غيّب الموت قبل أيام قامة يمنية عظيمة وهامة أدبية مهابة .. مناضل كان في الصفوف الأولى وشاعر فارس لا يشق له غبار ..
الوطن برحيل شيخ الشعراء صالح سحلول يخسر وطناً صالحاً كان يسكنه ويترجمه لغة للأجيال منذ الرعيل الأول مثالاً يُحتذى لأولئك الكبار الذين تصدوا لمسيرة التحرر الوطني في منتصف القرن الماضي وحتى وفاته وهو يشهد مسيرة استكمال ثورات لم تبلغ مداها النهائي لشعب لايزال بحاجة لسحلول وأمثاله من الشخصيات الوطنية ليراكم تجربته في النضال والتحدي والإصرار على التغيير .
لقد أثرى الراحل الكبير صالح سحلول الحركة الوطنية بثورة شعرية أغنت المكتبة اليمنية والعربية بتراث أدبي للمقاومة والصمود وصناعة الحياة الحرة الكريمة .
كان صالح سحلول ملهماً للتنوير والتثوير فقد فعلت كلماته فعلها العميق في إشعال روح الحماسة والتضحية والفداء وخاطبت أجيالاً متعاقبة معبرة عن شخصية عابرة لحدود الزمان والمكان بمتغيراتها المختلفة ، فتقاطعت حروفه عند (صوت الثورة) وهذا أحد أسماء دواوينه ليصبح الصوت واحداً والشعب واحداً والملهم واحداً هو ( يقول سحلول) وذلك عنوان آخر لأحد أعماله الأدبية التي قرت في الذاكرة الوطنية أرضاً وإنساناً إضافة إلى أعمال أخرى عديدة وروائع طرقت مختلف أبواب الأدب والفن والحكمة .
لم يكن (سحلول) شاعراً ثورياً فحسب بل شاعر تاريخي ثقافي بامتياز استطاع بأعماله أن يوثق لتجربة شعب يتوق للحرية ليس يمنياً فحسب بل وعربياً قومياً يدرك حجم الارتباط الوثيق بين أبناء الوطن العربي الكبير الذي لا يشترك في اللغة والدين والقيم بل يتشابه في الأحلام والتطلعات وطريقة إدراكه للماضي والحاضر والمستقبل .
ولازلت اتذكره في عام 1997م وهو يلقي قصيدة تشيد بالدور المصري في المساهمة بالدفاع عن عن النظام الجمهوري في صنعاء ودعم الثورة في الجنوب حيث صفق الحاضرون تصفيقاً حاراً لهذا الشاعر الكبير الذي لم يحظى بالاهتمام الكافي الذي يستحقه تقديراً لدوره الوطني الشجاع
قليلة هي الأوسمة التقديرية التي نالها الراحل الكبير صالح سحلول قياساً بمكانته الوطنية الثقافية والأدبية والسياسية فالراحل كان وساماً على جبين الوطن وسيبقى كذلك مابقيت كلماته بين ظهرانينا تحدّث عن عظيم عاش حراً وترجل أباً للأحرار
فوداعاً أيها الشاعر الكبير والمبدع الذي سيبقى حياً والثائر الذي لايزال يعطي الثورة حتى بعد وفاته .
تقبل الله الراحل الكبير (صالح سحلول) في الصالحين والحكماء في أعلى عليين ،، وإنا لله وإنا إليه راجعون .