قانون اليمن الحقيقي:القوة فوق شرع الله
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 10 أيام
الإثنين 07 مايو 2007 09:56 ص

مأرب برس - خاص

 فرض الله الحدود وهي العقوبات التي قدرها سبحانه على المجرمين بحسب إجرامهم وأوجب على ولاة الأمور إقامتها على الشريف والوضيع والغني والفقير والذكر والأنثى والقريب منهم والبعيد قال النبي صلى الله عليه وسلم :( أقيموا حدود الله في القريب والبعيد ولا تأخذكم في الله لومة لائم) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأسامة ابن زيد رضي الله عنهما حين شفع إليه في امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع فتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقطع يدها فأهم قريش ذلك لأنها امرأة من شرفاء قبائلهم فقالوا من يشفع فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهدوا إلى إسامة بن زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبن حبه فشفع فيها أسامة فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال :(أتشفع في حد من حدود الله ) ثم قام صلى الله عليه وسلم فأختطب وقال :( إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ويم الله إي أحلف بالله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) أخ رجه البخاري ومسلم أهكذا يكون الأمر لو أن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم سرقت لقطعت يدها نعم يكون ذلك لأن حدود الله لا يفرق فيها بين الشريف والوضيع ولا بين الغني والفقير ولا بين عالي النسب وداني النسب فأين هذا أين هذا القول من سيد بني آدم صلى الله عليه وسلم في سيدة نساء أهل الجنة أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنها لو سرقت لقطع يدها أين هذا مماهو عليه حالنا اليوم من تعطيل وتهاون بشرع الله وتضييع لحدوده ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره).

تلك هي أحاديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالنصوص والأقوال والأفعال التي توجب العدالة وتطبيق حدود الله على الكبير والصغير دون النظر الى منطقة الانتماء أو درجة القرب من الحاكم وهل هناك أعظم درجة وأشرف مكانة من فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لتقطع يدها ان سرقت وتعدت حدود الله لكن قتلة المواطن محمد حمود الحامدي كانوا فوق شرع الله وكان انتمائهم المناطقي والقبلي الى منطقة رئيس الجمهورية حاجزا منيعا ومبررا كافيا لتحصينهم من انفاذ حدود الله وحكمه وقبل ذلك ماكانت الجريمة لترتكب أصلا لولا الثقة بعدم المسألة والعقاب اتكاء على السلطة والنفوذ.

شرع الله الذي يؤكد عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كمنهج حياة ودونه الهلاك والخسران المبين كان غائبا أو بالأصح تم تركه جانبا بقوة وضغوطات عليا في السلطة حد اقرار ذوي المجني عليه الحامدي الذين لاحول لهم ولا قوة في مواجهة قبيلة السلطة والرئيس هذا رغم ان واجبات السلطة دينيا ودستوريا واخلاقيا تقتضي تطبيق شرع الله حفاظا على حياة الناس وصون دماؤهم .

القضاء المناط به الحكم بما أنزل الله امتثالا لقوله تعالى ( وان حكمتم أن تحكموا بين الناس بالعدل ) بما يؤدي الى احقاق الحق والانتصاف للمظلومين كان هذا القضاء لاوجود له في الفصل بجريمة قتل المواطن الحامدي وعلى وجه أكثر دقة تم تمييع الجريمة بعيدا عن القضاء ويعود الفضل للقاضي الهتار رئيس المحكمة العليا في تضييع الجريمة بعيدا عن القضاء ليكتمل المشهد الفاضح الذي عجزت فيه الدولة بمؤسساتها الدستورية عن ضبط عصابة قتلة واخضاعهم لشرع الله والقضاء ليقول حكمه الفصل .

أربعة أثوار و مثلها كباش كان قدرها أن تكون ضحايا اضافية الى جانب الضحية الأصل الحامدي ، ذبجت تلك الأثوار والماشية بدون ذنب اقترفته الا لتكون دمائها شاهدة تطبيق قانون اليمن الحقيقي الذي يساوي بين دماء الثيران والانسان .

الى هذا الحد انخفضت قيمة الانسان اليمني وصارت روحه تزهق ودمه يراق مقابل أربعة أثوار والقيمة مرشحة للهبوط في ظل استفحال قانون القوة الى مواطن يمني مقابل ثور واحد والشروط المؤهلة لمن يريد أن يتمتع بحقوق القتل المجاني المباشر بدون مسؤولية أو حساب هو أن يكون من ذوي السلطة ويحبذ أن يتكئ الى مراكز سلطة ونفوذ من العيار الثقيل جدا كما في جريمة الحامدي .

بعد 14 قرنا من اسلام اليمنيين ودخولهم في دين الله أفواجا نجد أن لا أثر لشرع الله في حياتنا وان الفساد قد بلغ حدا الى مستوى أنه أقصى دين الله جانبا وأخضع البلد الى قوانينه وشرع الجاهلية العمياء القائمة على القوة والقتل والنهب ومن ثم ذبح الثيران والكباش تحت مبررات الاستقواء بعصبيات منها الانتماء المناطقي لمراكز في السلطة وقيادة الدولة الذي يقف حائلا مانعا دون تطبيق حكم الله .

بعد جريمة الحامدي التي ألت الى ذبح أربعة أثوار هل يمكن القول أن هناك دولة في اليمن ؟ وهل يمكن تصديق مقولات الرئيس وتأكيداته بأن الدستور والقانون يطبق على الجميع ؟! اذا كانت عصابة من أبناء منطقته قتلوا مواطنا في سوق عام وامام أعين طفليه بدم بارد ثم لاذو بالفرار للاحتماء لدى القبيلة حيث السلطة التي توفر الحصانة عن الدستور والقانون وحكم الله فأي دستور وقانون هذا الذي يعنيه الرئيس ويقول أنه يطبق على الجميع ؟ هل هو قانون اليمن الحقيقي القائم على القوة والبطش والقتل ونهب الحقوق والاقتتالات والثأرات المطالبة بالدماء و على شاكلة الحروب وصراعات العصابات ومراكز القوى على اغتصاب حقوق الناس والسطو على الأراضي والممتلكات والتي صارت جزءا طبيعيا من الحياة اليومية لعاصمة البلاد .

بهذه الجريمة التي تم انهائها بعيدا عن العدالة وحكم القضاء تنفيذا لارادة السلطة و ضغوطها العليا التي ارتضت لنفسها ان تكون واجهة لحماية الجريمة بمبرر عصبية الانتماء الجغرافي المشترك مع الجناة وتناست مسؤلياتها واجباتها الدستورية في حماية المجتمع وردع المجرمين بدلا عن حمايتهم ماتكشف هذه الجريمة مستوى التردي والانهيار الذي يعيشه البلد ويقدم النموذج العملي على سقوط الدولة وتحول الوظيفة العامة والسلطةالى مراكز مافيا مهمتها استخدام الصلاحيات والمسؤليات في تشريع الفساد والذي وصل الى درجة توفير الحماية لعصابات الاجرام التي تعيث في الأرض لينطبق هذا التوصيف مع ما حذر منه محمد صلى الله عليه وسلم من نتائج غياب العدل وضياع الحقوق وسيادة الظلم الذي يفضي الى الهلاك المحتم للأمم التي يتفشى فيها هذا الفساد العظيم.

ان تحول البلاد الى الفوضى والعودة الى الاحتكام الى شرع الغاب وقانون القوة الذي يحلل للقوي أكل الضعيف ونهبه واستباحة حقه وهدر دمه يؤدي هذا الحال بالضرورة الى انهيار المجتمع وتفلت قيمه واخلاقه ولجوء الناس الى منهج القوة في نيل حقوقهم الانسانية واحقاق العدل وحفظ الكرامة والاعتبار بالثأرات ومنطق السلاح والحروب القبلية على نحو مايجري في مختلف مناطق البلاد من حروب واقتتالات يومية ومنها ماشهدته العاصمة صنعاء مؤخرا من حرب بين قبيلتي سنحان وال العواضي على خلفية مقتل طفل وعجز الدولة واجهزتها عن الامساك بالجناة المحتمين بالسلطة .

جريمة مقتل المواطن الحامدي التي برزت كأنموذج سافر لهمجية القوة التي تحكم واقع الحياة اليومية الذي يعيشه سكان هذه البلاد بمفردات القتل والبطش واستباحة الحقوق والدماء والأعراض بقوة السلطة التي صارت في ظلها قيمة الانسان الذي كرمه الله واستخلفه في الأرض تساوي مجموعة ثيران وماشية مالم يكن يمتلك شروط قانون القوة ويتعامل بألياته ليحفظ أدميته واعتباره وحقوقه.

عاناة الناس ومظالمهم لا تهم من أوكل اليهم حماية المجتمع وأمنه وسلامه الاجتماعي والتحذيرات التي تطلقها المنظمات الدولية بشأن التدهور الخطير الذي انحدرت اليه الدولة في اداء وظائفها الى مستوى اجرامية الدولة التي تتخلى عن واجباتها الى حماية المجرمين كل ذلك لايعني شيئا الا المزيد من استمراء الفساد والولوج بالوطن الى نهاية النفق المظلم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.