السلطة والحوثي هل بدأت مرحلة التصفيات -
بقلم/ علي الشاطبي
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و يومين
الأربعاء 23 إبريل-نيسان 2008 06:23 م

مأر ب برس – خاص

بإغتيال الشيخ صالح بن هندي دغسان يفتح ملف الحرب في صعدة فصلاً آخر بعد اتفاق الدوحة الذي وٌقع في2008/2/21 .لتبدأ مرحلة جدي دة ومختلفة من المواجهات بين السلطة والحوثي الذي يقود تمرداً منذ الـ.2004/4/16, فعملية الاغتيال تمت بعد مضي ما يقرب من 59 يوماً من توقيع اتفاق الدوحة الذي رعته دولة قطر ووقعه عن الحكومة اليمنية مستشار رئيس الجمهورية-عبدالكريم الأرياني وقائد المنطقة الشمالية العميد/علي محسن الأحمر وعن الجانب الحوثي ممثل عبدالملك الحوثي/صالح احمد هبره.

مقتل حسين بدر الدين..تأسيس لمناهج انتقامية

ولد مقتل القائد الأول لعملية التمرد الحوثية حسين بدر الدين الحوثي في العاشر من ايلول سبتمبر2004. لدى اتباعه غريزة انتقامية وعدائية ضد قيادات حكومية وعسكرية وقبلية,فبدأت تلك الجماعات بإعادة ترتيب اوراقها من جديد,بينما كان مقاتلي الحوثي مازالوا متواجدين في الجبال,وبعض القيادات الفاعلةوالمحسوبة على المذهب الزيدي ,قد انضمت وعملت على وضع خارطة توسعية للمواجهة,التي شكل الإعلام محوراً مهماً فيها.

لم يكن قد مضى عام حتى عادت المواجهات من جديد,بسبب ما أرجعته السلطة الى لقاء صحفي اجري مع بدر الدين الحوثي,والذي اتهم بإعطاء اشارة الموافقة لأتباعه.لخوض موجة جديدة من القتال,لتتوقف بعد ذلك المواجهات بفعل حملة وساطات ودعوة للحوار تبنتها السلطة,ولم يكتب لها النجاح لتعود المواجهة الى أشدها مخلفة الآف القتلى والضحايا من الطرفين وتدمير كلي للمناطق التي دارت فيها المواجهات.

دعوات للحوار..ترانزيت وخوف من القادم

في الطريق لإيجاد حل كثيراً ما كانت المواجهة تأخذ الطابع الحواري,وتجمع الطرفين على طاولة واحدة رغم تغيبهم عن إدارة جلسات الحوار,التي كانت تبدأ خلسة لتنتهي بتوافق مؤقت. تتعهد بموجبه السلطة بإطلاق كافة المقاتلين الذين اعتقلتهم,وإعادة بناء ما دمرته,ودفع ما يقرب الثلاثة ملايين ريال للمقاتل الواحد . لقد كان اتفاقاً ناجحاً بالنسبة للحوثيين. إلا انه لم يكن كذلك للجانب الحكومي,لقد احست السلطة انها وفرت مناخاً خصباً للتمرد مرة اخرى بما قدمته من تنازلات,ومازاد من تعقيد الرؤية التحليلية لما سيكون عليه الوضع بعد عملية المقايضة. هو ترجيح شخصيات تحتل مواقع قيادية مؤثرة في السلطة لخيار القضاء على الأتفاق,بالعمل تحت المظلة التي اوجدها,والقيام بحملات مباغتة تمكن القوات الحكومية المرابطة في مناطق صعدة من السيطرة. والزحف بإتجاه الجبال التي يختبئ بثغورها عبدالملك الحوثي والمقاتلين الذين تولى قيادتهم خلفاً لوالده الذي قتل,لكن المقاتلين الحوثيين كانوا قد استبقوا ذلك.إذ تمكنوا خلال الفترة التي أعقبت الإتفاق إعادة ترتيب صفوفهم من جديد,وشراء اسلحة جديدة ومتطورة بأموال دفعت من الحكومة.لقد اصبح الطرف المتمرد أكثر عدداً,بضمه للمعتقلين المفرج عنهم,قال قائد عسكري يعمل لواءً لأحد الألوية العسكرية,واصفاً الاتفاقات التي أبرمت مع الحوثي:"لقد خُذلنا اكثر من مرة,اننا نعمل من اجل القضاء عليهم,لكننا وفي كل مرة نجدهم إمامنا مندفعين للقتال بقوة,لقد شاهدت بأم عيني احتفالاً في النقعة بعودة المعتقلين,أضيئت الطرقات والمسالك,استمروا تلك الليلة حتى الفجر. وماعليك الإ ان تتصور لعلعة الرصاص والأهازيج. لقد كانوا يسخرون منا".

مارست السلطة ضغوطات كثيرة على اكثر من وتر.ووظفت الجانب الديني عندما لجأت الى مرجعيات دينية محسوبة على"الزيود"للخروج بمواقف مؤيده,ولتأمين البعض من الزيود الذين كان ينتابهم الخوف على المصير الغامض الذي يلوكهم,لكنها لم تفلح.على العكس من ذلك لقد تزايدت الكراهية في اوساط بعض الشبان المندفعين بحماسة غير مسبوقة للإنضمام الى مايعتبرونه"الجهاد وتبوء اعلى مراتب الجنة بقتلهم للجنود وكل من يخالفهم الرأي ..لقد زج هذه المرة بالدين في المواجهة,فثقافة دينية مفرطة وقاتلة بنفس الوقت هي من تدير,والحوار بمنأى عنها لايمكن ان يحل الوضع,ولن يساعد حتى في ايجاد مخرج.

*في انطلاقتها الأخيرة بدت المواجهات,أكثر ضراوة وشدة من ذي قبل.فكثيراً ما استخدم الحوثييون تكتيكات قتالية,ذات طابع بدائي. إلا أن شراسة الطابع القبلي,جعلها تحظى بفرصة متكافئة على ساحة القتال,لشدة بأس مقاتلي القبائل,الذين ابدوا صلابة في القتال. ولعامل اخر:تمثل في تعثر القوات الحكومية من التقدم نظراً لتمترس الحوثيين في اعالي الجبال,العامل الذي جعل الجنود الحكوميين فريسة سهلة للاصطياد.

(انهم مسكونون بحب القتال,ذات يوم روي بأن احد الحوثيين لم يجد مفراً للهرب من القوات الحكومية,كان قد طوق من قبل جنود كثر,تقدم اليه احد الجنود طالباً منه الاستسلام,إلا انه كان قد اتخذ قراره بالموت او كما يعتقدونه "إستشهاد" فأحتضن الجندي الذي تقدم اليه ورمى بنفسه والجندي من رأس تلة مرتفعة).جزئية هذا المقطع كانت من تحقيق لعابد المهذري"صعده...صباح القصف مساء المدفعية"والذي أورد فيه قصص وشرح ليوميات الحرب,قد تكون القصة غير كفيلة بإيجاد قراءة لحقيقة مُرة دُجنت بحب الانتقام في المناهج التي دٌرست لأولئك الشباب,ولكنها أضافت صورة اخرى عن طبيعة المقاتل الذي يمتثل لمنهج عقائدي,بغض النظر حول صحة المنهج من عدمه.

مقاتلي القبائل..الطبقة الدنيا التي وقعت ضحية الحرب

استعانت السلطة بمقاتلين"قبليين"جيئا بهم من مناطق قبلية متاخمة للعاصمة صنعاء,للقتال بجانب القوات الحكومية,ما جعل الوضع يظهر تحت السيطرة.إلا انه ما لبث أنفك,يقول احد المقاتلين القبليين من"العصيمات":ذهبنا الى صعدة للقتال وإخماد التمرد. في الأيام الأولى كان الوضع يقف الى جانبنا,وبعد بضعة ايام مررنا بتجربة قاسية,فمقاتلي الحوثي حصلوا على أسلحة جديدة بل ومتطورة.ما استدعى التراجع وسط مواجهة شرسة وقتلى. الكارثة ان إتباع الحوثي لا يملكون الرحمة,لقد وقع العديد من زملائنا إما بسبب إصابة او موت في أيديهم,فذبحوا,وبعض الجثث كنا نجدها وقد عُمل بها,إنها مأساة اسمها"إنعدام الإنسانية".

اليوم يسكن بعض شبان القبائل رغبة عارمة في الانتقام.في بوابة عمران باتجاه صعدة,تقف الكثير من الأسر التي فقدت ابناء لها ,عمار ابن الثلاث سنوات,بدراجة هوائية صغيرة,وعشرة ريالات"حق جعالة نسى والده الذي قتل,وذهب الى الدكانة المواجهة للمنزل الذي تقطن فيه اسرة حسين محمد.لكن جده الذي بلغ الستين عاماً كما قال قبل خمسة اشهر,تحدث بشجن ودموع بللت خده الذي بدت عليه علامات الشيخوخة,عن ولده الذي ذهب في صفوف القوات الحكومية ولم يعد. مقدماً عرضاً مغرياً وكما قال انه سيكون كريماً اذا ماقبل احد المسؤولين او القياديين في الحكومة وظيفة ومبلغ مالي ثمن ذهاب ابنائهم للدفاع عن الوطن والوحدة الوطنية.

تبادل اتهامات..

في الـ 2007/12/6قتل سالم درهم القائد العسكري للمقاتلين القبائل في مواجهة بين القوات الحكومية ومقاتلي الحوثي,وفي الـ2007 اتهمت حركة التمرد القوات الحكومية بقتل الشيخ على الكعبي,وفي كلا الحالتين كانت التصفية هي الطريقة التي نفذت بها عملية القتل,إلا ان زراعة الألغام المتفجرة والكمائن المسلحة ادرجت ضمن عناصر التنفيذ,جديرا بالذكر ان العديد من المحاولات التي استخدمت فيها الألغام المتفجرة والكمائن المسلحة بائت بالفشل.
 

اتفاق الدوحة نهاية التمرد..بداية تصفيات

باتفاق الدوحة الذي يعاني من تبادل للاتهامات بالعرقلة,أخرجت المواجهة الى افق ستحمل الأيام والشهور القادمة مآلاته,إلا ان المتابعين لما يجري لا يرون في الاتفاق عدى بداية لحملة تصفيات من قبل الطرفين,سيجد فيه طرفي المواجهة متسعاً من الوقت لتنفيذ ماعجزوا عن تحقيقه.