من المناسب عند الحديث عن القضية اليمنية التركيز على اهم مسارين فيها الا وهما : المسار السياسي والمسار العسكري وهذا لا يعني التقليل من شان المسارات الاخرى امنية كانت او اقتصادية او انسانية لكن طبيعة هذه القراءة تستلزم التركيز على المسارين السابقين لما لهما من تاثير قوي ومباشر على بقية المسارات بل على المشهد برمته.
اولا المسار السياسي التفاوضي :
لم تسفر الجهود التفاوضية التي رعتها الامم المتحدة بمحطاتها الثلاث المختلفة عن اية نتائج تذكر
فقد اشتدت حدة المواجهات بين قوات الشرعية من جهة والمتمردين الحوثيين وحليفهم صالح من جهة اخرى مع فشل المحطة الثالثة من المحادثات بين الطرفين ، المحطة الأولى كانت في جنيف منتصف يوليو-تموز 2015، فيما كانت الثانية في مدينة بيال السويسرية منتصف ديسمبر-كانون أول الماضي 2015 ، اما المحطة الثالثة فقد كانت في الكويت (21 إبريل- نيسان الماضي وحتى 6 أغسطس-آب 2016)، لكنها جميعها فشلت في تحقيق السلام واستمرت المواجهات العسكرية بين الطرفين
تلك الموجهات اسفرت عن مقتل ما يقارب 6 آلاف و600 مواطن يمني، وإصابة نحو 35 ألف مواطن، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ووفقا لاحصائيات حديثة نشرتها بعض المظمات الحقوقية بالتعاون مع مركز ابعاد فقد تجاوزا عدد القتلى ضعف العدد المشار اليه اعلاه فضلا عن الأوضاع الإنسانية والصحية الكارثية.
مكسب وحيد :
مع اعلان المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ تعليقه لمسار المحطة الثالثة من مشاورات الكويت ذات الجولات الثلاث لم تكن الشرعية اليمنية ومعها التحالف العربي قد حققا اي هدف يذكر من هذه المفاوضات سوى تعرية الطرف الحوثي امام المجتمع الدولي واظهاره بمظهر المتعنت الرافض لاية حلول سلمية
ومع ان ما احرزته الشرعية اليمنية في هذا الاطار قد يكون هو المكسب الوحيد لها في مقابل مكاسب كثيرة تحققت للطرف الاخر من كسب للوقت واعادة تموضع للجبهات وتزويدها بالاسلحة والمقاتلين ومنحها فرصة التواصل المباشر مع الخارج "حكومات ومؤسسات" وما تبع ذلك من اعتراف ضمني بها.
الا ان تصريح وزير الخارجية اليمني الذي قال فيه " مشاورات الكويت لم تنجح سوى في تعرية الانقلابيين " كان معبرا عن الواقع لدرجة كبيرة .
مكسب يتلاشى :
مكسب الحكومة اليمنية الانف الذكر لم يدم طويلا بل سرعان ما تلاشى حين جاء اسماعيل ولد الشيخ بخارطته الجديدة المهجنة من افكار كيري وبقايا افكار مشاورات الكويت
تلك الافكار التي كان كيري قد اعلن عنها في جده بالمملكة العربية السعودية في مؤتمر صحفي خلال لقائه بنظرائه الخليجيين بحضور وزير الخارجية البريطاني والمبعوث الاممي ولد الشيخ في 25 أغسطس-آب 2016 والتي اقترحت حلا من ثلاثة بنود رئيسية :
-حكومة وحدة وطنية
-انسحاب المسلحين من المدن والمؤسسات
-تسليم السلاح الثقيل لطرف ثالث
ومع ان ماطرحه كيري كان مجرد افكار الا انه ووفقا لما نشرته ال بي بي سي من تسريبات في ال 31 من اغسطس المنصرم ونفت صحته وزارة الخارجية الامريكية في حينه ثم ثبت صحة ما نشرته ال بي بي سي فيما بعد من ان كيري قد قدم خطوات واجراءات عملية ترتقي الى مستوى خطة سلام او خارطة طريق ومن بين اهم تلك الاجراءت ان يصدر الرئيس هادي فور التوقيع قرارا بتعيين نائب للرئيس او رئيس للحكومة متوافق عليه محليا واقليميا ويخوله كامل صلاحياته الدستورية كما اقترح كيري وقفا لإطلاق النار ثم تشكيل حكومة بنسبة الثلث لكل طرف- ما يعني ان نصيب الانقلابيين من الحكومة سيكون ثلثا مقاعدها -رغم تاكيد كيري في المؤتمر الصحفي ان الحوثيين انما يشكلون اقلية في اليمن- يعقب ذلك انسحاب المسلحين من العاصمة وإجراءات أخرى لا ضرورة لسردها هنا
هذه الافكار او الخطة حملها ولد الشيخ متنقلا بها خلال فترة مخاض استمرت قرابة الشهرين تقريبا واسفرت عن تشكل خارطة جديدة ثالثة يمكننا ان نطلق عليها
خارطة كيري -ولد الشيخ المهجنة او كما سماها البعض "الخارطة المفخخة"
لعب باحتراف:
قام ولد الشيخ بالقاء الكرة على الاطراف المتصارعة بعد عملية فسيولوجية غيرت من ملامحها وفقا لصبغة محددة تقتضيها القواعد الاستراتيجية لللعبة الاممية ، ليكون جناح صالح اول من يتلقفها في حين رفضهاوتحفظ عليها الجناح الاخر من الانقلاب والذي ما لبث في وقت لاحق ان ابدى مرونة في التعامل معها بعد ان كان الجناحان المتحالفان كلاهما قد احدثا تشويشا ملفتا يوحي بعدم رضاهما عن المبعوث الاممي وتحركاته .
تمثل هذا التشويش بالقيام بحملة اعلامية عدائية مشتركة استهدفت المبعوث الاممي بشكل مباشر قبيل وصوله صنعاء ،كما قامت مجموعات مسلحة من المليشيا بفرض حصار مسلح على مقر اقامته-اتضح فيما بعد- على انه حصار شكلي هدفه تسهيل مرور الخارطة المهجنة على الطرف الاخر وإعطائها قدرا من الحيادية والموضوعية.
في المقابل سارع معسكر الشرعية الى الرفض القاطع للخارطة بل رفض مجرد استلامها، فظهر كما لو انه رافض لعملية السلام ،وغير قادر على التعاطي الايجابي معها ، وفد تلقى على اثر ذلك انتقادات واسعة شاركت فيها اطراف محسوبة على الشرعية مما جعل الحكومة تتراجع عن اسلوبها في التعامل مع الخارطة ، مخففة من لهجة الرفض عبر رئيسها ابن دغر الذي قال في تصريح له : "باننا نقبل الخارطة شكلا ونرفضها مضمونا" براينا هذه الزاوية التي حشرت فيها الشرعية جعلتها تفقد مكسبها الوحيد من مشاورات الكويت لتتعرى ويستتر الانقلابيون او على الاقل كما يتمنى خصومها وحلفاؤهم ويرجح ذلك تصريح الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام الذي قال فيه عند توقيعه لاعلان مسقط :انما اردنا ان نلقي بالكرة على الطرف الآخر.
وجوه لعملة واحدة :
في الواقع لم تكن خارطة كيري- ولد الشيخ المهجنة التي اعلنت في اواخر اكتوبر المنصرم 2016
هي اولى الاصدارات الاممية بهذا الشأن ، فقد تم إصدار خارطتين سابقتين خلال الجولات الثلاث من مشاورات الكويت
الاولى وتم اخراجها بصبغة انقلابية خالصة بينما اخرجت الثانية بصبغة شرعية غير خالصة
1-الخارطة الاولى
كانت في رمضان من العام المنصرم 1437- اواخر يونيو 2016- ارتكزت هذه الخارطة في رؤيتها على حل سياسي للازمة اليمنية دون مراعاة للقرار الاممي 2216 بنقاطه التراتبية الخمس ما اعتبره معسكر الشرعية اليمنية مكافاة اممية للمليشيا وشرعنة للانقلاب وقد تم رفض هذه الخارطة بشكل قاطع من قبل الحكومة ثم من قبل الرئيس هادي اثناء زيارته الشهيرة لمحافظة مارب العاصمة التاريخية لاقليم سبا في حين كانت محل رضا لدى المعسكر الانقلابي مع بعض الملاحظات التي ارفققوها كان من اهمها ادراج مؤسسة الرئاسة .
2- الخارطة الثانية :
اعلنت هذه الخارطة في يوليو -تموز 2016 من العام الجاري وقد حملت هذه الخارطة رؤية مغايرة للخارطة الاولى كونها استندت الى القرار الاممي 2216 وراعت المرجعيات والنقاط الخمس فتم قبولها من الشرعية مع بعض التحفظات في حين تم رفضها كليا من المعسكر الانقلابي.
اوجه شبه واختلاف:
باجراء مقارنة بسيطة بين الاصدارات المتعددة للخرائط الاممية بشان اليمن يتضح ان شبها كبيرا وواضحا بين الخارطة الاولى الناجمة عن مشاورات الكويت وخارطة كيري- ولد الشيخ المهجنة ،
وجه الشبه بين الخارطتين يكمن في عدم مراعاة الخارطتين للقرارات الاممية ذات الصلة والقفز على المرجعيات والعبث بها
اما اوجه الاختلاف ، ففي حين لم تتحدث الخارطة الاولى عن مؤسسة الرئاسة جاءت الخارطة الثالثة " خارطة كيري- ولد الشيخ" لتلبي رغبة الحوثبين من جهة وتعيد للواجهة خطة سابقة لكيري كانت تتضمن نقل صلاحية هادي لنائبه خالد بحاح فافشلها هادي في مهدها بعزله بحاح وتعيين الاحمر نائبا له ولعلنا نتذكر تصريحات كيري الغاضبة اثر قرار العزل والاحلال فجاءت هذه الخارطة لتجتث الرئيس والنائب ورئيس الحكومة ضاربة الشرعية في العمق ومجهزة على رمزيتها الوحيدة لتصيبها في مقتل ولتتخلص بصورة نهائية من شبح التحالف العربي ثم تقضي تماما على العاصفة بشقيها " الحزم والامل" تاركة المشهد اليمني مفتوحا امام الحوثيين وحلفائهم الايرانيين ليعيدوا تشكيله ورسمه بطريقتهم الخاصة وفقا للنموذج الطائفي في العراق ولبنان مما يعني توجيه طعنة للمملكة العربية السعودية في خاصرتها الجنوبية باقامة كيان عسكري وسياسي موال لايران ويحاكي نموذج حزب الله في لبنان و الحشد الشعبي في العراق .
نضيف وجها اخر من اوجه الاختلاف بين الخارطتين ويتمثل برفض المبعوث الاممي اجراء اي تعديل على الخارطة الجديدة في حين انه قام بتعدبل الخارطة السابقة وتراجع عنها بعد لقائه الرئيس هادي في الرياض .
لقاء مسقط :
وسر استدعاء الحوثيين دون غيرهم من الفرقاء ؟
شعر كيري بامتعاض الرياض الشديد من المساعي الامريكية وتخوفاتها المستقبلية من الخارطة فسعى للترتيب لما سمي بلقاء مسقط
هذا اللقاء في تقديرنا لم يكن لقاءا تفاوضيا ولا تشوريا كما تناولته بعض وسائل الإعلام بقدر ما كان محاولة امريكية لتطمين الرياض من مخاوفها نحو خارطة كيري- ولد الشيخ التي تبقي على الحوثيين -الخصم اللدود للرياض- كقوة فاعلة ومؤثرة في المشهد اليمني فاستدعت الحوثيين لكتابة تعهد او اثبات حسن نوايا بعدم العودة الى الاعتداء على حدود المملكة والالتزام باتفاق ظهران الجنوب الموقع في العاشر من ابريل 2016 وحرصت ان تتم هذه الخطوة بضمانتين : دولية عبر وزير الخارجية الامريكي المنتهية ولايته جون كيري واقليمية عبر وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي
هذا المسعى الأمريكي في تقديرنا يقزم المشكلة دون ان يوجد لها حلا ، و يصور الحوثي كما لو انه تلميذ مشاغب يكتفى منه بتعهد يكتبه بحضور ولي امره كضامن وكفيل ، وكان الامريكيين يجهلون او يتجاهلون ان الرياض باتت تدرك تماما ان الحوثي لم يعد مجرد جماعة صغيرة يمكن التعايش معها ولكنه اصبح يشكل ذراع ايران العسكري في خاصرتها الجنوبية بما يمتلك من قدرات عسكرية وصاروخية متطورة وصلت الى الحدود الامنة لمكة المكرمة ووفقا لتوصيف المحلل السياسي والاستراتيجي السعودي ابراهيم ال مرعي فان الحوثي 2016 ليس الحوثي 2014 ويعني بذلك ان موازين القوة في الداخل اليمني تغيرت كثيرا لصالحه بفعل الاموال المنهوبة من البنك المركزي اليمني والاسلحة المنهوبة من معسكرات الجيش وانضمام عشرات الالاف من مليشياته لصفوف القوات المسلحة اليمنية وبفعل الدعم العسكري والمالي المقدم من طهران كل ذلك سيمكنه من اجهاض اي حكومة قادمة او فرض املاءاته عليها بقوة السلاح .
مخاوف تتزايد:
هل تمكنت الادارة الامريكية من ازالة مخاوف الرياض من خلال اعلان مسقط ؟
في تقديرنا لم تتمكن الادارة الأمريكية من ازالة تلك المخاوف او حتى التقليل منها ليس لان تجربة الرياض مع خصومها الناشئين مريرة بل لان الرياض كما أشرنا تدرك تمام الادراك بان الحوثيين ليسوا مكونا يمنيا صرفا يمكن التعايش معه وفقا لمصالح مشتركة بل مخاوفها تتزايد لارتباط هذه الجماعة الوثيق بالنظام الإيراني الراديكالي الذي يسعى لتصدير الفوضى الى المنطقة بل الى العالم الإسلامي باسره .
كما تتسع مخاوف الرياض من الخارطة الجديدة كونها تعاقب قيادات الشرعية وتكافئ الانقلابيين وذلك عندما ارتكزت على ازاحة مثلث الشرعية باضلعه الثلاثة (الرئيس -النائب-رئيس الحكومة) من المشهد السياسي والعسكري :
الرئيس بما يمثل من رمزية وحيدة للشرعية الدستورية، والنائب بما يمثل من رمزية اساسية للقوة العسكرية ورئيس الحكومة بما يمثل من رمزية اساسية للسلطة التنفيذية
ازاحة هذه الاعمدة الرئيسية التي تتكا عليها الرياض في مشروعية كل من عاصفة الحزم والتحالف العربي مع ابقاء القيادات الانقلابية على راس السلطة امر لا يستقيم بل يعتبر من وجهة نظر الرياض مخاطرة كبرى
وخطيئة سياسية فادحة اذا ارتكبت فانها قد تؤدي الى تداعيات خطيرة اقلها انهيار معسكر الشرعية السياسي والعسكري والشعبي الذي ساهمت الرياض في انشائه وسعت جاهدة لتقويته وكلفها الكثير لتجد نفسها فجاة في مواجهة مباشرة وجها لوجه مع حكومة انصار الله في صنعاء المعترف بها دوليا والمسنودة محليا واقليميا دون ان تجد حينها حليفا قويا يمكن ان يساندها في مثل هكذا مواجهة كما هو الحال في العراق .
عودة الى الخارطة ::
من خلال المقارنة السابقة بين الخرائط الاممية ذات الصلة بالشان اليمني يتضح بان دور الهيئة الاممية بات مقتصرا على اعادة انتاج ما هو منتج بالفعل وان كان مسيئا والقيام بتسويقه مرة اخرى مع اجراء بعض التغييرات بغية الحصول على مكاسب تسويقية جديدة تستفيدها القوى الكبرى التي تقف وراء الهيئة الاممية في عملية اشبه ما تكون بعملية ابتزاز للاطراف المتصارعة او من يقف وراءها غير ابهة بما تخلفه هذه السياسة من ضحايا وخسائر باهضة.
الضحايا الاممية :
لم تكن اليمن هي اولى ضحايا الهيئة الاممية في المنطقة ، فحاضر هذه الهيئة كما ماضيها حافل بالضحايا فليس ثمة قضية دخلتها هذه الهيئة الا وعمقت جراحها وعبثت بحاضرها ومستقبلها ومكنت الجلاد من الضحية ولا ادل على ذلك من عبثها بالقضية الفلسطينية ثم السورية والعراقية والليبية
لقد بات يدرك غالبية اليمنيين ان النكبة التي اصابتهم واسقطت دولتهم في ال 21 من سبتمبر 2014 وما قبل هذا اليوم وما بعده ما كانت لتتم لولا تواطؤ الهيئة الاممية عبر مندوبها المخطط للنكبة والداعم لها جمال بن عمر
كما ان النفق المظلم الذي دخله اليمن بسبب هذه المنظمة لن يستطيع الخروج منه طالما واجندتها المشبوه لا زالت تحيط به وتسعى لفرض واقع جديد وفقا لهذه الاجندة وليس وفقا لمصالحه العليا.
مكامن الخطورة :
يمكن القول ان هذه الخارطة قد تشكل خطورة في حال تم استصدار قراراممي بالاجماع دون ان تتمكن الشرعية اليمنية والتحالف من ايجاد صوت معطل له مما يعني فقدان الشرعية اليمنية للقرار 2216 الذي كانت تستظل به وتستند اليه او اضعافه ، وان كان هذا الامر مستبعدا حاليا وفقا لما اشار اليه السفير السعودي بالأمم المتحده في مقابلة له مع قناة الحدث عندما قال : " ليس هناك مشروع قرار أممي حتى الان ولا يمكن اتهام الحكومة اليمنية بالسلبية لانها استجابت بالسابق للمفاوضات وهناك ملاحظات للحكومة اليمنية على مبادرة كيري ويجب ان يتم التفاهم معها " وعلى فرضية التحرك الاممي لمثل هكذا قرار فان امتلاك التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية لعلاقات مؤثرة مع عدد من الدول الخمس ذات العضوية الدائمة بمجلس الامن قد يقلل من فرص نجاح هكذا قرار ،لكنه احتمال يظل قائما .
السيناريوهات المتوقعة :
وفقا لما اوردنا يمكن توقع السيناريوهات الاربعة التالية :
الاول: تمكن الهيئة الاممية وداعموها من فرض الخارطة بصيغتها المعلنة دون تعديل
الثاني: تمكن الهيئة الاممية وداعموها من فرض الخارطة بصيغتها المعلنة مع تعديل طفيف
الثالث : تمكن الهيئة الاممية وداعموها من فرض الخارطة المعلنة مع تعديل جوهري
الرابع : عدم تمكن الهيئة الاممية وداعموها من فرض اي خارطة .
السيناريوهات الاكثر ترجيحا :
سيكون من الصعوبة بمكان الجزم على وجه الدقة باي سيناريو قادم لكننا على ضوء المعطيات المتاحة ومع عدم اغفال اهمية السناريو الاول والثاني فاننا نرجح السيناريو الثالث او الرابع للاعتبارات التالية :
1- استناد الخارطة على اسس غير منطقية يوحي بانها وجدت لترفض كونها وبصيغتها المعلنة تفضي الى اطالة امد الحرب واستمرار الصراع وليس انهاءه رغبة في بيع مواقف وتحقيقا لتوازنات استراتيجية تستفيدها بعض الاطراف الدولية الكبرى.
2-الداعم لهذه الخارطة هو وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والذي لم يتبق من عمره الدبلوماسي ولا من عمر ادارته الا القليل وحرصه على تحقيق إنجاز إعلامي اكثر من حرصه على انجاز تسوية حفيقية وفي كلتا الحالتين حتى لو اراد انجاز تسوية فإن وقته لا يسعفه لتحقيق اي شكل من اشكال التسوية كونه جاء في الوقت الضائع والمشكلة اليمنية اعقد من ذلك بكثير.
3-امتلاك الشرعية اليمنية من خلال التحالف العربي لكثير من الأوراق التي فد تمكنها من تجاوز تلك الضغوط وإجراء التعديلات الضرورية على الخارطة او تجميدها.
4-التجارب السابقة للخرائط الاممية تشير الى ان هذه الخرائط غالبا ما ترتطم بصوت معطل في اروقة مجلس الامن وتنتهي بمجرد انتهاء التصويت كما انتهت الخارطتان السابقتان اللتان اعلنهما المبعوث الاممي خلال مشاورات الكويت سواء الخارطة الاولى ذات الصبغة الانقلابية ام الخارطة الثانية ذات الصبغة الشرعية لتبدا اللعبة بشوط جديد .
5- بروز مؤشرات عن ترنح الطرف الانقلابي اقتصاديا وضعف مقدرته على التماسك بسبب تزايد الضغوط الاقتصادية عليه مما يعني إمكانية تقديمه لتنازلات قد تكون جوهرية وهذا انما يتاتى في حال ثبات الموقف الحكومي وتماسكه في المعركتين السياسية والعسكرية واذا ما حصل هذا فانه يرجح كفةالسيناريو الثالث (التعديل الجوهري)
6- غموض موقف الادارة الامريكية الجديدة (ادارة ترامب)
وان برزت بعض المؤشرات التي من شانها الحد من دور ايران في المنطقة كتصويت الكونجرس على تمديد العقوبات على ايران لمدة عشر سنوات قادمة والتصويت على منع بيع الطيران لها الا ان هذا العامل سيظل غير موثوق الاثر الى ان تتضح الصورة بشكل اكبر .
وبتقديرينا فان ترجيح احد السيناريوهات يعتمد بدرجة كبيرة على عدد من العوامل اهمها مدى مقدرة الاطراف المتصارعة في خوض المعركة الدبلوماسية بجدارة وحجم استفادة هذه الأطراف مما تمتلك من ادوات سياسية واقتصادية مؤثرة وكذلك طبيعة نهج الادارة الاميركية الجديدة في المنطقة لكن العامل الاكثر اهمية هو مقدرتها على فرض واقع جديد على الارض .
خيارات الحرب او السلام:
في السيناريو الاول (فرض الخارطة)
او السيناريو الثاني (فرض الخارطة بتعديل طفيف) او السيناريو الرابع (عدم فرض اي خارطة) سيكون الخيار العسكري هو الخيار الاكثر ترجيحا وستزداد المعارك ضراوة ولن ينعم اليمنيون ولا المنطقة باي شكل من اشكال السلام.
في السيناريو الثالث (فرض الخارطة بتعديل جوهري)
سيكون خيار السلام هو الخيار الاكثر ترجيحا وسينعم اليمنيون والمنطقة بالسلام الشامل والعادل .
ثانيا :المسار العسكري
وبعد الحديث عن المسار السياسي للمشهد اليمني لابد من الاشارة للمسار العسكري لمرحلة ما بعد الكوبت وان بصورة موجزة.
لوحظ ان المسار العسكري لم ينفك عن المسار السياسي طيلة الفترة المنصرمة بل كانا حاضرين بشكل ملفت رغم ما بينهما من تضاد الا انه مع فشل مشاورات الكويت تصاعدت العمليات العسكرية بشكل قوي حيث اعلن التحالف العربي عن استئناف العاصفة وكلف على اثرها الفريق الأحمر نائب رئيس الجمهورية بادارة العمليات العسكرية بصورة مباشرة .
وفي نظرة سريعة لمجمل التطورات العسكرية في الميادين والجبهات يمكننا القول بان
الصورة العامة لاغلب المواجهات العسكرية تشير الى تقدم مستمر وملحوظ في مختلف الجبهات لصالح القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي مع انحسار واضح وملموس لقوات الحوثيين وحليفهم صالح
حيث تمكنت القوات الحكومية من احراز انتصارات متتابعة في مختلف جبهات القتال كانت جبهتا مارب والجوف من ابرز تلك الجبهات حيث استعادت القوات الحكومية خلالها مدينة صرواح الواقعة في محافظة مارب وتحرير اجزاء كبيرة منها كما تمكنت القوات الحكومية من تطهير الجوف والسيطرة على معاقل رئيسية للحوثيين وحليفهم صالح اما في جبهة نهم فقد واصلت القوات الحكومية الزحف عبر السلاسل الجبلية الوعرة والممتدة في منطقة نهم محققة مكاسب وصفت بالكبيرة على الارض تمكن على اثرها عودة اعداد كبيرة من اهالي قرى نهم الى منازلهم
اما في جبهة تعز فقد تمكنت القوات الحكومية من فك الحصار على المدينة واحراز انتصارات وصفت بالاستراتيجية بسطت على اثرها سيطرتهاعلى مواقع هامة من المدينة في مقابل تراجع حاد للحوثيين وحليفهم صالح ، وفي عملية عسكرية وصفت بالخاطغة تم فتح جبهة جديدة باتجاه محافظة صعدة -المعقل الرئيس للحوثيين - تمت خلالها السيطرة على منفذ البقع و8 مواقع اخرى باتجاه صعدة
من جانب اخر لوحظ تزايد وتيرة الهجمات الحوثية على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية مستخدمة طابعين
الاول : الزج بمجاميع من الاطفال والقصر وقذفهم الى محارق الموت الحدودية
اما الطابع الثاني فقد تجلى باستخدام الحوثيين للصواريخ البالستية التي زودتهم بها ايران وكذلك صوريخ اسكود التي زودهم بها صالح
هدف التصعيد :
بتقديرنا فان هذا التصعيد يمكننا ان نعزوه لسببين :
الاول : دافع الضغط على المملكة لايقاف دعمها عن الشرعية والتخلي عن عاصفة الحزم ومحاولة مقايضة هدنة الحدود بهدنة العاصفة وفقا لمبادرة صالح التي اطلقها في احدى خطاباته ورفضها التحالف على الفور .
الثاني : تنفيذ الاستراتيجية الايرانية القائمة على توجيه ضربات موجعة في العمق السعودي وتمكين الحوثيين من هذه الصواريخ واكسابهم المهارات اللازمة ولا ادل على ذلك من تصريح علي اكبر ولايتي عندما قال "لقد اصبح أنصار الله قادرين على الوصول الى اي مدينة سعودية ..وسنواصل دعمنا لليمن "
بقي ان نشير الى ان الشرعية اليمنية تمكنت من توجيه ضربات موجعة للحوثيين كانت اشد ايلاما من الضربات العسكرية تمثلت الاولى بضربة نقل البنك المركزي من صنعاء الى عدن واما الثانية فتمثلت باغلاق مطار صنعاء واستبداله بمطار عدن فاستطاعت تجريد الحوثيين وحلفائهم ومجلسهم السياسي من عاملين مهمين البنك والمطار لتزيدهم عزلة الى عزلتهم ولعل ضربة البنك المركزي ستكون بمثابة الضربة القاضية شريطة ان تتمكن الحكومة الشرعية من استثمارها.