الخدمة الوطنية الإلزامية بين الاستفادة والضياع
بقلم/ د. يوسف الحاضري
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 10 أيام
الأربعاء 21 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:39 م

Alhadree_yusef@hotmail.com

- الخدمة الإلزامية في وطننا الحبيب كانت ومازالت غير ذات فائدة أو جدوى على الإطلاق منذ إقرارها وحتى اليوم ,,, فالوضع الحالي هو أن خريجي الثانوية العامة من الذكور يتم ضمهم إلى السلك العسكري لمدة عام أو عامين (وفقا لتغيرات القانون في هذا الجانب) وتكون هذه الفترة بين مرحلة الطفولة (المدرسة) ومرحلة الشباب (الجامعة) ويتم خلالها تدريبهم تدريبات شاقة في هذا المجال ثم يستمروا في وحداتهم يأكلون ويشربون وينامون ويتدربون وعند انقضاء الفترة يتم إعطائهم مبلغ رمزي من المال ويتم على أثرة أعطائه وثائق توضح فيه بأنه أدى الخدمة الإلزامية على الفرد للمجتمع والوطن وبعدها يصبح له الأحقية في الدخول للجامعة ليكمل مشواره التعليمي ,,, غير أنه لو تعمقنا قليلا وبسرعة في الأمر فسنجد أن الوطن هو من يخدم الفرد وتخسر عليه مال وجهد وتنمي عضلاته والفرد لا يقدم شيء للوطن على الإطلاق بل أن الفرد يخسر الكثير لعل أهمها الدافع التعليمي الذي كان يسيطر عليه خلال أيام دراسته المدرسية عوضا عن سعي معظم الشباب اليمني لاستخراج إعفاء من الخدمة بأي وسيلة وفق القانون كوحيد الأسرة أو مرض أو عاهة أو لديه أكثر من أخ في السلك العسكري أو يعمل تأجيل وغير ذلك وتدخل فيها الوساطة والمال والمحسوبية والتزوير وغير ذلك فنجد أن الخدمة الإلزامية على الفرد للوطن تصبح فيه أمور الكثير والكثير من الخلط واللبس والتزوير وتتحول من أمر الخدمة إلى أمر آخر لا دخل للوطن فيه ,,,

من أجل ذلك أضع بين يدي الحكومة الجديدة وفي مقدمتهم وزارة الدفاع ووزارة التعليم العالي ووزارة المالية ومن فوقهم رئاسة الوزراء مقترح في هذا الصدد أتيقن من خلاله أنه سيجد القبول من الجميع سواء الفرد أو المجتمع أو الوطن أو حتى القائمين على شئون اليمن وهذا المقترح عبارة عن استنساخ التجربة المصرية في هذا الجانب والتي تتمثل في الاستفادة التامة من الفرد لخدمة المجتمع خلال فترة خدمته الإلزامية أيما استفادة وذلك بتأخير فترة الخدمة الإلزامية على الفرد إلى ما بعد الدراسة الجامعية والسماح للطالب الالتحاق بالجامعة مباشرة بعد الثانوية العامة دون أن يكون هناك سنة أو سنتين توقف وسيكون الفرد في هذه الحالة فعال وبشكل كبير للدولة سواء في خدمتها خدمة معرفية أو خدمية مالية اقتصادية ,,, فالفرد بعد أن يحصل على الشهادة الجامعية ويكون لدية الكثير ليقدمه للوطن سواء كان (طبيبا أو صيدلانيا أو مهندسا أو معلما أو بيطريا أو محاسبا أو إداريا أو غير ذلك وبشتى التخصصات) ويتم إدراجه إلى السلك العسكري ليؤدي الخدمة الإلزامية المتمثلة في سنة كاملة يعمل فيها في جميع الميادين الحياتية مجانا (وفقا لقانون الخدمة الوطنية الإلزامية) ومن خلال هذا ستكون جميع المستشفيات العسكرية تدار بكوادر مؤهلة ومجانية والصيدليات والإدارات والمحاسبين والفنيين وجميع القطاعات ولمدة عام ثم يذهب هؤلاء بعد شئونهم وتأتي دفعة متخرجة جديدة تشغل هذه الأماكن وهكذا كل عام وسنحصل على كوادر تدير هذه الأماكن وتقدم خدمة لوطنها ذات معنى وفائدة عوضا عن السنة الثانية التي هي إلزامية على الفرد ضمن القانون ويكون فيها تحت الطلب في أي وقت يحتاج إليه الوطن وفقا للظروف والمتغيرات والأحداث ,,,

وبهذا يكون وضعنا الخدمة الإلزامية في اليمن في الطريق الصحيح في هذا الجانب فالخدمة التي سيقدمها الشباب للوطن ستعين الدولة وبشكل كبير على مواجهة أزمات مالية وستحتفظ بمليارات تنفقها في هذا الجانب وباستمرار لأن الطلاب الجامعيين كل سنة يتخرجون بمئات الآلاف ولو استفدنا من نصفهم في أماكن تخصصاتهم فعلى رجال المال والمحاسبة أن يقدروا الفائدة التي ستعود على اليمن من هذا الجانب ,,, عوضا أننا سنعطي الطالب الجامعي جرعة تدريبية عسكرية كما تسمى في الجانب العسكري (الفترة التدريبية) والتي تعطيه جسما صحيحا وقويا وبهذا سيكون قد أفاد واستفاد وأيضا لم يخسر سنة من عمره أبدا فالسنة التي كان سيضيعها الطلاب بعد الثانوية سيتم تأخيرها إلى ما بعد الجامعة ,,, فالفائدة ستكون في الجانب العسكري والجانب الخدمي والجانب المالي وبهذه الأعمال وهذه الأفكار وأفكار كثيرة في نفس المجال وغيرها تبنى الأوطان ويكافح الفساد ويستفاد من الأفراد والشباب ,,, أتمنى أن يجد هذا الطرح مكان بين أيدي هذه الحكومة والتي جاءت في وقت صعب جدا يمر به اليمن وتحتاج لأي فكرة أو رؤية أو وجهة لتعينها في مشوارها هذا والمشوار القادم وأن نجد في القريب العاجل قرارات تتخذ في هذا المسار ,,, أم أن الأمر سيحتاج لجلسات عمل و ندوات و دورات واجتماعات و مؤتمرات تستنزف المال والأعمال ,,, أم أن الأمر لن يؤخذ على محمل الجد وأن الشغل الشاغل للحكومة هذه كيف تثبت موقعها وموقع حزبها وموقع من يدعمها وموقع من يسيرها ويقودها وهي في وادي والوطن في وادي آخر فنحن في الأخير متفائلون ولكن هذا التفاؤل مغلف بالكثير من التخوف والترقب.