تحوّل مثير.. ميتا تسمح باستخدام ذكائها الاصطناعي لأغراض عسكرية أمريكية انستغرام يطرح خيارات جديدة لتصفية الرسائل للمبدعين الجمهوريون يسيطرون على مجلس الشيوخ الأمريكي والتنافس مستمر على مجلس النواب سفينة حربية إيطالية تنضم إلى حملة حماية البحر الأحمر ترامب يفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وفق النتائج الأولية مفاجأة مدوية.. صلاح بديلا لنيمار في الهلال السعودي ترامب يعلن التقدم والفوز في 12 منطقة أمريكية … . نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لحظة بلحظة التحالف العربي ينفذ ثلاث عمليات إجلاء جوية في سقطرى الكشف عن القيادي الحوثي المسؤول عن تهريب الأسلحة الإيرانية التحركات واللقاءات العسكرية العليا.. هل قررت الشرعية خوض معركة الحسم مع مليشيا الحوثي؟.. تقرير
الخلاف بين الحوثي وصالح قادم لا محالة. ما حدث ليلة السبت (الماضي) هو (بروفة) قد تتكرر بشكل أكبر وأوسع في المقبل من الأسابيع والشهور، ذلك ليس تمنياً ولا (رؤية).. هي حقيقة سياسية شاخصة للعيان لمن يريد أن يقرأ بوضوح ما يحدث في اليمن. هي مرحلة (التسنين)، إن صح التعبير، للثورة الشعبية اليمنية المعطوبة حتى الآن والمتوقعة في القادم من الزمن، لأنها هدف الشعب اليميني. صالح من جهة والحوثي من جهة أخرى، لهما مشروعان متناقضان في شكل الحكم، اتفقا عند شعورهما بأن الشعب اليمني قرب إلى النضج من خلال التوق إلى بناء مؤسسات حديثة، وإنه إن تمكن سوف يسير في طريق ثالث يختلف عن الماضي، حضاري ومساير للعصر.
صالح أراد إعادة استيلاد حكم لم يعرف كيف يديره بنجاح لصالح الشعب لسنوات طويلة، هو أداره بالطريقة التي يعرفها (فرق تسد)، و(اطعمْ الفم تستحِِ العين) عن طريق توزيع الامتيازات للخاصة والأقرباء، فيما عرف عنواناً شاملاً لحكم صالح على أنه (الاحتكار السياسي)، ثورة الشعب اليمني في يناير (كانون الثاني) / فبراير (شباط) 2011، التي انطلقت من جامعة صنعاء، وانطلاقها من الجامعة له دلالة مهمة، كانت شرارتها الأولى هي (تصميم علي صالح على توريث السلطة للابن، أي استمرار الاحتكار السياسي) قال قبلها هازئا في تصريح مشهور إن (بوش الأب ورّث الحكم لبوش الابن، واليمن ليس أقل من أميركا)! تلك الشرارة اتسعت في غضون أسابيع، لأنها لاقت هوى في ضمير الشباب اليمني الذي ضاق ذرعاً بحكم صالح ومناوراته، وشاهد في نفس الوقت الملايين هادرين في الميادين في مناطق أخرى، تعبر عن رغبتها في التغيير.
صالح في كل مناوراته اللاحقة، حتى اليوم، يريد أن (تعود الأيام الماضية) به إن أمكن، أو بخليفة له على أقل تقدير، ووقتها يقود اليمن من المقعد الخلفي، ذلك أمر منافٍ لمسيرة التاريخ الإنساني، تاريخ الشعوب لا يرجع إلى الخلف، دائماً يسير إلى الأمام، وحتى لو تعطل على إحدى المحطات يعاود المسير إلى الأمام وبشكل أسرع. مشروع الحوثي لا يقل (نكوصاً) عن مشروع صالح، يريد الحوثي أن يُعيد اليمن إلى الحكم (الكهنوتي) الذي أطاح به الشعب اليمني منذ أكثر من نصف قرن. كلا المشروعين (صالح والحوثي) وإن كان لهما ماضٍ، فليس لهما مستقبل. التحالف بينهما كان تحالفاً انتهازياً، أو تحالفاً (مافيوياً) وهو الأرجح، المهم فيه أن الطرفين يعرفان أنه (انتهازي) ومؤقت بظروف طارئة، سرعان ما يتفكك، لأن مصالح الطرفين متناقضة. لقاء المشروعين لقاء ضرورة لقطع الطريق أمام يمن حديث، كما توافق عليه اليمنيون في مسيرة اللقاء الطويل والمضني، الذي أنتج وثيقة حديثة هي (مخرجات الحوار اليمني الوطني) تلك المخرجات التي رسمت معالم دولة يمنية حديثة وتشاركية، هي ما دعت للتحالف الانتهازي. ما سهل الانقلاب على تلك الوثيقة عدد من الأخطاء التي أصبحت واضحة اليوم، ربما كان أولها صياغة المبادرة الخليجية، فبراير 2012، وإن حسُنت نياتها، فلم تكن مطبوخة (بمهنية) إن صح التعبير، لقد قدمت لصالح ما لم يكن يحلم به وقتها (الحصانة من أي متابعة قانونية) وضمناً الاحتفاظ بأموال الدولة اليمنية التي (استولى عليها) تلك الفرصة التي تزامنت مع فرص أخرى، من بينها ضعف الأداء للبدلاء المباشرين بعد صالح، على خلفية عزم السلطة الانتقالية على رفع (أسعار الوقود)، وكأن اليمن كان ينقصها فقط وقتها (الإصلاح الاقتصادي)! تلك الفرص مجتمعة جعلت صالح يلتف على ثورة الشباب، بمساعدة الحوثي في انقلاب واضح في سبتمبر (أيلول) 2014، سهل على صالح بالمال الذي بين يديه، والشبكة القديمة من المنتفعين من العسكر استيلاء الحوثي على معسكرات الجيش الموالي لصالح ومخازن الذخيرة، في قصة ما زالت فصولها ممتدة أمامنا. دفع الشعب اليمني وما زال ثمناً باهظاً، ليس بسبب الانشقاق فقط، ولكن بسبب الانقلاب على (وثيقة مخرجات الحوار) التي شكلت فرصة حضارية لدخول اليمن إلى عالم القرن الواحد والعشرين، فكان سيل الدم المستمر والتدمير والأمراض وزيادة الفقر فقراً والفساد فساداً، حتى أصبح اليمن ربما (كما تركه أبونا آدم) لقد عان اليمن في الثلاث سنوات الماضية من الفساد والفوضى وانعدام الأمن وتراجع الاقتصاد حداً لا يطيقه بشر والمسؤولية الأخلاقية لهذا الدمار يتحملها تحالف صالح/ الحوثي.
اليوم هناك فريق مسلح هو الحوثي الذي قد يرغب بشدة في أن يحكم اليمن، وذلك مستحيل لأسباب موضوعية، وفي الحد الأدنى يرغب أن يصبح شوكة في خاصرة اليمن، مؤتمراً بأوامر الولي الفقيه في طهران، كما بالضبط ما يفعل حزب الله في لبنان، وفريق ثانٍ يسمي نفسه (المؤتمر الشعبي) ربما لديه مناصرون قبليون، ولكن ليس لديه أسنان قادرة على (عض) الحوثي، قال صالح في التجمع الأخير لحزب المؤتمر: «أستطيع أن أدفع بآلاف من المقاتلين، فقط إن أعطاني الحوثي المال والسلاح)! في مناورة لفك الارتباط، لذلك أرسل الحوثي له رسالة، بقتل أحد مناصريه الكبار، والذي كان في معية ابن آخر لصالح في شوارع صنعاء، تعبيراً عن تأكيد حقيقة أن القوة في صنعاء هي مع السلاح والتنظيم الآيديولوجي، وهي للحوثي اليوم. ما يراد أن يشاع أن القادم في اليمن يتكون من خيارين ربما لا ثالث بينهما؛ الأول أن يستولى الحوثي بعد صراع مع جماعة صالح على مقدرات اليمن غير المحرر حتى الآن، وبتدخل مباشر من إيران على سبيل الأمل والاستيلاء على باقي اليمن، وإخراج صالح من (اللعبة) حيث انتهت صلاحيته، والسيناريو الثاني أن يحاول صالح فتح باب تفاوضي من أجل إيجاد تحالف جديد قد يخرجه من المأزق الذي ورط نفسه فيه. كلا الاحتمالين يدخلان اليمن في مأزق أكبر مما هو فيه ويزيد الشقاق والفقر. كان من الواضح أن الموضوع اليمني منذ أن بدأ يجب أن يحكم بالسياسة لا بالسلاح، السلاح هو ما أوصل اليمن إلى الطريق المسدود الذي هو فيه اليوم، والمخرج هو السعي للسلام، على قاعدة مخرجات الحوار، فلم يعد اليمن هو (يمن حميد الدين) الذي يرغب في العودة إليه الحوثي، وليس يمن على صالح أيضاً. الشعب اليمني يجب أن يُمكن من قبل المجتمع الدولي وكل الأخيار، أن يكمل مسيرته، ذلك هو المطلوب اليوم، استمرار الحرب يعني استنزاف منقطع النظير لكل موارد اليمن المالية والبشرية. ولعل أحداث ليلة السبت تعيد الجميع إلى العقل.
آخر الكلام: مشروع (صالح/ الحوثي) هو مشروع (الغنيمة والقبيلة) انتهت صلاحيته، مشروع الشعب اليمني هو العبور نحو الدولة ذات البناء المؤسسي. في اليمن نخب تستطيع أن تنجز ذلك المشروع.