مباحثات يمنية سعوديه بخصوص إجراءات سير تأشيرات العمرة اجراءات حكومية رادعة ضد محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في جميع المحافظات المحررة حشود هادرة بمحافظة تعز تنديدا بجرائم الابادة والتهجير بقطاع غزة الذكاء الاصطناعي يورط عملاق التكنولوجيا «تسلا» ويقودها للمحاكمة عبر القضاء كلاب آلية تنظف أحد الجبال المصنفة ضمن قوائم التراث العالمي رابطة اللاعبين المحترفين تكشف عن المرشحين لجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لشهر أكتوبر دولة خليجية تبدأ بسحب الجنسية من المئات من مطلقات مواطنيها الإنذار المبكر ينشر توقعات الطقس خلال الساعات الـ24 القادمة في 11 محافظة يمنية قراءة تركية: من سيحسم المعركة الانتخابية في أمريكا ويفوز بكرسي الرئاسة؟ أول تعليق من أردوغان على تعيين نعيم قاسم خلفاً لـ نصر الله
برز النفوذ اليهودي في فرنسا خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة من خلال التأييد الكبير الذي لقيه من اليهود الفرنسيين مرشح اليمين الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي تبين أنه من أم يهودية وأن زوجته هي الأخرى يهودية.
ولهذا فقد توقع المراقبون حدوث تغيير في الموقف الفرنسي من القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية بسبب الدور الذي من المكن أن يلعبه اللوبي اليهودي الفرنسي في السياسة الخارجية الفرنسية، علما بأن عددهم لا يتجاوز حاليا 700 ألف يهودي، بالمقارنة مع عدد العرب والمسلمين الذين يتجاوزون ستة ملايين من أصل ستين مليون فرنسي، ولكن اليهود هم الأكثر تنظيما ونفوذا بين الطوائف والأقليات في فرنسا.
وعند استعراض تطور وجود اليهود في فرنسا، نجد أن عددهم لم يتجاوز عند قيام الثورة الفرنسية في عام 1789 أربعين ألف يهودي، من أصل 26 مليون فرنسي. وفي عام 1810، أي بعد الثورة الفرنسية التي منحتهم حقوقاً متساوية مع بقية الفرنسيين ارتفع عددهم إلى 46583 يهوديا.
وحسب إحصائية صدرت من الجالية اليهودية، فإن 115 ألف يهودي قد جاؤوا إلى فرنسا، بين عام 1880 و1939، إذ وصل 30 ألف يهودي بين 1881-1914، و85 ألفا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، فأصبح عددهم في عام 1939 270 ألف يهودي.
إلا أن هذا الرقم انخفض بعد الحرب العالمية الثانية إلى 150 ألفا، ثم عاد وارتفع بين 1954-1961 بسبب وصول مائة ألف يهودي من مصر وتونس والمغرب.
وبعد توقيع اتفاقية أيفيان بين فرنسا والجزائر في مارس عام 1962، وصل 20 ألف يهودي من الجزائر. وأصبح عدد اليهود في فرنسا حاليا، في المقام الرابع بعد الولايات المتحدة وإسرائيل وروسيا، وأعلى نسبة في أوروبا الغربية. إذ يوجد الآن نحو سبعمائة ألف يهودي في فرنسا من أصل 15 مليون يهودي في العالم.
ويوجد نصف اليهود الفرنسيين في العاصمة الفرنسية، إذ يعيش فيها من اليهود أكثر مما يعيش في القدس.
النفوذ اليهودي في فرنسا
يعود بداية ظهور النفوذ اليهودي في فرنسا إلى الثورة الفرنسية، إذ أصدرت الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1791، قانوناً لتحرير اليهود الفرنسيين ومنحهم حقوقاً مساوية لغيرهم كمواطنين، وألغيت القوانين المقيدة لحرياتهم ونشاطاتهم.
وكان نابليون أول من فكر عملياً في إنشاء دولة يهودية تابعة للإمبراطورية الفرنسية في فلسطين، طمعاً في مساعدتهم له في حملته لغزو الشرق.
كما طلب من اليهود الفرنسيين أن يعقدوا أول مجمع لحكمائهم في "سان هدريان" لكي يقرروا إنشاء دولة يهودية تصبح تابعة للنفوذ الفرنسي، حتى يسيطر على الطريق الإستراتيجي لتجارة الشرق مع الغرب، وطمعاً في تحطيم النفوذ البريطاني في الشرق.
إلا أن هذه الفكرة لم تنجح، بسبب فشل نابليون في حملته على سوريا وفلسطين.
وظهر النفوذ اليهودي في قضية الضابط اليهودي دريفوس الذي اتهم بنقل أسرار عسكرية إلى السفارة الألمانية في باريس. وصدر الحكم على هذا الضابط في 22 ديسمبر/كانون الأول من عام 1894، بتجريده من رتبته العسكرية، وطرده من الخدمة، وسجنه مدى الحياة في جزيرة الشيطان.
وأثار أمر هذا الضابط الرأي العام الفرنسي الذي اعتبره خائناً في حق الوطن، وشغل الصحافة والمسؤولين، وسقطت وزارات عدة بسببه، كما انتحر العديد من المسؤولين آنذاك.
ولعب اليهود الفرنسيون دوراً كبيراً في تصعيد الأزمات التي أثارتها القضية في الحياة السياسية في فرنسا. كما استغلها زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل الذي كان مقيماً في باريس في ذلك الوقت، لإثارة المشاعر في فرنسا وأوروبا لدى اليهود لأنهم عللوا أسباب القضية بمعاداة السامية عند بعض المسؤولين.
وأثار الروائي الفرنسي المعروف إميل زولا قضية دريفوس في كتاباته حين هاجم المعادين للسامية في فرنسا.
وخضعت الحكومة الفرنسية للضجة التي أثارها اليهود وأصدقاؤهم، وجيء بالضابط من منفاه، وأعيدت محاكمته، وصدر قرار ببراءته من التهم الموجهة إليه، ومنح وسام الشرف، كما أعيد للخدمة في الجيش من جديد.
واعتبرت قضية دريفوس مثالاً على النفوذ اليهودي في فرنسا الذي بدأ يقوى ويشتد، والذي استطاع تحويل قضية ضابط اتهم بالخيانة إلى ضابط حكم عليه بالبراءة ومنح وسام الشرف.
واستغل اليهود الفرنسيون القضية بعد ذلك بسنوات، من أجل أن توافق الحكومة الفرنسية على خططها في إقامة "الوطن القومي اليهودي" في فلسطين. واستطاعوا إقناعها بإصدار وعد كامبو، الذي اعتبر اعترافاً رسمياً من قبل فرنسا بالحركة الصهيونية يشبه وعد بلفور.
وصدر الوعد بعد لقاءات عدة تمت بين سوكولوف -وهو أحد زعماء الحركة الصهيونية وممثلها في باريس- ورئيس الوزراء الفرنسي ريبو والسكرتير العام لوزارة الخارجية جول كامبو.
وطالب سوكولوف أن تصدر الحكومة الفرنسية بياناً كتابياً تعبر فيه عن عطفها على أهداف الحركة الصهيونية فيما يختص بقيام دولة يهودية في فلسطين. واستجابت الحكومة الفرنسية ونشرت في الرابع من يونيو/حزيران 1917، إعلانا صريحا عبرت فيه عن عطفها على المخطط الصهيوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين التي نفي منها "شعب إسرائيل".
وخضعت منذ ذلك الوقت معظم الحكومات الفرنسية للابتزاز اليهودي، خوفا من اتهامها باللاسامية.
تنظيم اليهود الفرنسيين
تمتاز الطائفة اليهودية في فرنسا عن الجالية العربية والإسلامية بأنها الأكثر تنظيماً وتجاوباً مع التنظيمات المتعددة التي ترتبط بعضها مع البعض الآخر.
والتنظيمات اليهودية موجودة على جميع الأصعدة، الثقافية والسياسية والاقتصادية والدينية والقانونية والطلابية، وحيثما يوجد تجمع يهودي فهناك تنظيم أو اتحاد يربط بعضهم ببعض.
وتوجد مائة جمعية واتحاد وتنظيم يهودي وصهيوني في باريس وحدها إلى جانب وجود مكاتب لمختلف الأحزاب السياسية الموجودة في إسرائيل.
ومن أشهر هذه المنظمات "الحركة الصهيونية في فرنسا"، و"مجلس المثقفين اليهود من أجل إسرائيل في فرنسا". ودخلت العديد من المنظمات اليهودية في تنظيم موحد منذ عام 1977 تحت اسم "المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا Le Conseil Representatif des Institutions Juives de France (CRIF )" الذي يرأسه آلان روتشيلد.
وبالرغم من النفوذ اليهودي القوي في فرنسا، والمتداخل في مجالات عدة فإنه أقل من النفوذ اليهودي في الولايات المتحدة. ويعود ذلك إلى عدد اليهود في كل بلد.
إلا أنه من الملاحظ أن النفوذ اليهودي في فرنسا هو أكبر نفوذ يهودي في أوروبا. وهذا النفوذ قديم ومرتبط بالحياة اليهودية في المجتمع الفرنسي، وقد ازداد بعد قيام إسرائيل ومشاركتها في العدوان الثلاثي مع فرنسا وبريطانيا على مصر.
ومع ذلك فإن اليهود الفرنسيين بالرغم من مساواتهم في الحقوق مع سائر المواطنين الفرنسيين لم يندمجوا اندماجاً كاملاً في المجتمع الفرنسي. واستمروا في التقوقع حتى لا تذوب الشخصية اليهودية داخل المجتمع الفرنسي.
وشدد بن غوريون على هذه القضية وقال "إن الاندماج في المجتمعات التي يعيش فيها اليهود هو أكبر خطر يهدد اليهودية اليوم".
وبالنسبة للقضية الفلسطينية فإن النفوذ اليهودي الموجود في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى، أمر واضح في فرنسا.
واعترف الجنرال ديغول بعد حرب 1967 بهذا النفوذ المسيطر على وسائل الإعلام الفرنسية، مما جعل اليهود يتهمونه بمعاداة السامية.
كما أن نفوذهم يبدو واضحاً أيضاً عند السياسيين الفرنسيين ذوي المصالح الاقتصادية المرتبطة بمصالح اليهود، وكذلك داخل المؤسسات الاقتصادية والبنوك.
كل ذلك يعطي اليهود الفرنسيين القوة في انتقاد مواقف حكومتهم من الصراع العربي الإسرائيلي. حيث أن المنظمات اليهودية تنتقد وتحتج باستمرار على السياسة الخارجية لفرنسا منذ عام 1967 إلى هذا الوقت.
ولكن هذا لا يعني أن غالبية اليهود الفرنسيين يقفون مع إسرائيل ضد مواقف حكومتهم من القضية الفلسطينية. فهناك نسبة لا يستهان بها من اليهود الفرنسيين الملتزمين بمواقف أحزابهم السياسية المنتقدة لإسرائيل.
الوضع السياسي لليهود
يمكن توزيع اليهود في فرنسا على أساس أنهم موجودون في غالبية التيارات السياسية الفرنسية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بل إن بعضهم تزعم حركات وأحزاب سياسية عدة مثل: آلان كريفين، زعيم أحد التنظيمات الماوية.
وكان لبعض العناصر من اليهود دور كبير في الحياة السياسية في فرنسا كرئاسة بعضهم الحكومة الفرنسية مرات عدة أمثال ليون بلوم ومنديس فرانس، من الحزب الاشتراكي، وميشال دوبريه، وليو هامون من الديغوليين، أو في وجودهم الملحوظ في قيادات النقابات العمالية والطلابية.
وجدير بالذكر أن ثورة الطلاب الفرنسية في مايو/أيار 1968، كانت تتزعمها عناصر يهودية يسارية أمثال كريفين وكوهين، إلا أن نسبتهم قليلة بالنسبة للناخبين الفرنسيين إذا ما قورنوا بالولايات المتحدة، حيث تبلغ نسبتهم في فرنسا نحو 1.38%، بينما يمثلون في الولايات المتحدة 3%.
وهذه النسبة ترتفع في باريس لتصل في بعض الدوائر الانتخابية إلى 15.17%. وفي النهاية يبقى النفوذ اليهودي في فرنسا هو ثاني أكبر نفوذ يهودي في العالم بعد الولايات المتحدة، إذا استثنيت إسرائيل.
وحدث أن هاجمت المنظمات الصهيونية الفرنسية، بعض التجار اليهود في باريس لأنهم رفضوا التبرع لإسرائيل، كما هاجموا اليهود المعادين للصهيونية كمكسيم رودنسون.
ويلاحظ أن تأييد اليهود الفرنسيين لإسرائيل يفوق حماسهم لفرنسا، ومثال ذلك الكاتب الفرنسي ريمون آرون الذي كتب مقالة في لوفيغارو خلال حرب 1967 قال فيها إنه يعتبر نفسه يهودياً منصهرا يبكي لعثرات فرنسا من معركة واترلو إلى معركة فردان، ويعتبر أن رايته هي العلم الفرنسي ونشيده الوطني هو النشيد الوطني الفرنسي، غير أنه يشعر إذا سمحت الدول الكبرى بدمار إسرائيل بأن تلك "الجريمة" رغم صغر حجمها بالنسبة لهذه الدول لن تبقي له الكثير من أسباب الحياة.
علاقة يهود فرنسا بإسرائيل
لم تكن هجرة يهود فرنسا إلى إسرائيل منظمة قبل قيامها، ولكن خلال الحرب العالمية الثانية بدأت بعض العائلات اليهودية تهاجر إلى فلسطين هربا من الاحتلال الألماني لفرنسا.
وحتى قيام إسرائيل لم يهاجر من يهود فرنسا سوى 3943 إلى فلسطين، وأكثر سنوات الهجرة كانت عام 1949، حيث وصل إليها 1653 يهوديا فرنسيا، وفي السنوات العشر الأولى من قيام إسرائيل لم يهاجر إليها من فرنسا سوى 7768 يهوديا.
ومن الملاحظ أن نسبة اليهود الفرنسيين المهاجرين إلى إسرائيل ضعيفة، وغالبيتهم من اليهود الذين التحقوا بأقارب لهم هاجروا إليها من مناطق مختلفة من أوروبا. بل إن اليهود الذين هاجروا من مصر والجزائر وبقية دول المغرب العربي فضلوا الهجرة إلى فرنسا على الهجرة إلى إسرائيل.
وقد طرح سؤال على عينة من خمسمائة يهودي فرنسي عن احتمالات الهجرة من فرنسا فكانت النتيجة، أن 54% أجابوا بأنه احتمال مرفوض إطلاقا، و33% أجابوا بأنهم يهاجرون في حالة تجدد الاضطهاد، و2% لأسباب عقائدية، و11% لأسباب شخصية.
أي أن أكثر من نصف اليهود الفرنسيين يرفضون الهجرة، وحتى في حالة الهجرة الاضطرارية، فإن 35% منهم اختاروا الولايات المتحدة و16% أوروبا الشمالية وبريطانيا، و17% بلجيكا وسويسرا وكندا، و8% أميركا اللاتينية، و13% إيطاليا وإسبانيا، و7% دولا أخرى، ولم يعط جواباً 4%.
وعدم حماس يهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل لا يقلل من تأييدهم لها مع بقائهم في فرنسا، بل إن 39% من اليهود الفرنسيين لا يتكلمون اللغة العبرية.
لا شك أن وجود سبعمائة ألف يهودي في فرنسا يؤثر على القرار السياسي لأي حكومة فرنسية، بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي. فكيف إذا كان الرئيس الفرنسي الجديد هو نفسه يتعاطف مع إسرائيل؟
وللرد على هذا التساؤل على الجالية العربية في فرنسا أن تنظم نفسها وتشارك في الأحزاب السياسية والمنظمات الفرنسية. وعندها سوف يؤثرون على النخب السياسية الفرنسية، ولن يستطيع ساركوزي أو غيره أن يتخذ مواقف سياسية معادية للقضايا العربية.
__________________
كاتب أردني