مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
تم اليوم ثمانية عشر عاماً من عمر جمهوريتنا اليمنية الفتية التي تواجه هذه الأيام امتحانات قاسية في عدة اتجاهات، إلا أننا بالتأكيد لسنا الدولة الوحيدة في المنطقة التي تواجه مثل هذه الابتلاءات الصعبة، كما أننا سنجد بالتأكيد أن مشاكلنا أهون بكثير مع بلدان عربية قريبة وبعيدة منا، والقصد هنا المشاكل التي تهدد الاستقرار السياسي، أما مشكلة الفقر وغلاء الأسعار فقد وصلت حتى إلى بعض الدول النفطية باعتبارها مشكلة موارد قد لا تكون في اليد ومشكلة إدارة وسياسات في اليد إصلاحها بكل تأكيد.
وكيفما كانت مشاكلنا فإن واجبنا معالجتها واحتواؤها وتجاوزها وليس دفن رؤوسنا في الرمال كالنعامة للهروب منها... ومنذ أربع سنوات تراوح مشكلة صعده في محلها تقريبا بين محاولات السلم ومحاولات الحسم العسكري، ومنذ أكثر من عامين برزت مشكلة المتقاعدين في المحافظات الجنوبية وتطوراتها المؤسفة من قضية مطلبية عادلة إلى قضية مسيسة على أيدي نفر قليل وجدوا في ضيق الأحوال المعيشية وسوء الإدارة وبعض مظاهر الفساد التي يحدث مثلها في كثير من الدول والمجتمعات وجدوا في ذلك مبررا للطعن في وحدة البلاد وتماسكها الاجتماعي... ورغم التسييس الجاري والواضح في قضيتي صعدة والمتقاعدين فإن المتأمل بعمق سيكتشف أن جذور الأولى ثقافية أساسا بينما جذور الثانية اجتماعية في الأصل، وللأسف فإن المعالجات الثقافية والاجتماعية لمخلفات عهود التشطير كانت الغائبة بامتياز منذ ثمانية عشر عاما فقد خضنا جميعا في السياسة حتى الأذقان وأهملنا كل ما عدا ذلك، وهذا واضح في كافة مسارات حياتنا واتجاهات عملنا الحكومي والحزبي... فعلى سبيل المثال سنجد أن النشاط الثقافي بكل تنوعاته في الشمال والجنوب قبل الوحدة كان أكثر غزارة وأعمق مضمونا مما حدث بعدها ولولا عام صنعاء عاصمة للثقافة العربية وما تم اعتماده من مخصصات مالية استثنائية ما رأينا ذلك الكم من الإصدارات في ذلك العام، بينما تراجعت كل الفنون الأخرى التي كانت قد بدأت بالنمو قبل الوحدة كالمسرح والغناء والأناشيد الوطنية والمجلات الثقافية والأعمال الروائية والشعرية والأنشطة التي كانت ترعاها بدون كلل أو ملل... وبالطبع لا تتحمل الوحدة سبب هذا التراجع بل إن التسييس الذي طغى على كل مناحي حياتنا هو السبب الأول والأساسي!
قصدت بهذا المثل التأكيد على حجم الإهمال الذي أصاب حياتنا في مجال المعالجات الثقافية والاجتماعية وهو ما انعكس علينا بالكثير من السلبيات، ولاشك أن تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية وضعف القيم الأخلاقية في العمل السياسي واستشراء الروح الأنانية لدى عدد غير قليل ممن يتولون المسؤوليات العامة قد أنهك حياتنا، الأمر الذي يعني أننا بحاجة لثورة قيمية وإدارية ورؤى استراتيجية مدروسة بعناية لأولويات المستقبل لإصلاح مجمل الأخطاء التي أراد البعض للأسف رميها على الوحدة وكأننا إذا تمزقنا ستعود الأحوال إلى سابق عهدها من الرخاء.
< وفاء لمناضل كبير...
عرفت الراحل الكبير اللواء عبدالله عبدالسلام صبره حق المعرفة منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي عندما كان مقيله مفتوحا لجلسات رائعة يؤمها خيرة الرجال من المناضلين والمثقفين بمختلف اتجاهاتهم تعلمت فيها الشيء الكثير... كان مقيله عنوانا ومعلما لشخصيته الفريدة ولا غرابة فقد اكتسب من والده العظيم – أطال الله في عمره وأمده بالصحة والعافية – الكثير والكثير من الصفات الإنسانية والقيادية الرائعة من إيمان صادق وحب لا يتناهى لليمن وإخلاص لا يهتز للثورة والوحدة والجمهورية ونكران للذات وصدق اللسان والوفاء والبذل والعطاء والنزاهة والتضحية والصبر والترفع عن الصغائر وعزة النفس ونبل المقصد... رحمه الله رحمة الأبرار فهو كالبدر فعلا ممن نشعر بافتقادهم في مثل هذه الأيام الصعبة.
عندما شاهدت صور الساسة اللبنانيين على شاشات التلفزيون وهم يتجولون ويتناقشون في أرجاء فندق شيراتون الدوحة، منذ يوم الجمعة الماضي، تذكرت بكثير من الغصة مشهدا مشابها –لا أعاده الله– للساسة اليمنيين في أرجاء فندق إنتركونتيننتال في العاصمة الأردنية عمان في فبراير من عام 1994، أثناء الأزمة المشؤومة التي انتهت بحرب دامية استمرت شهرين وتخللها إعلان بائس يائس بالانفصال، لنخرج بعد تلك الحرب إلى مرحلة البناء والتنمية والإصلاحات. وها نحن اليوم نحتفل بالعيد الثامن عشر لقيام الجمهورية اليمنية، وهو بلا شك زمن قصير في حياة الدول. وكلي أمل أن نحتفل العام القادم إن شاء الله وقد زالت كل الغصص التي تنكد علينا حياتنا وخاصة تلك التي تقلق الأمن والاستقرار وتذكرنا بمنظرنا في عمان عام 94 تماما كما تذكرنا بنظر اللبنانيين في الدوحة؛ وما عدا مثل هذه الغصص فهو محتمل ويحصل في معظم المجتمعات وهو قابل للعلاج طالما توفرت الإرادة ووجدت الإدارة.
وكما أشرت في الأسبوع الماضي فإن أحد أسباب الاختلالات التي نعيشها قصور إن لم يكن غياب المعالجات الاجتماعية والثقافية لمشكلاتنا؛ ذلك أن تسييس هذه المشكلات قد أوقعنا في أزمات ثقة لا تنتهي في مختلف الاتجاهات، فتراجع الإحساس بالمسؤولية، وترك ذلك آثاره السلبية على الأداء العام الحكومي والحزبي بشقيه، الحاكم والمعارض... ولذا فقد آن الأوان لأن نقف وقفة جادة لمراجعة جوانب القصور في أدائنا، وأن يتحمل كل واحد منا مسؤوليته كاملة دون بحث عن شماعات يعلقها عليها وكأنه مثل الداخل في الربح الخارج من الخسارة!
إن المعالجات الاجتماعية والثقافية وحدها القادرة على أن تكسر شوكة دعاة العصبيات الناشئة بمختلف ألوانها، مذهبية كانت أم قبلية، شطرية كانت أم مناطقية، دون أن يعني ذلك الغفلة عن المعالجات السياسية والاقتصادية والأمنية؛ إلا أن هذه الثلاث الأخيرة لا تؤتي أكلها في غياب المعالجات الاجتماعية والثقافية.
وفي النهاية فإن المعالجات عادة ما تكون منظومة متكاملة برؤية استراتيجية بعيدة المدى محددة الأهداف واضحة الوسائل. وفي ظني أنه قد آن الأوان لأن تتجه الدولة والحكومة بكامل طاقاتها وجهودها لتنفيذ برامجها كاملة، وفي مقدمتها البرنامج الانتخابي للرئيس علي عبد الله صالح، دون الانشغال بالمعارضة وما تفعله، لأن تنفيذ البرامج هو الكفيل بالرد عليها، ذلك أنها (أي المعارضة) لا تتعيش إلا على تصيد أخطاء الحكومة أو تقصيرها وليس على شيء آخر!
ها نحن نحتفل اليوم بعيدنا الوطني وقد خضنا تجربة هامة هي انتخاب المحافظين، والتي نتوقع أن تؤدي إلى امتصاص ومعالجة الكثير من الاحتقانات التي حدثت خلال الفترة السابقة، بما أنتجته من وجوه جديدة هي في الحقيقة تعبير وتجسيد لواقعها الاجتماعي، ومشهود لها بالكفاءة والنزاهة، بمن في ذلك محافظ الضالع المحبوب من أبناء محافظته بمختلف اتجاهاتهم السياسية. وبالقدر نفسه كلي أمل وتطلع أن نحتفل بالعيد القادم وقد أنجزنا تجربة انتخابات نيابية جديدة تعزز من وحدتنا الوطنية وتماسكنا الاجتماعي. وما بين العيدين سأفترض أن ننجز الكثير والكثير، وأن نتجاوز معظم معوقات الاستثمار باعتباره الضمان الوحيد لمستقبل اقتصادي أفضل، وأن تكون صعدة قد عادت إلى حضن الأمن والاستقرار، وأن تكون مشكلات الأراضي قد دخلت في مرحلة المعالجات الجادة والحاسمة، وأن تكون الوزارات المعنية ببناء الإنسان قد وضعت رؤية متكاملة للبناء الثقافي وتعزيز الوحدة الوطنية وتحجيم دعوات العصبية المناطقية والمذهبية بالعمل الثقافي والتربوي أولا قبل أي شيء آخر