حصار تعز ورسائل من قريش 1 - 2
بقلم/ د. عبدالواحد نعمان الزعزعي
نشر منذ: سنتين و 6 أشهر و 13 يوماً
الخميس 05 مايو 2022 04:28 م

من هشام بن عمرو بن ربيعة سيد بني ربيعة الى السيد هانس غروندبورج مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن، أمّا بعد... فقد بلغني أن السيّد أنطونيو غوتيريش بعثك الى اليمن للصلح بين أهلها وبين سلالةِ قومٍ قدموا اليها قبل الف عام بقيادة رجل من قريش يُسمى يحيى بن الحسين الرّسي، ولقد كان من شهامة اليمنيين أن أحسنوا استضافتهم وإستقبالهم فآووهم وأنفقوا عليهم وشاركوهم أموالهم، فلما إستقر بهم المقام غدروا بهم وسطوا على مزارعهم وقاتلوهم وناصبوهم العداء مدّعِين طهارة عرقهم وإستعلاء سُلالتهم، ومعتقدين بخرافاتهم أنّ الله اختارهم لحكمهم.

ولقد رأيتُ أنّ واجبًا يتحتم عليّ أن أرسل إليك كتابي هذا بعد أن بلغ بهؤلاء الأحفاد من قريش مبلغًا من الخسة والإجرام في حصارهم لـ حاضرة السكون والسكاسك منذُ سبع سنوات، وهي الأرض التي نزل بها الصحابي الجليل معاذ بن جبل رسولَ رسولِ الله الى اليمن، ويسكن فيها الملايين من أحفاد من ناصروه وآمنوا برسالته، وتسمى حاضرًا مدينة تعز، ومما وصل اليّ أنهم أوغلو فيها قتلًا، وأحلوا فيها الخراب والدمار، وقطعوا طرقها ومنعوا عن ساكنيها الغذاء والدواء.

السيد هانس غروندبورج إعلم هداك الله للحق أني كنتُ كافرًا كما أنت ومع ذلك لم أرضَ فعل أجدادهم من قريش عندما تعاقدوا بصحيفتهم على حصار رسول الله محمد صل الله عليه وسلم ومن معه في شِعبٍ بمكة، فمنعوا عنهم كلّ سبل الحياة حتّى أكلوا أوراق الشّجر والجلود من الجوع، فكنت أوصَلُ الناس اليهم، وأرفق القوم بهم، فكم إنتظرتُ من لياليٍ مظلماتٍ لأُدخل على محمد ومن معه في الشِعب الأحمال من الطعام، ولم أُعر لقريشٍ سمعًا أو أحفظ لهم عهدًا يخالف ما آمنتُ به من قيمٍ وأخلاقٍ عربية.

وإني لأعلمُ أنك لست بعربي، لكنّ ما لديكم من قِيم إنسانية تحتمُ عليك أن تعمل على إنهاء حصار قريشٍ لتعز، وفتح طرقاتها، ونزع ما فيها من الغام وعبوات ومتفحرات، وإيقاف إرسال القذائف والمُسيرات لقتل الناس والأطفال في الشوارع والحارات، وأيمُ الله إن ما يفعلون لهو من أقبح المنكرات، فحتى أجدادهم من قريش عافت فعل ذلك، فلا تمنحوهم المزيد من الدولارات، ولا تهبوهم السيارات بحجة نزع ما زرعوه من الغامٍ ومتفجرات، فو الله أنهم لأكذبُ القوم، وأجرم وأشقى ما تناسلت قريش، فلا هم للخير فاعلون، ولا للشر تاركون، وإني والله لأخشى أن بإموالكم لِما بقي من طرقات اليمنيون مُلَغمون، ولمدنهم وقراهم بالمتفجرات زارعون.

وأعلم أني كنت رجلاً من قريش تُسمع كلمته، ويُهتدى برأيه فلم اكتفِ بإطعام من كان في الشِعب، بل عزمتُ أمري مع سادة من رّجال العرب على فك الحصار عن النبي محمد ومن معه وإنهاء مقاطعتهم، فجمعت حولي زُهير بن أبي أمية والمطعم بن عدي والبختري بن هشام وزمعة بن الأسود وناديت في القوم من قريش أن لا نبرحُ حتى تُشق تلك الصحيفة القاطعة الظالمة، وإنهينا المقاطعة وقطّعنا صحيفتهم بعد ثلاث سنوات من الحصار والمقاطعة.

ولا يخفى عليّ إنك تتعامل مع قومٍ تمتلئ قلوبهم غلًا وحقدًا وقبُحًا وخسة، فلا تبتئس ولا تعجز ولا تتردد وأعزم أمرك، كما فعلتُ وأصحابي مع جدهم أبا جهل عمرو بن هشام عندما انتفخت أوداجُه واِسْتَشَاطَ غَضَباً رافضًا فك الحصار، غير أن قومنا عافوا فعله وأسكتوه حتى قال يومها "إن هذا أمر قُضي بليل" وإني لأُدرك أن صاحبك في صعده أشبه بصاحبنا، فإن أبى فك الحصار عن تعز فأفعل كما فعلتُ واستعن بالسيد تيموثي ليندركينغ، والسيدة كاثرين ويستلي، والسيد ريتشارد أوبنهايم وحسين عبد اللهيان، والبوسعيدي فهم لهؤلاء أسمع ولتنفيذ أوامرهم أسرع، أما وأن فعلتَ ذلك فإني لأرجو الله أن تفك الحصار عن أربع ملايين من النساء والأطفال والمرضى ليَصل الناسُ ارحامهم، ويجلبوا بيسرٍ طعامهم، وليجدوا بدون مشقةٍ الدواء لإمراضهم، وكلي رجاءً أن تجد الله كما وجدته حين آمنتُ برسالة محمد قبل أن أموت، ولعلّ سبب ذلك ما فعلتُ في شِعب مكة. والسلام. هشام بن عمرو بن ربيعة - سيد بني ربيعة - قريش.