|
النقاش والحوار بين النظائر ظاهرة ايجابية , وخاصة حين يكون على أرضية من الثقة والجدية , ويهدف إلى تحقيق البناء والسلام . وهناك نوع أخر سلبي , يهدف إلى تمييع وتشويه موضوع النقاش . وهذا هو ما تعارف على تسميته ( straw man ) , أو رجل القش . والتسمية أتت من ( الفزاعة ) التي يضعها المزارع في الحقل لخداع الطيور وتخويفها . وهو المغالطة التي يوردها العاجز عن الرد على حجة من يحاوره , فيستغل حجة أخرى لم ترد في حديثه , فيأتي بها لإضعاف النقطة الأساس . وبهذا ربما تفقد المواقف المشرفة قوتها . فيجب التنبه لها , حتى لا يغتر بها أحد .
وفي بلادنا أبدع الحراكيون في هذا النوع , وبالذات ممن كانت لهم تجربة سياسية سبقت تحولهم للحراك . فتصدروا المواقع تعليقا وتحليلا على قرارات وكتابات كل من صنفوه معارضا لهم . وخاصة تجمع الإصلاح .
ـ فمثلا لا حصرا .. أمام كل نشر عن بطولة تعز بقيادة المخلافي . هنا لم يستطيعوا الرد بحجة تقلل من هذا الصمود والإجماع , فذهبوا يستخدمون مغالطة " رجل القش " بالسخرية من قائدها , عبر حملة " صورني وأنا ... " . هادفين إلى نسف تلك الإنجازات البطولية , وكأنها مجرد مناظر وهمية واستعراض شخصي فقط لا غير .
ـ وأمام نزاهة الإصلاحيين وعدم تعلقهم بأي سطو أو بسط أو تمرد . هنا لم يكن بمقدورهم تشويه تلك المواقف الواضحة , وخاصة أمام توغل المحسوبين على الحراك في النهب والسطو والبلطجة . فوجدوا ضالتهم في خبر استخباراتي إغاثي , يتهم الإصلاح بنهب الإغاثة وتوزيعها على أفراده والمؤيدين له . فأصبحت تلك أيقونتهم أمام كل خبر عن وقائع النهب والبسط التي يقوم بها أحدهم . وبدلا من مهاجمة المجرم الأصلي , ذهبوا يهاجمون غيره , بمغالطات لا ترقى إلى مستوى تجاوزاتهم . ويتوهمون أنهم بهذا قد اسقطوا التهمة وحلوا الأزمة .
ـ وحينما يؤكد الإصلاحي الجنوبي أنه مع حقوق شعبه وضرورة إنصافه مما لحق به من ظلم وتهميش , بسبب النظام وفساده , وأن الوحدة ليست سببا في ذلك . هنا يسارعون لاستخدام مغالطتهم البهلوانية " قفوا مع أهلكم !. لا تكونوا عبيدا وأذنابا !" . ولو رددت عليهم " هل تضمنون الحرية والكرامة بالانفصال العشوائي " . لقالوا : " أهم شي يخرج الدحابشة , وبعدين نحن ـ الجنوبيين ـ بانسد " . هل استوعبت مغالطة " رجل القش " هنا ؟!. هشاشة وسخرية واستخفاف بالعقول . ولكن هناك من يردده كحقيقة مؤكدة , وكمعتقد لا يقبل النقض ولا الشك .
ـ حينما يكتب إصلاحي مقالا أو منشورا عن معانات أبناء عدن من انعدام الكهرباء والخدمات الأخرى , ومن الترويع والبلطجة وغيرها , في ظل حكم سلطة سياسية وأمنية جنوبية خالصة . يردون " .. دوس عليهم .. يا قاهرهم " . " مع عيدروس ولو على فانوس " . هنا وأمام واقع لا يستطيعون التدليس عليه , يذهبون لتحويل فكر الناس نحو مسار يبعدهم عن لب المقال وهدفه , ويضعهم في حالة تحفز لمهاجمة طرف أخر ليس له علاقة بالأزمة , ومجبرا إياهم ـ عاطفة ـ على تأييد أساس المشكلة الحقيقي , بدلا من محاسبته وسحب الثقة منه .
ـ وهاهم حاليا يقومون بتدشين أكبر رجلِ قشٍ لهم , فيعلنون عن مجلس انتقالي جنوبي برئاسة عيدروس الزبيدي . ولو ناقشتهم عن أسس هذا المجلس ومقوماته , وعن حدود هذا الوطن ونظامه , وحجم الإجماع عليه , وغيره . لردوا بما تعودوا عليه " لا تقتلوا فرحتنا " . " استعدنا الوطن والهوية " . " من لم يعجبه هذا! فليرحل " .
ـ هكذا هم دائما ! أمام كل طرح جاد يسعى لتحقيق التوافق والتصحيح , وأمام كل حجة يدعمها الواقع , يميلون إلى هذه المغالطات الجوفاء الساخرة الهشة , لتغطية عجزهم عن الرد بحجة مقنعة واضحة . كما أنهم يقطعون الطريق على من له عقل رشيد حتى لا يفكر وينظر في صحة الأمر . وأكثر ما أخشاه أن يتمادى بهم هذا , ويسوقهم لمهاجمة أبناء الإصلاح في عدن وغيرها , بحجة تصفية أعداء الشعب وخونة الجنوب . اليوم على الناس عدم السير وراء هذا الدجل والتحايل , الذي تقوم به فئة متسلطة لا تمثل سمو الجنوب ومكارم أبناءه . فئة احترفت منذ زمن تحويل أحلامنا الوردية إلى كوابيس واقعية أبدية . فأينما وجدتموهم , فلا تُأثِرنَّ فيكم قراراتهم وسخفهم وسخريتهم . ولتعلموا أنهم صنيعة أطماع حاكم . لا هم بالذين منعوا غرابا من أكل الثمار , ولا بالذين حققوا ما يُرتجى منهم من الأمن والاستقرار .
في الخميس 18 مايو 2017 08:37:26 ص