فساد مصلحة الضرائب .. لمصلحة من؟
بقلم/ اكرم الثلايا
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 16 يوماً
الأحد 29 أغسطس-آب 2010 09:55 م

عندما يتحدث أحد وزراء المالية العرب فأننا نتذكر تلقائيا ونحن نبكي الحال العربي والكم الهائل من خريجي طلاب الجامعات العاطلين عن العمل بسبب عدم قدرة استيعاب الحكومات العربية لهذه القدرات الشبابية الناتج عن سوء التخطيط والفساد والأنانية المفرطة في الأجيال التاريخية , وعندما يتحدث وزير ماليتنا المحترم أمام مجلس نواب الشعب لعرض الميزانية السنوية والسياسات المالية التقشفية للحكومة فأننا لأريب نضحك لما نراه من اعتمادات لشراء سيارات للوزراء والنواب والوكلاء وللمشايخ وأمناء عموم وأعضاء الهيئات الإدارية للمجالس المحلية والقادة العسكريين والبدلات وأخرى بمليارات الريالات ونحوها كثير, أما عندما يتحدث نفس الوزير أو رئيس مصلحته للضرائب عن ما يسمى ضريبة المبيعات المباشرة فأن مداركي تحتار هل أنفجر ضحكا أم أنتحر بكاءَ , فهذه المصلحة التي لأزالت تعيش في القرن الماضي ويعمل موظفيها ومأمورين تحصيل الضرائب بمكاتبها وفروعها بالمحافظات يدويا ولا تمتلك المصلحة أي سجلات حصر حقيقة كاملة للمكلفين بالجمهورية ولا تستطيع استيفاء مستحقاتها لعشرات من السنين لدى كبار المكلفين من الأفراد التجار وشركائهم من العسكر وغيرهم بالإضافة لكبريات شركات المقاولات والإنشاءات وأصحابها من المشايخ وذويهم , ولا ننسئ المليونيرات تحت عشرين سنة من أنجال الوزراء والمشايخ وشركاتهم النفطية وخدماتها في تشغيل القوى العاملة المستوردة من الشباب غير اليمنيين , ولكن المصلحة شاطرة جدا في جبي الضرائب من التجار الطبيعيين والصناعيين المستقلين وأصحاب المهن والحرف ومن هم على باب الله وخصم ضرائب المرتبات والأجور من أفراد وشركات صغيرة ومتوسطة , وخصم الضرائب من مرتبات موظفي الحكومة المدنيين وأفراد القوات المسلحة والأمن من رأس رواتبهم (خصما على الشيك) ولا تتساهل أبدا في الخصم من الإعانات والمساعدات العلاجية ونحوها من صغار الموظفين المرضى والعسكر الجرحى , كل ذلك سبب حيرتي بين الضحك والبكاء ولعلي مجحف ولكن ما قراءته في مستندات رسمية عن سير أداء هذه المصلحة الذي يربو عمرها على أربعين عاما , يجعلني أسهب فيها تحليلا لا يفي حق الشعب في هذه الضرائب التي يفترض أن تعود عليه كمقابل لخدمات مجانية أقلها في التعليم والصحة والأمن العام للمواطن والدولة وليس أمن الحكومة والوحدات العسكرية , المهم من قراءاتي لأداء هذه المصلحة وجدت .........

•كثرة ما يصطلح عليه الإخلال بقاعدتي العدالة والوضوح الضريبيتان واللتان تستخدمان كمؤشر لمدى كفاءة الجهاز الضريبي ونزاهته ودورة في الحد أو الزيادة من التهرب الضريبي , حيث توجد عدد هائل من الملفات الراكدة (موجودة بالأرشيف ولا يتم محاسبتها) ليصبح صافي عدد الملفات العاملة بإحدى الإدارات العامة لمصلحة الضرائب بما نسبته (27%) من أجمالي مكلفي الضرائب والبقية لا يتم محاسبتهم وهو مؤشر ضعف كفاءة وفعالية الأداء الضريبي بالمكاتب بوجه عام , (الإخلال لفظ رسمي وهو دلع لجملة مخالفات مضرة بالأموال العامة يعاقب عليها الدستور والقانون).

•تمثل الضرائب التي يجري تحصيلها على مستوى محافظات الجمهورية شكلا صارخا للبيروقراطية حيث يتم تحصيلها بشكل مركزي وبما يعادل ما نسبه (90%) وبنسبه تذبذب (4% و 5% ) من أجمالي الضرائب من محافظة إلى أخرى , الأمر الذي يشير إلى قصور وضعف شديدين في أداء المكاتب العامة لمصلحة الضرائب بالمحافظات وفروعها على مستوى المديريات.

•ظهور عدد كبير من مكلفي الضرائب اللذين يتم الربط عليهم بمبالغ كبيرة جدا وظهروا بسجلات إدارات الربط إلا أن هذه الأسماء لم تظهر ضمن بيانات إدارات التحصيل أو حتى ضمن أرصدة المستحقات في نهاية العام.

•افتقار المكاتب التنفيذية بالمحافظات وفروعها بالمديريات لآليات محددة يتم إتباعها في الرقابة والمتابعة الفاعلة على تحصيل المستحقات الضريبية غير المحصلة , حيث يتبين للقارئ من خلال مقارنة ومطابقة بيانات المستحقات المرحلة من عام بعينه مع حصر أغلب المكاتب وأوامر التحصيل لعام أخر يليه وجود عدد هائل من المكلفين لا يظهرون بجرد المكاتب ولم يتم محاسبتهم بتلك المكاتب , ولا يتحمل أحد مسئولية هذه المبالغ التي كانت سترفد الخزينة بمبالغ لأبأس بها على أقل تقدير , فلا يحاسب رؤساء المكاتب ولا الفروع بالمديريات , كما لا يقوم أكثر من ثلثي اللذين لازالوا بحصر المكاتب بسداد أي مبالغ من المستحقات المرحلة عليهم .

•حققت المصلحة ومكاتبها زيادة في أنواع الضرائب المحصلة مركزيا في حين أظهرت نتائج تحليل حصيلة ضريبتي المرتبات والأجور (قطاع خاص) والأرباح الصناعية والتجارية (أفراد + شركات ) والتي - تنحصر جهود المكاتب في تحصيلها- عجزا عن ربط الموازنة بنسبه عجز تتراوح مابين ( 12% إلى 15%) بحصص متفاوتة بين مكاتب المحافظات , كما حققت حصيلة هذه الضرائب عجزا عن المقابل للعوام التي تسبقها بنسبه (10% إلى 14% ) تقريبيا في اغلب مكاتب المحافظات.

•تغفل معظم مكاتب الضرائب بالمحافظات عن الدور الإشرافي الفاعل في تحديد ومعالجة الانحرافات السنوية المتلاحقة في حصيلة الضرائب المحلية حيث تراوحت نسبة عجز حصيلة أهم الضرائب المحلية عن الربط في جميع مناطق المحافظات التابعة للمكاتب التنفيذية بالمحافظات وأمانة العاصمة نسب عالية جدااا تزيد عن (- 50%) وهو ما يعد انحراف جوهريا في حصيلة الضرائب المحلية.

•بلوغ عدد ملفات مكلفي الضرائب الغير منجزة بالإدارات العامة والفروع أرقاما قياسية حيث بلغت بلغت نسبة ملفات التراكم بأحد مكاتب الضرائب العامة نسبة (71%) وحوالي (84%) بالفروع.

•عدم بذل موظفي ومختصي المحاسبة والمراجعة بمختلف مكاتب الضرائب العناية المهنية أو تعمد إهمالها عند تقدير ومراجعة وربط الضريبة , بالإضافة إلى التباين الواضح في الأسس والإجراءات التي يتم فرضها وتطبيقها عند تقدير وربط الضريبة للأنشطة المتشابهة , في حين يفترض أن هناك نصوص قوانين سنها أعضاء مجلس النواب اليمني قابلة للتطبيق بذات الخصوص تناء عن التقديرات والمبالغات وتحقق مبدأ العدالة بين المواطنين في تحمل الأعباء الضريبية.

•عدم الاهتمام بتحديد قيمة البيانات الجمركية لمكلفين الضرائب في أغلب المحافظات والذي لم يتضمنهم حصر الإدارات العامة والفروع بمبالغ تصل إلى مئات المليارات لعدد كبير من المكلفين تبلغ قيمة فارق الضريبة التقديرية عليهم بضع مليارات من الريالات دون اهتمام من المكاتب للقيام بالتحري والتقصي عن أسباب عدم تظمين حصر المكاتب لملفات هؤلاء المكلفين , فعلى سبيل المثال لا الحصر بلغ تقريبيا (لعدم وجود حصر كامل لدى الجهة) وفق محررات رسمية قيمة البيانات الجمركية لعام واحد لمكلفين موجودين بحصر أدارة عامة ضريبية واحدة فقط ولم يتم محاسبتهم عليها خلال العام الذي يليه مبلغ (15,000,000,000 ) تقريبيا – (خمسة عشر مليار ريال يمني دون تحديد حفاظا على المصادر) – ومعظمهم من ذوي الملفات غير العاملة لتبلغ قيمة فارق الضريبية التقديرية عليهم نحو (400,000,000) تقريبيا أيضا – (أربعمائة مليون ريال) – لمن لا يجيدون قراءة الأصفار.

•وبما أن معظم موظفي ومأموري الضرائب هم من أصحاب الأجر اليومي ونحوهم من تعدد المسميات الوظيفية للحكومات الفاشلة , فلا باس في أن تحقق مصلحة الضرائب انحرافات جوهرية (دلع كلمة مخالفات قانونية) في نتائج تنفيذ برامج عمل المأمورين الشهرية , حيث أظهرت نتائج المطابقة لعدد من هذه البرامج مع سجلات أنجاز المأمورين لعام واحد بأن نسبة الانجاز الشهري من المخطط يكاد يكون منعدم (دلع صفر عند الجهات الرسمية) , حيث تراوحت نسبة الانجاز الشهري من المخطط مابين (0% إلى 5%) فقط في أحد مكاتب المصلحة كما لوحظ من القراءة للملفات قيام المأمورين بانجاز فحص ملفات غير تلك المدرجة ضمن برامج العمل المحددة لهم (؟؟) وأن الملفات التي تفحص خارج برامج العمل أصبحت حكرا على عدد منهم(؟؟؟) حيث يقوم كل مأمور سنويا بفحص ملفات معينة وبصورة مستمرة سواء كانت ضمن برامج عمله أم لا (؟؟؟؟) , وفي تقديري أنهم أحد أمرين أما أنهم يحصلونها لأربابهم أو أنهم أبناء مشيخات أو مسئولين في الدولة واحتمال مستبعد أن يكونوا من أصحاب النزاهة النسبية.

•أظهرت قراءتي المتواضعة لسجلات وتقارير أدارت الربط المختلفة وجود عدد كبير من أشعارات ما يسمى بالإخطار (نموذج ربط 3) مسلم لعدد من المأمورين ولم تعد كعوب هذه الإخطارات دون اتخاذ الإجراءات القانونية حيال من بحوزته هذه الإشعارات في أغلب المكاتب التابعة فيما يبدو أنه عادة في مصلحة الضرائب وفروعها.

•تركز عمل المكاتب والفروع في مراكز المحافظات والمدن وقصور التحصيل من حيث المساواة بين مكلفين مراكز المدن والأطراف حيث تفرض حسب الأهواء في المدن وتقدر بنسب ضئيلة في الأطراف على مستوى المحافظة , ناهيك عن عدم تطبيق مبدأ إقليمية القانون على مستوى المحافظات بالتساوي.

•الإخلال بقواعد الاقتصادية والكفاءة الضريبية من خلال المبالغة في النفقات الفعلية في للمكاتب التنفيذية (موازنة + حسابات خاصة ) لتشكل هذه النفقات من (30% إلى 49%) من الإيرادات المحصلة عبر المكاتب أي ما يقارب ثلث هذه الإيرادات في بعض المكاتب وتزيد وتنقص في البعض الأخر.

•جميع المكاتب الضريبية لا تستخدم الأنظمة الآلية في أنشطة معظم أقسام وإدارات المكاتب بالرغم من أهمية هذه الأنظمة في تسهيل تقييم الأداء الضريبي وتحديد المخالفات وتنظيم أنشطة المكاتب وزيادة كفاءتها وفعاليتها في رفد خزينة الدولة ومواكبه للعصر.

- ومن منطلق الاختلال والمخالفات وعدم الالتزام بقواعد العدالة والوضوح الضريبيتان تجاه مواطني الجمهورية اليمنية واستنفاذ ما يقرب من ثلث إيرادات الضرائب كنفقات فعلية للعاملين عليها (من غير المعقول أن مئات من الناس ينفقون ثلث هذه الأموال بينما شعب بأكمله لا يستفيد ألا من ثلثين الأموال),,,, يحق لكل فرد أو شركة أن يرفض دفع الضرائب بأنواعها على هذا النحو واللجوء إلى ساحة القضاء اليمني النزيهة للفصل بين المكلف والمصلحة, وذلك استنادا إلى الدستور – نص المساواة في المواطنة - والقوانيين النافذة بالإضافة لتوجيهات رئيس الجمهورية علي عبدا لله صالح حفظه الله بإعلان حربه على الفساد والفاسدين أبان الانتخابات الرئاسية العام 2006م , والتي تعد أوامر دستورية وقانونية واجبة التنفيذ على مواطن يمني صالح بحكم منصبه كولي أمر شرعي.

للموضوع بقيه

Althulaia72@gmail.com