سجن تليغرام في إيران!
بقلم/ عبدالرحمن مهابادي
نشر منذ: 6 سنوات و 6 أشهر و 13 يوماً
الأحد 06 مايو 2018 06:20 م
 

في يوم الإثنين، أمر القضاء الذي يخضع لسلطة الولي الفقيه الحاكم في إيران بحجب كامل للموقع الإلكتروني وتطبيق شبكة التواصل الاجتماعي لتليغرام، وأعلن أن جميع مستخدمي هذه الشبكة يجب أن يغلقوه بحيث لا يمكن الوصول إلى محتوى الشبكة بشكل كبير. هذا الجهاز الخاضع لسيطرة علي خامنئي هدد المخالفين بالعقوبة.

لا يخفي قضاء النظام حقيقة أن سبب إغلاق موقع تليغرام يعود إلى استخدام المنتفضين هذه الشبكة خلال الانتفاضة قبل خمسة أشهر. إن حجب هذا التطبيق، يظهر مخاوف النظام من احتدام الانتفاضة، فضلا عن أنه يكشف أيضاً عن خداع جناح روحاني المخادع. لأنه في إعلان السلطة القضائية للنظام يبدو واضحا أن الأجنحة المختلفة للنظام، بما في ذلك روحاني وشركائه الذين كانوا يتشدقون في السابق على أنهم مدافعون عن هذه الشبكة، كانوا مشاركين في اتخاذ القرار لحجب هذه الشبكة. ما يثير السخرية هو محاولات النظام لحجب مواقع التواصل الاجتماعي.

لقد أدرك جناحا النظام اللذان قررا حجب تليغرام أن انتفاضة الشعب الإيراني لا تريد التوقف، بل هي تمضي قدما في طور إثبات وتطبيق شعارات الانتفاضة، ولا سيما استهداف الجناحين المسميين الإصلاحية والأصولية. بالإضافة إلى ذلك ، فالشروط الدولية الآن في طور التواؤم مع انتفاضة الشعب. لقد أدرك الحكام أنه على الرغم من الظروف الاقتصادية السيئة، التي جعلت حياة الناس اليومية مُرّة وصعبة، لكن المواطنين يشمئزون وقبل كل شيء، من النظام وعملاء النظام والخونة، وأينما يجدون الفرصة يظهرون ما يضمرونه في القلب.

 

المواطنون في مدن مختلفة من إيران، وفي مقدمتهم، المنتفضون يدخلون الآن إلى مدخل الخطوة الأخيرة من انتفاضتهم لتحرير وطنهم من براثن نظام ولاية الفقيه، ويبحثون الآن عن الأسلحة وفترات الجهاد ضد الحكام المستبدين ووضعوا الصمت والمساومة مع هذا النظام حدا أحمر لهم. انظروا إلى شعارات أبناء كازرون في محافظة فارس في احتجاجاتهم ضد الحكومة التي حدثت في الأيام الماضية حيث يظهر ذلك بشكل جيد: "ويل لكم حين نرفع السلاح" ، "إذا ارتكبت خيانة ، فإن كازرون ستصبح قيامة" ، "هيهات منا الذلة" كما رددوا شعارات ضد أزلام النظام الذين كانوا يهتفون دائما "الموت لأمريكا" هاتفين: "عدونا هنا – يكذبون أنه أمريكا".

هذه هي علامات نهاية النظام الدكتاتوري الحاكم في إيران. في الأسابيع الأخيرة ، شهدت محافظات أخرى في إيران احتجاجات لأسباب مختلفة. منذ الاحتجاجات العارمة في ديسمبر الماضي التي جرت، لأسباب سياسية، جرت احتجاجات في خوزستان بسبب التمييز العرقي ، وفي أصفهان ، بسبب أزمة المياه ، وفي كردستان، جرت احتجاجات واسعة النطاق بسبب إغلاق الحدود وقتل العتالين وتظاهرات المواطنين في شمالي الوطن لاستعادة رؤوس أموالهم المنهوبة في البنوك المفلسة. وأن التجاوب مع كل منها خارج قدرة وطبيعة هذا النظام.

بدأ النظام ومنذ مجيئه إلى السلطة في عام 1979 بسلب "الحرية" واستمر بابادة "الأحرار" ، وقد لجأ الآن إلى سجن "تليغرام" وكل ما يخدم الشعب. وفي الوقت الذي يعيش أكثر من 33 في المئة من سكان البلاد البالغ 85 مليون نسمة تحت خط الفقر، وأرقام العاطلين عن العمل، والمدمنين والمرضى كل واحد منها تتجاوز عدة ملايين ، فان مسؤولي النظام كل منهم أصبحوا مليارديرات بنهب ممتلكات الناس. فهم يرفضون حل مشاكل الشعب ، بل زادوا من موجة القمع والسجن والتعذيب والإعدام.

قال العميد كمال هادي فر رئيس شرطة الانترنت التابعة للنظام الإيراني إنه في عام 1396 الإيراني الفائت تم اعتقال أكثر من 70000 مستخدم للإنترنت،.. كما تم اكتشاف أكثر من 39،000 حالة من الجرائم الإلكترونية، وساورنا القلق حول تزايد حالات الجرائم بما يقرب من 10 أضعاف،...» (وكالة أنباء ايلنا الحكومية 29 ابريل/ نيسان 2018). وقبله قال الملا أحمد جنتي، رئيس مجلس خبراء النظام: « هذا الفضاء الافتراضي هي البلية والمشكلة التي حلت بنا». رئيس السلطة القضائية للنظام الإيراني قال في وقت سابق : «لقد أصبحت الشبكات الاجتماعية في خدمة نظام السلطة ومجاهدي خلق لتدمير أركان النظام».

إن حقيقة المواقف الهستيرية للملالي الذين يحكمون إيران وجهودهم لحرمان الناس من الشبكات الاجتماعية هي أنهم لا يريدون أن يتبادل الناس المعلومات ويعرفوا حقائق الواقع في المجتمع الإيراني. إنهم يريدون من الشعب الإيراني أن يسمع ويؤمن بما تقوله وسائل الإعلام. لأن هذه الوسائط تكذب تمامًا. إن اطلاق الاكاذيب من قبل الإعلام وسلطات هذا النظام أصبحت تتداول على ألسن العديد من المسؤولين في النظام الإيراني بقضهم وقضيضهم.

إن حقيقة لجوء الناس إلى مصادر ووسائط غير حكومية ، أو بعبارة أخرى ، تحوّل الناس إلى وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية للمقاومة الإيرانية، هي علامة أخرى لتطور انتفاضة وخوف النظام. لذلك ، في إيران الحالية، يتم تحويل أي مطلب مهني أو اقتصادي على الفور إلى مطلب سياسي ضد النظام. لأن الناس أدركوا أن النظام هو أصل كل مشاكل المجتمع الإيراني. هذا النظام ليس من أجل الشعب وللشعب، ويجب الإطاحة به .

على الرغم من أن حجب الشبكات الاجتماعية وحرمان الناس من التكنولوجيا وإمكانية الاتصال والمعلومات جزء من انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الموجودة في السجل الأسود لهذا النظام، إلا أنه بالتأكيد الانتفاضة من أجل الحرية تمضي قدما وبوتيرة أسرع من أجل الاطاحة بدكتاتورية الملالي.. وفي هذا المسار، على المجتمع الدولي، بالإضافة إلى إدانة انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات وحجب تليغرام، يتخذ خطوات لمواجهة هذا التجاوز على القانون الدولي، فضلاً عن المطالبة بحرية وصول الشعب الإيراني إلى الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والاتصالات الآمنة.

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.