غازي القصيبي واليمن
بقلم/ عمار باطويل
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 14 يوماً
الثلاثاء 17 أغسطس-آب 2010 09:53 م

لم أعرف غازي القصيبي شخصيا ولكن عرفته من خلال مؤلفاته الأدبية في الرواية اوفي الشعر او من خلال كتابة الذي يحمل عنوان ( حياة في الإدارة ) والذي يعتبر من أحد مؤلفاته المشهورة , كرواية شقة الحرية والجنية وغيرها من الكتب . فقد أرتبط القصيبي باليمن في عدة مواضع وقد كتب عنها في مؤلفاته ومنها على سبيل المثال القصيدة السياسية التي تحمل عنوان برقية عاجلة إلى بلقيس والتي يقول فيها :

ألومُ صنعاءَ ... يا بلقيسُ ... أمْ عَدنا ؟!

أم أمـةً ضيعت في أمـسهـا يَزَنا ؟!

ألومُ صنعاء ... ( لوصنعاءُ تسمعـني !

وساكني عدنٍ ... ( لو أرهـفت أُذُنا)

وأمـةً عـجـبـاً ... مـيـلادها يـمـنٌ

كم قـطعتْ يمـناً ... كم مزقـتْ يمنا

ألومُ نفسـيَ ... يا بلقيسُ ... كنت فتى

بفـتـنـة الـوحـدة الحسناء ... مفتتنا

بـنـيـت صـرحـاً مـن الأوهام أسكنه

فـكان قبراً نـتاج الوهم ، لا سكنا

وصـغـتُ مـن وَهَـج الأحلام لي مدناً

والـيـوم لا وهجـاً أرجـو ... ولا مُدُنـا ألومُ نـفـسيَ ... يا بلقيسُ ... أحسبني كنتُ الذي باغت الحسناء ... كنتُ أنا !

بلقيسُ ! ... يقـتتل الأقيالُ فانتدبي

إليهم الهـدهد الوفَّى بـما أئـتُـمِـنا

قـولي لهـم : (( أنـتمُ في ناظريّ قذىً

وأنـتمُ معرضٌ في أضلعي ... وضنا ! ))

قولي لهـم : (( يا رجالاً ضيعوا وطـناً

أما من امرأةٍ تسـتنقذ الوطـنا؟!

مات القصيبي رحمه الله ومازال يقول في قصيدته :

يارجالاً ضيعوا وطناً # أما من امرأة تستنقذ الوطنا؟!

وصدق القصيبي فمازال الوطن ضايع ومصيرة يتجه في نفق مظلم ومجهول.

وكذلك كانت له رحلة سياسية في أبان حكم الامام لليمن الشمالي حينذاك لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن وقد ذكر قصة طريفه من نوعها في كتابة حياة في الإدارة وقال : \\\" كان هناك جبل بقرب صنعاء تسيطر علية قبيلة تنتمي إلى الجانب الملكي. كان مهمة اللجنة تسهيل تبادل الأسرى, وكانت تلك القبيلة تحتفظ بعدد من الجنود الأسرى المصريي. بدأنا التخاطب مع شيخ القبيلة لإنهاء موضوع الأسرى. كانت المشكلة أن شيخ القبيلة الذي خاض عدة معارك إستعذب الأسلوب العسكري فقرر أن يمنح نفسه رتبة عقيد , وكان يرقى نفسه بين الحين والحين, حتى وصل إلى رتبة لوء في الوقت الذي بدأت فيه لجنة السلام ممارسة أعمالها. أرسلنا رسالة إلى شيخ القبيلة وكانت معنونة إلى \\\" الشيخ فلان \\\". إلا أن الشيخ أصر على رفض الرسالة مالم تكن موجهة إلى \\\" اللواء فلان\\\". اتفقنا, عبدالله , وأنا أن المهمة الإنسانية التي نحن بصددها تبيح لنا تسمية الشيخ بأي رتبة عسكرية يختارها. إلا أن الفريق الحقيقي , محمد فريد سلامه , رفض بإصرار أن يمنح إنساناُ لم يدخل الكلية الحربية لقب لوء. بعد جهد جهيد تمكن عبدالله من إقناعة أن الغاية النبيلة تبرر الوسيلة ووافق, بامتعاض واضح, على توقيع الرسالة إلى اللواء. لا بد أن أذكر , للتاريخ , أن اللواء لقى مصرعه بعد ذلك في معركة حربية. لا أدري بأي رتبة مات وإن كنت لا أستبعد أن تكون رتبة المشير\\\".

ونال غازي القصيبي رحمه الله شهادة الدكتوراه برسالة عن الأوضاع والحرب في اليمن وقال عن موضوع رسالة الدكتوراة في كتابة حياة في الإدارة : \\\" كنت قد قررت , كما توقع الصديق عمران العمران , أن أكتب رسالة الدكتوراه عن اليمن\\\". كان البحث في رسالة القصيبي ينطوي على ثلاثة أقسام, فالقسم الأول عن السنوات الأخيرة من الأمام أما القسم الثاني عن الثورة التي أطاحت بالأمامة , والقسم الثالث يعالج رد الفعل المصري ورد الفعل السعودي بعد الثورة. . فرحم الله القصيبي الشاعر والأديب والسياسي. فرحم الله غازي القصيبي الذي غزا قلوبنا وأفكارنا بؤلفاته الأدبية , ومازال المثقف العربي في إنتظار كتابة الوزير المرافق الذي طبع في يوم وفاة صاحبه , فقد بكت قلوبنا عليك ياغازي فرحمة الله عليك يا أبا سهيل.

Batawil@gmail.com

* كاتب يمني مقيم بالسعودية