مؤشرات ايجابية على عودة الإستقرار للبحر الأحمر.. 47 سفينة عدلت مسارها إلى قناة السويس بدلاً من الرجاء الصالح
الإتحاد يعزز الصدارة بفوز كبير على غريمه الهلال
الجيش الأردني يعلن احباط تهريب كمية من المواد المخدرة عبر طائرة مسيرة
إعلام أمريكي: ''الحوثيون هاجموا طائرات مقاتلة ومسيرة أمريكية وجدل داخل الجيش حول كيفية الرد''
حماس تتحدث عن خرق اسرائيلي فاضح لاتفاق تبادل الأسرى
دمشق تعلن بدء تشغيل النفط من حقول شمال شرقي سوريا
فضيحة تحكيمية جديدة في مباراة برشلونة
أوكرانيا أرض الثروات.. لهذا يلهث ترامب وراء المعادن النادرة
28 مليار دولار خسائر أوروبا الأولية من رسوم ترمب على الصلب والألمنيوم
قراصنة يستولون على 1.5 مليار دولار في أكبر سرقة بتاريخ العملات المشفرة
لا يشفي غليلي ولا يروي عليلي في باب البيان والتأثير إلا الجملة القرآنية الآسرة الجزلة المشرقة وقد عرفت سر انهزام العرب العرباء الفصحاء أمام إعجاز القرآن ونصاعة بيانه وبراعة فصاحته حتى استسلموا وأذعنوا جميعا، والدمغة القرآنية لها صفة خاصة من حيث الجرس والوقع والتأثير حتى قال تعالى: «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ». وقد أشارت بعض الصحف المحلية إلى ظاهرة الاستشهاد بالآيات القرآنية في الثورات العربية عبر الفضائيات، لكنها مرت على هذا الخبر مرورا عابرا.
وكنت أتابع الاستشهاد القرآني في الفضائيات فيملأ قلبـي يقينا ويعمر نفسي إبداعا وجمالا ويسافر خيالي مع هذا الحسن الذي يأخذ بالألباب، كان المذيع يعلق على مشهد خروج الرئيس المصري بطائرته من القصر فيقول: «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» وينتهي نهاية الرئيس التونسي ثم يقول: «أَلا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ» ويتصل دبلوماسي ليبـي منشق عن نظام القذافي ويقول للقذافي مستشهدا بالآية: «وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ»، ويأتي تقرير بصوت مذيع فخم العبارة مشرق الديباجة عن النظام السوري فيتحدث عن منذر الأسد ويقول مشيرا إلى آية سورة يوسف: «إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ»، ويتعرض الرئيس اليمني لمحاولة اغتيال وينجو بصعوبة فيقول المذيع: «فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ».
وعلى ذكر اليمن فإنني أحفظ استشهادات قرآنية من اليمن في هذا الباب، منها: أن أحد الطلاب في جامعة يمنية قال لأستاذه: ما بالنا يا أستاذ ونحن في جزيرة العرب جيران مع السعودية وحالهم الاقتصادي كما ترى وحالنا كما ترى. فقال الأستاذ: لأن صاحبهم، يقصد إبراهيم، عليه السلام، قال في أرضهم: «فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ»، وصاحبنا في سبأ قال: «رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ»، وفي كتب الأدب أن رجلا من قريش قال ليمني: ما فعلت عجوزكم التي حكمتكم؟ يقصد بلقيس. قال: عجوزنا أسلمت مع سليمان لله رب العالمين، وعجوزكم حمالة الحطب دخلت النار مع أبي لهب. وكان في اليمن أحد الأعيان الوجهاء مشهور بأكل الربا والكذب، فدعا بعض الناس لمأدبته وفيهم شاعر، ثم جلس في رأس المأدبة يحدثهم بخرافات وأباطيل ثم التفت إلى الشاعر فقال: كيف حالكم يا فلان؟ فقال: حالنا كما قال الله تعالى: «سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ». وسمع داعية كان يسكن أوروبا أن نظام حافظ الأسد بدأ بحوار مع العلماء والدعاة فاغتر ورجع إلى سوريا، فلما وصل المطار وجد الاستجواب فعاد بعدها بحيلة إلى أوروبا فسأله زملاؤه: كيف وجدت سوريا؟ قال: وجدتها «مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا».
وكان الرئيس التونسي بن علي يمنع المحاضرات والدروس والندوات الإسلامية، فلما جاء البث المباشر التلفزيوني أخذت الشاشة تصب في غرفة نومه محاضرات ودروس العلماء والدعاة، فقال أحد مفكري تونس: «فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ». وقد سافرت في رحلة ممتعة مع الراغب الأصبهاني والجرجاني والزمخشري والجاحظ والشعراوي والطنطاوي، وهم يضعون إصبعي على إبداعات وجواهر وأسرار القرآن فأصبحت أي مقولة أو قصيدة لا يهش لها قلبي ولا تجنح معها نفسي بقدر ما تمتلئ روحي من بلاغة القرآن وعظمته وأسره، وقد حلق الرافعي في كتابه «تحت راية القرآن» حول سر خلود وروعة وإبداع القرآن بفيض من البراعة الأدبية التي لا يستطيعها غيره.