خارطة مناطق استعادها الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع تتلاشى بشكل متسارع من الخارطة السودانية
قلق إسرائيلي من محادثات واشنطن المباشرة مع حماس
تقرير أميركي يكشف عمق العلاقات والمصالح بين مليشيا الحوثي مع المصالح الروسية والصينية
اجتماع برئاسة العليمي يناقش إجراءات الحكومة للتعاطي مع قرار تصنيف الحوثيين ''منظمة إرهابية'' والتخفيف من آثاره المحتملة
بعيدا عن تل أبيب.. البيت الأبيض يقود محادثات مباشرة مع حركة حماس
حيث الانسان يصل أقاصي جبال ووديان حضرموت.. مدرسة بلقيس حلم الاباء وأمنية الأبناء يصبح واقعا ملموسا.. تفاصيل
تفاصيل لقاء الرئيس رشاد العليمي مع الرئيس المصري واهم ملفات اللقاء
وزارة الخارجية تناقش مع السفير الأمريكي دخول قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية حيز التنفيذ
لغم حوثي يودي بحياة 4 مدنيين بينهم طفل في الحديدة
مئات الإنتهاكات الحوثية في صنعاء خلال العام الماضي.. تقرير
شيء من الأسى يشعر به كل يمني تجاه ما آلت إليه الأوضاع في الجنوب عموما، وعدن خصوصا، فلم يكن أسوا المتابعين والمحللين يتوقع أنه وبعد أكثر من أربع سنوات من تحريرها من مليشيات إيران الحوثية ستصبح بكل هذه السوء والتيه، ولم نكن نعتقد أن مدينة مثل عدن، التي ظلت طوال عقود رمزا للسلام والتعايش، ستضيق بأبناءها وتتحول إلى سجن كبير يُرمى في غياهبه كل من له صوتا مرتفعا ورأيا مختلفا، لم يكن أحد أبدا يتمنى أن يصل الجنوب لهذا المنحدر المخيف، لولا هؤلاء المدنسين، الذين سيطروا على المدن في لحظة فارقة وفراغ كبير!
هذه عدن التي لم تنم ولم ترتاح منذ التحرير، وكل يوم وهي تراوح مكانها، تنام على جريمة وتصحو على أخرى، فلم ينضبط الأمن ولم تتسيد الدولة، ولا الوجوه الجديدة العابسة التي تسمي نفسها سلطة أثبتت قدرتها على الوفاء بالالتزامات والوعود الإعلامية، فهي على ما يبدو تجيد أشياء مختلفة لا علاقة لها بالحكم والسلطة، أشياء من قبيل المليشيات والسلاح المنفلت والتحريض المميت، لقد أصيب الجنوب بداء خطير، داء الطارئون الجدد، الذين في كل يوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، بينما هم يغرقون ومعهم الجوعى والمقهورين والمشردين، هم في مهمة إدخال الجنوب في صراع مع نفسه فقط، أما من حوله فهم في غنى عن هذا كله!
لم يكن ينقص عدن هذه المآتم والأحزان والدم المسكوب الذي ينتشر في طول البلاد وعرضها، وهي التي لم تعش السكينة ولا الإطمئنان، واستمرارا لهذا السيناريو المفتعل، فقد صحت اليوم على حادثة ارهابية غادرة وجريمة هزت المدينة.. صاروخ إيراني موجه يستهدف معسكر لمليشيات الانتقالي، ومصرع أكثر من 30 بينهم المطلوب أبو اليمامة (منير اليافعي) وجرحى بالعشرات، حادثة إرهابية بكل المقاييس، لا أسوأ منها إلا هذا الاستغلال الرخيص لسيرك طويل من الكتبة الممولين، الذين يستلمون مقابل الردح العنصري على مواقع التواصل، فهاهم قد بدأوا العمل على وتر استهداف مكون جغرافي يمني، ما توقفوا يوما وهم يعاقبون أبناءهم تحت مبرره، وكأن الهدف من الجريمة هو إظهار أن الشمال هو الشر الذي لا بد من تركه وحيدا يواجه مصير الحوثي، وكأن الدم لعبة يتلهى بها هؤلاء الضالون!
لا وصف مناسب لما حدث في عدن، سوى أنها جريمة إرهابية مكتملة الأركان، ويمكن قراءتها من عدة أوجه، لكن الوجه المهم فيها هو محاولة قراءة المستفيد من هكذا جريمة قذرة ومدى أهمية التوقيت والتخطيط، فهو هجوم ليس بريئا ولا يمكن أن يكون صدفة ولا علاقة له بكون وكيل إيران قرر استهداف خصومه، إنما هناك من قرر التضحية بهؤلاء المغدورين خدمة لإيران وتقديم عربون صداقة، خاصة مع تسارع المطبعين نحو طهران، منه التأكيد على متانة العلاقة بين الطرفين، ومنه منح ما يسمى بالمجلس الانتقالي مبررا للسيطرة على الجنوب وفرض أمرا واقعا نحو التقسيم والانفصال، إذا ما أخذنا بالحسبان الدعوات الإعلامية المتزايدة نحو تقسيم البلاد وتمزيقها!
الوجه الآخر لهذه الجريمة الإرهابية هو استخدامها كوسيلة ضغط، سواء داخليا أو خارجيا، ومحاولة وصم الشمال بالحوثية وربطه بها، ليسهل التعامل بعد ذلك مع فرضية تقسيم اليمن (شمالا لإيران الحوثية وجنوبا لأدوات الخارج الانتقالية)، خاصة وموقف الحوثي تجاه قضية الانفصال معروفة، فهو منذ الحوار الوطني ينادي بالانفصال، وهو ليس دعما له ولا حبا فيه، بقدر ما هي فرصة استراتيجية ستسلم له الشمال على طبق من ذهب، للسيطرة والاستحواذ عليه!
الجريمة الإرهابية تمت بتعاون مشترك، هذا مما لا شك فيها، فتوقيت الجريمة والمستفيد منها يقولان ذلك، وأزعم أن هذا يخدم الطرفين، فالانتقالي كونه أداة، بالانفصال سيكون قد أعطى لوليه غنيمة باردة على ظل كثيرا يلهث خلفها، والحوثي كونه وكيل لإيران سيعطي لإيران الشمال بعد أربع سنوات من الحرب ستحقق لها أخيرا هدفها الاستراتيجي المربح، فالتمزيق يخدم الحوثي والانتقالي معا، وجهان لعملة واحدة، مهما اختلفت المسميات وتنوعت الصفات.
رحم الله القتلى وشفى الله الجرحى، وكل العزاء لذوي المفقودين، ولا حل اليوم إلا بتفعيل أدوات الدولة واختفاء المليشيات والعصابات من حياة الناس.