|
كم كانت سعادتي كبيرة يوم إن أمـــتلأت الشوارع بالاحتجاجات والمظاهرات والمسيرات الشبابية معلنة عن إشتعال شرارة ثورة شبابية سلمية لا تطلق فيها طلقة نار واحده ، ما عدا تلك النار التي أشتعلت داخل تلك الصدور الشبابية العارية .. بعد إن طفح الكيل ، وبلغ السيل الزبا ، يوم أن إستفحل الفساد وانتشرت فروعه وأغصانه في كل المؤسسات الحكومية .. فاستفاق يومها الشباب من سباتهم .. وانطلقوا عبر ساحات الحرية والتغيير ليقتلعوا شأفة الفساد والمفسدين من الـــجذور .
يومها كان الوطن هو من أستدعى هؤلاء للنزول إلى الساحات ، فخرج الشعب الى الشوارع والساحات يلبون نداء وداعي الوطن ، فكان شعارهم (( لا حزبية ولا أحزاب ثورتنا ثورة شباب )) .. نعم .. هي ثورة شبابية شعبية خالصة ، تضم جميع التيارات والأحزاب والتكتلات السياسية والمذاهب ، بعيدة كل البعد عن المصالح الشخصية والذاتية ،وبعيدة عن الفرقة العنصرية والمذهبية والطائفية ،، فالجميع يومها كان يستظل بمظلة الثورة .
فكم كانت ثورتنا جميلة ورائعة بتوحدنا وتلاحمنا وتأخينا .. فهدفنا موحد وغايتنا واحده . فبمثل هذه الروح اشتعلت ثورتنا ، وبمثلها صمدنا وصمدت ثورتنا في وجوه نيران قناصي النظام البائد وهراوات بلاطجته ، وقمع سياط جلاديـه
والحقيقة أن البعض كان يتملك لمثل هذه الروح الطيبة النقية ، ولكن البعض الآخر كان قد ظهر علينا بوجــه ظاهره الرحمة وباطنه العذاب . لم يظهر على حقيقته ألا بعد أن بدأ نجم النظام السابق في الأفول ، وشارف على حافة السقوط . فكشف عن القناع ليظهر بوجهه الحقيقي . ليضرب شباب الثورة الشعبية السلمية بسياط هي أشد الماً من سياط النظام السابق . نزع عن وجهه القناع ليخبرنا بتملّكه للثورة ، وبأنه صاحب الفضل الأول في قيام الثورة ، وأنه هو من قدم التضحيات والشهداء ، وهو من سيجني ثمار هذه الثوره .
وهكذا أستمر الحال منذ ان تقيدنا ببرنامج المبادرة الخليجية ، وشُــكلت حكومة الوفاق ، فسيطر على كل شيء داخل ساحة التغيير ، حتى الكلمة سيطر عليها ، فمن يتفوه بكلمه قد تتعارض ومصالحه ألضيقه ، هو بلطجي وأمن قومــي ، فيلقى منهم ما لم يكن ليلقاه في عهد النظام السابق .
عندها عاد الأحرار والحرائر أدراجهم ، رجعوا الى بيوتهم ، يترقبوا داعي الوطن والواجب مرة أخرى ، ولم يتبقى لهؤلاء الدٌخلاء في الساحات سوى خيام خاوية ، ومسيرات غير هادفة ، وعديمة الجدوى ،والقليل من الأذيال الذين جندوهم بثمن بخس دراهم معدودة، ما أن انقطعت عنهم هذه المبالغ حتى عادوا من حيث جاؤوا . وبرحيلهم عادت اليوم للشارع شرعيـــته السابقة قبل انطلاق شرارة الثورة. الشارع اليوم حزين على فراق الثورة والثوار ، هو في اشتياق إليهم اليوم وسيحزن لأنهم غادروه ، لكن ليس كهؤلاء الثوار . هؤلاء هو برحيلهم سعيد غاية السعادة ، لأنهم من أصابوه والثورة بالتعفن ، وهو في غاية الاشتياق لرحيل من بقي منهم . وأحسبهم راحلون في الأجل القريب إنشاء الله
في السبت 09 يونيو-حزيران 2012 04:53:50 م