آخر الاخبار

الجيش السوداني يحقق انتصارا كبيرا على قوات الدعم السريع وينتزع أحد اكبر المدن السودانية والاحتفالات الشعبية تعم المدن انفجار مهول في أحد محطات الغاز بمحافظة البيضاء يتسبب في مقتل وجرح العشرات من المواطنين. لماذا ساعدت الصين الحوثيين سراً في الهجمات على سفن الغرب بالبحر الأحمر وماهي الصفقة بينهما .. تقرير أمريكي يكشف التفاصيل تقرير أمريكي يتحدث عن دعم الصين للحوثيين ظمن خيارات الشراكة الناشئة بين بكين وطهران ... ومستقبل علاقة الحزب الشيوعي بعمائم الشيعة الاحزاب السياسية بالبيضاء تطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بضرورة التدخل العاجل نجاة شيخ قبلي كبير من عملية إغتيال بمحافظة إب ... وانفلات أمني واسع يعم المحافظة في ظل مباركة مليشيا الحوثي حرب ابادة في الحنكة بالبيضاء.. مليشيا الحوثي تقتحم المنطقة والأهالي يناشدون الرئاسي والمقاومة وقوات الشرعية برشلونة وريال مدريد وجهًا لوجه في الجوهرة المشعة (توقيت الكلاسيكو) موقف أمريكي من هجوم الحوثيين وقصفهم منازل المواطنين بمحافظة البيضاء أول زيارة لرئيس حكومة لبنانية إلى سوريا منذ الحريري 2010

نبي طائفي
بقلم/ د. محمد جميح
نشر منذ: 9 سنوات و 4 أشهر و 8 أيام
الخميس 03 سبتمبر-أيلول 2015 06:16 م
كنا في صنعاء في تسعينيات القرن الماضي، مقبلين على الحياة والدرس الجامعي، وكتابة القصائد للزميلات، وقراءتها بين يدي عملاقي الشعر اليمني عبدالعزيز المقالح، وعبدالله البردوني في مقائل صنعاء التي كانت تعج بالحياة والقهوة والشعر والوريقات الخضراء. وكنا نلتهم أدونيس، نسكر بهذا السوري الثائر الذي يحاول أن يكون نبياً، أن يكون إلهاً جديداً في منطقة تكتظ بالساسة والمشعوذين والأصنام القديمة منها والحديثة.
كان أدونيس أستاذنا، كان رائد مدرسة التحديث الشعري والنقدي، والفكري كذلك. كان النبي الجديد الذي قدمته لنا معظم الدوائر الأكاديمية والثقافية في صنعاء والوطن العربي، كان يمارس سحره على طلبة الجامعة، من خلال كتبه ومحاضراته التي كان يلقيها عندما يأتي صنعاء زائراً.
علي أحمد سعيد إسبر، اسم يشبه أسماء اليمنيين، قبل أن يغيره صاحبه ليتخذ له اسم إله من الآلهة القديمة، وينطلق فارداً جناحيه في سماء الفكر والشعر. ومن يومها، منذ أن غادر اسمه اليمني، غادر أدونيس عباءة التاريخ، وانطلق يكسر الأصنام الدينية والتابوهات الطقوسية التي يزخر بها تارخ الإسلام، حسب رؤيته الحداثوية للحياة والفكر والشعر. 
أما أنا، فقد التهمت الكثير من كتب أدونيس، عشت قصة فصول «الثابت والمتحول»، واستمتعت بـ»مفرد بصيغة الجمع»، واستغرقت في «هذا هو اسمي»، وضعت في «الكتاب»، وكنت أرى أدونيس ظاهرة كونية لا تتوقف عن السيرورة والتحول والإنبعاث. 
كان أدونيس يبهر في نثره وشعره، كان نبي الحداثة العربية الجديد. كان يُقدم لنا، لا على أساس أنه ضد التراث، بل على أساس أنه ينطلق منه ليجدده، وكان هجومه على الإسلام، يقدم على أنه يأتي لمصلحة المسلمين، ولتجديد الخطاب الديني.
لم نكن نلقي بالاً لكون أدونيس علوياً، ولم نكن نعرف من هم العلويون، ولا من هم السنة أو الشيعة. كنا لا نرى في شيخنا إلا صورة المجددين الفكريين الكبار، مسحورين برشاقة عبارته، وسحر بيانه. ومما ساعد على ذلك أن أدونيس استطاع بذكاء بالغ إخفاء البواعث الحقيقية إزاء هجومه الشرس على تاريخ الإسلام، وحضارة المسلمين، وتراثهم في مجمله.
وفجأة، جاءت الثورة السورية، كأنبل ما تكون الثورات في بداياتها، عندما خرج السوريون دون أن يحملوا قطعة سلاح واحدة ليقولوا لبشار الأسد الذي ينتمي للطائفة ذاتها التي ينتمي إليها أدونيس، ليقولوا له: «ارحل».
حينها بدأ أدونيس يرتبك، وبدأ «نبي الحداثة»، الذي تغنينا به كثيراً في اليمن وغيرها من البلدان، بدأ يتحسس جذوره العلوية، وبدأت أكوام من المؤلفات التي نظَّر فيها أدونيس للحداثة تتسرب من بين أيدينا، ونحن نراقب مشدوهين شيخنا ينحدر مع المنحدرين إلى البئر التي حاول على مدار عقود طويلة أن يخرج منها، أو أن يوهمنا أنه خرج منها. 
انهار الجبل الشامخ، وعاد أدونيس علوياً، كما كان، وتكشفت ورقة التوت السميكة عن أدونيس الحقيقي، أدونيس دون رتوش أو مساحيق، أدونيس المتعصب لكل ما هو علوي حتى لو تجسدت العلوية في ديكتاتور اسمه بشار الأسد.
لم أكن شخصياً أتصور أن ينهار الجبل، أن تأتي الثورة السورية لتتجلى بجذوتها على قمة الجبل الذي يسكن فيه الإله القديم أدونيس، ونخر نحن تلاميذه مصعوقين لما حل بهذا الجبل الكبير، الذي قال لجريدة «السفير» اللبنانية عن شعبه السوري إنه ليس شعباً ثائراً، لأن ثلث هذا الشعب هاجر وترك أرضه، وكأن «أدونيس الثائر» لم يهاجر من سوريا من عشرات السنين إلى باريس، أو كأن أقارب أدونيس تحت قصف البراميل المتفجرة يومياً في حمص وحلب.
حاول أدونيس استنفار كل مهاراته في التخفي، حاول أن يخفي «العلوي الكبير» داخله، لكنه لم يستطع، تفلتت منه نفسه، وخرجت، وصرخت للأسف، ليس في وجه الطغاة، ولكن في وجه المتظاهرين الذين لم يجد أدونيس من مأخذ عليهم، ذات يوم إلا أنهم «يخرجون من المساجد»، وكأن «شيخ الحداثة العربية»، كان ينتظر من المتظاهرين أن يخرجوا من النوادي الليلية والحانات، وكأن «الخروج من المساجد»، عيب يجب محاسبة المتظاهرين عليه، إذ كيف يمكن للمتظاهرين أن يخرجوا للثورة على نظام الحكم من المساجد التي هي بالطبع قلاع التقليدية والرجعية حسب الفكر الطليعي الحداثوي، عند أستاذنا الكبير؟
كان علينا أن ننتبه إلى أدونيس الذي قال مرة قصيدة مديح في «الإمام الخميني»، وثورة إيران على الرغم من أن «قصائد المديح»، تعد من «الشعر التقليدي» الذي لا يجوز لـ»أنبياء الحداثة» أن يمروا به، ناهيك عن أن يكتبوه. كان علينا أن نلحظ احتفاء أدونيس الكبير بالدولة الفاطمية، وموقفه المجافي لصلاح الدين الأيوبي، كان علينا أن نسأل: هل جاء ذلك بمحض الصدفة؟ وهل كون الفاطميين والخميني، وبشار الأسد «شيعة» مجرد صدفة عند أدونيس، كما كان المتظاهرون السوريون وقبلهم صلاح الدين الأيوبي وصدام حسين سنة لمجرد الصدفة كذلك؟ أم أن أدونيس في حقيقته بنى مواقفه الفكرية في نقد التراث الإسلامي من منطلقات طائفية بحتة، لا دخل لها بالمنهجية والتجرد الفكري، والرؤى المستقبلية للانخلاع من قيود الماضي التقليدية؟
ينسحب الكثير من المثقفين إزاء الأحداث الكبرى، يتوارون عن الأنظار، يرتبكون، يحاولون التماسك للحفاظ على معمار الروح، لكن الكثير ينهارون في قاع سحيقة، وتتكوم أرواحهم في درك سحيق يقفون به صفاً واحداً مع نيرون، وهتلر وبشار الأسد.
أفقت على وقع الكارثة التي هربت من الاعتراف بها طويلاً إزاء نظرتي لأستاذي أدونيس، والتي بدأت أهمس بها لنفسي، قبل أن انتهي صارخاً في البرية: «النبي طائفي…أدونيس علوي».
عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
دكتور/ فيصل القاسم
نحن أفضل من الاتحاد السوفياتي
دكتور/ فيصل القاسم
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
علي محمود يامن
المقاومة الوطنية … ثبات البوصلة نحو مواجهة الإمامة
علي محمود يامن
كتابات
صالح أحمد كعواتالجوف وكسور ثوار
صالح أحمد كعوات
احمد علي عمر الزوميحرب الزرانيق وقراءة للواقع
احمد علي عمر الزومي
مشاهدة المزيد