البنك المركزي يبيع أكثر من 30 مليون دولار بسعر 2143 ريال رئيس الحكومة يتحدث عن دعم دولي سيقدم لتعافي الإقتصاد اليمني تفاصيل عرض الهلال الضخم للتجديد مع سالم الدوسري تفاصيل مذهلة ونتائج قوية.. 3 أكواب من هذا المشروب تحميك من الأمراض العقلية الكشف عن أهم ما سيوقع عليه ترامب من أوامر فورية التنفيذ في يومه الأول راصد الزلازل الهولندي يعود من جديد ويحذر من كوارث مخيفة في تركيا وإيران تعرف على ثروات ملياديرات العالم زادت تريليوني دولار في 2024 الجيش السوداني يتقدم في مناطق جديدة والدعم السريع يستهدف الخرطوم هدايا تذكارية وشهادات تخرج للأسيرات: إبداع جديد من حماس أبو عبيدة يلقي خطاب النصر ويعلن: معركة طوفان الأقصى دقت المسمار الأخير بنعش الاحتلال وغيّرت المعادلات
يُقاتل الحكام العرب اليوم للحفاظ على الوضع القائم، فيما المجتمعات العربية تتطلع إلى إنجاز ثوراتها الخاصة لحاقاً بتونس ومصر. يُحاول معمر القذافي سحق تطلعات الشعب الليبي، مانحاً تطلعه الشخصي فترة صلاحية أخرى في الحكم. ورغم الاستخدام المفرط للقوة؛ إلا أن المعركة ما زالت مستمرة بين إرادة الشعب الليبي وإرادة رئيسه الكهل. إنه صراع إرادات. إرادة عامة شابة متطلعة لغد أفضل، وأخرى فردية عجوز تُراهن على إيقاف عجلة التطور الإنساني، وفرض وهنها على الناس.
توازياً مع صراع الإرادات القائم؛ هناك انقسام عربي واضح بين المجتمعات العربية والأنظمة البوليسية التي تحكمها. تخفق قلوب المجتمعات العربية ترقباً لانتصار ثوار ليبيا، فيما يُراقب الحكام العرب، بخوف، ما يجري على أمل أن ينجح القذافي في سحق إرادة شعبه. وتتجلى هزلية الوضع القائم في كون إرادة الحكام العرب لا تتحقق إلا عبر سحق إرادة المجتمعات العربية!
أحيت الثورة التونسية الآمال لدى العرب، لكن الثورة المصرية جعلتهم يؤمنون بإمكانية تحقيق تلك الآمال. والحاصل أن الثورة المصرية دفعتهم إلى المضي بشكل فعلي نحو تحقيق هذه الآمال.
على الدوام كان دور مصر حاسماً وكبيراً في المنطقة العربية، وفي بنية وعي مجتمعاتها. أبعد من عملية التأثير؛ أعادت ثورة يوليو 1952 تشكيل المنطقة العربية. والشاهد أنها تجاوزت عملية التأثير السياسي إلى إعادة بناء نسق ثقافي ومجتمعي في المنطقة ككل؛ إذ شهدت مرحلة الستينيات عملية ازدهار ملحوظة للفنون، والسينما، صاحبه انفتاح واضح، وتطور ملحوظ في تطلعات الناس وآمالهم.
ويمكن القول إن المنطقة العربية (باستثناء لبنان، والمغرب العربي) في حالتها الراهنة صيغت، اجتماعياً وسياسياً، وفقاً لنمط الوعي المصري المحمول على دعامة الدراما والسينما المصرية من جانب، وعلى البنية التقليدية السياسية الرسمية التي كانت متجسدة في نظام مبارك من جانب آخر. المعادلة الأخرى التي تحكمت، أيضاً، بصياغة الوعي العربي؛ تتمثل في النمط الوهابي المتشدد المحمول على دعامة المال النفطي.
ولعل أهمية ما جرى في مصر تكمن في أن المجتمع العربي، ككل، بدأ يتجه نحو التخلص من نمط البنية التقليدية السياسية، التي تحكمت بالحياة، وحكمت خيارات الناس، وصاغت نمط حياتهم اليومية ومفرداتها.
تأثراً بمركزية مصر، وظروف العالم الثالث؛ استنسخ الحكام العرب النظام السياسي المصري، الذي وصل إلى مرحلته النهائية في سلطة مبارك. لهذا أحدث سقوط نظام مبارك تداعيات ومخاوف عدة لدى نُظم الحكم العربية الأخرى، التي أصابها الفزع، وما زالت تنتظر رياح التغيير القادمة من "أم الدنيا".
في الستينيات؛ صدرت مصر ثوراتها إلى المنطقة العربية، على شاكلة أنظمة عسكرية تقليدية استنسخت حتى أهداف الثورة المصرية، وألوان العلم المصري، وتالياً استنسخت المناهج التعليمية، وكثيراً من القوانين، وبنية المؤسسات الرسمية، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية. هل ما زالت مصر بهذه القوة من التأثير في المنطقة العربية؟ الأرجح أن الإجابة ستكون بنعم.
ما زالت المجتمعات العربية ترزح، منذ ستينيات القرن الماضي، تحت شرعية الثورات العسكرية، ويبدو أن الوقت قد حان كي تنتقل هذه المجتمعات إلى الشرعية الدستورية، شرعية القانون، والحقوق الاجتماعية، والحريات العامة، والمواطنة المتساوية.
لقد بدأت عجلة التغيير. غير أننا ما زلنا بحاجة إلى تغيير في بنية الوعي التي أرساها النمط الوهابي المتشدد.