المرحلون !قلت ما عندي
بقلم/ معاذ الخميسي
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و يوم واحد
الأحد 05 إبريل-نيسان 2009 07:02 م

أكثر من مرة أعود من جدة وعلى الطائرة عدد لا بأس فيه من المرحلين الذين لا يلتزمون بقوانين العمل أو يدخلون إلى أرض الشقيقة السعودية عن طريق التهريب

هم مخطئون .. وبالتأكيد أنهم تجاوزوا القوانين واستحقوا الترحيل كأقل إجراء ينالهم كونهم خالفوا الإجراءات السليمة .. لكن هل من المعقول أن يستمر التعامل معهم بطريقة غير طيبة وكأنهم ارتكبوا جرما لا يغتفر يتطلب استقبالهم في مطار صنعاء بشكل فيه الكثير من الاستفزاز وعدم الاحترام

أخر مرة شاهدت بأم عيني تفاصيل تلك المعاملة عند عودتي مع عدد من الزملاء من العاصمة العمانية مسقط وكنا في طابور الانتظار نسعى لإكمال معاملة تأشيرة الدخول .. ولحظتها وصلت الطائرة من جدة ونزل الركاب وبينهم كثير من الشباب المرحلين .. وساءني كغيري ممن كانوا متواجدين في صالة الوصول تلك المعاملة القاسية التي واجهها المرحلون في أول لحظات وصولهم إلى بلدهم بعد معاناة كبيرة ورحلة شاقة وصعبة ابتدأوها بالدخول إلى أرض شقيقة بطريقة غير شرعية بحثا عن لقمة عيش وانتهوا بخوض تفاصيل مرّة بعد أن ألقي القبض عليهم وأودعوا السجن

لكم أن تتخيلوا ما حدث وتنظروا في ما حصل وتقرروا ماذا تسمّون ذلك .. وبماذا تصفونه؟؟

لم ينزل المرحلون من الباص أمام بوابة صالة الوصول إلّا وقد اعترضهم اثنان من رجال الأمن وبشكل مستفز سارعا لتوبيخ عدد منهم لأنهم اتجهوا إلى داخل الصالة -وبصوت مرتفع سمعه كل من في الصالة - وقاما بتجميعهم بجانب بعض وهم في حالة إرهاق شديد وكثير منهم ليس لديه إلا ما يستر عورته ويمشي حافي القدمين.

بعد ما يصل إلى عشرين دقيقة حاول رجل مسن من المرحلين وبجانبه أثنان من الشباب الدخول إلى الصالة والجلوس على الكراسي انتظارا لما سيواجههم من مصير .. وعرفت حينها أن الرجل المسن يشكو من المرض ولم يستطع تحمل الوقوف .. ومع ذلك حضر أحد رجال الأمن بلبس مدني ونهرهما بقوة وهاجمهما بالقول : لماذا دخلتم الصالة.. وأنتم ما تفهموش مثل................!

ولم يكتف بذلك بل وأصر على إخراجهم من الصالة رغم أن الكراسي فاضية وتكفي جميع الواصلين منهم

غادرت صالة الوصول وذهبت لانتظار وصول حقائبي التي يتم إدخالها مع بقية حقائب المسافرين في كل الرحلات الواصلة من منفذ واحد فقط .. وبعد حوالي الساعة غادرت المطار ولم أعرف كيف تمت إجراءات إدخالهم ..وهل دخلوا أم لا !!

فكرت كثيرا .. وظللت متألما لما حدث وحزينا لذلك الأسلوب الذي يتعامل به بعض رجال الأمن في المطار مع المرحلين .. وتعهدنا نحن الصحفيين المتواجدين في المطار بالكتابة عن تلك القسوة وذلك التعامل اللامنطقي واللا إنساني

سأوجه بعض تساؤلات لمن لا يفهمون كيف يجب أن تكون لغة التخاطب .. ولا يستوعبون ما الذي قاد أولئك "المرحلين" إلى المغامرة والمخالفة وتجاوز القوانين!

هل يدرك أؤلئك أن أغلب من يغادر البلاد"تهريبا" هم من الشباب وعدد منهم لديهم مؤهلات تصل إلى البكالوريوس ولم يجدوا فرصة الالتحاق بعمل أو الحصول على وظيفة .. ولأنهم يتحملون مسئولية ووراءهم أسر يعولونها فقط غامروا وقبلوا "التهريب" من أجل البحث عن لقمة عيش شريفة!

هل يفهمون أن عددا من أولئك الشباب فضلوا البحث عن عمل بالمخالفة أو بالتهريب على أن لا يكونوا أداة لأفكارهدامه أو توجهات إجرامية!

هل يستوعبون أن أولئك هم من أبناء جلدتهم ولم يصلوا إلى الحالة التي هم فيها إلّا بسبب عدم توفر فرص العمل .. وبسبب مرارة العيش .. وجور السؤال .. وذل الحاجة !

هل لديهم فكرة عن كيفية التعامل الإنساني وماذا يجب أن يتم عند استقبال عدد من المواطنين يعيشون أوضاعا صعبة ووصلوا إلى بلادهم وليس لديهم حتى فلس واحد يضمن لهم الوصول إلى أهاليهم !

هل يعرفون أن الإساءة لهم أمام أعين الآخرين وخاصة الأشقاء والأصدقاء الواصلين تحكي أشياء كثيرة غير طيبة ولا ينبغي أن يصطدم بها الضيوف!

قلت ما عندي .. وكتبت ما أشعر به أمانة في عنقي .. بقي ما عندكم .. راجعوا حساباتكم .. فتشوا عن بقايا رحمة ورأفة في قلوبكم .. ابحثوا عن شيء ينبض في ضمائركم .. وأدركوا جيدا أنكم تتعاملون مع مشكلة أو أزمة كبيرة اسمها "لقمة عيش" .. وارحموا من في الأرض .. يرحمكم من في السماء !

Moath1000@yahoo.com

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
حافظ مراد
وجوه بريئة تحت وطأة الحرب
حافظ مراد
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
علي محمود يامن
عبدالفتاح … المفكر القائد والاديب المنظر
علي محمود يامن
كتابات
احمد طلان الحارثيدولة النقاط والحواجز..1..
احمد طلان الحارثي
مشاهدة المزيد