هجمات الحوثيين لم تعد مقبولة.. مصر وجيبوتي تتفقان على العمل لضمان استعادة الأمن في باب المندب والبحر الأحمر ''إقرأ ورتل'' مسابقة قرآنية في عدن ستبث خلال شهر رمضان ''بيتنا 4 فرشات وحصيرة''.. عائلة محمد الضيف تخرج إلى العلن وتروي رحلة التخفي والأسماء الوهمية ووصيته الأخيرة لأبنه أول زيارة خارجية لرئيس سوريا.. الشرع يصل الرياض وهذه أبرز الملفات التي سيبحثها مع محمد بن سلمان الجيش السوداني يعلن سيطرته على أكبر مدينتين بولاية الجزيرة طريقة جديدة للاختراق.. لا تقع في فخ هذه الرسائل المزورة وسرقة البيانات ترمب يعلن الحرب الإقتصادية في الرسوم الجمركية ضد الصين وكندا والمكسيك للسنة الثالثة على التوالي ...أرامكو تتربع على عرش شركات العالم الأعلى ربحية زوجة الضيف تكشف خبايا رجل الظل لأول مرة ..تفاصيل إدارة ترامب تطلق نهجًا جديدًا للتعامل مع الأزمة اليمنية
منذُ بِدء حركة الثورة وانطلاق مسيرة التغيير واعتصامات التحرير، ومعها انطلاق شرارة الأمل في يمنٍ سعيدٍ من جديد، ثم الاحتقانات المتكررة التي تنقلت بين عدة أماكن، وكان ضحيّتها عدد من شهداء الوطن، وما واكب ذلك من انشقاقات غريبة لرموز الفساد وانقلابات في الرؤى والتنقّل بين موازين القوى، وربما قبل ذلك بكثير، نشأَ بيننا فنٌّ جديد مُبتكر وتفنّن العديد في إتقانه والحرص على تحريضه وتوطيده، ألا وهو \" فَنّ الاختلاف \"
ربما في العديد من المجتمعات وأيضاً في الكثير من القضايا يُعتبر الاختلاف ظاهرة صحية فعلى أساسها تنشأ الحوارات وتُتبادل الآراء ووجهات النظر وتُصحّح الكثير من القناعات وتنبثق العديد من النتائج وأهمها غالباً الاتفاق،
لكن.. في وطننا الغالي، وربما في مجتمعاتنا الصغيرة وعلى مستوى القضايا البسيطة بل والأفراد، أتقن العديد الفن الجديد للاختلاف، بل ربما أبدع البعض في (اختلاق الاختلاف) والتفنّن فيه، واستمرار إزكائه وبثّ الروح فيه بالعديد من الطرق والأساليب المشروعة وغير المشروعة،
وكما أشرنا إلى أن هذه ربما تكون ظاهرة صحية، لكن حين يكون هذا بالأطُر الصحيحة للتعامل مع الخلاف، وحين يكون الهدف من ذلك الخلاف هو تصحيح المسار والوصول إلى نتيجة واتفاق، لا أن يكون الهدف هو الاختلاف بذاته وما يُجبَى منه من مصالح ذاتية لمختلقيه ومُؤَجّجيه،
ما يحزّ بالنفس أننا حين نعود للهدف الأسمى الذي يتغنّى به الجميع، نجده مُوحّداً بين كل تلك الأطراف - التي نجدها تتزايد يوماً عن يوم وتتكاثر بدلاً عن أن تجتمع وتتوافق-، فالهدف الأول للجميع كما يقولون هو مصلحة الوطن، ولكن ما نراه بالوضع الحالي يخيف ويقلق، فاختلاق الجميع لنقاط الخلاف، وبحث جميع الأطراف عن عيوب الآخرين، واصطياد عثراتهم، أغشى العيون عن رؤية الهدف المزعوم،
قبل عدة أيام ورغم اعتزالي للكثير من قنواتنا الإعلامية المحلية، كنت لدى أحد أساتذتي الأحبة وكنا نتنقّل بين بعض تلك القنوات، وآلمني كثيراً ما رأيت، فلقد كان كلٌ منها تصطاد عثرةً وتقتنص غلطةً في خطابٍ لأتباع الآخر فتحشد المحللين والأساتذة والمخضرمين ولساعاتٍ يخوضون في تحليل ذلك الموقف والاستهزاء به وهم بذلك يعملون على توسيع هُوّة الخلاف وتضخيم الفجوة بين فُرقاء الجسد الواحد،
ربما العديد لم ينتبه إلى ذلك، كونه يعتبر نفسه في طرفٍ ويستنكر متابعة إعلام الطرف الآخر، وهذا مَكمَن العِلة، فلو أننا حاولنا معرفة الآخر والتواصل معه ومحاولة فهم رأيه لوجدنا أن هناك من نقاط الوفاق والاتفاق الكثير، ولكننا حُوصرنا بنزعة العداء للآخر فلم نرَ بل لم ننظر إلا لعيوبه فقط،
وأتت المبادرة الخليجية، ورأينا العجب العجاب، حين أخذها الجميع بحذر وتوجّس وكأن كل طرفٍ ينتظر رأي الآخر لكي يطرح الرأي المناقض، وتابعنا التأرجح والتناقض العجيب بين تأييدٍ وقبول ثم رفضٍ واشتراط ثم عودةٍ بشروط وكل ذلك يثبت أننا نتحرّى فعلاً تفنن الاختلاف ونخشى أن ينتهي، ولن أستغرب حتى وإنِ اتفقَ الطرفان المفاوضان، أن تظهر العديد من الأطراف الأخرى الرافضة للاتفاق متفننين هم أيضاً باختلاق الاختلاف،
شبّهتُ كل هذا بأمٍّ ثكلى مريضة تئنُّ تحت وطأة الألم والسقم، تستدعي أبناءها لنجدتها وإسعافها، فيهبّون جميعاً لذلك، وحين يصلونها.. يختلفون ويتهاترون ويتقاتلون أمامها وكلٌّ منهم يلغي أحقية الآخر فيها، ويُقدّم حق إنقاذها لنفسه، وهي تجرّ الآهات حين تضاعفت آلامها مرّاتٍ ومرّات،
فيا تُرى .. هل ينتبه الأشقاء لمرض والدتهم ويتفقون لإسعافها وعلاجها قبل أن يستفحل داؤها ويصعبَ علاجها؟
هل يا تُرى نؤمن أن الوطن فوق كل شيءٍ فعلاً وأنه ليس مجرّد شعارات نرددها ونخفي وراءها مصالحنا ونزعاتنا؟
هل ندرك أننا جميعاً أخطأنا وأن الوطن كما قدّمنا له التضحيات ينتظر منا التنازلات، والعودة إلى أنفسنا والاعتراف بعيوبنا وأخطائنا، ومحاورة الآخر كبشر يخطئون ولكننا وإياهم على الهدف الأغلى والأسمى متفقون..!
أتمنى أن نكون كذلك، وأن لا يطغى صوت المصالح الشخصية والسيادة الذاتية فوق كل صوت.
*ملاحظة: نرجو ملاحظة الفرق بين فنّ وتفنّن، وبين الخلاف والاختلاف، فحتى وإن هَندَست الأحرف فلخبراء اللغة القول الأعرف.