آخر الاخبار

مجلس شباب الثورة: 11 فبراير لم يكن مشروعا عائليا ولا مناطقيا بل مشروع وطني مستمر والاستبداد إلى زوال مهما طال أمده عاجل : المملكة الأردنية تلغي اتفاقية وقعتها مع المليشيات الحوثية بعد اكتشاف انتحال قيادي حوثي هوية الشرعية حفل تكريمي ل 800 طفل وطفلة من المشاركين في مشروع النور المبين للحافظ الصغير على المسرح السبئي بمحافظةمأرب الجيش الوطني يفشل كافة عمليات التسلل الحوثية بمحافظة مأرب ويكبدها خسائر في القوة والعتاد. مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية يدشن موقعه الإلكتروني الجديد طهران تخشى الضغوط القصوى لترامب وتعلن استعدادها للتفاوض مع واشنطن بشرط واحد الموقف السعودي الرافض لتهجير الفلسطينيين وأثره على التطبيع الدولار يقترب من 2300.. آخر تحديث بأسعار الصرف مساء اليوم وزير الاوقاف بمكة المكرمة يكرم المشاركين في المسابقة القرانية للعسكريين بالسعودية حزب الإصلاح: ''ثورة 11 فبراير نجحت في تحقيق انتقال سلس للسلطة وما حدث بعدها انقلاب''

مخطط التهجير ونافذة أوفيرتون
بقلم/ إحسان الفقيه
نشر منذ: يوم واحد و ساعتين و 38 دقيقة
الأحد 09 فبراير-شباط 2025 07:43 م
 

ما إن توقفت الحرب في غزة، وعاد النازحون إلى ديارهم يحدوهم الأمل في تجاوز آثار هذه المحنة البغيضة، حتى فاجأنا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالحديث مجددا عن تهجير سكان غزة، ليعود معه صخب الحديث عن صفقة القرن.

متجاوزًا حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، أعطى ترامب الحق لنفسه في أن يرسم معالم الغد الفلسطيني الذي يرفضه سكان القطاع، وحدد الدول التي ينبغي أن تستقبل المهجَّرين، فاختار لهذه المهمة مصر والأردن.

ثم جاد خيال نتنياهو بفكرة أخرى أو بأرض أخرى يمكن أن تستقبل سكان القطاع، وهي المملكة العربية السعودية، معللا ذلك باتساع رقعة المملكة وثرائها.

ترامب رئيس الدولة الأقوى التي ترفع أسمى شعارات الإنسانية وحقوق الإنسان، بدلا من توقيع عقوبات على الكيان الإسرائيلي الذي دمر قطاع غزة وارتكب المجازر الجماعية بحق سكانها، كافأه بهذه الفكرة التي فاقت أحلام نتنياهو نفسه، ودعا لتهجير أصحاب الأرض لصالح المحتل الغاصب للأرض.

الفكرة الجنونية رفضتها الدول العربية التي كانت تأمل في بعث مشروع حل الدولتين، فهي دعوة تصب الزيت على النار، وتفتح أبواب الجحيم في المنطقة.

ولكن يبرز هاهنا سؤال يفرض نفسه: هل كان ترامب يأمل في أن تلقى هذه الدعوة صدى في الدول العربية؟

الإجابة بشكل واضح ومباشر هي النفي القطعي، هو يعلم تماما حجم العقبات التي تحول بين تحقيق ذلك، سواء في الداخل الفلسطيني أو في المحيط العربي، سواء على مستوى الشعوب، أو على مستوى الأنظمة، وحتى إن كانت هناك أنظمة تقبل بتمرير هذا المخطط فإنها تعلم يقينا أن ضلوعها فيه يهدد استقرارها ويجعلها تصطدم بشعوبها ويُحمّلها عبء هذا العار ويجعلها منبوذة في المحيط العربي الإسلامي.

إذن، لماذا أطلق ترامب هذه الدعوة الجنونية وفي هذا التوقيت الذي من المفترض أن تكون أجواؤه هادئة لاستيعاب الحلول السلمية والدبلوماسية في المنطقة؟ هل يتصرف هذا الرجل مدفوعا بجنون العظمة؟ وهل تعبر هذه الإجراءات المثيرة للجدل عن رؤية أحادية؟

مشكلتنا التي أذكر بها دائما، هي تلك القناعة الخاطئة بأن أمريكا دولة الفرد، مع أن الحقيقة التي أكدها استقراء واقع السياسات الأمريكية، أن الولايات المتحدة لها سياسات كلية ثابتة لدى الجمهوريين والديمقراطيين، خاصة تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، لكن هناك رجل المرحلة الذي له طريقته الخاصة في خدمة هذه السياسات.

أقرب التفسيرات لدعوة ترامب وأكثرها منطقية، ما يعرف بنافذة أوفيرتون، نسبة إلى المفكر السياسي الأمريكي جوزيف أوفيرتون، وتعرف كذلك بنافذة الخطاب.

هذا التكتيك يرتكز على فكرة أن الجدوى السياسية لأي فكرة، تعتمد بشكل أساسي على مدى وقوع هذه الفكرة في نطاق الأفكار المقبولة في الحيز العام وليس تبعا لتفضيلات الساسة الفردية.

ويعمل هذا التكتيك بترويج أفكار وأطروحات شديدة التطرف تخلق حالة من الصدمة وتثير الانتباه والجدل، لتتحول مع مرور الوقت إلى خيارات مطروحة يمكن قبولها.

هذا ما يفعله ترامب بدعوته لتهجير غزة، يعلم يقينا أنها سوف تقابل برفض قطعي واعتبارها انتهاكا صريحا للحقوق وكل الأعراف والقوانين الدولية، لكن مجرد دخولها في حيز النقاش ولو من باب الاعتراض والنقد، يكتسب مع الوقت أصواتا مؤيدة، فتتحول من كونها مرفوضة مستحيلة، إلى كونها فكرة ممكنة التطبيق، ثم مع مرور الوقت والتناول الإعلامي والسياسي لها، تتحول إلى أحد الحلول المنطقية المطروحة، وما بعده أيسر.

هذا التكتيك استخدمته الولايات المتحدة في العديد من القضايا، من بينها مشروع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل، كان في البداية فكرة مروعة مرفوضة حتى في الداخل الأمريكي، لكنها مع مرور الوقت وباستخدام هذا التكتيك تم تطبيقها وفي عهد ترامب أيضا.

التصدي لهذا المخطط يستلزم توحيد الخطاب العربي والإسلامي حول موقف رافض، والعمل على سرعة إعمار غزة بجهود عربية وإشراف عربي وإدارة عربية، وحشد التأييد الدولي لرفض التهجير بفتح قنوات مع دول العالم خاصة روسيا والصين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون