آخر الاخبار

دور الإعلام في تعزيز الوعي الوطني ودعم مسار استعادة الدولة.. ندوة نقاشية بمحافظة مأرب حيث الانسان يعيد البسمة للأطفال الملتحقين بمركز يؤهل ذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة تريم بحضرموت.. تفاصيل الحكاية رمضان في مناطق الحوثي .. من أجواء روحانية إلى موسم للقمع الطائفي والتلقين السياسي.. شوارع تعج بالمتسولين وأزقة تمتلئ بالجواسيس العميد طارق : ما حدث في سوريا لن يكون بعيدًا عن اليمن وادعاء الحوثيين التصنيع الحربي مجرد وهم وكل أسلحتهم تأتي من إيران اللجنة العليا للحج تؤكد على استكمال إجراءات السداد وتحويل المبالغ لضمان جاهزية الموسم مقاومة قبيلة أرحب تدعو المجلس الرئاسي إلى اتخاذ قرار الحسم وتمويل معركة الخلاص وتعلن.جاهزيتها العالية لرفد الجبهات بكافة سبل الدعم وول ستريت جورنال تسخر من تعامل الرئيس الأمريكي السابق مع الحوثيين وتورد بعض أخطائه حنين اليمنيين يتجدد كل رمضان للراحل يحيى علاو وبرنامج ''فرسان الميدان'' عاجل: الدفاع الأمريكية تعلن مقتل عشرات القادة الحوثيين بينهم عسكريين وتكشف حصيلة ''الموجة الأولى'' من ضرباتها وعدد الأهداف التي قصفتها الرئيس اليمني يدعو المجتمع الدولي لمعاقبة الحوثيين كما فعلت أمريكا ويتحدث عن السبيل الوحيد لإنهاء التهديدات الإرهـ.ابية

اليمن ما بعد انقلاب الرئيس
بقلم/ مهنا الحبيل
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 9 أيام
الإثنين 06 يونيو-حزيران 2011 08:27 م

إصابة الرئيس اليمني في قصف القصر الرئاسي وعدد من القيادات الموالية له عكس حجم التعقيدات التي وصلت لها الأوضاع من خلال ممارسات الرئيس ذاته, وإدخاله اليمن في حلقات خطيرة درّجها الرئيس لعمل كل ما يستطيع لمنع أي مشروع إصلاحي يبدأ بتنحيه.

وإضافة إلى أن المؤشرات تعطي دلالة واضحة على أن حلقة الصراع الأخيرة التي استهدفت الرئيس ومساعديه نُفّذت من قبل دائرة الولاء الخاصة, إلا أن من المهم أيضا أن نعرف الساعات الأخيرة لما قبل اندلاع الحرب لنعيد تقييم المشهد, الذي نتمنى أن يخلص إلى نجاة اليمن ونجاح مشروع الثورة الديمقراطي الذي لا يزال يستدعي تكاتف كل القوى الوطنية لمواجهة الحرب المجنونة.

ما قبل الحرب

والتوصيف الأوّلي لأحداث اليمن الأخيرة رغم إيلامه فإنه حقيقة لا بد أن يُعترف بها وهي أنها صورة من الحرب الأهلية التي سعى إليها الرئيس اليمني وكرر التهديد بها مراراً وخاصة حين ألحقها مباشرة بمذبحة تعز التي لم تكن طرفا أبداً في الاشتباكات المسلحة بين حاشد والقبائل الحليفة وبين القوات الموالية لصالح من المليشيات والقطاعات العسكرية المتمسكة به.

ومع ذلك اكتسحت هذه القوات بالدبابات ساحة الاعتصام في تعز بالتزامن مع تراجع قوات صالح في صنعاء أمام تحالف القبائل المؤيد للشيخ صادق الأحمر، في محاولة من صالح الزج بحشود الشباب في الساحات إلى الالتحام العسكري به وهو ما لم يحصل حتى الآن.

غير أنّ التوصيف التفصيلي لحرب اليمن الحالية أنها حرب داخلية بين قوى شعبية قبائلية وعسكرية ومدنية تمسكت بحق تنحية الرئيس المتسبب في أزمات وكوارث عدة، والذي مُنح فرصا عديدة لإنقاذ البلد ومع ذلك كان يُسارع في صورة متهورة لتأزيم الأمور وخلق أجواء الحرب حتى ولو كانت لمجرد الانتقام من اليمن كوطن وشعب، وإن علم أن نهاية هذه المواجهة لن تسمح بعودته للكرسي الدامي.

وبرز ذلك في تسليم صالح زنجبار للقاعدة بعد انسحاب قوات الجيش ثم إعلان الحرب عليها وقصفها بالطيران في ذات التوقيت لاندلاع الاشتباكات واجتياح ميدان تعز، في محاولة منه لخلط الأوراق أمام المجتمع الدولي والعمق الخليجي لتغيير موقفهم لصالحه، وهو ما فشل فيه.

من قتل مبادرة الخليج؟

ومن المهم جداً أن نعود للأيام الأخيرة وساعاتها الحاسمة في مسار المبادرة الخليجية التي قتلها الرئيس صالح وأعلنت المعارضة أنها في حكم المنتهية, فبعد مناورات عدة لإحباط المبادرة من الداخل من قبل الرئيس صالح ونخبته الخاصة في جولتي الرياض حيث كان يعتذر مرارا بأن المعارضة مترددة أو أنها غير قادرة على إنهاء الاعتصام أو بالتصعيد الميداني على المدنيين المعتصمين، ويطرح أعذاره خلال التفاوض أو خلال الاستعداد للتوقيع الأول في الرياض.

ومع كل تلك المناورات وامتناعه عن الحضور للرياض للتوقيع، فقد فشل الرئيس صالح في مواجهة اللحظة الحاسمة في صنعاء, حين وافق اللقاء المشترك على التوقيع على المبادرة دون شروط ودون انتظار توقيع الرئيس باعتبار أنّ مجلس التعاون الخليجي هو من سيكون في مواجهة الرئيس لتوقيعه على المبادرة وعلى أهم بند وهو تنحّيه، كون أن ذلك كان ولا يزال أصل الأزمة في اليمن وتطوراتها, وهو موقف وبغضّ النظر عن الخلاف في تقييم أداء اللقاء المشترك فهو أحرج الرئيس ونخبته ووضعه في الزاوية الصفرية.

ولنا وقفة هامة هنا للغاية وهي أن بعض قوى الثورة وحلفائها قد أظهرت رفضاً أو تحفظاً قويا على التسامح الذي أبدته المبادرة الخليجية مع صالح وخاصة الفسحة الزمنية، لكن مع ذلك لم تتقدم أي من هذه القوى بإعاقة لمسار المبادرة التنفيذي باعتبار أن الجميع كانوا يرجون أنّ تتحقق الخطوة المركزية في المبادرة وهي تنحي الرئيس لأجل إنقاذ اليمن من أجواء المواجهات، ومع ذلك فإن الانقلاب على المبادرة كان من الرئيس ذاته للخروج من أي صيغة توافقية لرحيله وكأنما يقول للجميع: أنا أو فليحترق اليمن.

وهو ما جعل صالح يبعث قوات موالية له لمحاصرة السفارة الإماراتية حيث وُجد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي اللواء عبد اللطيف الزياني وتم تهديد سلامته الشخصية، وقد وضح ذلك من خلال رصدنا المباشر لإعلان وزير الخارجية البحريني ذلك في حسابه على التويتر منبها العالم عبر الإعلام إلى خطورة ما يتعرض له الوفد الخليجي من قوات صالح, والحقيقة أن الأمين العام اللواء الزياني أبدا صمودا وشجاعة لمواصلة هذا المسعى ولم يطلب تأمين مغادرته بل تأمين وصوله إلى القصر الجمهوري حيث يوقّع صالح على المبادرة بناءً على تعهده بذلك.

وبالفعل نُقل بمروحية إلى القصر الجمهوري حينها اضطر صالح لإعلان رفضه التوقيع على المبادرة وتصعيده المباشر على مجلس التعاون، في حين وجّه قيادات حزب المؤتمر للتوقيع وهم خارج سياق القضية، إذ إن الحزب والرئاسة بيد صالح وكرسيه هو المأزق.

منزل الأحمر ووفد الرئيس

بعد ذلك غادر الأمين العام لمجلس التعاون صنعاء وأعلن المجلس الوزاري الخليجي تعليق المبادرة قبل أن تُعلن الأحداث نهايتها كليا, ولقد وقع أمر مهم جدا للغاية ومفصلي للأحداث يحدد بوضوح إشكالية الكارثة التي يعيشها اليمن من خلال تصور الرئيس واعتقاده الذاتي بنوازع التفوق والحق المطلق للهيمنة على اليمن وبالتالي قتل أي فرصة لاسترداد الجمهورية بمسار دستوري تعددي ينقذها ويمنع حدوث الحرب الأهلية, فسعى صالح بعد ساعات إلى التواصل مع الشيخ صادق الأحمر وطرح مبادرة تهيئة أجواء قابلها الشيخ الأحمر بالترحيب حيث إن هذا المنهج في التفاوض والتهدئة سمة وطنية يمنية سياسية وعشائرية.

وأرسل صالح وفدا منهم رئيس الأمن السياسي وقيادات أخرى يبدو أن الرئيس كان يخطط لتصفيتهم، وبعد وصول الوفد وتأكّد صالح من مقابلتهم الشيخ الأحمر في المنزل الذي يحمل رمزية وطنية تاريخية للشعب اليمني كونه منزل زعيم تاريخي للحركة الوطنية ولقبائل حاشد وهو الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، وفي لحظة اتصال رئيس الأمن السياسي بصالح وتأكد الأخير من جلوسهم مع الأحمر بدأ القصف الصاروخي من قوات الرئيس لمنزل الشيخ الأحمر, ليتضح أن الهدف كان استدراج قبائل الأحمر لأجواء تهدئة مزيفة يباغتهم فيها الرئيس صالح باغتيال جملة من الشخصيات الوطنية المناهضة له إضافةً لتلك التي يشك في ولائها له ممن حوله.

ورغم مقتل بعض الشخصيات، فإن سلامة الشيخ الأحمر وانتفاض القبائل حوّل الموقف ضد صالح الذي كان يراهن على مقتل زعيم حاشد تحديدا والفوضى التي ستعيشها القوى الوطنية بعده.

فقط أن يرحل

في كل الأحوال هذا المشهد الختامي لما قبل اندلاع الحرب يُبرز العنوان الرئيسي لأزمة اليمن الذي أضحى أمام دول الخليج العربي وكل الوطن العربي والعالم وهو الرئيس علي صالح شخصياً، وأن الحل الوحيد سِلماً وهو المطلوب، أو حرباً إنقاذية اضطرارية تجري الآن، هو دعم تحالف القوى الوطنية ضد صالح، وهو مسؤولية مضاعفة على دول الخليج أن لا تناور فيها، فإن المناورة لن تكون مكلفة لليمن وحسب بل لأمنهم ومستقبلهم.

وهم بحاجة أكثر من أي وقت مضى للانحياز للشعب اليمني والضغط لتوقف الحرب مع مغادرة صالح للرئاسة، ويجب أن يتوجه الموقف بلا تردد إلى دعم تحالف القوى الشعبية العسكرية والعشائرية والمدنية المتحدة مع الشباب في مواجهة جرائم الأخ الرئيس ليقول الجميع له لأجل اليمن ولمصالحهم: الأخ الرئيس اتق الله في اليمن وارحل فورا.