تغزلا بقناة الجزيرة الرئيس يصرخ أولللي
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 16 سنة و 9 أشهر و 3 أيام
الخميس 31 يناير-كانون الثاني 2008 03:44 م

مأرب برس - خاص

تصدرت الصحف خبر قيام الرئيس بالتوسط إلى ملك أسبانيا من أجل الإفراج عن تيسير علوني مقابل إفراج اليمن عن معتقل اسباني من أصل سوري متهم بالتورط بعمل إرهابي ضد اليمن ، وقد سبق هذا " التوسط " مقالات من الصحف الرسمية تصف مهمة الرئيس بأنها مهمة قومية ضخمة ستعيد للعرب وللأمة أمجادها الغابرة ، وان زعيم العرب قد قرر أن يحسم أمره ويتحرك بعد أن استيأس به الحال وبلغ السيل معه الزبى .

بطبيعة الحال ، هللت قناة الجزيرة لهذا العمل حتى وأن فشل ، فهو وفي اضعف الأحوال سيعيد قضية تيسير علوني من جديد إلى الصدارة بعد أن قل الاهتمام بها مؤخرا ، كما ستقوم هذه القناة بتغطية هذا الحدث بشكل مركز ، وأن كانت قناة الجزيرة تفعل ذلك ، فهي هنا تنحاز لموظف لديها ترى أنه أتهم بشكل تسعفي وظالم وبالتالي فأن صورة الرئيس ستظهر على هذه القناة بشكل أو بآخر ، ليتم التركيز على رحلته التي سيجوب بها بقاع أوروبا لأسباب لا أحد يعرفها ، إلا أنه و من غير المنطقي أن تصبح زيارته لأسبانيا وحتى اللحظة متمحورة حول تيسير علوني فقط ، ومن باب أولى أن نسمع خبر آخر مثل عقد صفقات تجارية بين اليمن واسبانيا أو تسهيلات أو على أقل تقدير وعود تعود بالفائدة على الشعب اليمني بمجملة .

هل الرئيس وهو الذي يعلم أن وساطته لن تنجح ، لأن اسبانيا دولة مؤسسية وبها قانون قضائي معتز بتاريخه بعكس اليمن الذي من الممكن أن يسجن بها مواطنا اليوم بتهمة التآمر ويفرج الرئيس عنه غدا بسبب أن مزاجه صافي دون أن تكون هنالك مرجعية قانونية يستند أليها ، أقول هل الرئيس وهو يقوم بهذا العمل يتودد إلى القناة ألتي باتت مؤخرا تستقبل شخصيات معارضة وتفتح الهاتف للمواطنين اليمنيين المقهورين على أوضاعهم والبائسين حد الموت .

وعلنا نتذكر قبل سنوات من الآن عتبنا الشديد على هذه القناة التي كانت شبه ناطق رسمي باسم النظام الحاكمبسبب مراسليها الذين كانوا يعملون بشكل انتقائي وبعيد كل البعد عن المهنية الصحفية ، إلا أن تبدل سياسة قناة الجزيرة مؤخرا وتبديل مراسليها في اليمن وأيضا قيام النظام باستفزازها أكثر من مرة عبر أهانة مراسليها ومنعهم من تغطية فعاليات سياسية مهمة جعلها تعيد النظر في أسلوب تغطيتها للحدث عبر لقاءات مباشرة مع شخصيات تنتقد هذا النظام علانية وأمام ملايين العرب المتابعين لهذه القناة العالمية .

مهما غلونا بشأن قناة الجزيرة إلا أنها تظل في النهاية يد طولى للحكومة القطرية ، وربما لاحظنا كيف أن حدة نقدها لحكومة آل سعود اختفت بعد أن تحسنت العلاقات بين الدوحة والرياض ، ونحسب أن العلاقات بين صنعاء والدوحة على ما يرام ، لذا قناة الجزيرة تصبح مقياسا بين مد وجزر لهذه العلاقات عبر برامجها ، وكم تمنيت أن أرى أحد تلك البرامج كالاتجاه المعاكس يستضيف يمنيين للحوار في قضايا اليمن المشتعلة الآن ، إلا أن هذه القناة تظل محكومة سواء شئنا أم أبينا بالقرار السياسي التي هي تبث من أرضيه وهي بالتأكيد دولة قطر .

كم أخشى أن تذعن قناة الجزيرة وتصير أكثر ودا مع نظام صالح لأنه قام بهذه المبادرة ، وان تلغي ما كان يبث على قناتها ( مباشر ) حول اليمن أو على الأقل تقوم بتغير الشخصيات التي تستضيفهم بأخرى نعرفهم جيدا لتلميع صورة نظام موغل في فساده وفشله ، وتصير كما صارت قناة المستقلة التي تحولت بشكل جذري من قناة تقف بصف الشعب اليمني إلى قناة منحازة بعد أن تم تسليم صاحبها الهاشمي مبلغ مالي ضخم الكل سمع عنه في حينه .

حماس الرئيس المفتعل للتوسط لأجل علوني ، ليتنا نجد نصفه من أجل العمل للإفراج عن سجناء اليمن في غوانتنامو ، فعلوني على الأقل مسجون في بيته بإقامة جبرية ، بينما مساجيننا في كوبا يعانون سحقا لأدميتهم ، وحسب تصاريح وزارة الخارجية الأمريكية بأنها تود فعلا إغلاق هذا السجن السيئ السمعة لكن السجناء اليمنيون يقفون عائقا أمام هذا الشيء وان الحكومة اليمنية ليست متحمسة لاستقبالهم .

السجناء اليمنيون في غوانتنامو لم ينقص عددهم  بشكل عام ، بينما تم الإفراج عن كل السجناء الأوروبيين ولم يتبقى من السعوديين سوى 13 سجينا ، بينما يبلغ عدد السجناء اليمنيين 275 سجينا ، وطبعا لا أريد التذكير بشأن السجون الخاصة في اليمن التي تتبع مشائخ قبليون والمساجين في السجون الرسمية الذين انتهت مدة حكمهم ومازالوا قابعين خلف القضبان ، ورئيسنا القومي جدا ذهب إلى اسبانيا ليشاهد مصارعة الثيران ويستمتع برقصات الفلامنكو ويلتقي مع الملك كالورس ويطلب منه الإفراج عن تيسير علوني.

بالتأكيد لا يغضبنا الإفراج عن أي سجين عربي ، ولكن نصاب بحالة قرف من هذه الأساليب التي لا تنم إلا عن شهوة غير متناهية في الحكم وفي الهيمنة وفي تلميع صورة أصبحت ملامحها بلا أية معنى سوى المزيد من الاستخفاف بعقولنا والمزيد من سحق حقوقنا بينما هو يتباهى بسعيه الدءوب من أجل حقوق الآخرين .