مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة تفاصيل لقاء وزير الداخلية مع قائد القوات المشتركة لماذا دعت دراسة حديثة صندوق النقد الدولي لبيع جزء من الذهب الخاص به ؟ صدمة كبيرة بين فريق ترامب.. بسبب تعيين شخصية إعلامية في منصب سيادي حساس المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يوجه تحذيرا للمواطنين في خمس محافظات يمنية اليمن تزاحم كبرى دول العالم في قمة المناخ بإذربيجان .. وتبتعث 47 شخصًا يمثلون الحكومة و67 شخ يمثلون المنظمات غير الحكومية
في زحمة الانشغال بالأنباء المتصلة بمحادثات مسقط السرية، لم يعد أحد يسأل أين هو المؤتمر الشعبي العام، الحزب الذي شغل واجهة السياسية طيلة ثلاثة عقود من عمر الجمهورية، ولماذا يغيب عن محادثات مسقط السرية، وعما إذا كانت السلطة الشرعية هي الضحية القادمة لهذه الحرب.
لقد أكلت الحرب اللاعب الأبرز في هذه الحرب والطرف الذي خطط للانقلاب، وكان زعيمه علي عبد الله صالح يعتقد أن بوسعه أن يستعيد السلطة عبر القفازة الحوثية، قبل أن يلقى حتفه بعد ثلاث سنوات من الحرب ويفقد كل مظاهر السلطة وثرائها وعائداتها، بعد أن منح الحوثيين خبرات المؤسسة العسكرية التابعة له، ومكنهم من خوض حرب واسعة كالتي تجري اليوم على الأرض اليمنية.
المؤشرات القادمة من مسقط تنبئ بإمكانية أن تواجه الحكومة الشرعية قريباً مصيرا مشابهاً للمصير الذي واجهه المؤتمر الشعبي العام وزعيمه علي عبد الله صالح، لتقتصر المعركة على طرفين لا ثالث لهما: تحالف أبو ظبي الرياض العسكري، والحوثيين ومن خلفهم إيران.
حينما سألت سياسياً مؤتمرياً واسع الاطلاع على خفايا الأمور؛ عن محادثات مسقط، أجابني بأن الأمور تزداد غموضاً، بما يعني أنه هو أيضاً بدأ يفقد المعلومات شيئاً فشيئاً، والسبب أن المؤتمر لم يعد له حضور في هذه المحادثات ولم يعد طرفاً سياسياً فيها.
هذه الحقيقة المرة يجب أن يستوعبها المؤتمريون قبل غيرهم، ويجب أن تستوعبها الحكومة التي لا تزال تعتقد أنها تمثل من الناحية السياسية إرث المؤتمر وأحد أثقاله الوازنة في الساحة السياسية.
تكاد الحرب أن تبتلع الحكومة الشرعية، ولولا حاجة هذا التحالف إلى الغطاء السياسي لما بقي الرئيس عبد ربه منصور هادي ساعة واحدة في المشهد السياسي، ومع ذلك لا يمكن تفسير ما يجري على الأرض إلا أنه جزء من مخطط إفناء السلطة الشرعية، والتخلص التدريجي من سلطة الرئيس هادي الاسمية.
فالحكومة الشرعية لم تعد موجودة على الأرض، خصوصاً في المناطق الجنوبية المحررة التي دخلت مرحلة شديدة القتامة؛ بعد أن قدم أصحاب المجلس الانتقالي الجنوبي أنفسهم حصان طروادة لأبو ظبي، لتدخل البلاد في مرحلة جديدة من الاستعمار الجديد؛ مقدماته عربية وخلفياته بريطانية وأمريكية وإسرائيلية.
في هذه المرحلة المفصلية من التاريخ ترتهن المنطقة لإرادة رجلين، هما الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية؛ الأحدث سناً والأحدث عهداً بالسياسة.
والسيء في الأمر أن هذين الرجلين، ارتهنا سلفاً لإرادة أكثر شراً وفتكاً وأكثر حقداً على المنطقة ونموذج حياتها وحضارتها وجوهرها الأهم، وهو الدين الإسلامي.
ويمثل اليمن الساحة الأكثر انكشافاً للمخطط الذي ينفذه هذان الرجلان؛ في طريق تقدمهما نحو السلطة في بلديهما الأكثر ثراء على مستوى المنطقة.
فالسعودية والإمارات لا ينطلقان من أي أسس أخلاقية في تعاطيهما مع الأزمة والحرب في اليمن، وأهداف حربهما في اليمن متغيرة وليست ثابثة، واستعدادهما للتضحية بالشريك السياسي الأهم والأقوى على الساحة اليمنية، يتجلى في العمل الممنهج والدؤوب لتفتيت قوة هذا الشريك وشيطنته وتقليص نفوذه على نحو ما؛ تواجهه السلطة الشرعية في المناطق التي اندحر الحوثيون منها قبل ثلاث سنوات، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية.
ترفع المملكة وأزلامها شعار مواجهة إيران ومدها الشيعي الرافضي في اليمن، وتحاول أن تظهر الحرب على أنها مواجهة طائفية وليست حرباً سياسية؛ هدفها إعادة الشرعية بإنهاء الانقلاب والقضاء على المتمردين الحوثيين.
الحقيقة أن الرياض، ومن خلفها أبو ظبي، لا تريد أن تنتهي الحرب، وفق الرواية الرسمية المعتمدة واستناداً إلى المرجعيات المتفق عليها؛ لأن من شأن ذلك أن يعيد الدولة اليمنية الاتحادية الديمقراطية أكثر قوة وحضوراً وتأثيراً في المنطقة.
اعتمدت الرياض في القرن الماضي على وكلاء مؤثرين في تكريس نفوذها الدائم في اليمن، كان نظام علي عبد الله صالح أحد أهم هؤلاء الوكلاء، بالإضافة إلى شبكة واسعة من الولاء القبلي للرياض والمرتبط بحجم لا بأس به من المصالح الاقتصادية التي تمتع بها رؤساء القبائل اليمنية في الشمال والجنوب.
الجديد في محادثات مسقط أنها وضعت الرياض على قدم المساواة مع الحوثيين، وهذا يعني أن الرياض تقدم التنازلات التي قد تكون مؤشراً على طبيعة التسوية القادمة، والتي لن تأتي بشريك مرن ومنقاد للرياض (كما كان عليه الحال في السابق)، بل شريك أُعد باحتراف من جانب لاعب إقليمي خطير هو إيران، وليس بوسعه التنازل عن أهم أدواته في المنطقة.
وهذا يكفي وحده ليكشف عن المستقبل المأساوي الذي ينتظر اليمن والسعودية معاً؛ إذا ما قرر وعلي عهد السعودية المضي قدما في مخطط إنهاء الحرب بأي ثمن، سعياً منه في ترتيب انتقال بدون منغصات للسلطة في بلاده.
*عربي 21