المشترك والنضج السياسي
بقلم/ فؤاد الصوفي
نشر منذ: 16 سنة و 5 أشهر و 6 أيام
الأحد 25 مايو 2008 07:11 م

مأرب برس - خاص

إن المتابع للأوضاع السياسية في اليمن يدرك المراحل التي مرت بها البلاد وأحزابها السياسية .

فمنذ إعلان التعددية السياسية والتي تعتبر من المنجزات القديمة للقيادة اليمنية ونخبها السياسية التي ساهمت بصناعة الوحدة أو إرسائها؛ من حينها إلى اليوم وأنت تلحظ تطور كبيرا في الأفكار والرؤى والمواقف , ونموذجا لذلك التطور ما يسمى باللقاء المشترك.

المشترك الذي ضم مجموعة من الأحزاب المنظمة الفاعلة والتي قامت على أساس رؤى وفكر,كانت تعيش له وتستميت في الدفاع عنه.

لقاء ضم كتلا مختلفة في الرؤى والولاء الفكري والبرنامج السياسي,مع ذلك تقاربوا وكونوا المشترك الذي أصبح يقود حراكا سياسيا فاعلا؛ إن تجاهله النظام فإنه يدل على عدم الدقة في الرؤية وصحيح الواقع وفقه المرحلة كما يؤكد ذلك مفكرون ومراقبون.

يبرز جليا دور وأثر أبرز هذه الأحزاب وأكثرها حضورا وتباعدا؛وأدقها تكتيكا :التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني.

هذان الحزبان اللذان يحفظ تاريخهما عداءا فكريا وسياسيا لبعضهما من العيار الثقيل؛اتفقا متجاهلين أو متناسيين كل الماضي وما أفرز من تصادم ومواقف متباينة.

فانتخابات 93م أكدت لكل منهما ثقله وموازينه,كما أنها جمعت القيادتين على طاولة واحدة كانت بمثابة تعارف وتخفيف من الحواجز بحكم الأمر الواقع.

ثم تلى ذلك عاصفة الحرب التي عصفت بالاشتراكي إلى المنفى وبالإصلاح إلى الرئاسة.

فلما تفرد المؤتمر وأصبح ماكان يحسب له ولمواقفه حسابا خارج الدائرة ؛ أصبح مع أصدقاء الأمس وجها لوجه ,وبدأ بالإقصاء والحذف والتغيير متخليا عن مصلحة الوطن ودافنا لكل مواهب وكفاءات شريك الأمس وصديق المواقف التاريخية الصعبة ومتجاهلا كل النضال المساند له من قبل الإصلاح , خاصة والإصلاح قدم كوكبة من الأكَََْفاء أثبتت قدرة الإصلاح على قيادة وتشغيل مؤسسات الدولة بكفاءة ونجاح فأثار ذلك حفيظة أعداء مصلحة الوطن والمواطن , فأصبح صديق الأمس عدو اليوم!

فلما شعر الإصلاح بذلك وبدأ الاشتراكي بلملمة أفراده وترتيب أوراقه؛وكونهما جميعا هدف للحاكم ساهم ذلك في التقارب,إضافة إلى ما أفرزته تلك المرحلة ونتائجها من تحديث للرؤى وتحسين في المواقف وزيادة الوعي بالحاضر ومتطلبات وأخطار المستقبل،كان من أبرزها تقديم مرشحٍ واحد للرئاسة,وهذا كان يعتبر أكبر امتحانٍ اجتازه المشترك بنجاح بغض النظر عن النتائج، وما تلى ذلك من مواقف كان من أواخرها الموقف الموحد من التعديلات في النظام الرئاسي ومسرحية انتخابات المحافظين.

فاستطاع الحزبان القفز من مستوى التفاهم إلى مستوى تطوير الخطاب السياسي وتقارب بل ربما وتوحيد بعض الأجندة وتقد يم أنموذجا لتبادل الأدوار القيادية للمشترك.

وهذا يمثل في حد ذاته قفزة كبيرة وتقد ما أكبر في ترشيد مفهوم التبادل السلمي للسلطة ليس على مستوى اليمن فحسب بل على مستوى كثير من دولنا العربية التي يعيش في استبداد مظلم أو تتعارك نخبها على الاستيلاء كما هو الحال في لبنان وفلسطين,إلا إذا كان ذلك لأن القيادة بغير غنيمة وأن من سيقرب من الكعكة سيستولى عليها وينسى المشاركين لا ندري.

 

قد يختلف معي بعض الإخوة القراء لكن الواقع أن تقارب مثل هذين الحزبين المعروفين في التباين السابق ,يدل إلى حد كبير على أن هناك رشد نتمنى له الكمال.

هذا النجاح الذي يُعَدّ من منجزات قيادة الحزبين ومجلسي شورهما.

وحتى يصل الحزبان إلى النجاح المأمول يستلزم ذلك مايلي :-

أولا فيما يتعلق بالتجمع اليمني للإصلاح :-

1- يستلزم العودة إلى القواعد لتجديد الثقة وإطلاعها على النجاح الذي حققه المشترك وتوعيتها بضرورة الاستمرار في هذا النضال وإقناع الجماهير بضرورة حمايته والانسجام مع مفرداته.

2- تحديث الأجهزة التنظيمية وإتاحة الفرصة للنخب الشبابية لتتحمل مسئوليتها والإهتمام بالبناء التربوي والسياسي اهتماما متوازيا دون التفريط في أحدهما على حساب الآخر.

3- الحرص على تقوية الإنسجام الفكري داخل الحزب بغض النظر عن اختلاف وجهات النظر,وإذابة ما يمكن أن يسمى في المستقبل بالجيوب التنظيمية داخل الحزب .

ثانيا:- فيما يتعلق بالحزب الاشتراكي :-

1-إدراك الواقع الذي يعيشه العالم –الإسلامي- اليوم, وأنه لم يعد للفكر الإشتراكي -باعتباره نظرية اشتراكية- مكان في الحياة في ظل الصحوة الإسلامية العارمة.

2- العمل على تطوير رؤاه الفكرية والعقدية غير متجاهل للوعي الديني في أوساط الشعب ,والعمل على تثبيت وإرساء الهوية الدينية للشعب والعودة إلى القواعد لتوعيتها بالواقع الحاضر والمستقبل حتى يكون هناك انسجاما داخليا والتوجه الإسلامي العام للجماهير.

3- ترميم العلاقات مع المؤسسات الدينية وإيضاح رؤية الحزب الحقيقية للكون والإنسان والحياة.

4-أن يحرص على تبني قضايا الشعب بأكمله,فكما يدافع عن حقوق المهرة يدافع عن حقوق أهل الحديدة وباجل....

وأنا على يقين أن قادة المشترك أو الحزبين الذين خصصت الحديث عنهما هنا يمتلكان رصيدا كبيرا من الخبرة,وأنهما أدركا من خلال مراحل الصراع أن الحل الأفضل هو التفاهم والتعاون ,دون الإقصاء والاستبعاد ,فالبلاد وشعبها لايتمحلان.

فإذا كان قد وعى ذلك الأطراف المتباعدة فهل يعي الآخرون ذلك؟

وهل المشترك أو الحزبان اللذان حددت الحديث عنهما في طريقهما إلى النضج السياسي؟ أم مكره اخاك ....؟

* المدير العام لموقع الوفاق الإنمائي

Assofe1970@hotmail.com