مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
فصل ..
المكان : فندق فلامنكو، بحي الزمالك. الحدث : دورة تدريبية في التقديم والإعداد التلفزيوني. في استراحة القهوة سألني صديقي الشاعر والإعلامي الفلسطيني سعيد أبو معلا عن ما الذي يعنيه أولئك الذين يتحدثون عن القضية الجنوبية ، في اليمن. وفي منتصف الحديث قال لي أبو معلا: شيء مريع، لقد كنتُ حاضراً في مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية. التقيتُ بثلاثة شبّان من اليمن ، من جنوب اليمن. شارك الثلاثة ، طلبة ثانوية عامة ، في برنامج " أفق جديد" وهو برنامج مخصص لدعم الناشئين. في النهاية ، حصلوا على تكريم معقول من قبل منظمي المهرجان. وعندما سألتهم عن اليمن ، حدّثوني عن الاحتلال الشمالي لجنوب اليمن، وأشاروا إليه بوصفه وجوداً غير مرحب به على المدى الطويل ، وامتدحوا ما كان وما سيكون.
أضاف أبو معلا : نحنُ ، كفلسطينيين، نرفض ضمنا للأردن أو لمصر حفاظاً على هويتنا الفلسطينية، لكن ما الذي يخشى عليه أبناء الجنوب اليمني. قلتُ له : يحلمون بتلك النبوءة التي تتحدث عن " زمن يسير فيه الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه". سألني : كيف تطوّر وعي هؤلاء الفتية إلى هذا الحد من الرفض؟ تمنّيتُ لو أني لم أرد على سؤاله. علّق أبو معلا : وهم في هذه السن؟ قلتُ له : من تقصد بـ " هم" ؟ قال: الشبان الثلاثة. قلتُ : أهاا، ظننتك تقصد آخرين.
قال لي : ألم تقضِ الوحدة على الذئب؟ قلتُ: حوّلته إلى وحش خرافي أقوى من أي شيءٍ آخر. فاجأني : تؤيّد منطقهم؟ ابتسمتُ : عندما يعود الذئبُ لطبيبعته البشرية سيعود هؤلاء الأطفال الثلاثة إلى نشيدنا الوطني الواحد.
فصل ..
بحسب إعلام وزارة الثقافة والتراث : في إطار الأيام الثقافية اليمنية في المملكة العربية السعودية أحييت الأديبات اليمنيات - المشاركات ضمن الوفد الزائر لإحياء هذه المناسبة - فعالية أدبية ثقافية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة بقسم الطالبات بحضور عميدة القسم وعدد كبير من هيئة التدريس ومنتسبات وطالبات الجامعة بالإضافة إلى منتسبات القنصلية اليمنية بجدة والطالبات الملتحقات بمكتب التعلم عن بعد التابع لجامعة صنعاء في السعودية ومهتمات بالشأن الثقافي والأدبي من البلدين الشقيقين الجارين. هكذا كان الخبر، وهو يختلف إلى حدٍّ أظنّه بعيداً عن ذلك الذي روته بعض المشاركات اليمنيّات من أنهنّ أحسسن بمهانة بالغة حين اكتشفنَ فجأة أن مهمتهنّ لم تتجاوز تسلية وإمتاع بعض الأميرات الحاضرات، اللواتي اقتصر أغلب الحضور عليهن. اللهم اجعله رؤيان!
فصل ..
في مقاله (الانتخابات والبطون الخاوية) في صحيفة النداء تحدّث الصديق محمد ناجي أحمد عن التحولات المستديرة لحزب الإصلاح ضمن إشارة كلية للتحولات التنويرية البطيئة في الجزيرة العربية.بدأ الكاتب بمديح مركّز للتحولات التنويرية في السعودية، فهي تسير في خط تصاعدي مذهل، طبقاً لناجي الذي استشهد بمجلة ، لم يسمّها ، تصدر عن جامعة الملك سعود. المجلة المشار إليها تعالج قضايا فكرية مثل الهوية والمجتمع بتقديرات ذهنية تبعدها عن أسر الفتوى، كما يذهب ناجي. وهي كافية في تصوره لكي تكون شاهد إثبات على التحول السعودي التنويري الكبير، وهو تحوّل ليس له نظير في اليمن. لم يتحدث الكاتب عن سر الغياب الأبدي لمواضيع أكثر حدّة مثل الديموقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان في التحولات التنويرية السعودية، وحضورها في الخطاب الإسلامي التنويري اليمني، وما إذا كان هذا الغياب يعيق عملية التنوير أو يبطئها أو يسمح بوصفها بـ " المخاتلة والمرتبكة" كما فعل تصريح البرلماني دحابة في قضية استضافة الفنانة البحرينية – السورية أصالة نصري، وهي مادة المقارنة الثابتة التي اعتمد عليها الكاتب في استجلائه لعملية التنوير في اليمن. أعترف أني فقدت القدرة على فهم مقارنته بين الانتقالين إلى الحداثة، الراهن الذهني والمعرفي، اليمني والسعودي. فالسعوديون تشفع لهم مجلة ( لم يرد اسمها في مقالة) تقدم دراسات عن الهوية ولا يؤثر غياب الحكايات الكبرى مثل الديموقراطية والمواطنة على هكذا عملية تحوّل. في الوقت نفسه يكفي تصريح محافظ في شأن فنّي من قبَل برلماني إصلاحي لكشف "سوأة حزب الإصلاح" وخلخلة علاقاته بحلفائه ، غير الاستراتيجيين، بينما لا تصلح كمادة دراسة كل تلك التحوّلات على صعيد الفكر والممارسة، عمليات التحديث البنيوي، التي يقدّمها حزب الإصلاح عند مستوى الموضوعة السياسية والمعرفية. وإن كان الشأن الثقافي لا يزال بحاجة إلى هزة عميقة لم تحدث إلى الآن. هكذا وبسرعة لا تتوافق مع شروط التعاطي العلمي لموضوعة بحث يفترض أن تنتهي إلى ملاحظات علمية إذا تسامحنا مع وصف مقدماتها بالمنطقية. تفرّغ الكاتب، بعد ذلك، لنقد حزب الإصلاح الذي لا يحتفي بالموسيقى، تلك التي لا يجرؤ التنوير السعودي على تناولها بمعزل عن القيود السلفية. وارتقى أكثر في حدوسه محاولاً أن يجعل من الإصلاحيين فريق كرة قدم أو طاقم من مضيفي الطيران، يرتدون ذات الزي، يرددون نفس الفكرة، يحتمون بذات التأويل .. إلخ. لقدكان موضوع أصالة نصري هو حالة الدراسة. وباستعراض عاجل لمواقف الإصلاحيين، إعلاميين وبرلمانيين ومثقفين، المتباينة من استضافتها نفذ الكاتب بخفّة إلى استنتاج نيّء خلاصته أن هناك عملية تستّر، تقية ، مخاتلة يمارسها الإصلاحيون لكي لا تنكشف سوأتهم. وأن مواقفهم المتباينة في سطحها الخارجي – تجاه أي قضية - إنما هي عملية تمويه يتخفّى تحتها موقف عقيدي أحادي البعد. وهكذا كان موقف مروان الغفوري الرافض لحضور أصالة لأسباب فنّية، برأي الكاتب، لا يختلف كثيراً عن رأي دحابة ، الرافض لأسباب عقيدية. فكلاهما يصدران في الأخير عن بئرٍ واحدة، عقيدية في عناصرها الأوّلية. وهي عقيدة تسمح ببعض التخفي والاحتماء ، ستراً للسوأة الكبرى، التي هي : أن تمتلك أفكاراً تختلف عن تلك يتبناها الآخرون.
وعن شركاء الإصلاح الذين وصفهم الكاتب بغير الاستراتيجيين، الناصري والاشتراكي ومؤخّراً البعث، لأنهم لا يرفضون استضافة أصالة ، فلستُ متأكّداً من معقولية استخدام وصف " شراكة غير استراتيجية" عند ملاحظة حالة من العمل المشترك تتجاوز في عمرها العشر سنوات بالكثير من العافية والرشاقة، جرى فيها الاتفاق على مسوّدة واحدة لخط السير- برنامج للإصلاح الوطني- وتمكنت من مناوءة كل محاولات التبديد والتفكّك، فضلاً عن أن كل الظروف المحيط بها لا تزال تعزز احتمال استمرارها لفترة طويلة في المستقبل. سأكون متسرّعاً وسأقول : هل يشترط العمل السياسي المشترك أن تتشابه الأحزاب في كل شيء، بما في ذلك مواقفها وأصولها النظرية وسماتها الاجتماعية؟ وبفرض أن شخصية قيادية في الاشتراكي استهجنت تصريحاً لشخصية إصلاحية بخصوص استضافة فنّانة عربية، أو أي شأن آخر، فهل يعني هذا أن علاقة الشراكة قد أصيبت في الفؤاد؟ بصراحة، إن أي سياسي صاحب مشروع كبير، عند مستوى الإصلاح الوطني والسياسي، ثم هو يقيمُ وزناً معتبراً لهكذا تفصيلات واختلافات قائمة بديهيّاً بسبب اختلاف منطلقات كل طرف، هو شخص لا ينبغي له أن يستمر سياسيّاً، ومن الملائم له أن ينشغل بأي شيء آخر غير العمل الوطني. فالطرفة النقدية التي تقول : إذا تشابه اثنان في صفاتهما فإن أحدهما لا حاجة له ، هي طرفة تعمل هُنا برزانة.
لا أتصور أن الكاتب فاتته الملاحظة السلوكية التي يقدمها علم النفس الاجتماعي : إن وجود "الجماعة" أمرٌ مشكوك في تحقّقه. ذلك أن وجود مجموعة من الأفراد تشترك في نفس الأفكار، وتمارس ذات الفعل ، وبالطريقة المتشابهة ذاتها ، أمرٌ يستحيل تخيّله إذا ما أخذنا في الاعتبار أن كل فرد هو بنية متفرّدة بذاتها لها خواصها وعناصرها الأولية المتفرّدة التي تفضي إلى تخيل مبدئي لأي جماعة بحسبانها سطح موزاييك. يضيف السلوكيون : إن الخطوط العريضة لوحدها قد تسمح بتصوّر وجود جماعة. على كل حال : بدأ طرح ناجي مليئاً بالمنطق، وانتهى بصورة شبيهة بالتنجيم، حيثُ أجرى عملية " تخمين" واسعة كشفت عن المستور النفسي للإصلاحيين من خلال استنطاق دلائل خارجية ليست على صلة أكيدة بهذا المستور أو المتقى عليه. على المستوى الشخصي : والله العظيم، أنا أحب ماجدة الرومي، حبّاً جمّاً، وأن خطيبتي خصصت نغمة تلفونها بأغنية لماجدة وبمباركة شاملة مني. منيح هيك؟ و ... كلاكيت ثاني مرّة : برضه ما بحبش أصالة.
فصل ..
أخيراً سيكون لدينا محافظون تم انتخابهم عن طريق تعيينهم ليصبحوا محافظين. هذا ليس لغزاً لغويّاً، ولا رياضيّاً. إذ كل ما في الأمر أن عملية التعيين التي جرى الاعتياد على أن تكون بقرارات فوقية مباشرة حدث مؤخراً تغييرها لتصبح تعييناً بقرارات فوقية مباشرة لكنها تبدو وكأنها ليست كذلك. المتفائلون يقولون : المهم أنه أصبح الآن من حقّنا أن ننتخب المحافظين. ولا يوجد على حد علمي متشائمون، يوجد فقط محبطون. وهؤلاء بدورهم لا يعتقدون أن تغييراً حقيقيّاً حدث لأجل المستقبل. ويشعرون ، أعني المحبطين، بأن الحساسية الوطنية لا يمكن أن تكون هي التي تقف وراء مثل هذه السلوكيات الغريبة. الديموقراطية لا تجزّأ. وهي ليست صندوق اقتراع تحرسه أجهزة تابعة لحزب مسيطر. هذه ليست ديموقراطية، لأن أحد أهم شروط الديموقراطية هو " المؤسساتية ". والمؤسساتية، بالطبع، هي مناخ مختلف تماماً عن " أحادية المؤسسة" التي تصدر عنها كل القرارات والإجراءات، وهي في الحالة اليمنية المؤسسة الرئاسية. وتالياً للمؤسساتية تأتي الحقوق والحريات ، كشرط تأسيسي ثاني للديموقراطية، بما تشتمل عليه من تنويعات، مدى واسع من الحقوق : حرية التعبير، تشكيل الأحزاب بحرية، إصدار الصحف، حقوق الإنسان، حق الاعتصام والتظاهر، حق ... وفي الدرجة الأخيرة يأتي التداول السلمي للسلطة كشرط ثالث للديموقراطية. فلا يمكن أن نتحدث – أو أن نحاول أن نتحدث – عن التبادل السلمي للسلطة ونحن في مسيس الحاجة للمؤسساتية. ينقصنا أن يدار البلد عبر مؤسسات مستقلة تدار ذاتياً بمجموعة من اللوائح والقوانين والعلاقات التي لا يمكن أن يتم تجاوزها مهما على كعب أحدهم. تحتمي هذه اللوائح المنظمة لاستقلال المؤسسة بسلطة قانونية عليا ليست مخترقة من قبل جماعة بعينها ولا تدار شخصياتها وقوانينها عبر تلفونات واجتماعات سرية على نظام : قل ولا تقل، وتقف خلفها أجهزة قهر " الشرطة " تضبط إيقاعها وتكف يد العابثين عنها ، عند ذلك سيكون من حقّنا أن نقول : أنجزنا الآن الشرط الأول للديموقراطية. بعد ذلك سنجري عمليات تمرين واسعة على الحقوق والحريّات، كمقدمة للتمرين على التداول السلمي السلطة. أتصوّر أن الحديث خارج هذا التأسيس، وتشكيل الأماني الديموقراطية بمعزل عن هكذا وعي هو مجازفات لن تؤدّي إلى شيء. هل تحب، يا صديقي، أن تسمع طرفة مميتة من الضحك ؟ حسناً، في بلادنا يحدث أخيراً أن الناس تنتخب المحافظين. لا تسألني من هم هؤلاء الناس، فأنا مثلك لا أعرف بالضبط من هؤلاء الناس الناخبون، ولا ماذا يقول لهم الرجال الأقوياء ليلة الانتخابات. كما أؤكّد لك أني لا أعلم ، هل يختار المحافظون ناخبيهم الذين سيقترعون لأجلهم. هذه الحالة فريدة في العالم، فعلى حد علمي لا توجد ديموقراطية في العالم تسمح لشخص ما أن يختار ناخبيه!
أضحك الله سنك.
فصل ..
عصام القيسي، قرّر أن يختلف. اختيار صعب أن تقول لنفسك : سأختلف، وأنت تدركُ أن الذين لا يختلفون سيقومون بطلائك باللون ذاته الذي ولدوا به. رافقته لنصف عامٍ في مؤسسة كبيرة، كنت أعمل طبيباً وكان يعيش مثقّفاً يثور كل صباح على نمطه الشخصي. كان بالنسبة لي شبيهاً ببيكاسو، لكنه بيكاسو الباحث في التاريخ. غادر المؤسسة أخيراً بسبب اختلافه، أو أجبر على المغادرة بغية تعطيل مشروعه الذهني مؤقتا لحتى يتوفر على مصدر دخل جديد. يبدو أن الذين كانوا يتحدثون بصوت هادئ في العشاء الأخير جوار مكتبه متأكّدين من أنه لن يلمحهم بينما هم يتفقون على صياغة قرار فصله لم يكونوا يدركون أنهم يفصلون عصام القيسي الذي قرر منذ فترة بعيدة أن يختلف، وأنه حين يجبر على ترك مكان ما إنما هو يمارس غوايته الخاصة : أنا أختلف، فأنا الوحيد الذي غادر بهذه الطريقة. قال إن التاريخ أكبر من رؤية الحزب والمستقبل أصعب من إجاباته ودخل فيهما معاً، التاريخ والمستقبل. وهكذا قرر عصام القيسي أن يجبر الآخرين على أن يتحدثوا عنه بالهمس، بجوار مكتبه، وهم متأكدون من أنه لن يلمحهم. اختلفتُ معه كثيراً، وحتى في المرات القليلة عندما كنا نقترب من نفس الفكرة وبالطريقة ذاتها كنتُ أذكّره بقراره الشخصي : أن يختلف، فكان يعود على الفور إلى المربع رقم واحد. الرفض إنجيلي، قالها عصام، وقلتُ له : هذه لأدونيس، فقال لي : الاختلاف جادّة، طريق، وربما وقع الحافر على أثر الحافر. لك المجد في الأعالي، وعلى الأرض السلام، عزيزي القيسي.
ــــــ
* بالتزامن مع المصدر