أبرز ما جاء في بيان الجمهورية اليمنية أمام جلسة مجلس الأمن الدولي
أول تحرك اوربي جاد .. بريطانيا تدعو عبر مجلس الأمن يدعو لضمان حظر توريد الأسلحة إلى اليمن وتحديدا الأسلحة الإيرانية
التنقل دون قيود زمنية.. الإعلان رسميًا عن فتح طريق الحوبان- تعز على مدار 24 ساعة خلال شهر رمضان
140 مقطورة غاز وصلت عدن وتعز قادمة من مأرب مع زيادة في حصة المحافظتين
وزير الدفاع اليمني يشدد على ضرورة دعم القوات المسلحة ويؤكد جاهزيتها العالية لردع أي حماقة حوثية
العليمي يبحث مع رئاسة مجلس النواب عدد من الملفات في مقدمتها دفع الرواتب وتداعيات تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية
48 ساعة من المعارك في جبهات مأرب والجوف وتعز
إحاطة جديدة للمبعوث الأممي أمام مجلس الأمن بشأن اليمن.. ماذا قال؟
إليك أسباب رائحة الفم الكريهة أثناء الصيام وطرق التخلص منها
تسريبات صادمة حول سعر أول آيفون قابل للطي
ما من شك أن طلاب الشرق أوسطية ودعاة التغيير على الطريقة الأمريكية أصيبوا بإحباط إزاء عدول الرئيس اليمني علي عبدالله صالح عن المضي حتى النهاية في قرار عدم ترشيح نفسه لولاية جديدة في قصر السبعين. والإحباط شمل أيضا شخصيات وأطرافاً داخلية يمنية كانت تدفع بالاتجاه نفسه. ثمة من تحدث عن “التمويه” في الحالة اليمنية بمعنى أن الرئيس صالح دبر مناورة في هذا الصدد وأنه كان مصراً على التمسك بالسلطة ولم يكن جادا بطرحها للتداول.
بالمقابل كانت قوى يمنية فاعلة داخل الحزب الحاكم وخارجه تتنفس الصعداء غداة عودته عن قراره ورأت أن تجربة الشهور الماضية شكلت فرصة لقياس حجم المؤيدين والمناهضين للترشيح ولنظام الحكم. وقد بينت وقائع التجربة ان الفارق بين الطرفين شاسع للغاية وأن اكثرية يمنية كبيرة حتى لا نقول ساحقة ترغب في حمل الرئيس صالح مجددا إلى “دار الرئاسة”. لكن ماذا عن مبدأ تداول السلطة فهل انتكس ام مازال مطروحا؟
الجواب عن السؤال يختلف باختلاف الموقع السياسي للمجيب.في الحالة الاولى يمكن القول ان “التداول” قد تعرض لانتكاسة فعلية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مشروع التغيير على الطريقة الامريكية. لقد خاطبت واشنطن قوى سياسية في العديد من البلدان العربية بقولها أنها تضغط على الحكومات القائمة، وانها جادة في تغييرها وما على الراغبين الا المراهنة على الهجمة الامريكية “الديمقراطية” في العراق وفي عموم المشرق والمغرب العربيين. في الوقت نفسه بدأت تصدر تقارير التنمية العربية المنطوية على أحكام قيمية واتهامات “تنموية” مستمدة من مقارنات مع دول ومناطق نامية لا تتحمل المقارنة لوجود الفارق وأخرى حول تقصير الحكام وعجزهم غير عابئة بكلفة الصراع العربي “الإسرائيلي”. وبدا من خلال الهجمة المذكورة أنه لا يمكن للمرء ان يكون ديمقراطيا في العالم العربي الا اذا اقام علاقات مع “إسرائيل”. وانطلق التسابق على كسب ود الكيان كل على طريقته وبقدر ما تسمح ظروفه سرا وعلنا. وفي هذا السياق شنت حملات اعلامية واسعة على الحكام العرب دون تمييز بين حاكم وآخر ومن دون اعتبار لظروف وتاريخ هذا البلد أو ذاك وما فعله هذا الرئيس أو ذاك إذ لا حاجة للتمييز ولحظ الفروقات عندما يكون الهدف هو اشاعة اللااستقرار في المنطقة بأسرها.
بموازاة ذلك كانت الادارة الامريكية تفسر لمواطنيها فحوى مساعيها “الديمقراطية” عندنا بفكرة “الفوضى البناءة” ومعناها الضغط على الدول العربية إلى الحد الذي يؤدي إلى انتشار فوضى تسيطر عليها امريكا وتعيد من خلالها ترتيب اوضاع بلدان المنطقة بحسب ما تشتهي واستنادا إلى أفضل العروض التي تأتيها من الدول ومعارضيها.
إن مجاهرة العديد من القوى السياسية بالقول: “ما دامت الحكومات تتعامل مع واشنطن فلماذا لا نتعامل نحن معها” تدخل في باب استدراج العروض وتخاطب الجهة الامريكية المذكورة ومن غير المستبعد أن تكون بعض المقترحات قد بحثت وعرضت على المعنيين بطرق ووسائل حجبت عن الاضواء. قصارى القول في هذه النقطة ان عودة الرئيس اليمني عن قراره أثارت احباطا في أوساط محلية وخارجية متعاضدة امتد الى مؤتمر صنعاء الاخير الذي اطلق خلاله الرئيس صالح مواقف قوية من قضيتي فلسطين والعراق لم تفز برضى الامريكيين واعوانهم.
في الحالة الثانية ونعني بها ارتياح القوى اليمنية المؤيدة كان عدول الرئيس عن قراره يستجيب لمحصلة محلية ما انفكت تتجمع خلال ما ينوف عن احد عشر شهرا. وشملت أهم مراكز القرار الفاعلة في اليمن في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وهذه المراكز كان بوسعها لو ارادت الاصطفاف في موقع أصحاب “الفوضى البناءة” والتغيير على الطريقة الأمريكية وبالتالي القبول بالعروض التي مافتئت واشنطن تستدرجها منذ 11 سبتمبر/ ايلول 2001 مرورا باجتياح العراق وأفغانستان.
إن القول إن عدول الرئيس صالح عن قراره يمثل انتكاسة لمبدأ التداول السلمي للسلطة في اليمن يجافي حقيقة ما حصل في هذا البلد خلال الشهور الماضية ذلك أن صالح طرح السلطة للتداول خلال تلك الشهور وانتظر عروضا مناسبة من القوى المحلية والخارجية لكي يسلم بلادا وحدها ورسم حدودها وكرس السيادة فيها لابنائها وجعلها شرعية في منظومة القانون الدولي، وأتاح لأهلها استقرارا ما كان يمكن من دونه أن يكشف النقاب عن حجم الفساد والبطالة والتخلف وغيرها من المشاكل المتراكمة منذ أكثر من قرن كان اليمن خلالها مسرحا للحروب الاهلية والاطماع الخارجية والسياسات الظلامية والاوهام الايديولوجية ذات الكلفة الباهظة.
بخلاف الانطباع الأولي لم يسقط مبدأ التداول السلمي للسلطة في اليمن فها هي المعارضة ترشح لرئاسيات الخريف المقبل شخصية قوية في منافسة الرئيس صالح بعد توقيع وثيقة تفاهم مع الحكومة تضمن نزاهة الانتخابات ورقابة دولية مفتوحة وآليات أخرى تتيح خروج رئيس شرعي من صناديق الاقتراع. لقد نجت صنعاء من كارثة “الفوضى البناءة” لتبرهن مرة أخرى انها ما عادت ساحة مفتوحة للألاعيب والمغامرات الاقليمية والدولية.