الحوثي والفضلي ونفاق السلطة
بقلم/ مجاهد قطران
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر و 29 يوماً
الجمعة 01 يناير-كانون الثاني 2010 05:00 م

النفاق كما هو معروف يعني ان يكون للفرد وجهين ، حيث يكون صادق في امور وكاذب في غيرها ، وكما يكون المنافق فرداً ، فإنه قد يكون من عدة دول كما هو الحال مع دول الغرب التي تدّعي قيم المبادئ والإنسانيه مع أنها لا تحرك ساكناً تجاه ما تفعله إسرائيل بمليون ونصف المليون في قطاع غزه حيث تمارس ضدهم أبشع صور القتل الجماعي من خلال الحرب التي شنتها في العام الماضي وكذا الحصار المطبق عليهم الذي يمنع حتى دخول حليب الأطفال .

والنفاق نجده أيضاً مُمارساً من دوله واحده إزاء ما يحدث على أرضها كما هو الحال في سياسة السلطه في الجمهوريه اليمنيه التي تواجه حالياً مشكلتين عويصتين إحداهما في شمال الوطن اليمني والأخرى في جنوبه ، لكنها { أي الدوله اليمنيه }تنهج معايير مختلفه في مواجة كل مشكله ، فدعونا نرى الوسائل والأساليب التي تمارسها الدوله مع كل طرف .

أولاً الدوله مع الحوثي

أول ما بداء الصراع بين الدوله والحوثي عام 2004م وكانت حجج الدوله في صراعها مع الحوثي تتلخص في أنه من أذيل الأمامه وأنهُ يريد العوده بالوطن الى سابق عهده ، { وسابق عهده كان حكماً إمامياً ملكياً إستبدادياً كهنوتياً ، حُرم الشعب اليمني خلاله من ابسط مقومات الحياه المعاصره وأهمها التعليم والصحه } ، ومن حجج الحكومه أيضاً ان الحوثي يستعين بالأجنبي ويتلقى منه المال والسلاح ، وهو الأمر الذي مكنه من تجنيد الشباب وتدريبهم مما جعلهُ قوه إستعصت على جيش الوطن .

وسيلة تعامل الدوله مع الحوثي

تعاملت الدوله مع الحوثي منذ البدايه بلغة النار والبارود حيث شنت على الحوثي واتباعه حرباً شرسه لا هوادة فيها ، وإستخدمت فيها كل ما لديها من عتاد حربي سواء ما كان خفيفاً او ثقيلاً ، وسواء ما كان برياً أو بحرياً أو جوياً.

موقف الشعب من هذا التعامل 

الشعب اليمني أيد هذه الحرب وإقتنع بالحجج التي قالت بها الحكومه ، وسبب إقتناع الشعب اليمني بتلك الحجج هو تساؤله من أين للحوثي بهذه القوه التي مكنته من الصمود طويلاً أمام جيش الدوله القوي ؟ والذي يدل على أن الشعب مؤيد لهذه الحرب هو ما نرآه من قوافل الدعم الشعبي التي ما إنفكت تتوجه الى مناطق القتال من مختلف محافظات ومديريات الجمهوريه .

ثانياً الدوله مع الفضلي

{ أنا هنا في معرض حديثي عن الفضلي فإني قاصداً بهِ الحراك ، وإنما ذكرت إسم الفضلي كونه القائد المحرك لما يسمى بالحراك }.

الفضلي مع جماعته المتمثله في الحراك قد حددوا لهم هدف واحد يتمثل في الإنفصال مريدين العوده بالوطن الى سابق عهده من التمزق والضعف والمهانه ، ومن أجل تحقيق ذلك فقد قاموا بالمظاهرات التي رددوا فيها شعارات برّع برّع يا إستعمار ، وقاموا بحمل أعلام دولة ما كان يسمى دولة اليمن الديمقراطيه الشعبيه ، ولم يكتفوا بذلك بل أحرقوا محلات مواطنين عاديين لا لشي وإنما لانهم من الشمال ، وقتلوا غيلة مواطنين أخرين ، ووضعوا الكمائن لأفراد القوات المسلحه والأمن مما أدى الى مقتل عدد منهم وجرح أخرين .

وسيلة تعامل الدوله مع الفضلي

رغم أن مطالب الفضلي قد خرقت الدستور والقوانين النافذه ، وأفعاله قد أحلت ما حرمه الله ، وحرمت ما أحله الله ، فهي قد خرقت الدستور الذي ينص على أنه لا يجوز المساس بوحدة الوطن أو التفريط في جزء من أراضيه ، وأيضا أفعاله أحلت ما حرم الشرع كونها قد أتلفت أموال المواطنين ، وسفك دماء أخرين ، وحرمت ما احله الله كونها تعتبر من يناصر الوحده من أبناء الجنوب الغالي عميلاً وجاسوساً للسلطه يجب التخلص منه .

رغم كل ذلك فإننا نرى تعامل الدوله مع الفضلي لم يرق الى حد المسؤوليه الوطنيه التي تحمي حمى الوطن وتذود عن سياجه وتحفظ أمن وسلامة المواطن سواء كان في دمه أو في عرضه أو في ماله ، حيث نرى أن كل ما قامت به السلطه تجاه الفضلي عباره عن مداعبه وتهديد ووعيد دون أن تحرك ساكناً ، أو تغيث ملهوفاً ، أو تنصر مظلوماً ، أو تلاحق إنفصالياً ، أو تحبس علمانياً ، أو تنكل بمتمرداً { بغض النظر عن إعتقال بعض أتباع الحراك الذين لا يقدمون ولا يؤخرون }.

موقف الشعب من هذا التعامل

الشعب اليمني من أقصاه الى أقصاه يستغرب من هذه المعامله التي تعامل بها الحكومه الفضلي وجماعته ، ويتعجب من موقف الحكومه التي تتصرف وكأن وحدة البلاد لا تعنيها ، ويتسائل قائلاً لماذا هذا النفاق ولماذا هذه المعايير المزدوجه والمختلفه التي تعامل الحكومه بها الخارجين عن الدستور والقانون ؟ .

رأئي الشخصي في القضية

كما تبدو القضيه واضحة النفاق ومختلفة المعايير إلا أني أرى فيها عدة أراء كالتالي :-

1- أرى أن إزدواج المعايير في تعامل السلطه مع المتمردين والإنفصاليين يدل على شي واحد وهو أن السلطه في شنها الحرب على الحوثي وجماعته قد شنتها ليس لأجل حفظ النظام الجمهوري وأمن وإستقرار اليمن وإنما لأجل حفظ الحكومه الحاليه المتمثله في شخص الرئيس واتباعه ، ولا يهمها وحدة اليمن ، ولو لم يكن الامر كذلك فلماذا السكوت والمعامله اللينه التي يُعامل بها الفضلي وجماعته من الحراك رغم أن الحوثي والفضلي وجهان لتمرد واحد فكلاهما قد خرق الدستور ، وكلاهما فرض سيطرته على المحافظه المتواجد فيها ، وكلاهما قد قتل وجرح أفراد القوات المسلحه والأمن ، وكلاهما قد إستولى على أموال المواطنين وأخذها عنوه .

2- أرى أن السلطه لا تعط للفضلي وجماعته أي أهمية ولذلك تتعامل معه بالرفق واللين ، وإذا كان الأمر كذلك فهو خطر جسيم وجرم عظيم لماذا ؟

 لأن الدوله تتجاهل ما لا يصح تجاهله ، فها هو الفضلي قد أعلن تمرده وخرق الدستور وهتف بشعارات ضد الوحده ورفع أعلام التشطير وإرتكب ما ذكرناه ، وكل تلك أمور يدعو السكوت عليها الى أن يزيد الفضلي في غيه وتمرده وفجوره وهو الأمر الذي يؤدي بدوره الى زيادة اتباعه وكثرة مناصريه ، كما أن في التباطؤ واللامبالاه في إيقاف الفضلي وجماعته عند حدهم ما يعطيهم الوقت الكافي لترتيب صفوفهم بإعدادهم للسلاح والعتاد وتدريب الرجال مما يجعلهم قادرين على مواجهة الدوله ، وعندها تكون الدوله اليمنيه الحاليه هي السبب في أي حرب قد تنشاء بينها وبين الحراك بسبب تقاعسها عن إتخاذ ما يجب إتخاذه في الوقت المناسب من أجل أمن وسلامة الوطن ووحدته .

3- أرى أن الحكومه اليمنيه قد وجدت نفسها بين مطرقة الحوثي وسندام الفضلي ، ولذلك هي لا تريد أن تفتح جبهه جديده في أبين في الوقت الذي لازالت فيه جبهة صعده مفتوحه ، إن كان الأمر كذلك فهذا يعني إنهُ ما أن تغلق جبهة صعده حتى تفتح جبهة ابين { خاصة وقد بينا أن إعطاء الفضلي المزيد من الوقت سيمكنه من تنظيم صفوفه وتكاثر أتباعه } وهو الأمر الذي يعني أن اليمن ستبقى ساحة حروب لسنوات ، وفي ذلك خطر ايضاً على مستقبل اليمن حكومة وأرضاً وشعباً كون ذلك يعني المزيد من الإنفاق على العتاد العسكري وترك الأهم الذي هو مواصلة عميلة البناء والتنميه .

كلمه الى السلطه اليمنية

أني أحمل السلطه اليمنيه أي أمر قد ينجم عنه عدم إستقرار اليمن ، أو يؤدي الى تمزقه ، ولذلك فبإعتباري مواطن يمني يسرني سرور اليمن ويحزنني حزنه أنصح الدوله اليمنيه أن تجعل كل أبناء اليمن في نظرها سواء لا تفرقه بينهم فتكافئ المحسن على إحسانه ، وتعاقب المسيئ على إساءته بنفس الطريقه وذات الوسيله ، وأن تجعل وسيلة وكيفية إنهاء المشاكل على الساحه اليمنيه إما عن طريق التصالح والحوارات الوديه ، أو عن طريق الحسم العسكري مع الأطراف المتمرده تنبع من ذاتها ، بمعنى أنه يجب عليها أن لا تقبل إملاءات من أحد ، وأن لا ترض بالوصايه على الشعب اليمني من اياً كان ، فهي التي تعلم وتفهم ما يضر اليمن وما ينفعه ، فاهل مكه أعلم بشعابها .