الى الكابتن / عبد الخالق القاضي رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية
بقلم/ همدان العليي
نشر منذ: 17 سنة و شهر و يوم واحد
الإثنين 15 أكتوبر-تشرين الأول 2007 03:28 ص

مأرب برس - خاص


الكابتن / عبد الخالق القاضي رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية ..

 بعد التحية ،

لكل شيء فضلات ، حتى الأشياء الجميلة تعلق بها بعض الفضلات و الآثار التي يجب إزالتها من حين لآخر..

و لأن شركة اليمنية للطيران تحمل اسم الوطن الغالي على قلوبنا فهي أجمل من الجمال نفسه ، ولكن في الحقيقة لا تخلو من النقاط السوداء التي تشوّه هذا الجمال مثل البقع السوداء ( الفساد ) التي باتت تشوه جمال الوطن ككل .

لا أكتب اليوم تصيداً لأخطاء العباد قاصداً التشهير و الإساءة ، و لكن إحقاقاً للحق و إبطالاً للباطل إذا استطعت بإذن الله تعالى ، فأنا على يقين أن اقتراف الأخطاء شيء وارد ، لكن الغير وارد و المُخزي هو عدم تصيد هذه الأخطاء بقصد إصلاحها و السكوت عنها و في تلك الحالة تتراكم ( الأوساخ و الندب) و تتحول إلى بقع و من ثَم صريم دامس ..

سأسرد عليكم باختصار واقعة غريبة حدثت معي و أحد أقربائي في مطار القاهرة بتاريخ 5 أكتوبر من الشهر الجاري و قبل إقلاع طائرة العودة إلى الوطن بساعة تقريباً ، مستنكراً ما حدث و لأني على يقين أنه لا يمكن لابتسامات المُضيفات الصفراء و المصطنعة و لا الإعلانات المنمقة أن تشفع لطيران اليمنية و ما فعلوه معنا في ذلك اليوم و الذي لا أنا ولا غيري سيرضى بمثل تلك الأعمال المُزعجة في حق المُسافرين و المُخزية في حق من قاموا بها إن كان الخجل أحد صفاتهم فالحياء من الإيمان ..

و بالرغم أن الاتهامات التي وجهت لي و لقريبي من موظف اليمنية هناك كانت غير طبيعية بل تراهات غريبة تُظهر مدى الاستخفاف بعقول الناس ، بل من شدة غرابتها حاولت إرضاء نفسي و إقناعها في تلك اللحظات أن ما يحدث هو " مقلب " كوميدي رمضاني ( الكميرا الخفية ) و الذي كان الهدف منه إعادة شراء تذاكر جديدة لي و لقريبي ( خالي ) لكي نعود إلى الوطن وأن تذاكرنا قد استخدمت من غيرنا ..!!

ولا أخفيكم أنه قد خُيل لي بعد مرور وقت طويل على الجدال أن الاتهامات عبارة عن ترويج و تمهيد لعملية نصب واحتيال ، أو أنها عملية انتقامية تقليدية لوقت بسيط ( ساعة أو أكثر ) من إرهاق الأعصاب ( حريق دم ) فقط لأسباب قد تلمسوها في السطور التالية ..

كانت البداية عندما دخلنا مطار القاهرة الدولي ( القديم ) متوجهين إلى صالة المُغادرة حين استوقفني ثلاثة شباب كنتُ قد تعرفت عليهم من قبل في القاهرة حي " الدقي " الذي سكنا فيه في رحلتنا العلاجية و بحكم أننا يمنيين ، فالاجتماعية و التداخل و التعارف هو أفضل شيء نُجيده ، لذلك كنت قد تعرفت عليهم معرفة سطحية و لكني علمت أنهم يعملون في تهريب الأدوية من مصر إلى اليمن و أن من أعمالهم اليومية وقوفهم على أبواب مطار القاهرة و مثلهم في صنعاء يطلبون من المُسافرين أخذ مُهربات معهم على أنها هدايا أو أشياء أخرى كخدمة إنسانية و بالتالي تسليمها لأشخاص في صالة الوصول ( حتى أنهم يُجندون فتيات مصريات لتكثيف عنصر الإقناع ) ..!!

كان الشباب يعلمون رفضي طلبهم من الأيام السابقة لكنهم جددوا الطلب عندما التقينا في صالة المُغادرة بأن أأخذ " كرتون " معي و "كرتون " مع قريبي و أن ندمجها في وزن أمتعتنا القليلة .. كان كلامهم يستند لجرعات من الإرضاء و الطمأنة حين كانوا يقولوا أن لا نخاف من شيء و أن طيران اليمنية في "جيوبهم " سواء في صنعاء أو في مطار القاهرة و أنه في حالة الوصول إلى صنعاء لا نتدخل من البضاعة و لا حتى نسأل عليها لأن هناك من سيأخذها مُباشرةً ..!

في المُقابل جددت أنا رفضي القاطع بالرغم أن جبيني كان يقطر خجلاً بسبب العيش و الملح الذي جمعنا ، لكني لا أريد أن أكون معولاً لهدم بلدي و لأني لا أريد أن أكون ساذجاً مرتين فعندما كنت في مطار صنعاء طلب مني أمثالهم أن أقوم بعمل إنساني عند أخذ مجموعة هواتف نوكيا من صنع صيني ( هدية ) و تسليمها في مطار القاهرة و في آخر المطاف أكتشف أني قمت بعملية تهريب ممنوعة و أن هناك غيري الكثير، و أن ربع اليمنيين في القاهرة على ما أعتقد يعملون في تهريب أشياء كثيرة مثل الأدوية من مصر إلى اليمن ، على دفع صغيرة مع كل مسافر و الهواتف صينية الصنع من اليمن إلى القاهرة و أنه يتم بيعها للمصريين بربح يتراوح بين السبعة إلى العشرة ألف ريال يمني في الجهاز الواحد على أنه " فرلندي " الصنع بعد وضع لاصق فضي مزور عليه ..!!

بدت على وجوههم ملامح الانزعاج الناقمة عليّ و أنا أشاهدهم من خلف الحاجز الزجاجي عندما توقفت في الطابور أمام مكتب الخطوط الجوية اليمنية المكشوف المُخصص لوزن الأمتعة و مُراجعة تذاكر السفر ، و بعد وقت ليس بطويل جاء دورنا و سلمت جوازاتنا و تذاكرنا للموظفة المصرية الجالسة أمام جهاز الكمبيوتر .. فجأة يأتي شاب قصير القامة وسيم كانوا ينادونه بــ( المدير محمد ) و أخذ جوازي و التذكرة و قال بثقة ( هذه التذاكر موعدها بالأمس و قد رحلت ..!! )

أخبرته باستغراب أننا حجزنا ليوم 5 أكتوبر و ليس أربعة وهذا موضح أيضاً بخط موظفة اليمنية على ورقة التذكرة ..

قاطعني قائلاً ( اذهب خلف هذا الموظف إلى مكتبه و تأكد )

ذهبت و انتظرت و أنامل الموظف المصري تعبث بلوحة مفاتيح الكمبيوتر و عند انتهائه يقول لي بلهجته المصرية ( انتو متأكدين أنكم ما سافرتموش أمبارح ؟ )

قلت له و أنا اضحك كيف و نحن أمامك ؟

قال ( غريبة .. جهاز الكمبيوتر بيقول انكم سافرتم يوم 4 أكتوبر .. يعني أمبارح )

قلت له يا أخي كيف سافرنا و جوازاتنا و تذاكرنا لا زالت معنا و بعدين يوم السفر الذي حدده مكتب اليمنية يوم 5 أكتوبر مش 4 ؟

قال الموظف ( أعمل لك أيه .. ده جهاز الكمبيوتر بيقول مش أنا ، خلاص روح لعند المدير محمد )

 الذي أزعجني أن ابن بلدي الذي يجب أن يكون درع لنا هناك في بلد شقيق ( محمد ) بعد ذهابي إليه و بعد تفحصه للجوازات و التذاكر يقول لنا بلغة فيها شيء من اصطناع الصرامة ( هذه الجوازات مرت عليّ بالأمس) بل أبدى استعداده لتوثيق افتراءه علينا باليمين القاطع وهو صائم ..!!

تمالكت أعصابي و بهدوء بدأت اشرح له أننا لم ندخل مطار القاهرة قط غير مرتين.. مرة يوم وصولنا في سبتمبر ألماض و الثانية ذلك اليوم أي يوم 5 أكتوبر يوم المغادرة و أن فترة السماح لنا هي شهرين و أننا لم نكمل الشهر في مصر .. قاطعني بحديث فحواه أن التذاكر قد استخدمت من غيرنا وأنه يجب علينا أنا و قريبي أن نقطع تذاكر من جديد و هذا يعني دفع مبلغ مقداره 78 ألف ريال يمني للمسافر الواحد من جديد ..!

مهزلة .. هكذا قلتها بعلو الصوت بعد نفاذ صبري لمدة ساعة أو أكثر تقريباً من الجدال .. ساعة و أنا أحاول البحث عن تفسير، ساعة أنستني اللحظات الجميلة التي جلستها أمام سحر نهر النيل .. أنستني مُصافحتي لأبوا الهول و تكحيل عينيّ برؤية عجيبة من عجائب الدنيا السبع ( الأهرامات ) ، بل أنستنا فرحتنا بعودتنا للوطن الذي لا يساويه ألف وطن بعد أن كُللت رحلتنا العلاجية بالنجاح و الحمد لله .

حقاً لم أعد ادر أي استخفاف بعقولنا عندما يقول من ينادونه بــ ( المدير محمد ) أننا قد سافرنا بالأمس و أن تذاكرنا قد استهلكت وهي لا زالت في أيدينا بل و أننا أنا و ( خالي ) الذي لم تلتئم جراح عملية استئصال الكلى اليمنى له بعد ، نريد أن ننصب على طيران اليمنية ..!! 

كان الوقت آن ذاك يُنذر بقرب موعد إقلاع الطائرة و أنه قد تبقى من الوقت غير 20 دقيقة تقريباً ، و هذا يعني أنها بالكاد تكفي لإتمام الإجراءات المُتبقية و اللازمة في المطار قبل الصعود إلى الطائرة .. حينها رفعت صوتي مُهدداً السيد ( محمد ) بأنه إذا لم نُسافر في هذه الرحلة سوف يتحمل المسؤولية كاملة و أننا سنُغادر المطار مباشرةً إلى السفارة اليمنية ..

تجاهلني باستهتار و كأنه لم يسمع ما قلته و اختفى في أروقة صالات المطار الكبيرة .. بعدها اتجهت للموظفة المصرية القابعة على المكتب طالباً منها حل سريع ، فأخذت جهاز ألاسلكي الذي أمامها مُخاطبة السيد " محمد " كما ظهر لي قائلةً ( أعمل أيه بالاثنين دول ؟ ) فأجابها باختصار ( مشيهم ) ..!! بمعنى دعيهم يُسافرون .

بحكم أني أحد زبائن شركة الخطوط الجوية اليمنية بل لأني فرد من وطن أسمه اليمن هذه أسئلة أوجهها لمسئولين الخطوط الجوية عامةَ و للكابتن / عبد الخالق القاضي خاصة :

*هل ما حدث معي شيء طبيعي ؟ بمعنى روتين أمني ؟ و إن كان .. ما علاقة اليمنية بل هل اتهامنا بأننا قد رحلنا قبل موعد السفر بيوم واحد إجراء أمني ؟ !!

*هل سمعتم عن أشخاص سافروا قبل موعد سفرهم بيوم دون استثناءات خاصة ؟ بل هل سيسافرون دون استخدام جوازاتهم و ختم الخروج و إجراء بعض الإجراءات المدونة على جوازات السفر سواء في القاهرة أو صنعاء و استهلاك تذاكرهم ؟

و الأسئلة الموجعة حقاً :

  • هل ما حدث معي أنا و أحد أقربائي عند عودتي من رحلة علاجية في مطار القاهرة في يوم الجمعة 5 أكتوبر من الشهر الجاري الساعة الواحدة بعد الظهر بتوقيت القاهرة من قِبل موظفين الخطوط الجوية اليمنية على رأسهم الشخص الذي لا أحفظ غير اسمه الأول ( محمد ) يمني الجنسية عبارة عن عقاب لنا لأننا لم نقبل تهريب أدوية عبر حقائبنا إلى الوطن ؟ !!!
  • أم أن الحدث كان عبارة عن عملية نصب و احتيال ؟ أو كان الأمر عبارة عن تسلية رمضانية أحبت اليمنية أو موظفيها أن تعطيها كخدمة أو استراحة لزبائنها قبل إقلاع الطائرة على حساب ( حريق دمهم ) و إجهاض معنوياتهم ؟

انتقام و عقاب أو نصب و احتيال أو تسلية و استخفاف .. ثلاثة تفسيرات فسرتها أنا و من علم بالموضوع ، و الحقيقة أن كل حالة أدهى و أمرّ من الأخرى ، و أتمنى من أولي الأمر أن يعطوننا تفسير رابع مُقنع للحدث و إثبات أني ظننت فيهم سوء أو عقاب لأبطال الواقعة إن أخطئوا كي يبقى الجميل جميلا و لكي نحتفظ بأواصر حبنا للخطوط الجوية اليمنية النابع من حبنا للوطن .