كنا نؤمل خيراً في مساعي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن السيد إسماعيل ولد الشيخ احمد في إنجاح عملية السلام المزعوم وإنهاء الانقلاب المليشاوي الحوثي العفاشي واستعادة الحكومة الشرعية للدولة المغتصبة،إلاّ أن ذلك الأمر لم يأخذ مجراه في الطريق الصحيح ولم تكن المساعي صحيحة كما كنا نتصورها وندّعي فهم حقيقتها ولسنا وحدنا في ذلك،بل من المضحك أنه قد ضحك على الجميع..
ولد الشيخ ظل خلال الفترة الماضية منذ تعيينه بديلاً لجمال بن عمر يمارس لعبة "الغميضة" في اللهجة العامية اليمنية أمر جعل الجميع يرى في المساعي الظاهرة للمبعوث الاممي كغيث رباني أنزله الرحمن على الأرض الجرز، فأمل الناس في أن يخضر عشبها ويزول جدبها وسنواتها العجاف.
ان مبعوث الأمم المتحدة ولد الشيخ بوسائله وحيله المتكررة الظاهرة منها والمبطنة مع أنه عربي يفترض أن تغلب عليه النزعة والنخوة العربية ينفذ أجندة واستراتيجيات دولية لبعض الدول الكبرى.
وهو ما أتضح جلياً من خلال التحول النوعي للسياسة الدولية لبعض الدول الكبرى والولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والجزيرة العربية على وجه الخصوص،ولا غرابة في ذلك لأولي الألباب.. فالمصالح تقتضي التضحية وتقديم أصدقاء الأمس قرابين لآلهة الشيطان ونزواته وتطلعه في استعادة ماضيه العظيم.
تغير السياسة الأمريكية بشأن اليمن ظهر واضحاً من خلال كلام مندوبتها في مجلس الأمن حيث طالبة التحالف العربي بوقف الضربات الجوية على الانقلابيين،والحكومة اليمنية الشرعية بوقف الأعمال القتالية،وفي الوقت ذاته لم توجه أي لوم أو استنكار أو حتى إيماء إلى الأعمال الإجرامية والانتهاكات الإنسانية التي تمارسها المليشيات الانقلابية وكأن هؤلاء الانقلابيين في نظر الأمريكيين وبعض الدول الكبرى يرون في الحوثيين والعفافيش وما يقدمون عليه من أعمال طيور الجنة ويرسلون لليمنيين باقات من الزهور والورود.
الضغوطات الدولية لا تريد من الحكومة الشرعية والجيش الوطني في المضي بالحسم العسكري واستعادة الدولة وهو ما أكده أعضاء في الحكومة الشرعية،ويبدو أن الضغوطات الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تذهب بالعالم إلى شرعنة الانقلابيين ليصوروا بذلك المليشيات بالضحية والحكومة الشرعية والجيش الوطني بالجلاد،وهي أمور لا يقبلها عقل ولا منطق في أي حال من الأحوال.
جلسة مجلس الأمن الأخيرة أفصحت كثيراً عن تغير السياسة الدولية وهو شيء كنا نتوقعه وليس بالجديد ..
ذات مرة أحد الزملاء الصحفيين في رئاسة الوزراء إبان رئيس الوزراء الأستاذ محمد سالم باسندوة سئل السفير الأمريكي عن تغاضي الأمريكان عن الشعارات الحوثية حولها فقال السفير الأمريكي لزميلنا:"دعهم يقولون ما يريدون ويفعلون ما نريد".
وهذا يعني أن الحوثيون والعفافيش إمعة أمريكية تنفذ أجندتها في اليمن والمنطقة وخصوصا بعد عودة العلاقات الأمريكية الإيرانية إلى أحسن أحوالها وبقاء هذه الجماعة كما تراها أمريكا مهم جداً بمثابة الخنجر في الخاصرة في شبه الجزيرة العربية ووسيلة للضغط على دول الخليج لابتزازها واستنزاف أموالها وثرواتها الطبيعية.
وفي ضوء ما تقدم لم يبقى أمام التحالف العربي والحكومة الشرعية اليمنية من سبيل في استعادة الدولة المغتصبة غير النزول عند خيارين لا ثالث لهما.
الخيار الأول الرضوخ للضغوطات الدولية وتسليم الدولة للمليشيات الانقلابية على صحن من ذهب،أو المضي قدماً في الخيار الثاني نحو حسم المعركة عسكرياً واستعادة الدولة بقوة السلاح.
ولا أعتقد أن الحكومة اليمنية ستمضي في الخيار الأول كونه خيار مهين يساوي الضحية بالجلاد والمنقلب بصاحب الحق والمقتول بالقاتل ويمنح المنقلب البلد بصك شرعي.
وبما أن الحكومة تستند إلى المرجعيات الثلاث ما تبقى من المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216) ستختار الخيار الثاني والمتمثل بالمضي نحو الحسم العسكري مهما كلفها ذلك من ثمن ومعها بذلك كل أبناء الشعب.
وعلى كلٍ يجب على الأخ الرئيس والحكومة والجيش الوطني عدم التعويل على المساعي الدولية بالشيء الكثير كونها لن تقدم ولن تؤخر ولن تحقق المأمول بقدر ما ستخلقه من عراقيل ومساوئ لا يمكن تجاوزها إلاّ بعد حين .. والتاريخ سيثبت ذلك.