رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
رغم الجدل السياسي والإعلامي الذي ثار حول المبادرة الخليجية وتعديلاتها المتتالية فإن مراوغات الرئيس صالح بشأن التوقيع على هذه المبادرة قد خطفت الاهتمامات والأضواء التي كانت منصبة على البحث في المضامين والصياغات، حيث أصبح جدل التوقيع هو الطاغي على المشهد منذ وصول عبداللطيف الزياني إلى صنعاء يوم السبت 30/4/2011م لتسليم الأطراف المعنية دعوات الحضور إلى حفل التوقيع الذي كان مقرراً يوم الأثنين 2/5/2011م في العاصمة السعودية الرياض، وحينها رفض الرئيس صالح عرض الزياني له بالحضور والتوقيع في الرياض أو التوقيع في صنعاء، ويبقى الحضور إلى الرياض منحصراً في قيادات المعارضة وممثلي السلطة.
ولم يكن أمام الزياني سوى مغادرة صنعاء دون الوصول إلى نتيجة تذكر، وما هي إلا أيام حتى عاد الحديث عن تعديلات جديدة في المبادرة، وهذه المرة انصبت التعديلات على موضوع التوقيع حيث شملت التعديلات المعلنة إضافة 30 شخصية قيادية إلى قائمة الموقعين على المبادرة (15 من الحزب الحاكم و15 من المعارضة) ويكون توقيع الرئيس صالح كرئيس للحزب وكراعي للاتفاق فقط، وكان واضحاً أن هذه التعديلات جاءت بناءً على طلب مقدم من السلطات اليمنية بهدف تمييع كل الجهود وإخراج المبادرة عن مسارها وهدفها. ولذلك لم يكن أمام المعارضة سوى رفض هذه الصيغة مؤكدة أنها لن تقبل أية تعديلات خارج إطار نص المبادرة التي تسلمتها بتاريخ 21 إبريل..
وفي ضوء المشاورات والاتصالات التي أجراها عبداللطيف الزياني في صنعاء خلال الفترة (14 – 18 مايو2011م) تم تقليص قائمة الموقعين إلى 10 ( 5 من الحزب الحاكم و5 من المعارضة) وبحيث يكون توقيع صالح كرئيس للجمهورية وكطرف أساسي، ويبدو أن الوصول إلى صيغة التوقيعات هذه كان نتيجة جهود مظنية بذلها الزياني مع مختلف الأطراف حيث جاءت مغادرته صنعاء مساء يوم الأربعاء 18 مايو 2011م بدون الإجراءات البروتوكولية الرسمية المعتادة لتؤكد حالة الشد والجذب التي واجهتها المشاورات والاتصالات خلال تلك الأيام الخمس، والتي لم تستطع الانتقال إلى خطوة الإجراءات العملية للتوقيع نفسه.
مبررات واهية:
وفي ظل تصاعد الجدل الإعلامي والسياسي حول مراوغات الرئيس صالح تجاه موضوع التوقيع عاد الزياني إلى صنعاء يوم السبت 21 مايو 2011م على أمل أن تكون الرحلة الأخيرة في هذا المسلسل، حيث تم الاتفاق أن تقوم المعارضة بالتوقيع أولاً وهو ما جرى مساء ذلك اليوم، ويكون موعد توقيع الرئيس والحزب الحاكم ظهر اليوم التالي.
وفي صباح يوم الأحد 22 مايو 2011م التقى الرئيس صالح بقيادات حزبه (أعضاء اللجنة الدائمة) ليستعرض معهم تفاصيل المبادرة، وليحصل على دعمهم وموافقتهم على التوقيع، وكان لافتاً للانتباه أن خداع صالح ومراوغته لم تبقى محصورة على الأطراف الأخرى بل شملت الحزب الحاكم نفسه خلال ذلك الاجتماع، فمن ناحية ظهر من التسريبات المقصودة أن الرئيس حاول التأكيد لقيادات حزبه أنه يحظى بدعم شخصي من زعامات مشهورة في دول الجوار، وأنه بهذا الدعم سينهي الثورة الشعبية السلمية وسيزيل بالقوة الاعتصامات الشبابية في الساحات والميادين، ومن ناحية ثانية كلف وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي بقراءة نص المبادرة الخليجية على الحاضرين والتي أعقبها بقراءة ملحق آليات التنفيذ وهو ملحق وهمي أُعد من قبل السلطة نفسها، ولم يتم مناقشته في إطار المبادرة أو الموافقة عليه من قبل أطرافها، ولأنه ملحق وهمي فقد اكتفت السلطة بقراءته على أعضاء اللجنة الدائمة واكتفى الإعلام الرسمي بإذاعته عبر التلفزيون وأحجم عن نشره عبر الصحافة المقروءة خوفاً من المحاججة الشعبية والرسمية، لأن ما يُنشر عبر الصحف سيظل كوثيقة معتبرة ومحفوظة ويمكن استخدامها في أية لحظة.
وفي الوقت الذي كان صالح يستعرض عنترياته وأساليبه أمام قيادات حزبه وجه بلاطجته المسلحين لاعتراض موكب عبداللطيف الزياني ومعه السفراء المعنيين ثم محاصرتهم في مقر السفارة الإماراتية ومنعهم من الوصول إلى دار الرئاسة في الموعد المحدد لإجراءات التوقيع، تحت ذريعة أن هؤلاء هم مجموعة من أنصاره الذين يرفضون المبادرة ويطالبونه بعدم التوقيع عليها.
وبالطبع كان هذا الموقف مخجلاً من وجهة نظر الأعراف والبروتوكولات الدبلوماسية ومخجلاً من الناحية الأخلاقية التي يفترض أن تحكم التعامل العام بين الناس، حيث أثبت صالح أنه لا يعرف حدوداً للمناورة أو سقفاً للكذب والمراوغة، بل أثبت من خلال هذه التصرفات الرعناء أنه غير مأمون الجانب. وكان لابد أن يتم نقل الزياني ومن معه من السفراء المعنيين وفي مقدمتهم السفير الأمريكي إلى دار الرئاسة بعد حوالي ست ساعات بواسطة طائرة مروحية.
وليتصور معي القارئ حجم الاتصالات ونوعية التهديد والوعيد الذي تلقاه صالح خلال تلك الساعات بشأن الحفاظ على سلامة هؤلاء السفراء وبشأن إجباره على الوفاء بالالتزام الذي فرضه على نفسه. ثم ليتصور القارئ كيف كان الموقف الإنساني والأخلاقي والقيمي لحظة استقبال الرئيس للزياني ومن معه من السفراء بعد فضيحة الحصار المسلح الذي استخدم ضدهم في مقر السفارة الاماراتية التي يفترض أنها تتمتع بالحصانة الدبلوماسية، وأمنها هو جزء من أمن دار الرئاسة الذي يبعد عنها حوالي كيلو متر واحد فقط.
المهم أن الزياني ومن معه من السفراء بعد شد وجذب وأخذ ورد وصلوا مساء ذلك اليوم إلى دار الرئاسة، وفور وصولهم باشرت قيادات المؤتمر الشعبي الحاكم بالتوقيع على المبادرة وأثناء تداول هذه القيادات للقلم المستخدم في شخط التوقيع وقف الرئيس صالح وبجانبه السفير الأمريكي خلف الطاولة الحاضنة للنسخ الثلاث التي يجب أن تحظى بتوقيع كل واحد من المعنيين..
وخلال وقوفه ذاك حاول الظهور أمام الكاميرا بمظهر الواثق من نفسه، وأنه غير مبالٍ بما يجري، وبعد أن استكملت قيادات المؤتمر إجراءات التوقيع جلس صالح على نفس الكرسي ليعلن رفضه التوقيع، وقال أنه لن يوقع لأن المعارضة لم تحضر إلى دار الرئاسة أو القصر الجمهوري، وهو مبرراً واهياً، لأنه شخصياً غير مأمون الجانب ومكره أصبح معروفاً لكل العالم، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، لم يتم الترتيب والاتفاق على توقيع جماعي، بل هو من رفض في وقت سابق إقامة حفل للتوقيع، سواء في صنعاء أو خارجها.
ومن ناحية ثالثة، بدا هذا الرفض ومبرراته كشكل من أشكال التهريج المسرحي لأنه جاء بعد قيام قادة المؤتمر بالتوقيع على المبادرة، ولو كان هناك مبررات حقيقية ومنطقية كانت ستطرح قبل ذلك.
وشهد شاهدٌ من حزبه..!!
وبالتأكيد فمن الملاحظات التي ستظل جزءً من التاريخ الشخصي للرئيس صالح هو أن الخداع والمراوغة وعدم الالتزام بتنفيذ الاتفاقات والوعود التي يقدمها يمثل صفة ملازمة للرجل. وهذا هو ما ظهر جلياً خلال تعامله مع المبادرة الخليجية وقبلها المبادرة الأمريكية الأوروبية.
طبعاً سياسات الخداع والمراوغة ليست دائماً سياسة ناجحة بالضرورة، والرئيس صالح لم يفهم حتى الآن أن رفضه المتكرر للتوقيع قد أوقعه في خندق المقامرة الخاسرة، فالوقت الذي يعمل على كسبه بهروبه إلى الأمام يتحول هذا الوقت إلى وسيلة من وسائل تدميره النفسي والمعنوي وتجريده من كل الأوراق المتاحة وتفكيك علاقاته واتصالاته.
ولذلك بدا غبياً وهو يعلن رفضه التوقيع يوم الأحد الماضي 22 مايو 2011م لأن قيام قيادات المشترك وقيادات المؤتمر بالتوقيع على المبادرة سحب من تحته آخر بساط، فهذا التوقيع في حد ذاته مثّل رسالة للعالم عن وجود إجماع سياسي يمني شعبي ورسمي على رحيل صالح، ولم يعد هناك مجال للتحجج أو التذرع بالشرعية الوهمية، لأن توقيع قيادات المؤتمر هو شهادة بأن حزبه قد تخلى عنه وأعلن بشكل رسمي سقوطه ورفع الغطاء عنه، وبناءً على ذلك ليس بإمكانه ولا من حقه القيام بأي دور سياسي بعد الآن، وهذا هو ما جعل الأطراف الدولية تعلن مؤخراً وبشكل صريح وواضح أن على (صالح) أن يتنحى فوراً، ومن هنا فإن تحركاته ومحاولاته المستميتة في تفجير الأوضاع عسكرياً وإشعال الحرب الأهلية، تجري في ظل فقدانه لأي شرعية أو غطاء سياسي محلي أو إقليمي أو دولي، واستمرار الرجل في هذه التصرفات الجنونية يحوله إلى رئيس عصابة إجرامية ويصبح من حق المنظمات الدولية المعنية إصدار قرار بالقبض القهري عليه.
وفي هذا السياق فإن إعلان دول الخليج عن إمكانية نقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي، يشير بوضوح أن مراوغات صالح انتهت، وأنه قد أوقع نفسه بنفسه، وفقد كل الضمانات التي كانت مطروحة عليه، ولم يعد أمامه سوى الرحيل أو مواجهة النهاية المحتومة..