الوحيد من خيار آخر لم يعد واقعياً وهو معاودة تشطير البلد بين شمال وجنوب.
شارك الحوثيون وأنصار صالح في كل محطات المرحلة الانتقالية، ولم يكن هناك أي أجندة خفية، بل كان كل شيء مسجّلاً ومكتوباً. أي أنه كان معروفاً أن القوات المسلحة تحتاج إلى إعادة هيكلة، وأن هذه الخطوة لم تفرضها المبادرة الخليجية ولا رغبات شخصية للرئيس عبدربه منصور هادي، وإنما هي استحقاق كان لا بد منه بعد التنحّي «الطوعي» لعلي صالح وحصوله على ضمانات لعدم ملاحقته بلائحة طويلة من الاتهامات، بل إنه استحقاق من أجل اليمن. إذ لا يمكن تصور «جيش» لـ «دولة» يدين بالولاء لشخص، وكيف يمكن قبول أن نجله العميد أحمد لا يقيم أي تقدير لدولة ومؤسسة تبوأ فيهما مسؤولية رفيعة، وأي عقيدة بني عليها هذا الجيش الذي تصرّف العديد من وحداته على أنه ميليشيا في خدمة الميليشيا الحوثية. فحتى الانتماء القبلي، مهما كان عميقاً، لا يستقيم مع بناء «جيش لدولة» و «دولة» يفترض أنها للجميع.
لكن تبيّن أن الحوثيين وأنصار صالح لم يشاركوا في الحوار بصفتهم «شركاء» في الوطن بل استغلالاً للوقت بغية التشويش على المرحلة الانتقالية والعمل على تخريبها، في انتظار لحظة الانقضاض على السلطة التي بقيت ضعيفة سواء لأنهم نشّطوا اختراقاتهم فيها، أو لأن الأميركيين ضغطوا لتوجيهها نحو محاربة تنظيم «القاعدة» من دون مدّها في المقابل بالمساعدات الضرورية لإدخال تحسينات على خدمات الدولة ومعيشة اليمنيين. وفي أكثر من مرّة كان الحوثيون يوقّتون غزواتهم داخل صعدة والمحافظات المجاورة بحيث يجبرون الجيش على وقف حملاته على «القاعدة» لفرملة تحركاتهم. ومنذ أكثر من عشرين عاماً فقَدَ هذا الجيش الآلاف من ضباطه وجنوده في معاركه مع الحوثيين، وتستمر الآن خسائره البشرية والمعنوية حتى وهو متحالف معهم في إطار ولائه للشخص – علي صالح أو لأبنه، لا لليمن واليمنيين، لكن ماذا سيفعل غداً بهذا «الولاء» إذا غاب صالح بأي شكل من الأشكال، أو إذا عمد الحوثيون إلى تصفيته، وهو احتمال وارد.
ممن أراد صالح أن ينتقم، ولماذا؟ أمِن الشعب الذي طالبه بالرحيل بعد مكوثه في الحكم ثلاثة وثلاثين عاماً، أم من الذين ناصروا الشعب من أجل تغيير آن أوانه منذ زمن، أم من الرئيس هادي الذي كان اختاره نائباً له ولم يكن يتوقع رئاسة ولا سلطة لكن الواجب استدعاه، أم أخيراً من اليمن نفسه إذ أراد إحراقه لأنه لم يتصوّر نفسه في منزله وغير متحكّم بالبلاد والعباد؟ من بين الرؤساء الذين أرادت شعوبهم إسقاطهم كاد صالح أن يعطي نموذجاً، ولو متأخراً بعد عناد وعنت، إذ إنه حرص على تسلّم وتسليم راقيين بينه وبين خلفه المنتخب، ونجا من مصير حسني مبارك في قفص الاتهام، ومن مصير النفي القسري كزين العابدين بن علي، ومن القتل كمعمر القذافي، وحتى من سمعة الإجرام التي أضفيت على بشار الأسد. كان بإمكانه أن يمارس دوراً إيجابياً وأن يحكم جزئياً من وراء الستار، وأن يوظّف خبرته لمصلحة البلد والشعب. غير أن الحقد أعماه فانقلب على نفسه، ولا شيء غير هذا الحقد الأسود يمكن أن يفسّر كيف يمكن رئيساً أن يحالف أعداء الوطن من أجل أن ينتقم من شعبه.
ربما يكون الحوثيون «معذورين» لأن انطلاقهم من مظلومية مناطقية ونشأتهم في كنف تمرّد وعزلتهم في مجاهلهم دفعتهم إلى محالفة الشيطان من أجل تحقيق طموحات لم تكن يوماً معنية باليمن واليمنيين. ثم إن خبرتهم السياسية المتواضعة في شوارع صنعاء لم تيسّر لهم غير امتشاق البنادق وتصويب المسدسات إلى الرؤوس للحصول على مكاسب عسكرية أو سياسية يظنون أنها ستدوم. أما علي صالح فلا يمكن أن يُعذَر، وهو خلافاً لحلفائه الحاليين يعرف البلد والأشخاص كمن يقرأ في كتاب مفتوح، ويدرك مقدار التقلّبات في مجتمعه. فما يطرحه حلفه مع الحوثيين هو تغيير لهوية اليمن وشعبه، وخروجاً من الكنف العربي، واستعداءً للجوار الخليجي. بل إنه يتنكّر خصوصاً للخليجيين الذين هيّأوا له خروجاً كريماً من الحكم، ولم تكن مبادرتهم نابعة من مصالحهم الضيّقة لأنها كانت محل نقاش طويل مع القوى الدولية الأخرى ثم أصبحت مبادرة يتبنّاها مجلس الأمن الدولي. أكثر من ذلك قد يكون علي صالح ذهب إلى هذا التهور مدفوعاً بحقده، لكن له هدفاً معيّناً بالتأكيد. وسيكون قد ارتكب أكبر الأخطاء في حياته إذا اعتقد أنه يمكن أن يعود إلى السلطة، فهو لم يحترق سياسياً فحسب بل أسهم في مدّ هذا الحريق إلى ابنه، أما الخطأ الآخر ففي اعتقاده بأن الحوثيين فعلوا كل ما فعلوه من أجله أو من أجل ابنه.
"العرب القطرية"