آخر الاخبار

السفير اليمني بالدوحة يبحث مع وزيرة الدولة للتعاون الدولي القطرية تعزيز التعاون المشترك رئيس الوزراء يبلغ المبعوث الأممي بعد عودته من إيران: السلام لن يمر الا عبر المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً وزير دفاع خليجي يصدر بحقه حكم قضائي بسجنه 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار حكم قضائي بسجن وزير داخلية خليجي 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار . تعرف على القائمة الكاملة للأسماء الخليجية التي توجت في حفل Joy Awards 2025 بيان عاجل من مصلحة شؤون القبائل بخصوص هجوم الحوثيين على قرية حنكة آل مسعود .. دعوة للمواجهة بايدن: حشدنا أكثر من 20 دولة لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر .. هل سيصدق في استهداف الحوثيين تحركات دولية وإقليمية لإعادة صياغة المشهد اليمني .. والحاجة لمعركة وطنية يقودها اليمنيون بعيدا عن التدخلات  ملتقى الفنانين والأدباء ينظم المؤتمر الفني والأدبي الثاني للأدب والفن المقاوم بمأرب بمشاركة أكثر من 100 دولة و280 جهة عارضة اليمن تشارك في مؤتمر ومعرض الحج 1446هـ بجدة

كيف صام صلى الله عليه وسلم؟
بقلم/ د.عائض القرني
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر
الخميس 13 سبتمبر-أيلول 2007 03:04 م

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد. يقول ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: «وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثارُ من أنواع العبادات، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن الكريم في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن الكريم، والصلاة والذكر والاعتكاف.

وكان يخصُّ رمضان من العبادة بما لا يخصُّ غيره به من الشهور، حتى إنه ليواصل فيه أحياناً؛ يقصر ساعات ليله ونهاره على العبادة، وكان ينهى أصحابه عن الوصول، فيقال له: إنك تواصل، فيقول: «لستُ كهيئتكم، إني أبيت عند ربي يُطعمني ويسقيني».

والله ـ عز وجل ـ يطعم رسوله عند هذا الوصال بلطائف المعارف، ودرر الحكم وفيض أنوار الرسالة، لا بطعام وشراب حقيقة؛ إذ لو كان كذلك لما كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ صائماً. فلما قرّت عينه ـ عليه الصلاة والسلام ـ بمعبوده، وانشرح صدره بمقصوده، وتنعم بالُه بذكر مولاه، وصلح حاله بالقرب مِن ربّه نسي الطعام والشراب، كما قال الأول:

فزادُ الرُّوح أرواحُ المعاني

وليس بأن طعمت ولا شربتا

فليس يُضيرك الإفتارُ شيئاً

إذا ما أنت ربَّك قد عرفتا

والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أذكر الذاكرين، وأعبدُ العابدين، جعل شهر رمضان موسماً للعبادة، وزمناً للذكر والتلاوة. ليله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيام يناجي مولاه، ويضرع إلى ربه؛ يسأله العون والسداد والفتح والرشاد، يقرأ السور الطوال، ويطيل الركوع والسجود، شأن النهم الذي لا يشبع من العبادة، جعل من قيامه الليل زاداً وعتاداً، وقوة وطاقة. قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً» (المزمل:1 ـ 2). وقال تعالى: «وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً» (الإسراء:79).

ونهاره ـ عليه الصلاة والسلام ـ دعوة وجهاد ونصح وتربية ووعظ وفتيا. وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد واحد.

وكان ـ عليه الصلاة والسلام ـ يحث على السحور؛ فقد صح عنه أنه قال: «تسحروا؛ فإن في السحور بركة»؛ لأن وقت السحور مبارك؛ إذ هو في الثلث الأخير من الليل؛ وقت النزول الإلهي، ووقت الاستغفار. قال تعالى: «وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» (الذاريات:18)، وقال أيضاً: «وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ» (آل عمران: من الآية17). ثم إن السحور عون على الصيام والعبادة، ثم هو صرف للنعمة في عبادة المنعم ـ سبحانه وتعالى.

وكان ـ عليه الصلاة والسلام ـ فيما صحّ عنه أمراً وفعلاً ـ يُعجل الإفطار بعد غروب الشمس، فيفطر على رطب أو تمر أو ماء؛ لأن خالي المعدة أوفق شيء له الحلاوة، فكان في الرطب والتمر ما يوافق الصائم الجائع.

* وقد صحّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد». فكان ـ عليه الصلاة والسلام ـ بخيري الدنيا والآخرة.

* وكان يفطر ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل أن يصلي المغرب.

وفي الصحيح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر من هاهنا فقد أفطر الصائم».

* وسافر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فصام وأفطر، وخيّر الصحابة في الأمرين.

* وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم؛ ليتقوّوا على قتاله.

* وخرج ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبعض غزواته وسراياه في رمضان، بل كانت بدر الكبرى في رمضان، فنصره الله نصراً ما سمع العالم بمثله. وأفطر ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوتين من غزواته في رمضان كما أخبر بذلك عمر ـ رضي الله عنه ـ عند الترمذي وأحمد، ولم يحدد صلى الله عليه وسلم تقدير المسافة التي يفطر فيها الصائم بحدّ، ولا صحّ عنه في ذلك شيء.

* وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يدركه الفجر وهو جنب من أهله، فيغتسل بعد الفجر، ويصوم، وكان يقبّل بعض أزواجه وهو صائم في رمضان، وشبّه قبلة الصائم بالمضمضة بالماء.

* وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إسقاط القضاء عمّن أكل أو شرب ناسياً، معللاً بأن الله ـ سبحانه ـ هو الذي أطعمه وسقاه.

والذي صح عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن الذي يفطر الصائم: الأكل والشرب والحجامة والقيء. والقرآن الكريم دلّ على أن الجماع مفطر كالأكل والشرب.

* واعتكف ـ عليه الصلاة والسلام ـ في العشر الأواخر من رمضان، فنذر قلبه لله تعالى، وفرغ باله من هموم الدنيا، وسرح عين قلبه في ملكوت السموات والأرض، وقلّل من التقائه بالناس، فأكثر من التبتّل والابتهال ودعاء ذي الجلال والإكرام. وعكف قلبه على مدارسة الأسماء والصفات، وعلى مطالعة الآيات البيّنات، والتفكر في مخلوقات رب الأرض والسموات، فلا إله إلا الله، كم من معرفة حصلت له! وكم من نور ظهر له! وكم من حقيقة ظفر بها! فهو أعلم الناس بالله، وأخوف الناس من الله، وأتقى الناس لله، وأبلغ الناس توكلاً على الله، وأبذل الناس لنفسه في ذات الله؛ فعليه الصلاة والسلام ما تضوع مسك وفاح، وما ترنم حمام وناح، وما شدا بلبل وصاح.