الاحتفال فوق رؤوس الجماجم !
بقلم/ فؤاد راشد
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و يومين
الثلاثاء 15 مايو 2007 07:24 ص

مأرب برس ـ خاص

لن نبتهج كما يجب بعيد الوحدة السابع عشر ، و لن تزغرد النساء كما درجت العادة ، ولن نتذوق حلاوته ، ولن نبترع بنشوة ، لان الفرح اصلاً مسروقاً من دواخلنا ، وكل الدواعي القائمة بدءاً من داعي القبيلة ومروراً بداعي الوطنية وداعي الانسانية وانتهاءاً بداعي الاخلاق تحثنا على العمل لإلغاء الاحتفالات الرسمية التي ستقام خلال الأسبوع القادم في اب ، وباعتبار ان المحافظه وهذا المهم استفادت من المخصصات المالية التي رصدت لهذه الاحتفالات ، ويادوب شقت فيها بعض الطرقات ، ورصفت بعض الشوارع ، وانيرت بعض الاعمدة ، وانشئت بعض الحدائق . وفي علم الحساب وامكانية استغلال الفرص يعتبر اهالي اب بانجاز هذه المشروعات التجميلية انتزعوا في اشهر معدودة مالم يتمكنوا من انتزاعه من الدولة في سنين عديدة ، مع ان هذه المشروعات يادوب كما اشرنا لاتتعدى رصف الشوارع وإنارة الطرق .

الاحتفال الرسمي الذي سيقام في الثاني والعشرين من مايو والذي يجب ان يلغى ، ياتي في وقت تمر فيه البلد بظروف استثنائية ليس منها فقط ارتفاع الاسعار بالصورة الهائلة التي شهدها السوق مؤخراً ودون سابق انذار ودون مقدمات عالمية سبقتها ولا يحزنون كما يدعي المنافقون ارباب حملة المليار الذين يعملون على اعادته مضاعفاً ، وانما ياتي في ظل الحرب الثالثة الطاحنة في صعدة منذ اربعة اشهر، والتي تحصد ارواح أبناءنا ، وتشوي أكبادنا ، وتحرق قلوبنا ، وترمل نساؤنا .

كيف يمكن لنا ان نفرح ونرقص ونصفق ونغني؟ ونحن نتلقى في الليلة الواحدة من جبهات القتال التي لم تهدأ ولا يراد لها ان تهدأ الاخبار المفجعة عن سقوط عشرات الافراد بين قتلى وجرحى ، فضلاً عن مئات الاف المواطنين الذين نزحوا عن اراضيهم قسراً من مختلف مديريات صعده ممن ليس لهم في هذه الحرب لاناقة ولاجمل ، وتشردوا عن ديارهم عنوة وافترشوا التراب مسكناً والصحارى مضجعاً والارض المقفرة منجاة الى حين ، واضحوا بلا ماوى ولا ماء ولاطعام ولادثاراً يقيهم برد الليل ولفح الشمس الحارقة .

كيف لنا في هذه الاجواء ان نحتفل ؟

 ان هؤلاء الافراد سواء كانوا من قوات الجيش ، او من المتطوعين الذين دفع بهم للحرب تحت سطوة التحريض الديني ، او تحت اغراءت اخرى ، او من المغرر بهم الذين يسقطون بين ساعة واخرى مضرجين بدمائهم الطاهرة لهم عشرات الاسر التي تبكيهم اناء الليل واطراف النهار ، ولم تجف الدموع بعد في مآقيهم ، ولم يزل الحزن يعصر افئدتهم ، ولم يزل الفراق العبثي يقض مضاجعهم ، وهناك مئات الجرحى المصابين باصابات بالغة ويعيشون حياة الاموات الاحياء في حين يموت اهاليهم من الخوف عليهم في اليوم الف ميتة ، ناهيك عن اولئك الذين أصيبوا بإعاقات دائمة ، واضطروا يودعون ممارسة الحياة الطبيعية بفعل مترتبات هذه الحرب وتبعاتها المؤلمة الى حياة الشقاء والعناء .

ان ادنى شعور ينتاب اي منا لمشاركة الناس إحزانهم في الموت ا والكوارث ا والنوازل المباغتة بسبب القرابة او الصداقة او الزمالة او الجيرة اوحتى عن طريق المعرفة العامة ومن المنطلقات الانسانية والاخلاقية يستوجب تعليق الافراح كنوع من التضامن والتعاضد وتاكيد حسن المحبة والتعاطف ، وهو اجراء ديني في المقام الاول ، وهو مافطرنا عليه ، فما الحال والبلد تعيش كابوس الحرب وضحاياها بالمئات وفي تزايد مستمر مع بزوغ كل فجر، والدولة تحتفل ونهيص ( خبر خير) وكأن شيئاً لم يحدث ! واذا كان جمهور المثقفين يكتفون بالصمت تجاه الحرب واشتعالها واستمرارها دون ان يطالبوا بوقفها الا من رحم ربي فانهم مطالبون على اقل تقدير بشجب هذا الاحتفال ورفض اقامته احتراماً للشهداء ، ومايرافقه من مباهج ليس وقتها الان . واعتقد ان مثل هذه المطالبة لاتغضب السلطة ، ولاتدفع بها لكيما تتفرعن على احد ، وهب انها تغضب السلطة وهي كلمة حق ، او ليس الانسان مؤتمناً على قول الحق خاصة اؤلئك المفكرين والسياسيين والصحافيين ومن في مقامهم ؟

ان من العار ان يبدي عدد من المفكرين والكتاب العرب والغربيين خشيتهم من اطالة هذه الحرب حتى لا تؤدي الى سقوط المزيد من الابرياء ، واحتمالات اتساعها ، وتدهور الحياة الاقتصادية ، وانفلات الحالة الامنية العامة وانتشارها ، واطلقوا صرخات متتالية في صحف عالمية تدعوالسلطة في اليمن لوقف الحرب، وفتح حوار مع جماعة الحوثي الارهابية كما تصنفها الدولة درءاَ لسفك الدماء في الوقت الذي يلتزم طلائع الامة في اليمن بالصمت المطبق ، وهم المعنيون بها وهم من سيتحمل اثارها ان سلباً وان ايجاباً، وليس هذا وحسب ، وانما يحتفلون ويزمرون ويغنون ويرقصون وهذا والله لقاصمة الظهر!!

Yemen321@yemen.net.ye