|
بدايةً نؤكد أن تعريف الحوثية بعيداً عن جذورها الفكرية وامتدادها السلالي، خطيئةٌ فكريةٌ مضللة، تسهم في إعادة إنتاج نسخةٍ اماميةٍ جديدةٍ على المستوى المتوسط والبعيد، وهي المعضلة التي تكررت أكثر من ألف عام في جولات الصراع الوطني اليمني الصحيح عقيدةً، العادل قضيةً والمستقيم سلوكاً؛ مع عقيدة البطنين وسلوكها الباغي المنحرف، دون تبين الخيط الأبيض من الفكر الإسلامي الوطني الصحيح من الخيط الإمامي الأسود العنصري المنحرف ، ومن ثَمِّ تسهم تلك الدوغمائية الهجينة لإيجاد بيئةٍ خصبةٍ لأطماعِ الإمامةِ بكل عصرٍ لتعيدَ إنتاج نفسها من جديد.
نعود إلى العنوان بعد التنويه، ونقول إن علاقة البشر جميعا مع الوحي والأديان قائمةٌ على الوهبية (الاصطفاء)، والكسبية الإجتهادية وفق مشيئة الله تعالى.
والبشر جميعاً بمن فيهم الأنبياءُ والرسلُ عليهم السلام لا شأن لهم بالمحتوى العام للرسالة والدين قبل أن يمُنَّ اللهُ عليهم بمعرفتها عن طريق الوحي جبريل الأمين عليه السلام.
قال تعالى( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمعَ والأبصارَ والأفئدةَ لعلكم تشكرون ) سورة النحل.
ويدخلُ في هذا حتى العلوم والمعارف الدنيوية التي لا يمكن لأي شخصٍ مهما كانت أسرته ووالداه في المستوى العلمي المعرفي الدنيوي أن تنقل إليه عن طريق النسل أبداً ؛ بل لا بد من الجُهد و الكسب بأدوات العلم ( السمع والأبصار والأفئدة).
حتى نظرية الوراثة تؤكد أن العامل الوراثي ليس سوى عاملٍ مؤثرٍ، لا أساسي، وتأثيره محدودٌ في اكتساب الصفات والخصائص وللجيل الرابع فقط.
ولا علاقة لنظرية الوراثة بعلم الأحياء بمبدأ الكسب والاجتهاد الذي يمثل السبب المباشر في استخدام أدوات العلم للحصول على المعرفة والعلم.
تلك هي الكسبية الاجتهادية ليحصل المرءُ على المعرفة العامة، وهي التي من خلالها يكتسب الإنسان العلم والمعرفة عن الوحي والأديان لغير الأنبياء؛ طبعاً بعد نشر النبي لتلك الرسالة و تبليغها كما أمره الله تعالى .
أما الوهبية [الاصطفاء] فهي خاصةٌ بالأنبياءِ والرسلِ عليهم السلام الذين يختارهم الله تعالى لحمل الرسالة عن طريق الوحي والوحي فقط.
والنبوة مرتبة وهبية لا تُنال بالرغبة فيها بل بالقدرة عليها، وفق اختيار المولى سبحانه وتعالى (قالوا لولا نؤتى مثل ما أوتيَ رسلُ اللهِ - اللهُ أعلمُ حيثُ يجعلُ رسالتَه) سورة الأنعام.
أخبر الله سبحانه وتعالى عن خاتم أنبيائه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بعد مواضع عن العلاقة البشرية مع الوحي وفق مبدأ الوهبية [الاصطفاء] كونه رسول الله (وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضلُ اللهِ عليك عظيماً) سورة النساء.
(وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتابُ و لا الإيمانُ) سورة الشورى.
وأخبر سبحانه وتعالى عن آلية الوحي والتلقي (إن هو إلا وحيٌ يوحى & علمه شديدُ القوى) سورة النجم.
وكثيرٌ من الآيات القرآنية التي توضح هذا المفهوم لعلاقة البشر جميعاً بالوحي والأديان، لا سبيل لحصرها الآن، لكننا أخذنا نماذج منها لننطلق في حديثنا لدحض أخطر وأكبر كذبتين للإمامة الهاشمية في اليمن تبني عليهما تلك الهالة المزعومة لها، واللاهوت الكهنوتي المصطنع لتبرر لأطماعها ونزواتها غير المشروعةِ في امتهانِ الناس واستعبادهم وأكلِ أموالهم بغيرِ حقٍ.
ويعتمد نجاحُ الإمامةِ في كل مرحلة من مراحل الصراع مع المشروع الوطني على مدى تقبل فئةٍ كبيرةٍ من المجتمع لهذه المفاهيم المفتراة، لتنطلق حينها في دورة هدمٍ وتدميرٍ وتمزيقٍ للمجتمع اليمني حتى تتلاشى سياسياً وعسكرياً، لكنها تحافظ على تواجدها اجتماعياً دون انفتاحٍ او انصهارٍ في المجتمع، وتحرص على بقاء رصيدها الفكري والثقافي التراكمي وتتداوله بخفاء ومكر حتى تُعودُ من جديدٍ بعد خمسين أو ستين عاماً.
الكلام هنا لايخاطب كهنة الإمامة الأفاكين الذين هم على علمٍ أنهم يفترون على الله ورسوله كذباً ، تبريراً لأطماعهم وصناعة لهالتهم المزيفة، ولاهوتهم الكهنوتي المصطنع، وعنصريتهم الإمامية الهاشمية المقيتة.
الكلام لكل يمنيٍ مؤمنٍ يعبد الله ويتقرب إليه أولا: هل تعبد الله بمخالفة صحيح العقيدة وصريح الدلالة في بطلان ادَّعاء قرناء القرآن وأعلام الهدى من كهنة الإمامة الأفاكين المفسدين في الأرض الذين ينطبق عليهم قول الله تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو ألدُّ الخصام& وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها والله لا يحب الفساد) سورة البقرة.
وهل يليق بيمني ينتسب للأنصار والفاتحين الذين كانوا محل تقديرٍ واحترامٍ من النبي محمد صلى الله عليه وسلم بل وله مع اليمنيين موقفاً خاصاً على حوضه يوم القيامة يذود الناس لأهل اليمن، هل تتخيل ذلك اليوم حين تريد مزاحمة اليمنيين المتمسكين بهديه صلى الله عليه وسلم ورفضهم للأفاكين شذاذ الآفاق المفترين على الله كذباً، والملائكة تدفعك ولا تسمح لك بالاقتراب لأنك غيرت وبدلت وصدقت كل مسيلمة كذاب من سلالة الإفك الإمامية الهاشمية العنصرية أن له صلة بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي آمن اليمنيون برسالته ولا أبناء له ، وفهموا مضامينها وحملوا لواءها للعالم وكانوا خير من عبَّر عن روح الإسلام الحضارية للعالم - رضي الله عن أجدادنا الفاتحين وقاتل الله الطامعين الرسيين الإماميين.
إن ماتقترفه النسخة الامامية الهاشمية [الحوثية] اليوم وما تسببت فيه من زعزعة الدولة وانهيار الاقتصاد وسفك الدماء في اليمن تأكيداً لذات النهج الذي جاء به يحيى بن الحسين الرسي، كبيرهم الذي ابتدع وعلمهم عقيدة البطنين، الرسي الذي افترى على الله كذباً بهذه العقيدة الباطلة المسببة للشر المستطير قروناً باليمن، وأجرم في حق اليمنيين أحفاد الفاتحين أحباب رب العالمين الذين (يحبهم و يحبونه).
ويحيى الرسي يحمل وزر هذه الفرية والادَّعاء وما تسببت فيه من جرائم القتل والخراب والتشريد لليمنيين المسلمين أحفاد الفاتحين من عهده إلى اليوم، فهل من الدين يا بني قومنا أن نوالي الظلمة والمجرمين والأفاكين الأغراب الدخلاء الذين لا ينتمون لليمن بل يحنون لأصولهم التي انحدروا منها [فارس/إيران] الذين هم سبب كل بلاءٍ وتشويهٍ لليمن واليمنيين أحفاد الفاتحين خلال ألف عام ونيف من الزمن؟ أجيبوا لا زلنا نؤمل فيكم وننتظر يقظتكم وتمردكم على هذا الإفك المبين.
وهنا يتساءلُ شخصٌ بعد هذا الكلام ويقول: لماذا يصر الإماميون على نشر فكرة القرناء والأعلام ومايتعلق بهما في كل عصرٍ باليمن؟
الجواب ببساطة: جماعة عنصرية دخيلة محتلة - إلا من انتسب لليمن وتبرأ من الإمامة الهاشمية العنصرية قديماً وحديثاً فهو يمنيٌ لا مسمَّى آخر له، فله ما لنا وعليه ماعلينا - على شعبٍ عريقٍ صاحبِ حضارةٍ، وصاحبِ سبقٍ في الإسلام، ونشر رسالته للعالمين.
لا شك أن عقدة النقص الامامي مع الطمع المتوارث سلالياً في حكم اليمن، وامتهان اليمنيين، يدفعهم لإيجاد المبررات حين يطفون على السطح بعد عقود من التربص وملئ فراغ بُعد اليمنيين عن هويتهم، وتاريخهم، وهو مايفسر استدعاءهم مناسباتٍ غريبةٍ عن المجتمع اليمني، وحرصهم على كثافةِ واستمرارِ تلك المناسبات كبديلٍ عن هويةِ المجتمع اليمني وهمومه وتطلعاته، ليحافظوا على وجودهم أكثر فترة ممكنة بكل مرحلةٍ يظهرون فيها ، وبعدها وإن كسرت شوكتهم يتمتعون بما حصلوا عليه من صوافي وأوقاف ومنهوبات وما رسخوه في المجتمع من بذور ثقافتهم الإمامية وما تغلغلوا فيه من قضاءٍ، وهجرِ علمٍ، وأجهزة دولةٍ، حتى جولة أخرى يعيدون إنتاج أنفسهم بلافتةٍ أسريةٍ جديدةٍ على خطى إمامة البطنين ذاتها.
بعدها يتمتمُ السائلُ بسؤالٍ آخرٍ أخيرٍ نختم به مقالنا قائلاً:- ما السبيلُ للخلاص من طغيانُ الإمامة الهاشمية العنصرية ودحض افتراءاتها تماماً، حتى لا نعيد نفس الخطأ الذي تكرر عشرات المرات في صراعنا معها؟
حقاً التجاربُ المُرةُ الفاشلةُ لا تتكرر إلا عند الشعوب أو الأمم التي لا تحترم ذاتها، و لا تقدر تضحياتها، وتفقد ذاكرتها للأسف الشديد، لهذا فالحل هو استنهاض الذات الوطنية اليمنية الإيمانية الصادقة، ثم يجب بدايةً وقبل أي شيءٍ أن يعرف اليمني من هو، ومن يكون، وما تاريخه، وماحضارته وأمجاده، وما معنى وجوده وإنسانيته؟
هذا أولاً: بعدها سيعرف الإمامة ويتعامل معها كعدوٍ تاريخي تستهدف هويته وعقيدته وإنسانيته من جانب، ومن جانبٍ آخر يتعامل معها كأقليةٍ عنصريةٍ، يضمن لها حقوق المواطنة التي تليق بسموه الإنساني وبعده عن العنصرية المضادة ، في الوقت الذي يمنع تسللها لأي عمل سيادي في الدولة والمجتمع للحفاظ على التوازن والعطاء والنمو والإبداع في المجتمع كأي أقلية في العالم بعد إخراجها من الظلام إلى النور ومنع تخفيها بالقبو ولتبقى على مسرح الحياة الاجتماعية واضحة غير مجهولة الحركة، وتعتقد بعد ذلك ما شاءت وتعلِّم ماشاءت مادامت بعيدة عن قرار الدولة واختراق المجتمع.
بدون ذلك ومهما قدمنا من التضحيات وصنعنا من الملاحم لن تكون سوى كتابة على الرمل في الشاطئ.
- رئيس منتدى جذور للفكر والتنمية
في الخميس 08 أكتوبر-تشرين الأول 2020 07:20:29 م