عشرون سؤال من علماني الى: الحوثي والحجوري والزنداني وقاعدة أبين
بقلم/ أسامة إسحاق
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 15 يوماً
الخميس 15 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:26 م

أتمنى أن لا يأتي على وطننا أجيال من بعدنا تنظر لجيلنا الحالي بمنتهى الغرابة والإندهاش حين تتسائل عن جيل عاش في مرحلة ما إستطاع إسقاط الإستبداد السياسي المتجذر بمنتهى الشجاعة والتضحية ولكنه خاف ان يسقط معه الإستبداد الديني المتستر والذي لا يزال ينخر في عقول أفراده ويجند أجسادهم بمنتهى البساطة لقتل وبغض المخالفين له فكرياً برغم إشتراكهم سوياً أرضاً وشعباً وتاريخاً , وما أحكم الأفغاني حين قال "قيد الأغلال أهون من قيد العقول بالأوهام" , نعم أسقطنا قيد الأغلال بتظاهر الأجساد في الشوارع ويجب إسقاط قيد العقول بالأوهام بتظاهر الكلمات في العقول ومن أسقط أدوات الإستعمار لا بد أن يكمل مشواره ليسقط أدوات الإستحمار..

أصوليي الشيعة يُحكِمون عقولهم عندما يتعلق الموضوع بالفكر السني او السلفي  وهم فيما يخص فكرهم ثاني اثنين ما إن تمسكنا به لن نضل بعده أبدا وبلا نقاش , وأصوليي السنة يُحكِمون عقولهم عندما يتعلق الموضوع بالفكر الشيعي او السلفي وهم الفرقة الأحادية الناجية فيما يخص فكرهم وبلا جدال , وأصوليي السلفية يُحكِمون عقولهم عندما يتعلق الموضوع بالفكر الشيعي او السني ومن تمنطق تزندق فيما يخص فكرهم وبلا أدنى شك..

منطقياً , بما أن ثلاثـتهم يرى نفسه مصيب والبقية مخطأ فإن أحدهم قد يكون مصيب والبقية مخطأ أو جميعهم مخطأ , وما علينا كشباب يمني واعي الا أن نستخدم أدوات الحداثة وننضف الطاولة من جميع القطع التي ولدنا ووجدناها فوقها لنعيد ترتيبها بأنفسنا بدلاً من التبرير باللحوم المسمومة السنية اوالنسل المعصوم الشيعي اوالسلف الصالح السلفي عند الحوار والنقاش والتي ليست الا أوجه مختلفة لقمر واحد يسمى "قمر تقديس البشر وعودة الحق الألهي"..

أرى أن الأصولي السني او الشيعي او السلفي لو قرأ حروفاً من حدائق متنوعة بقدر ما يقرأ فيما يدعم مكتسباته لأدرك أن القتل والتحقير والتكفير والتسفيه لم ولن يجدي نفعاً بين المختلفين فكرياً , ولو علم كل واحداً منهم بنقصه وبعدم صوابيته المطلقة لآمن بأن الحل الوحيد هو النقد البناء والتعايش والتعددية تحت مظلة الديمقراطية والدولة المدنية الحديثة والا فإن حكم الإيدولوجية المدعومة بقوة السلاح والمال هي من ستسود الى أن تأتي إيدولوجية أخرى تسقطها ليس بقوة الحجج والكلمات ولكن بقوة السلاح والمال والتاريخ عبرة لمن يعتبر ولكننا نتعلم من التاريخ أننا لا نتعلم من التاريخ..

واذا كانت الحركة اليمنية الحداثوية العلمانية تقدم حججها من أجل فصل الدين والمقدس عن الدولة فإن الحركات الدينية الأصولية تقدم حججها من أجل تفصيل المذهب المقدس على مقاس الدولة , ولعل الغالبية يتفق حالياً أن ابرز قادة الحركات الأصولية الدينية الممثلة للتوجهات السابقة الذكر في اليمن هم الزنداني السني والحوثي الشيعي والحجوري السلفي أضافة الى قاعدة أبين ولذلك أوجه خطابي هذا اليهم ولكل من ينطوي تحت مظلة رؤية أحدهم لمستقبل اليمن لأني كمواطن يمني ثائر يقلقني موضوع آلية ونظام حكم اليمن بعد نجاح الثورة بقدر ما يقلقني أيضا موضوع آلية إنهاء بقايا النظام الإستبدادي قبل ذلك..

وقبل أن أطرح إستفساراتي أحب فقط التنوية لنقطة هامة قد يغفل عنها الكثير من شباب اليمن  ,  وهي عندما يدار حوار بين أصحاب فكر الإسلام السياسي بمختلف توجهاتهم واصحاب الفكر العلماني  فليست إطلاقا حوار بين المؤمنين بالإسلام وبين المؤمنين بغير الإسلام ,  ولكنها بين المؤمنين بحكم الشريعة الدينية للدولة وبين المؤمنين بحكم  القوانين المدنية الوضعية للدولة , فالعلماني لا يؤمن بنظرية الإسلام السياسي ويرى ان الله  لا يحكم بذاته في الحياة ولكن عن طريق بشر لهم أهوائهم ورغباتهم ونزواتهم وتأويلاتهم والتي قد تختلف من مفكر الى آخر ومن فقيه الى آخر ومن سياسي الى آخر..

سأضع هنا عشرون سؤالاً الى كل من يرفع شعار تطبيق الشريعة  الدينية في يمن ما بعد الثورة سواء كان من أتباع الحوثي او الزنداني او الحجوري او قاعدة أبين أو أي توجه ديني آخر لكي نتعرف فقط على شكل الدولة لو آلت الأمور اليهم , لأني اسمع كثيرا من غالبيتهم بما يسمونه ثوابت الشريعة والتي حسب زعمهم لا يختلف عليها أحد, نطالبكم بالأجابة على الأسئلة ومن خلالها ستتضح لنا ماهية ثوابتكم ورؤيتكم , فكم قرأنا أنه كان هناك شيئ مباح ثم أصبح حرام والعكس صحيح , ولا أدري أين هي ثوابت الشريعة من أبو بكر الذي أضاف نصيب الجد في الأرث مع وجود نص قرآني ,  وعمر بن الخطاب الذي حذف نصيب المؤلفة قلوبهم من الزكاة مع وجود نص قرآني  , والملك فيصل بن عبدالعزيز الذي الغى الرق مع وجود نص قرأني..

لم يعد يخفى على أحد ان الدولة المدنية العلمانية التي  يسعى لها شباب اليمن الحداثوي تقبل وترفض استناداً الى مبدأ ومعيار واحد هو المصلحة العامة تحت مظلة النظام الديمقراطي والقوانين المدنية الوضعية القابلة بكل بساطة للتعديل في أي وقت  بما يتوافق مع مصلحة الشعب عن طريق المجالس المنتخبة والبرلمان الممثل للشعب , وهي الميزة  التي يتميز بها عن غيره بتبني أفضل الخيارات الموجودة من منطلق المصلحة  العامة الغير مقدسة سواء أخذ تلك المصلحة وذلك الفكر من ماركس او الشافعي او كانط  او الخميني او جون لوك..

  فأرجوا أن يتفضل الزنداني والحوثي والحجوري وقاعدة أبين او المنادين والمساندين بتطبيق رؤيتهم وفلسفتهم الدينية لحكم يمن ما بعد الثورة بالإجابة على العشرين سؤال  معتمدين على فهم الشريعة الدينية كلاً من وجهة نظره , لكي يثبتوا لنا فقط بأن شريعة كل واحد منهم تصلح للحكم السياسي لكل زمان ومكان كما يزعمون ..

اذا أفترضنا اننا الأن نخاطب احد الفرق التالية : الزندانيين او الحوثيين او الحجوريين او قاعدة أبين او أي توجه ديني آخر والتي سوف تدير شؤون وحكم اليمن فما هي إجاباتكم للأتي  :

السؤال الأول : ما هي آلية أختيار الحاكم وهل هناك مدة محددة له حسب  فهمكم للشريعة !؟

"فيما اذا قرأنا في كتب التاريخ الإسلامي أن الصديق ولي خليفة  على المسلمين بناء على إجتماع نفر من المسلمين تحت  السقيفة , والفاروق  بناء على وصية ابو بكر , وعثمان تم أختياره من بين ستة أشخاص أوصى بهم  عمر , وعلي لم تكتمل له البيعة , ومعاوية أخذها  بقوة السيف , ويزيد بن  معاوية بالتوريث , وعمر بن عبدالعزيز بالصندوق المغلق الموصى به من سليمان  بن عبدالملك , والعباس السفاح بعد ثورة سفكت دماء الأمويين ونبشت حتى  قبورهم , وآل البيت من بني العباس توارثوا الحكم كابر عن كابر لمئات السنين ....الخ"

ا لسؤال الثاني : هل ستطبقون نظام الشورى او نظام البطنين أو غيره من الأنظمة المستمدة من الشريعة الدينية وتتجاهلون النظام الديمقراطي الوضعي  ؟

السؤال الثالث : ما هي آلية ومعايير إختيار "أهل الحل والعقد" والذي يمثل حجر الزاوية في دولتكم ؟

السؤال الرابع : هل ستسمحون للبنوك الربوية داخل دولتكم وكذلك  شركات التأمين بالعمل , وكيف سيكون تعاملكم مع البنوك العالمية الربوية والتي ترتبط بالإقتصاد اليمني والعالمي حالياً ؟

السؤال الخامس : كيف سيكون تعاملكم خارجياً مع الولايات المتحدة سياسياً وإقتصادياً والتي تحتل العراق وأفغانستان المسلمتان وتدعم إسرائيل مادياً ومعنوياً , وكيف سيكون تعاملكم داخلياً مع الشركات الأجنبية مثل الشركات الأمريكية النفطية , وهل ستفكرون بتبني الجهاد والفتوحات في حالة أصبحتم فرضاً قوة عظمى سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً؟

السؤال السادس : هل ستقومون ببناء نظام لجباية الزكوات وتلغون النظام الضريبي  المحرم شرعاً , وهل سيكون هناك نصيب محدد من الزكاة خاص لآل البيت حسب مفهوم الشريعة ؟

السؤال السابع : ما هو مصير الفن بجميع أشكاله داخل دولتكم (غناء ومسرح وتمثيل وتصوير ورسم ...الخ) ؟

السؤال الثامن : هل ستسمحون ببناء جامعات او كليات مذهبية مخالفة لمذهبكم ورؤيتكم الدينية ؟

السؤال التاسع : ما هو مصير المتظاهرين المطالبين بإسقاط نظامكم , ومصير المطالبين بالإنفصال عن دولتكم حسب مفهوم الشريعة ؟

السؤال العاشر : ما هو رأيكم بالشرطة الدينية الرسمية كــ "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" او أي شكل آخر من الرقابة الدينية الرسمية الإجبارية على المواطنين ؟

السؤال الحادي عشر : هل ستسمحون بتدريس نظرية التطور للكائنات الحية ونظرية التخلق اللاحيوي لأصل الحياة ونظرية الإنفجار العظيم لأصل الكون في المدارس والجامعات بأعتبارهن نظريات علمية رغم مخالفتهن صراحة للنصوص القرآنية , وما هو مصير مواطن يمني يؤمن بتلك النظريات ويدرس الناس  تفاصيلهن في حال عدم سماحكم بذلك؟

السؤال الثاني عشر : ما هو مصير السياحة في اليمن على سبيل المثال ما هو مصير  الفنادق التي توفر متطلبات السياح الأجانب والمحرمة شرعاً بمفهوم الشريعة,  ومصير السائحات اللائي يجبن شوارع اليمن غير محتشمات ؟

السؤال الثالث عشر : هل ممارسة الشعائر الدينية شرط أساسي  لتولي المناصب السياسية  المهمة في دولتكم, بحروف أسهل هل يمكن أن يصبح احد وزراء او وكلاء دولتكم ممن عُرف عنهم أنهم لا يصلون ولكن مشهود لهم بالكفاءة العلمية  والإدارية ؟ 

السؤال الرابع عشر: هل ستطبقون قانون العقوبات "الحدود" في دولتكم حسب مفهوم الشريعة الدينية وذلك بقطع يد السارق في الساحات  العامة ورجم الزاني المحصن حتى الموت في التحرير او أي منطقة عامة حتى تكون رادعة  للجميع ,وهل ستجلدون الزاني غير المحصن وتعزرون شارب الخمر في الميادين  العامة , وهل سيتم إستتابة المرتد عن الإسلام ثلاثة أيام والا يتم قتله , أم أنكم ستقبلون بقانون العقوبات المدني الوضعي؟

السؤال الخامس عشر : هل ستوافقون على تحديد النسل فيما اذا احتاجت البلاد  لذلك ؟

السؤال السادس عشر :- ماذا سيكون مصير التعددية الحزبية بين اقصى اليمين  واقصى اليسار في دولتكم, مثلا ما هو مصير الداعين للعلمانية الشاملة  والجزئية والليبرالية والقومية في دولتكم وهل سيسمح لهم بممارسة أنشطتهم في المجتمع  اليمني بحرية وهل بالإمكان أن تعطوا بعض المؤهلين منهم مناصب قيادية في  دولتكم ؟

السؤال السابع عشر :- ما هو مصير الإعلام والتلفزيون المحلي والفضائي اليمني , هل سيتم منع  بث ما ترونه حسب شريعتكم محرم , وما هي برامجكم البديلة إن تم التغيير ؟

السؤال الثامن عشر : حرية الصحافة الناقدة حتى لأهل الحل والعقد ما هو  مصيرها ومصير الصحف والصحفيين الذين ينتقدون سياستكم بمن فيها كبار العلماء والفقهاء المستشارون والمشاركون في حكم البلد ؟ 

السؤال التاسع عشر : هل ستظل وزارة الثقافة تعمل كما هي عليه اليوم بجميع  تفاصيلها  او سيتم تغييرها بما يتوافق مع شريعتكم , ما هي التعديلات التي  ترونها مناسبة لوزارتكم الثقافية الجديدة ؟

السؤال العشرون : هل سيكون الحجاب إجباري على كل مواطنة يمنية  مسلمة ,وما هو مصير امرأة يمنية مسلمة خرجت كاشفة شعرها لابسة لبنطلون وتي شرت  في الميادين العامة , وهل سيمنع سفر أي امرأة الا بوجود محرم , ومصير المدارس والجامعات والمعاهد والكليات والأنشطة المختلطة حسب مفهومكم للشريعة ؟

ـ ـ ـ ـ

أخيراً .. كلي أمل أن تقعدوا مع أنفسكم وتردوا على إستفساراتنا لكي تخرجوا ولو بعد حين ببرامجكم السياسية بحيث نستطيع إنزال شعاراتكم على أرض الواقع وتنخرطوا في العمل السياسي لكي نستطيع فهم رؤيتكم ونقدها , وأتمنى كذلك أن تخلو إجاباتكم وبرامجكم من الشعارات المطاطية العاطفية الدعوية كــ  " الحاكمية الإسلامية " و "القرآن دستورنا" و "الإسلام هو الحل" و "إن الحكم الا لله" لأنها ستزيدنا قناعة بأنكم لا تحملون مشاريع سياسية بل مشاريع دعوية دينية كهنوتية لأنكم تنسون او تتناسون أن الدولة مكونة من مؤسسات بها من  التفاصيل المعقدة ما يشيب لها الولدان , مع خالص إحترامي لجميع الرؤى..

تنويه

اذا أتفقنا على القانون المدني الوضعي وحكم المجالس المنتخبة لليمن تحت مظلة الأسس الديمقراطية كإطار عام فلا يوجد عندنا أي مانع من تغيير مصطلح العلمانية الى أي مصطلح ترونه مناسباً لمعرفتنا أن مصطلح العلمانية قد حُمل صبغة تكفيرية, فنحن على  إستعداد بإستبداله ب "المدنية " او  "المواطنة او حتى  " الإسلام الحضاري  وما نسعى له هو المضمون وليس المسمى , ولعل أجمل ما أختم به حروفي هي المقولة والتي تنطبق علينا جميعاً : "إن حبنا لأنفسنا يسلخنا عن ذواتنا ، ويخفف من شدة أخطائنا  في نظرنا , ونحن نحيا مع هذه الأخطاء مثلما نحيا مع روائحنا , إننا نكف عن الشعور بها  وهي لا تزعج إلا الآخرين , وإذا شئنا أن نرى أخطائنا رؤية صحيحة ، وجب أن نراها في عيون  الآخرين".

 تحيا الثورة , المجد للثوار , العزة لليمن

 semoyemen@yahoo.com